صرخة من جدران الكرك: متى تستفيق مدارسنا من سبات الإهمال

القبة نيوز - نضال أنور المجالي - في مدينة الكرك الأبية، حيث تتجذر عراقة التاريخ وشموخ الأجداد، تقف صروح العلم شامخة، لكنها اليوم تئن تحت وطأة الإهمال وحاجة ماسة للصيانة. إنها ليست مجرد مبانٍ، بل هي بيوت العلم التي تحتضن فلذات أكبادنا، وتُشكل عقول الأجيال القادمة. فهل يعقل أن مدارسنا، التي تحمل أسماءً غالية كـ "مدرسة الملك عبد الله بن الحسين الأساسية" و"مدرسة الكرك الأساسية للبنين"، ما زالت تنتظر بصيص أمل لانتشالها من واقع بات يستدعي وقفة جادة ومسؤولية مشتركة؟
تتفاقم التحديات عندما نرى أن هذه المدارس قد باتت تعمل بنظام "المدرسة في مدرسة وحدة"، مما يضيف عبئاً إضافياً على مرافقها المتهالكة أصلاً ويزيد من الضغط على بنيتها التحتية. كيف يمكن لمدرستين أن تتقاسما نفس المساحات وتخدمان أعداداً كبيرة من الطلاب بفعالية عندما تكون البنية الأساسية بحاجة ماسة للصيانة والترميم؟
الصورة تتحدث عن نفسها؛ مبانٍ تتآكل جدرانها، وشروخ تحكي قصص الإهمال، ومرافق تفتقر لأدنى مقومات البيئة التعليمية الصحية والآمنة. كيف يمكن لطلابنا أن يستلهموا العلم والإبداع في فصول دراسية لا تليق بمستقبلهم؟ كيف يمكن للمعلمين أن يؤدوا رسالتهم السامية على أكمل وجه في بيئة تفتقر إلى أبسط سبل الدعم والصيانة؟
إن مدرسة الملك عبد الله بن الحسين الأساسية، التي يفتخر أبناء الكرك بالانتماء إليها، ومدرسة الكرك الأساسية للبنين، التي خرّجت أجيالاً وأجيالاً، هما اليوم بحاجة ماسة للصيانة والترميم. إنها ليست رفاهية، بل ضرورة ملحة لضمان حق أبنائنا في تعليم كريم وبيئة آمنة ومحفزة. هل يعقل أن تتحول هذه الصروح التعليمية إلى مجرد هياكل تفتقر للروح والعناية؟
إن مسؤولية صيانة هذه المدارس ليست حكراً على جهة واحدة، بل هي مسؤولية مجتمعية تتشارك فيها وزارة التربية والتعليم، والجهات المعنية، والمجتمع المحلي، بل وكل مواطن غيور على مستقبل أبنائه. فاستثمارنا في صيانة المدارس هو استثمار في مستقبل الأردن، وفي بناء جيل واعٍ ومثقف وقادر على حمل الراية.
لقد آن الأوان لكي نُطلق صرخة مدوية تصل إلى آذان المسؤولين وصناع القرار. آن الأوان لكي نرى خططاً واضحة وميزانيات مرصودة لإعادة الروح إلى مدارسنا. فالأردن يستحق الأفضل، وأبناؤنا يستحقون بيئة تعليمية تليق بطموحاتهم وتطلعاتهم. دعونا نعمل يداً بيد لنجعل من مدارس الكرك منارات للعلم والإبداع، ولنضمن أن جدرانها لا تحكي قصص الإهمال، بل تروي حكايات النجاح والتقدم.
حفظ الله الأردن والهاشميين
المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي