​لطالما نظر الكثيرون إلى دور المساعد الإداري باعتباره مجرد وظيفة تنفيذية تقتصر على المهام الروتينية، مثل جدولة المواعيد وتنظيم الاجتماعات. لكن الواقع يثبت أن هذه النظرة قاصرة، وأن المساعد الإداري الفعّال هو شريك حقيقي في القيادة، يساهم بشكل مباشر في نجاح القائد والمؤسسة ككل.

​إن أحد المؤشرات على ضعف الأداء الإداري هو ظاهرة "المدير الذي يقوم بكل شيء". هذا النوع من المدراء، الذي يتابع أدق التفاصيل ويفرض سيطرته على كل صغيرة وكبيرة، غالبًا ما يكون لديه مساعدون لا تتجاوز صلاحياتهم المهام المكتبية البسيطة. هذا السلوك لا يعكس بالضرورة عدم ثقة شخصية في المساعد، بل قد يكون انعكاسًا لنقص في المهارات الإدارية لدى القائد نفسه.

​فالمساعد ليس مجرد "يد إضافية"؛ إنه "عين" إضافية يمكنها رصد المشكلات، و"عقل" إضافي يمكنه تقديم رؤى مختلفة، و"ذراع" إضافي يمكنه تنفيذ المهام بكفاءة. عندما يفشل القائد في تفويض المهام وتكليف المساعدين بمسؤوليات حقيقية، فإنه يحرم نفسه من القدرة على التركيز على المهام الاستراتيجية الأهم، مثل التخطيط للمستقبل، وبناء العلاقات، واتخاذ القرارات الكبرى.

​تحجيم دور المساعدين قد يكون نابعًا من عدة أسباب، منها:

​"أنا" القائد: الرغبة في الظهور كالمحور الأوحد للعملية الإنتاجية، ونسب الفضل في كل إنجاز.

​الخوف من فقدان السيطرة: الاعتقاد بأن التفويض سيؤدي إلى الفوضى أو فقدان الأهمية.

​الافتقار للثقة في قدرات الفريق: عدم منح الفرصة للمساعد لإثبات قدراته وتطويرها.

​المدير الناجح يدرك أن قوته لا تكمن في قدرته على فعل كل شيء بنفسه، بل في قدرته على تمكين فريقه. عندما يمنح المدير الثقة لمساعده، فإنه لا يكسب شريكًا فحسب، بل يساهم في بناء جيل جديد من القادة المؤهلين. إن استثمار القائد في تطوير مساعديه هو استثمار في مستقبل المؤسسة نفسها.

​وفي الختام، يجب أن تتغير النظرة السائدة لدور المساعد الإداري من مجرد "وظيفة" إلى "شراكة". فالمساعد ليس مجرد منسق للمواعيد، بل هو منسق للرؤى، ومحرك للعمل، وشريك في رحلة النجاح.

حفظ الله الاردن والهاشمين