facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

دراسة رائدة: الذكاء الاصطناعي يُحقق تقدمًا تاريخيًا في "قراءة الأفكار" بدقة تصل إلى 74%

دراسة رائدة: الذكاء الاصطناعي يُحقق تقدمًا تاريخيًا في قراءة الأفكار بدقة تصل إلى 74
القبة نيوز - حقق فريق بحثي من جامعة ستانفورد إنجازًا علميًا غير مسبوق، تمكّن من خلاله لأول مرة من فك شيفرة الكلام الداخلي – أي الأفكار الصامتة في العقل – باستخدام واجهات الدماغ والحاسوب (BCI) والذكاء الاصطناعي، وبدقة تصل إلى 74%، في خطوة قد تُحدث ثورة في طريقة تواصل الأشخاص الذين يعانون شللًا شديدًا أو فقدان القدرة على النطق.
 

نُشرت النتائج في 14 أغسطس في مجلة Cell المرموقة، وتمثّل نقلة نوعية في فهم كيفية معالجة الدماغ للغة، وتفتح آفاقًا جديدة لاستعادة التواصل الطبيعي لمن فقدوا هذه القدرة.

 

 

كيف تم "قراءة الأفكار"؟

استخدم الباحثون أقطابًا عصبية دقيقة مزروعة في القشرة الحركية لدى أربعة مشاركين يعانون شللًا حادًا، وهي المنطقة المسؤولة عن التحكم في حركة العضلات المرتبطة بالنطق. وطُلب من المشاركين إما محاولة نطق كلمات أو تخيل قولها دون صوت (الكلام الداخلي).

 

اكتشف الفريق أن كلا النشاطين – محاولة الكلام والكلام الداخلي – يُولّدان أنماطًا عصبية متداخلة لكن مميزة في الدماغ. ومع ذلك، تبيّن أن إشارات الكلام الداخلي تكون أضعف من تلك المرتبطة بالمحاولات الفعلية للنطق.

 

باستغلال هذه البيانات، قام الباحثون بتدريب نماذج متقدمة من الذكاء الاصطناعي على تمييز الأنماط العصبية المرتبطة بكل كلمة يفكر فيها الشخص. وفي مرحلة الاختبار، تمكن النظام من تحويل الأفكار الصامتة إلى نص مكتوب بدقة تصل إلى 74% – وهي أعلى دقة تُسجل حتى الآن في فك شيفرة الكلام الداخلي.

 

 

لماذا يُعد هذا التقدم مهمًا؟

تُعد واجهات الدماغ والحاسوب (BCI) تقنية واعدة لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية الشديدة على التواصل، لكن الأنظمة الحالية تعتمد غالبًا على محاولة النطق أو تتبع حركة العين، وهي طرق قد تكون مُجهدة وبطيئة، خاصة لمن فقدوا التحكم العضلي.

 

يقول بينيامين مشيد-كراسا، المؤلف المشارك في الدراسة:

"إذا كان بإمكان الشخص التفكير في الكلمات فقط، دون الحاجة إلى محاولة تحريك عضلات النطق، فقد يكون ذلك أسرع بكثير وأقل إرهاقًا نفسيًا وجسديًا."

 

ويضيف: "هذا يعني إمكانية بناء نظام تواصل طبيعي يشبه التفكير العادي، بدلًا من الاعتماد على عمليات معقدة".

 

 

الكلام الداخلي مقابل محاولة النطق: هل يمكن التمييز بينهما؟

رغم التشابه الكبير في الأنماط العصبية، وجد الباحثون أن الاختلافات دقيقة لكنها كافية لتمييز ما إذا كان الشخص يحاول التحدث أم يفكر فقط. ويُعد هذا التمييز مهمًا، لأنه يفتح المجال أمام أنظمة ذكية يمكنها تفضيل أحد النوعين حسب الحاجة.

 

كما اقترح الفريق آلية أمان وتحكم تعتمد على كلمة سر ذهنية. في التجربة، استخدم المشاركون عبارة "Chitty Chitty Bang Bang" ككلمة سر، وتمكن النظام من التعرف عليها بدقة تجاوزت 98%، ما يسمح بتفعيل أو تعطيل النظام بالتفكير فقط – خطوة نحو واجهات تفاعلية أكثر ذكاءً وخصوصية.

 

 

التحديات والآفاق المستقبلية

رغم النجاح الكبير، لا تزال التحديات قائمة. فالأنظمة الحالية لا تزال تعاني من أخطاء في الترجمة، وتعتمد على بيانات محدودة من عدد صغير من المشاركين. كما أن دقة 74%، وإن كانت متميزة، تحتاج إلى تحسين لتصل إلى مستوى المحادثة الطبيعية.

 

لكن الباحثين يرون أن المستقبل واعد:

"مع زيادة عدد المجسات، وتحسين خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتمديد فترة التدريب، يمكننا تحقيق دقة أعلى بكثير"، يقول فرانك ويليت، أحد أبرز المشاركين في الدراسة.

 

ويضيف:

"المستقبل مشرق. نحن نقترب خطوة من يوم تُصبح فيه واجهات الدماغ والحاسوب قادرة على استعادة التواصل بطلاقة – كما لو أن الشخص يتحدث بصوته الطبيعي".

 

 

انعكاسات إنسانية وطبية عميقة

تشير إيرين كونز، المؤلفة الرئيسية من جامعة ستانفورد، إلى أن هذا العمل "يُعد أول مرة نفهم فيها شكل النشاط الدماغي عند مجرد التفكير في الكلام". وتؤكد أن هذه التقنية قد تُحدث فرقًا جذريًا في حياة ملايين الأشخاص المصابين بالشلل، أو متلازمة القفل (Locked-in Syndrome)، أو الأمراض العصبية مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS).

 

 

خلاصة: من الخيال العلمي إلى الواقع

ما كان يُعتبر ذات يوم حكرًا على عوالم الخيال العلمي – "قراءة الأفكار" – أصبح خطوة أقرب إلى الواقع.
دراسة ستانفورد لا تفتح فقط نافذة على الدماغ البشري، بل تُعيد تعريف إمكانات التكنولوجيا الطبية، وتُبشر بعصر جديد من التواصل العصبي المباشر، حيث تتحول الأفكار إلى كلمات، بلغة لا تحتاج إلى صوت.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير