القبة نيوز - أثار إعلان سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، عن إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم في الأردن، موجة واسعة من الاهتمام والتفاعل بين المواطنين، لما يحمله هذا القرار من دلالات وطنية عميقة، تتمثل في تعزيز الانتماء والهوية الوطنية، وصقل شخصية الشباب، وإعدادهم لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية.

يُعد برنامج خدمة العلم تجربة وطنية عريقة، تأسس رسمياً بموجب قانون رقم (1) لسنة 1976، الذي نصّ على إلزامية أداء الخدمة العسكرية للذكور الأردنيين بين سن 18 و40 عاماً. وقد شهد البرنامج تطورات متعددة على مدار العقود الماضية، حيث استمر تطبيقه بشكل فعلي حتى عام 1986، حين تم تعديله بالقانون رقم (23)، الذي أبقى على الإلزام بالخدمة حتى سن الأربعين، مع تحديد مدة الخدمة من تاريخ التجنيد.

لكن مع بداية عام 1991، توقف التنفيذ الفعلي للخدمة، رغم بقاء القانون سارياً من الناحية الشكلية، ليظل البرنامج متوقفاً لأكثر من ثلاثين عاماً، في ظل تغيرات مجتمعية واقتصادية كبيرة.

وخلال هذه الفترة، خضع قانون خدمة العلم إلى خمسة تعديلات، كان آخرها في عام 2022، والذي أعاد تعريف "وثيقة خدمة العلم" باعتبارها المستند أو القيد الذي يُفعّل المكلف من خلاله التزامه عبر منصات إلكترونية مخصصة، أو بأي وسيلة تقرّها المديرية المختصة حسب الحاجة.

في عام 2024، جاء الإعلان التاريخي من سمو ولي العهد عن إعادة تفعيل البرنامج، مؤكداً أن هذه الخطوة تهدف إلى بناء جيل واعٍ ومسؤول، يمتلك الانضباط والقيم الوطنية، وقادر على المساهمة الفاعلة في حماية الوطن وتنميته. وبحسب التفاصيل المرتقبة، ستكون الخدمة إلزامية للذكور الأردنيين بين سن 25 و29 عاماً، وتستمر لمدة 12 شهراً، تتضمن ثلاث أشهر من التدريب العسكري الأساسي، تليها تسع أشهر من التدريب المهني والتقني بالشراكة مع القطاع الخاص.

ويُنظر إلى هذه الصيغة الجديدة على أنها تجمع بين البعد الوطني والأمني من جهة، ومتطلبات سوق العمل والتنمية الاقتصادية من جهة أخرى، حيث تسعى إلى تأهيل الشباب بمهارات عملية وعملية تسهم في تقليل البطالة ورفع كفاءة القوى العاملة.

ويهدف البرنامج إلى تعزيز قيم المواطنة والانتماء، وصقل شخصيات الشباب من خلال بيئة تربوية تربوية تجمع بين الانضباط، والعمل الجماعي، والمسؤولية، فضلاً عن إكسابهم مهارات حياتية ومهنية تمكنهم من التكيف مع متغيرات العصر.

كما يُعد البرنامج جسراً بين الهوية الوطنية ومتطلبات التحديث والتنمية، ويعكس رؤية القيادة الهاشمية في بناء جيل ملتزم برسالة الأردن، وقادر على حماية أمنه واستقراره في ظل التحديات المتصاعدة في المنطقة.

إعادة تفعيل خدمة العلم بعد أكثر من ثلاث عقود، ليست مجرد خطوة أمنية أو تنظيمية، بل رسالة وطنية واضحة على التزام الدولة بتمكين الشباب، وبناء مجتمع واعٍ، مُستعد، وقادر على مواجهة المستقبل بثقة ومسؤولية.