facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

مهارات التحقيق في قضايا الفساد ..!

مهارات التحقيق في قضايا الفساد ..!
القبة نيوز -الفساد جريمة كغيرها من الجرائم في تكوينها القانوني الصرف المجرد من حيث اركانها ووصفها القانوني ، ولكنها بالمقابل جريمة منظمة ودقيقة وصعبة الأثبات في طريقة ارتكابها واحتراف مرتكبيها في تطويع النصوص القانونية واستغلال عموميتها ، وتوظيف تلك النصوص لخدمة اجراءات تبدو في ظاهرها التزاماً حرفياً بأحكام القانون وتحوي في طياتها توافق جرمي محكم لتذليل النصوص لخدمة النية الجرمية والأهم في ذلك ان المجرم الحقيقي في تلك الجرائم نجده من اشد المدافعين عن سيادة القانون . اغلب الجرائم التي احيلت للقضاء - وان سميت جرائم فساد – هي جرائم بسيطة في طريقة ارتكابها كأي جريمة واضحة الاركان وسهلة الأثبات في اغلب الاحيان، وروادها هواة جلبتهم الصدفة او سوء الطالع فسميت جزافاً وبعيداً عن كل المعايير الدولية على انها جرائم فساد ، او انها ارتكبتبعيداً عن تخطيط اصحاب الياقات البيضاء الذين يستبيحون المال العام ويقتلون الثقة العامة ويغتصبون قدسيتها ويسيرون في جنازتها الحزينة ويذرفون دموع التماسيح . في جرائم الفساد الحقيقي لن تجد امضاءاً لفاسد ولا قرار متخذ منهم ويتم الأعتماد في غالب الأحيان على ضحايا الفساد من صغار الموظفين او المغلوب على امرهم او من يملك ظاهراً براقاً يختلف عن خفاياه ، وهي حلقة معقدة وشائكة وروادها من كبار الساسة ورجال الأعمال وآخرين يكملون الحلقة اينما كان هناك احتمال بحث او مساءلة ، فتعديل بعض التشريعات قد يخلق بيئة للفساد والأحجام عن تعديل أخرى قد يكون فساداً آخر ، والقصد والأهمال الجسيم يستوي في المال العام والثقة العامة . اعلم ان مهمة المحقق المحترف محفوفة بالمخاطر والصعوبات وخاصة عندما يتعلق الامر بتعديل التشريعات التي تحوي منافذ الفساد او الحصانات البرلمانية والسياسية ، او مواجهة قوى الظلام في استمراء قوت المواطن البسيط ودواءه ومستقبل ابناءه او حتى انه قد يكون ضحية حرصه على القيام بواجبه بكل امانة ومسؤولية ، ولكن يتوجب على كل من يتصدى لهذه المهمة الوطنية الجليلة ان يدرك انه يجاهد بأمانة المسؤولية من اجل وطن هو بين الرمش منه والعين . المحقق المحترف لا يبقى اسير مكتبه ولا يجوز ان ينتظر المشتبه به للتحقيق معه ، فالجريمة المنظمة تستدعي محقق مؤهل محترف يمتلك خارطة طريق تتضمن اهداف واضحة وخطة تحقيق ناجزة وقاعدة معلومات معقولة يجري تحديثها باستمرار ، والمحقق المحترف لا يحقق بأكثر من قضية في آنٍ معاً ، ويتوجب عليه ان يعيش واقع القضية في الميدان ، ويفضل في المرحلة الاولى من التحقيق ان لا يكون معروفاً لكل الفئة المستهدفة في جمع البيانات والادلةللتحقيق ، وأن يكون قادراً على تجنيد المصادر بدقة وامانة واحتراف . طريقة الهواة في جمع الأدلة والاستقصاء والبحث والتحري هي طريقة مبتذلة وهزيلة لا يمكن أن تفضي الى شيء ، وتحصين المحقق من عوامل الضعف واغراء المال والسلطة والهويات الفرعية هي اولى متطلبات التأهيل والمباشرة في التحقيق ، وتأهيل المحقق بدورات متخصصة في المؤسسات الأمنية والرقابية والنيابة العامة ضرورة يليها تدريب متخصص في مؤسسات دولية والاجهزة الرقابية في الدول المتقدمة في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد هو اكثر من الضرورة ذاتها . في العطاءات العامة مثلاً في الوزارات الخدمية والبلديات فان المحقق الناجح هو ذاك الذي يستطيع ادراك طبيعة العلاقات والمصالح البينية بين الادارة ولجان العطاءات والاستلام والتسليم والتأهيل والفحص والاعتماد والاحالة والغاءها ، وضرورة ان يمتلك حقائق واضحة ليتمكن من جمع الادلة والبحث وفق اسس موضوعية ، بل يتوجب عليه ان يكون قريباً من الميدان ليتمكن من متابعة المعلومات وتعزيز ثقة المصادر وفحصهم بدقة وموضوعية . على المحقق المحترف ان يكون سعيداً اذا وصل الى نتيجة حاسمة مؤداها ان ليس هناك اي شبهة فساد في مضمون التحقيق وأن يكون مطمئناً وحازما واميناً اذا تبين له خلاف ذلك ، فمهارة التحقيق تقتضي الكر والفر والمباغتة والانتباه الى ضرورة عدم الانجرار لمخاوف هامشية ومعارك جانبية ليست حاسمة في الجهد التحقيقي  وعدم اللجوء للحماية المقررة في نظام حماية الشهود والمبلغين الا في الوقت المناسب والحاسم . في التحقيق الذي يتطلب فريقاً متخصصاً للقيام بتلك المهمة فأن رئيس فريق التحقيق هو المخول بتوزيع المهام دون اطلاع بعضهم على نتائج مهمات الآخرين الا اذا تطلبت مصلحة التحقيق ذلك ، ويفضل ان تترك الاستنتاجات والتوصيات النهائية الى ما بعد استكمال مهام الجميع وذلك لكي لا يتم اختراق الخطة التحقيقية ، لأن التحقيق في قضايا الفساد هي من اكثر المهام التي قد تتعرض للأختراق والتأثير . في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محققين على سوية عالية من التأهيل والثقة بالنفس وهم بحاجة الى مزيد من صقل المواهب والخبرات بوسائل مختلفة داخلياً وخارجياً وتحصينهم من كل عوامل التأثر والقلق على ان يرافق ذلك اعادة النظر بأسلوب التحقيق وطبيعة المهام الموكلة لهم وعدد القضايا بحيث يتم تفريغ محقق ماهر مؤهل لكل قضية نوعية يعطى من خلالها هامشاً في طريقة البحث والتحري والتنقل وتجنيد المصادر وتوفير كل مظاهر الحماية والدعم والاسناد لتلك المهمة . وفي سياق متصل فأن هناك العشرات من التشريعات– بل ربما اكثر - التي تحتاج الى تعديل واضافة والغاء لسد منافذ الفساد فيها وتعزيز منظومة النزاهة وفي مقدمتها قانون النزاهة ومكافحة الفساد الذي ينظم صلاحيات الهيئة ومهامها وحصانة مجلسها ، وللحديث بقية ...!!!
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير