facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

أبو حنيك في عيون الأردنيين

أبو حنيك في عيون الأردنيين

م. أشرف غسان مقطش

القبة نيوز- في مثل هذا اليوم، وقبل ثلاثة وستين عاما، تمت عملية دنلوب بنجاح. وهي العملية التي أدت إلى إقالة الإنجليزي جون باغوت كلوب باشا من منصبه كقائد عام للجيش العربي الأردني بقرار من الملك حسين بن طلال.


وفي إطار هذه المناسبة، أقتبس ما ذكر أحد المحللين السياسيين في حلقة له نشرت على "اليوتيوب" قبل عدة أيام أن كلوب باشا كان وطنيا، وأنه كان محبوبا في أوساط الأردنيين، خاصة العشائر والقبائل، حتى أنهم وقفوا ضد عملية عزله، وأنهم كانوا يهتفون له.

أكاد أجزم أن ما ذكره الصحفي الدكتور ما هو إلا محصلة إجتهاده في قراءة معطيات الساعة لما جرى في تلك المرحلة من مراحل تاريخ الأردن كما وردت فيما تيسر لديه من عدة كتب على إختلاف إتجاهات مؤلفيها. والمجتهد قد يخطئ، وقد يصيب في سعيه للإقتراب من الحقيقة قدر الإمكان.

ولكي يقرر القارئ بنفسه في نهاية المقال فيما إذا كان كلوب باشا وطنيا أم لا، وفيما إذا كان محبوبا من قبل الأردنيين أم لا، وفي موازاة خطوات الكاتب الدكتور نحو الحقيقة، أضع بين يدي القارئ محصلة إجتهادي في الإطلاع على عدة كتب ضمت بين دفتي كل منها صفحات عدة تحدثت عن نظرة الأردنيين لكلوب باشا.

نقرأ في كتاب "سيرة مدينة: عمان في الأربعينات" لمؤلفه عبد الرحمن منيف، ص153:
"ليس ذلك فقط، عاد لكلوب باشا الإسم الذي كان له من قبل، أبو حنيك، وكان هذا الإسم لا يتردد إلا همسا أو بتحفظ وبين الأصدقاء، لكن نتيجة تزايد المعلومات عن دوره، والقوات التي يعدها لاجتياح العراق، فقد بلغ الغضب بالناس حدا جعلهم لا يسمونه إلا بهذا الاسم، كطريقة في الإحتجاج أو الشتيمة!".

وفي ص156 من الكتاب عينه، نقرأ:
"أما حين وقعت هزيمة مايس، وهرب رشيد عالي ورفاقه، وعرف الناس أكثر فأكثر ما فعله كلوب، فقد أحسوا بالإهانة والغضب، خاصة بعد أن ألقي القبض على قادة مايس وسيقوا من إيران إلى بغداد ليعدموا فيها، إذ لم يبق أحد خارج دائرة الحزن الأسود والمرارة القاتلة، وأصبحت شتيمة أبو حنيك على كل لسان".

وفي ص157 من الكتاب نفسه، نقرأ:
"بعد ذلك، وإلى أن يطرد كلوب من عمان عام 1956، ورغم المحاولات التي بذلها، وكانت زوجته تشاركه، لإقامة علاقات، أو لتحسين صورته، ظل ذلك القاتل المخادع والمكروه، وظل يزيد الحراسات حوله ويقويها، لكي يفلت وينتهي كما خطط وكما يشاء، لكن الفرح الذي عبر عنه الناس حين طرد، حين لم يمهل من أجل إيجاد مأوى لعصافير الحب التي ملأت الركن الشرقي
من حديقة منزله، كمحاولة لشراء عطف مخلوقات من نوع ما، بعد أن فقد عطف الناس، فتحكى قصة عمان في مرحلة من الزمن!".

ثم نقرأ في كتاب"مهنتي كملك، أحاديث ملكية" للملك حسين بن طلال، ص104:
"ومع ذلك فإن وجود الجنرال في بلادنا، مذموما ومطعونا في شخصه من قبل الكثير من الناس، قد أصبح عاملا باعثا على القلق الأكيد".

وبعد الترجمة، نقرأ في كتاب "أسد الأردن، حياة الملك حسين في الحرب والسلم" لمؤلفه آفي شليم، ص97:
"كلوب كان موظفا لدى الحكومة الأردنية، وعليه، فإن مسألة إقالته تبقى شأنا أردنيا داخليا. لكن أغلب الأردنيين رأوه حاكما بريطانيا (طاغيا) في عمان".

هذا وقد جعلت كلمة "طاغ" بين قوسين لأن ترجمة النص الأصلي تأخذ معنيين، الأول: "رأوه حاكما بريطانيا"، والثاني: "رأوه حاكما بريطانيا طاغيا"، ولست أدري أيا من المعنيين أراده مؤلف الكتاب اليهودي المولود في بغداد.

وبعد الترجمة أيضا، نقرأ في الكتاب ذاته، ص100:
"كان البدو موالين بشدة لكلوب باشا، وكانت هناك مخاطر حقيقية من أن يقوم البدو بإنقلاب ما لإعادة كلوب باشا. هذا وقد أتخذت الإجراءات المناسبة والإحتياطات اللازمة لضمان عدم حصول ذلك".

وهنا قد يتساءل سائل: إذا كان البدو حقا مخلصين لكلوب باشا؛ فما هو السبب؟

هذا سؤال وجيه، قد تكون له عدة إجابات متباينة في كتب مختلفة لم تسنح لي فرصة الإطلاع عليها، لكن هذا لا يمنعني من ذكر ما تطرق إليه أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد آفي شليم في كتابه سالف الذكر، بعد الترجمة، ص100:
"عقد كلوب باشا مع البدو صفقة مربحة، فقام هو بتعليمهم وتدريبهم ومساعدة عائلاتهم، وعمل على أن يتكون طاقم حمايته منهم، خاصة أولئك المتاخمين للحدود العراقية والسورية والسعودية".

والإجابة هذه ليست بالضرورة أن تكون هي الإجابة الصحيحة أو الوحيدة للسؤال عن السبب وراء إخلاص البدو لكلوب باشا، لكنها تبقى كذلك حتى نجد إجابات مختلفة عنها في مصادر أخرى.

ومن الجدير بالذكر هنا، أن البدو هم الذين أطلقوا لقب "أبو حنيك" على كلوب باشا.

مما سبق، لعلني لا أجانب الصواب في الإجتهاد بالقول أن كلوب باشا لم يكن محبوبا عند معظم لا بل غالبية الأردنيين، و "غالبية" لا تنفي أنه كان محبوبا عند فئات معينة من الأردنيين، تلك التي كانت تنتفع منه بطريقة ما أو أخرى.

أما بالنسبة لوطنية كلوب باشا، فإن الملك حسين بن طلال وضعني في حيرة شديدة من أمرها، فقد قال في كتابه آنف الذكر، ص98:
"وعلى الرغم من حب الجنرال كلوب للأردن، ومن ولائه وإخلاصه لبلادي فقد كان يقف عائقا دون تحقيق ذلك (ترفيع الضباط الأردنيين إلى المناصب العليا في الجيش)"٠ ثم يستدرك الملك في نفس الصفحة من الكتاب إياه فيقول: "ولكن على الرغم من أن كلوب كان القائد العام لجيشي، فلم يكن في مقدوره أن ينسى إخلاصه وولاءه لإنكلترا".

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير