مختصون: الألعاب الإلكترونية بين الترفية والمخاطر

القبة نيوز - أكد مختصون في الألعاب الإلكترونية وعلم النفس التربوي، ضرورة الالتزام بتطبيق جميع لوائح متاجر التطبيقات، خصوصا تلك المتعلقة بتحديد الفئات العمرية المناسبة للألعاب وتقييم الألعاب التي يتم تعريبها.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الألعاب الإلكترونية تحمل في طياتها الترفية والمخاطر في آن واحد ولها تأثيرات وانعكاسات نفسية كبيرة خاصة على الأطفال والمراهقين.
وأكد المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "ميس الورد" المتخصصة في تكنولوجيا صناعة ألعاب الموبايل، نور خريس، أن الشركة تعمل على الالتزام الكامل بتطبيق جميع لوائح ومتطلبات متاجر التطبيقات، خصوصا تلك المتعلقة بتحديد الفئات العمرية المناسبة للألعاب.
وأوضح أن ألعاب الشركة مجانية ويتم إدماج الإعلانات فيها بما يضمن توافقها التام مع الفئة العمرية المستهدفة، لضمان تقديم تجربة آمنة وملائمة تحافظ على خصوصية جميع اللاعبين، مشيرا الى أن الشركة تحرص على دمج أدوات تعزز التوازن الصحي في تجربة اللعب من أبرزها، نظام تذكير ذكي بالاستراحة يظهر في الأوقات المناسبة مثل نهاية مهمة أو مباراة، إضافة إلى عداد داخلي لوقت اللعب يتيح للاعب أو لولي الأمر متابعة المدة بدقة.
كما أشار إلى أنه يتم العمل على تكامل الألعاب مع أنظمة الهواتف الذكية، بما يسهل على العائلات ضبط الحدود الزمنية وتوفير إعدادات افتراضية آمنة للأطفال تشمل تعطيل الدردشة الصوتية وتقييد الإنفاق وإخفاء الهوية تلقائيا.
وبين خريس أن ألعاب التلوين التفاعلية صممت لتشجيع الأطفال على المشاركة الفعلية وتوظيف أيديهم وإبداعهم أثناء اللعب، حيث تمتد التجربة إلى ما وراء الشاشات.
وتابع أن الشركة تؤمن بأن الألعاب يمكن أن تكون أداة تعليمية وتوعوية فعالة، مبينا أنه تم عقد عدة شراكات استراتيجية منها التعاون مع منصة "ماينكرافت" التعليمية العالمية، حيث أطلقت الشركة في الأردن مشروعا بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ووزارة التربية والتعليم، لتدريب معلمي المدارس على بناء محتوى تعليمي تفاعلي داخل اللعبة، بما يسهم في جعل الصفوف الدراسية أكثر حيوية وتفاعلية.
وأضاف إن الشركة تعاونت كذلك مع الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة العمل الدولية لتطوير ألعاب هادفة تهدف إلى زيادة الوعي وتمكين المجتمعات من خلال التعليم والتثقيف، كما تعمل الشركة مع وكالة التعاون الدولي اليابانية على تطوير تطبيق تفاعلي يستخدم تقنيات الواقع المعزز لاستكشاف مدينة البترا والمتاحف، بالإضافة إلى مشروع يقدم تجربة سياحية رقمية مبتكرة داخل المدينة الوردية.
من جهته، قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ألعاب طماطم، المتخصصة في نشر ألعاب الهاتف المحمول باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسام حمو، إن الشركة تخضع كل لعبة تقوم بتعريبها ونشرها لعملية تقييم دقيقة تشمل مراجعة شاملة للمحتوى من قبل فريق مختص يضم خبراء في اللغة والثقافة والسلوك المحلي، لضمان خلو اللعبة من أي إيحاءات عنف مفرط أو ألفاظ غير لائقة أو مفاهيم لا تتوافق مع القيم المجتمعية، حيث يتم تقييم القصص والعناصر البصرية للتأكد من خلوها من أي مشاهد قد تسبب القلق أو الخوف أو تأثيرات سلبية على الأطفال.
وتابع، أن الشركة تأخذ بعين الاعتبار الفئة العمرية المستهدفة في كل لعبة، حيث يتم تكييف المحتوى وفقا لذلك من حيث تبسيط أسلوب اللعب للفئات الأصغر سنا مع التركيز على عناصر المرح والتعلم وتنمية المهارات، بالإضافة إلى إلغاء أو تعديل أي مشاهد غير ملائمة للأطفال حتى وإن كانت مقبولة عالميا، بما ينسجم مع قيم وثقافة المجتمع العربي، كما يتم استخدام لغة سهلة ومبسطة في الترجمة والتوجيهات داخل اللعبة، وربط بعض الألعاب برسائل إيجابية، مثل الصداقة والتعاون والتفكير المنطقي والحفاظ على البيئة.
وحول مستقبل الألعاب الموجهة للأطفال، أوضح حمو، أن هذا المجال سيصبح أكثر تأثيرا من أي وقت مضى ومن المتوقع أن يشهد توسعا في دمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، لجعل التجربة أكثر تفاعلية وغنى، متوقعا انتشار الألعاب التعليمية والتطويرية المدعومة من مؤسسات تعليمية عالمية مرموقة، إلى جانب تزايد الوعي التنظيمي والمجتمعي بأهمية مراقبة المحتوى وحماية الأطفال، ما سيؤدي إلى رفع معايير الأمان والرقابة.
وأشار إلى أن دور الألعاب لم يعد يقتصر على الترفيه فحسب، بل أصبح أداة فاعلة لبناء المهارات مثل التفكير النقدي وحل المشكلات وتعلم البرمجة، لاسيما اذا تم توظيفها بالشكل الصحيح، حيث تسهم بالتعليم المباشر عبر ألعاب تدرس الرياضيات واللغات أو البرمجة بطريقة تفاعلية ممتعة وتنمية التفكير المنطقي والاستراتيجي من خلال ألعاب الألغاز أو إدارة الموارد وتعزيز التعاون والعمل الجماعي عبر الألعاب التشاركية التي تتطلب التنسيق بين اللاعبين.
وأكد أن النجاح التجاري لا يمكن أن يكون على حساب القيم الأخلاقية حتى وإن كانت مربحة، حيث نحرص على اختيار الألعاب التي نقوم بترجمتها بعناية وتفضيل التي تحمل طابعا إيجابيا أو تعليميا ونستثمر في بناء علاقة ثقة مع اللاعبين والأهالي، إدراكا منا بأن ذلك يتطلب التزاما طويل الأمد بالسلامة والمسؤولية.
بدورها، قالت عضو هيئة التدريس في جامعة البلقاء التطبيقية، والمتخصصة في علم النفس التربوي، الدكتورة منى أبو طة، إن للألعاب الإلكترونية أبعادا نفسية مهمة تؤثر في الأطفال والمراهقين، وأول هذه الأبعاد، تعقيد اللعبة والجهد المعرفي المطلوب لتحقيق النجاح، حيث يميل الأطفال والمراهقون إلى الألعاب البسيطة وغير الرسمية التي يمكن لعبها لبضع دقائق، وهذا يسمح لهم بالاستمتاع دون إرهاق ذهني كبير.
والبعد الثاني هو نوعية التفاعل الاجتماعي، حيث أن هناك العديد من الأطفال الذين لا يفضلون اللعب الفردي ويحبون اللعب الجماعي، حيث يمكن محاكاة التفاعلات الحياتية، ما يمنح الأطفال الذين يفتقرون لهذه التفاعلات في حياتهم اليومية فرصة للتفاعل الاجتماعي عبر الألعاب الإلكترونية.
أما البعد الثالث، فهو مستوى المنافسة بين اللاعبين، فقد يكون الهدف الأساسي هو تحقيق التقدم على الفرق الأخرى، ما يحفز الطفل على تطوير مهاراته وتحقيق الإنجاز.
وأوضحت، أن الدراسات أظهرت وجود ستة دوافع رئيسية تحفز الأطفال والمراهقين على اللعب وهي: التحدي، المنافسة، التحويل (التحكم أو الإنجاز)، الإثارة، الخيال والتفاعل الاجتماعي، وتتطابق هذه الدوافع مع الاحتياجات البشرية الأساسية في الحياة الواقعية.
وأكدت أبوطة، أن علماء النفس حددوا ثلاث حاجات نفسية أساسية يسعى الأفراد لتحقيقها من خلال الألعاب الإلكترونية تشمل: الحاجة للكفاءة والحاجة للاستقلالية وأخيرا الحاجة للترابط، مشيرة الى أن دراسة في عام 2003 لكلية الطب بجامعة ماساتشوستس، أظهرت أن الأشخاص الذين لديهم الميول الإيثارية يتمتعون عادة بمستويات أعلى من الصحة النفسية ويواجهون ضغوطا أقل في الحياة اليومية.
وأضافت، إنه توجد عدة مخاوف بشأن طرق جني الأموال من اللاعبين، لاسيما استغلال الأطفال في الألعاب، لذلك، يجب على مشغلي الألعاب الاجتماعية أن يكونوا أكثر مسؤولية في طريقة تسويق ألعابهم وضمان سلامة اللاعبين الصغار.
ولفتت أيضا الى أن بعض الألعاب تسهم بزيادة السلوك العدواني، خصوصا تلك التي تحتوي على محتوى يميل إلى إطلاق النار والضرب والحرب، ما قد يحفز مشاعر الحدة والعدوانية لدى الأطفال لفترات قصيرة أو طويلة ،مؤكدة ان بعض الألعاب تؤثر على مقدار المسؤولية التي يتحملها اللاعب، إذ يمكن أن تؤثر على الناحية الاجتماعية أو تسبب مشاعر الإحباط والعدوان.
ووفق فرضية الإحباط، قد يؤدي عدم نجاح اللاعب إلى شعوره بالإحباط، ما يرفع احتمالية ظهور سلوك عدواني إذا تراكمت هذه المشاعر، ومع ذلك يمكن السيطرة على هذه المخاطر من خلال توجيه الأطفال وتحديد أوقات اللعب، خصوصا أن الألعاب أصبحت جزءا كبيرا من حياتهم اليومية.
وقالت إنه من الضروري أن يراقب الأهل طبيعة ونوع اللعبة التي يلعبها أولادهم ويضعوا حدودا مناسبة للعب، لضمان حماية الأطفال من الانخراط في سلوكيات خاطئة وغير سليمة.
بترا