القبة نيوز - شهدت بريطانيا حالة طبية نادرة أثارت دهشة الأطباء بعدما عانى سائق قطار شاب يدعى أوليفر ألويس، يبلغ من العمر 32 عاماً، من فقدان شبه كامل للنوم لما يقارب عامين كاملين، في واقعة غير مسبوقة دفعت المختصين لوصفها بـ"اللغز الطبي".

بداية المفاجأة: ليلة ديسمبر التي غيرت حياته

بدأت القصة في ديسمبر (كانون الأول) 2023 حين عاد أوليفر من عمله متوقعاً أن يقضي ليلة عادية من الراحة، لكنه فوجئ بعجز تام عن النوم، ثم تكرر الأمر في الليالي التالية، قبل أن يمتد لأسابيع وأشهر دون أي شعور بالنعاس أو الدخول في غفوة ولو لثوانٍ.

ومنذ ذلك الحين عاش أوليفر ألويس في حالة يقظة دائمة جعلته غير قادر على الاستمرار في عمله، فترك قيادة القطارات في يناير (كانون الثاني) 2024 بعدما شعر بخطورة الموقف.

تأثير مدمر على جميع جوانب الحياة

جرّاء تطور حالته، خسر أوليفر عمله ومنزله وعلاقته العاطفية، وانتقل للعيش مع والدته بعد بيع ممتلكاته لتمويل رحلات علاجية حول العالم.

ووصف ألويس حالته بأنها "حياة بلا نوم" مؤكداً أنه يقضي أيامه ولياليه في عذاب متواصل، حيث يشعر بألم يشبه الحريق الداخلي وضغط هائل في الرأس وآلام حادة في المفاصل والعضلات، كما يعاني من ضعف النظر، اضطرابات في الهضم، وعدم القدرة على المشي باستقامة.

رحلة علاج يائسة عبر القارات

وراجع الشاب أكثر من 50 طبيباً وزار مراكز متخصصة في بريطانيا وخارجها، لكنه لم يحصل على تفسير قاطع.

وشخص بعض الأطباء حالته على أنها متلازمة الإرهاق المزمن أو اضطراب ما بعد الصدمة، بينما اعتبر آخرون أن ما يعانيه أقرب إلى "أرق متناقض"، وهو اضطراب يجعل المريض يشعر بأنه مستيقظ رغم أن تسجيلات الدماغ تظهر فترات نوم خفيفة لا يدركها.

تجارب علاجية فاشلة من الأدوية إلى العلاجات البديلة

جرّب أوليفر عشرات الأدوية من أقوى الحبوب المنومة والمهدئات إلى المسكنات القوية، لكنها جميعاً بدت بلا أثر، حتى أنه خضع في تركيا لتجربة التخدير الكامل بمادة البروبوفول التي تستخدم في العمليات الجراحية، ومع ذلك ظل مستيقظاً.

كما سافر إلى كولومبيا لتجربة علاجات بديلة باستخدام نباتات مهلوسة يعتقد أن لها تأثيرات علاجية، لكنه أكد أن حالته لم تتغير.

وتنقل أوليفر بين دول عدة مثل الهند وإيطاليا وتركيا وكولومبيا في محاولة يائسة للحصول على تشخيص دقيق أو علاج فعّال.

تحذيرات طبية من خطورة الحرمان من النوم

حذّر أطباء أعصاب من أن الحرمان التام من النوم قد يكون مميتاً، إذ تشير التجارب على الحيوانات إلى أن البقاء دون نوم لفترات طويلة يؤدي إلى الوفاة، ورغم ذلك ما زال ألويس يقاوم منذ نحو عامين، في تحدٍ يراه الأطباء غير مفهوم علمياً حتى الآن.

نداء عالمي للمساعدة والبحث

وجّه أوليفر نداءً إلى المتخصصين في علم النوم والأعصاب في أنحاء العالم لمتابعة حالته النادرة ودراستها، معتبراً أن معاناته قد تسلط الضوء على جانب غير مفهوم من اضطرابات النوم.

وأكد أنه مستعد لتجربة أي وسيلة طبية أو بديلة قد تعيده إلى النوم الطبيعي، معرباً عن استعداده للمشاركة في أبحاث علمية لعلها تفيد في فهم هذه الظاهرة.

التفسيرات الطبية المحتملة للحالة

يشير الأطباء إلى عدة تفسيرات محتملة لهذه الحالة النادرة:

• أرق متناقض (Paradoxical insomnia): حيث يعتقد المريض أنه لم ينم بينما تظهر الاختبارات عكس ذلك
• متلازمة الصحة الذاتية (Somatic symptom disorder)
• اضطراب نادر في منطقة المهاد البصري في الدماغ المسؤولة عن تنظيم النوم
• خلل في نظام الميلاتونين والهرمونات المرتبطة بدورة النوم والاستيقاظ

آمال مستقبلية وتطورات متوقعة

يعرب أوليفر عن أمله في أن تساعد حالته في تقدم أبحاث اضطرابات النوم، وأن يتمكن الأطباء من حول العالم من دراسة حالته للوصول إلى فهم أفضل لهذه الظاهرة النادرة.

ويؤكد أنه على استعداد للخضوع لأي فحوصات أو تجارب علاجية قد تساعد في حل هذا اللغز الطبي المحير.