من أين تبدأ المشكلة؟
فهد الخيطان
القبة نيوز-لا نحتاج لمتسوق خفي أو تحريات سرية لنحدد ونقيم واقع الخدمات في مؤسسات القطاع العام. مشكلات القطاع تم تشخيصها منذ سنوات طويلة؛ وبالمناسبة تشبه إلى حد كبير حال الأجهزة البيروقراطية في عديد الدول العربية وحتى بعض الدول الأجنبية التي تعاني من الروتين الإداري وانخفاض الإنتاجية.
المشكلة تبدأ من نظام التوظيف الذي يفتقر للتنافسية وهانحن نصر على تكريسه وتعميمه على جميع المؤسسات، ثم تمتد للأنظمة والتعليمات التي تحكم الأداء الوظيفي، وغياب برامج التأهيل والتدريب، والتقليل من شأن الحوافز لتنشيط دورة العمل الإداري وخلق المنافسة في العمل.
اهتمامنا حاليا ينصب على مراقبة الأداء وجودة الخدمة، وكأننا بذلك نتعامل مع أعراض المشكلة ونتجاهل أسبابها، فما أن تغمض عين الرقيب قليلا حتى تعود دورة العمل لوضعها السابق.
تبنت حكومات سابقة برامج واستراتيجيات متعددة للاصلاح الإداري، لكن عملية الإصلاح هذه ظلت تراوح مكانها؛ تتقدم خطوة للأمام وتتراجع خطوات مع تغير الحكومات وتقلب الوزراء، حتى صارت وزارة تطوير القطاع العام لعبة الحكومات المتعاقبة، تحضر وتغيب حسب حاجات المحاصصة في التشكيلات الوزارية.
في دول العالم المتقدمة يكاد ينتهي كليا مفهوم القطاع العام والقطاع الخاص بما يتعلق بالمجال الوظيفي. هناك مفهوم موحد تفرضه التحولات الاقتصادية والاجتماعية وهو سوق العمل، تخضع لشروطه مجمل القوى العاملة وجيش الموظفين في القطاعين، سواء كان ذلك في أسس التوظيف أو مراقبة الأداء والترقيات والعقوبات، وبالاستناد لتشريعات تقدمية تحفظ الحقوق والواجبات.
بينما نحن في الأردن نتجه لتبني فكرة عبقرية تخالف تماما حركة المجتمعات وتطورها وهى إجبار مؤسسات القطاع الخاص على التوظيف من مخزون ديوان الخدمة المدنية!
يبدو أننا لا ندرك بعد أن السير في هذا الطريق يعني تحميل الحكومة ومؤسسات الدولة المسؤولية الكاملة عن البطالة في البلاد، وتكريس مفهوم التوظيف كواجب على الدولة بدلا من سياسة التشغيل التي تبنتها الحكومة مؤخرا.
سنوات طويلة من التردد في إصلاح القطاع العام أثقلت مؤسساته بأمراض مزمنة، في غياب شبه تام لمعايير مراقبة الأداء، ناهيك عن إغراق المؤسسات بسيل من الموظفين غير المؤهلين، سمح لهم نظام الترقيات السائد بالتقدم على السلم الوظيفي واحتلال مواقع قيادية لا تستقيم مع مؤهلاتهم المتواضعة. ومع استمرار نزيف الكوادر المؤهلة للقطاع الخاص أو خارج البلاد، تعمقت أزمة الدوائر الحكومية ولم يعد هناك من يحمل على عاتقه مسؤوليات الارتقاء بالعمل وتأهيل كوادر الصف الثاني لتولي المواقع القيادية.
وفعلت الواسطة فعلها المدمر في التعيينات والترقيات قبل أن تتنبه الحكومات متأخرة لهذا الواقع بعد أن تورطت سابقا في هذه السياسة.
يقتضي الوضع الحالي التفكير بمعالجة جذور المشكلة وليس أعراضها الجانبية، فتقريع الموظف العمومي وجرجرته للتحقيق والقضاء لا تؤدي إلا لشيطنة القطاع العام وتحطيم معنوياته، والبديل التركيز على التأهيل والتدريب، ونظام حوافز يشعل المنافسة على جودة الأداء، ونظام صارم لتقييم الأداء.
الغد
المشكلة تبدأ من نظام التوظيف الذي يفتقر للتنافسية وهانحن نصر على تكريسه وتعميمه على جميع المؤسسات، ثم تمتد للأنظمة والتعليمات التي تحكم الأداء الوظيفي، وغياب برامج التأهيل والتدريب، والتقليل من شأن الحوافز لتنشيط دورة العمل الإداري وخلق المنافسة في العمل.
اهتمامنا حاليا ينصب على مراقبة الأداء وجودة الخدمة، وكأننا بذلك نتعامل مع أعراض المشكلة ونتجاهل أسبابها، فما أن تغمض عين الرقيب قليلا حتى تعود دورة العمل لوضعها السابق.
تبنت حكومات سابقة برامج واستراتيجيات متعددة للاصلاح الإداري، لكن عملية الإصلاح هذه ظلت تراوح مكانها؛ تتقدم خطوة للأمام وتتراجع خطوات مع تغير الحكومات وتقلب الوزراء، حتى صارت وزارة تطوير القطاع العام لعبة الحكومات المتعاقبة، تحضر وتغيب حسب حاجات المحاصصة في التشكيلات الوزارية.
في دول العالم المتقدمة يكاد ينتهي كليا مفهوم القطاع العام والقطاع الخاص بما يتعلق بالمجال الوظيفي. هناك مفهوم موحد تفرضه التحولات الاقتصادية والاجتماعية وهو سوق العمل، تخضع لشروطه مجمل القوى العاملة وجيش الموظفين في القطاعين، سواء كان ذلك في أسس التوظيف أو مراقبة الأداء والترقيات والعقوبات، وبالاستناد لتشريعات تقدمية تحفظ الحقوق والواجبات.
بينما نحن في الأردن نتجه لتبني فكرة عبقرية تخالف تماما حركة المجتمعات وتطورها وهى إجبار مؤسسات القطاع الخاص على التوظيف من مخزون ديوان الخدمة المدنية!
يبدو أننا لا ندرك بعد أن السير في هذا الطريق يعني تحميل الحكومة ومؤسسات الدولة المسؤولية الكاملة عن البطالة في البلاد، وتكريس مفهوم التوظيف كواجب على الدولة بدلا من سياسة التشغيل التي تبنتها الحكومة مؤخرا.
سنوات طويلة من التردد في إصلاح القطاع العام أثقلت مؤسساته بأمراض مزمنة، في غياب شبه تام لمعايير مراقبة الأداء، ناهيك عن إغراق المؤسسات بسيل من الموظفين غير المؤهلين، سمح لهم نظام الترقيات السائد بالتقدم على السلم الوظيفي واحتلال مواقع قيادية لا تستقيم مع مؤهلاتهم المتواضعة. ومع استمرار نزيف الكوادر المؤهلة للقطاع الخاص أو خارج البلاد، تعمقت أزمة الدوائر الحكومية ولم يعد هناك من يحمل على عاتقه مسؤوليات الارتقاء بالعمل وتأهيل كوادر الصف الثاني لتولي المواقع القيادية.
وفعلت الواسطة فعلها المدمر في التعيينات والترقيات قبل أن تتنبه الحكومات متأخرة لهذا الواقع بعد أن تورطت سابقا في هذه السياسة.
يقتضي الوضع الحالي التفكير بمعالجة جذور المشكلة وليس أعراضها الجانبية، فتقريع الموظف العمومي وجرجرته للتحقيق والقضاء لا تؤدي إلا لشيطنة القطاع العام وتحطيم معنوياته، والبديل التركيز على التأهيل والتدريب، ونظام حوافز يشعل المنافسة على جودة الأداء، ونظام صارم لتقييم الأداء.
الغد