وأكد الحياري أن هذه الدراسات تمثل خطوة فارقة نحو تعزيز الأمن الغذائي في الأردن، مشيرًا إلى أن توافر بيانات دقيقة حول حجم الهدر الغذائي يتيح الانتقال من مرحلة التقديرات والانطباعات إلى مرحلة التخطيط المبني على الأدلة. وأوضح أن النتائج ستساهم في صياغة سياسات أكثر فعالية، وتوجيه الاستثمارات نحو حلول عملية تقلل من الفاقد الغذائي وتحد من آثاره الاقتصادية والبيئية.

وأشار الحياري إلى الشراكة المثمرة مع برنامج الأغذية العالمي، والدعم الفني والتقني الذي ساهم في إنجاز الدراسات وفق أفضل المعايير الدولية، مؤكدًا أن دعم البرنامج للأردن لم يقتصر على إعداد الدراسات، بل شمل تعزيز جهود المملكة نحو أنظمة غذائية أكثر استدامة ومرونة لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.

من جهته، أفاد فريحات أن القطاع المنزلي يعد الأكبر من حيث حجم الهدر، حيث أظهرت الدراسة أن معدل هدر الغذاء السنوي للفرد في الأردن يبلغ نحو 81.3 كيلوغرام، مع تسجيل أعلى المعدلات في محافظة الزرقاء وأدناها في محافظة عجلون. وأرجعت الدراسة أسباب الهدر إلى أنماط الاستهلاك والعادات الشرائية وضعف إدارة الطعام داخل الأسر، داعية إلى إجراء دراسات وطنية مستقبلية لرصد سلوكيات الشراء والاستهلاك بشكل أكثر تفصيلًا.

كما أظهرت دراسة شملت 896 مطعمًا في المملكة أن كمية الهدر بلغت نحو 12,291 طنًا، وكانت النسبة الأكبر من الهدر خلال مرحلتي التجهيز والإعداد، نتيجة سوء التخطيط وإدارة المشتريات، وعدم القدرة على إعادة التدوير، بالإضافة إلى سلوك الزبائن والموظفين. وجاءت محافظات عمان وإربد والزرقاء في المراتب الأولى من حيث حجم الهدر، بما يتوافق مع كثافة انتشار المطاعم فيها.

وبالنسبة لقطاع الفنادق، بلغ إجمالي الهدر خلال عام 2024 نحو 3,739 طنًا، توزعت حسب الأصناف على الخضروات بنسبة 29%، ومنتجات القمح بنسبة 13.2%، والأرز بنسبة 13.1%. وسجلت أعلى نسبة للهدر في مرحلة التقديم بنسبة 44.4%، تلتها مرحلة التجهيز والإعداد بنسبة 37.3%، ثم مرحلة ما قبل الإعداد بنسبة 18.3%. وأظهرت النتائج أن سلوك الموظفين كان السبب الرئيسي للهدر، يليه عدم إمكانية إعادة التدوير، بينما كان سلوك الزبائن في المرتبة الأخيرة.

أما في المستشفيات، فقد شملت الدراسة أربعة مستشفيات من القطاعين العام والخاص، وأظهرت أن إجمالي الهدر الغذائي السنوي بلغ نحو 1,302 طنًا. وأكدت الدراسة ضرورة تدخلات لتحسين التخطيط الغذائي، وضبط حجم الحصص، وتطوير أنظمة رقمية للطلب المسبق، بهدف تقليل الهدر وتحقيق إدارة أكثر كفاءة للموارد.

وأوضح فريحات أن هذه الأرقام ستدمج ضمن النظام الإحصائي الوطني لتكون مرجعًا رسميًا لصناع القرار والباحثين، مؤكدًا التزام الدائرة بتطوير أدوات الرصد والمتابعة، لتكون هذه النتائج نقطة انطلاق لبرامج وطنية أكثر دقة وفعالية.

بدورها، قالت دابريل إن إطلاق أول أرقام رسمية في الأردن حول هدر الغذاء يعد إنجازًا بارزًا، يسهم في توجيه السياسات المبنية على الأدلة ورفع مستوى الوعي العام بقضية الهدر الغذائي.

 وأعربت عن فخر برنامج الأغذية العالمي بتقديم خبراته الفنية دعمًا لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2021–2030، مشيرة إلى أن سد هذه الفجوة المعلوماتية يمهد الطريق لتدخلات أكثر فاعلية واستخدام أمثل للموارد المحدودة.