facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

منتدى الاستراتيجيات يدعو لإطلاق إطار تنظيمي عربي موحّد للذكاء الاصطناعي

منتدى الاستراتيجيات يدعو لإطلاق إطار تنظيمي عربي موحّد للذكاء الاصطناعي

القبة نيوز- أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تقريراً ضمن سلسلة تقارير "المعرفة قوة" بعنوان "نحو حوكمة فعالة للذكاء الاصطناعي: قراءة في الأرقام والنماذج الدولية"، يستعرض أبرز الأساليب العالمية لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، بهدف دعم صانعي القرار في تطوير أطر حوكمة فعّالة توازن بين الابتكار وحماية الحقوق.

ويتناول التقرير المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، ويعرض حقائق وأرقامًا حول تطوره، ويبرز التحديات المرتبطة به، كما يستعرض نماذج تنظيمية دولية وتوصيات يمكن الاستفادة منها في صياغة سياسات وطنية وإقليمية فعّالة.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، فإن تطبيقاته ترتبط بجملة من المخاطر والاعتبارات الأخلاقية، لا سيما فيما يتعلق بالخصوصية، نتيجة لاستخدام البيانات الشخصية من قبل هذه الأنظمة.

وبين التقرير أيضًا إلى أن التأثير الاقتصادي التراكمي عالميًا لإنفاق الأعمال على استخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات والخدمات والمنتجات يُقدّر بنحو 19.9 تريليون دولار حتى عام 2030. كما تُظهر التقديرات أن كل دولار أُنفِق في عام 2023 على تطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي، ساهم في توليد 4.6 دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك وفقًا لتقرير بحثي صادر عن مؤسسة البيانات الدولية.

وأكد التقرير وجود احتمال مستقبلي بأن "تصبح التحسينات الذاتية لأنظمة الذكاء الاصطناعي جوهرية على التصميم، مما قد يؤدي إلى إنشاء نموذج جديد ينحرف تمامًا عن أهداف ونوايا النموذج الأصلي المصمَّم من قبل الإنسان". وفي هذا السياق، شدد التقرير على ضرورة ضبط عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والسيطرة عليها، بحيث تبقى ضمن الأهداف التي وُضعت من أجلها، تفاديًا للتجاوزات المحتملة. مما يتطلب تنظيمًا دقيقًا لعمليات التطوير التي تمر بها هذه الأنظمة، ووضع تشريعات وقوانين واضحة تحكمها.

وبيّن التقرير عددًا من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يُتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 14% بحلول عام 2030، وهو ما يعادل 15.7 تريليون دولار إضافية.

ومن المتوقع أيضًا، أن تكون الصين الرابح الأكبر اقتصاديًّا من استخدامات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، إذ يتوقع أن يزيد نمو الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 26.1%؛ أي ما يعادل 7 تريليون دولار. بينما ستكون نسبة الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي لأميركا الشمالية 14.5%، أي ما يعادل 3.7 تريليون دولار.

وأوضح التقرير وجود تزايد مستمر في الاستثمار العالمي في الذكاء الاصطناعي وصل إلى حوالي 92 مليار دولار عام 2023. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 132 مليار دولار في عام 2024، بعد أن كان 44 مليار دولار في عام 2018. ومشيراً إلى أن حجم السوق العالمي للذكاء الاصطناعي يقدر بنحو 638.2 مليار دولار حتى عام 2024. ومن المتوقع أن يصل إلى 3.68 تريليون دولار بحلول عام 2034.

وعلى مستوى تقنيات الذكاء الاصطناعي، أشار التقرير إلى أن تقنية "التعلم العميق" استحوذت على الحصة الأكبر من سوق الذكاء الاصطناعي العالمي في عام 2023، بنسبة 36.6%، وبقيمة بلغت نحو 196.8 مليار دولار.

كما استعرض التقرير عددًا من التوقعات المستقبلية المرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، من أبرزها، أن تسير سيارة واحدة من كل عشر سيارات بشكل ذاتي على الطرقات بحلول عام 2030. كذلك، يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في خلق نحو 97 مليون وظيفة جديدة، ما من شأنه التخفيف من حدة المخاوف المتعلقة بإحلال الوظائف.

وأشار تقرير المنتدى إلى أن قطاع التصنيع سيكون أكبر المستفيدين ماليًا من اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع توقعات بتحقيق مكاسب تصل إلى نحو 3.8 تريليون دولار بحلول عام 2035.

ونوّه التقرير إلى الارتفاع الكبير في عدد المنشورات العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي باللغة الإنجليزية، حيث ارتفع العدد من 78.8 ألف منشور في عام 2010 إلى 242.3 ألف منشور في عام 2022. كما ارتفع عدد براءات الاختراع في هذا المجال من ألفي براءة اختراع الى 62.3 ألف خلال الفترة ذاتها.

وفي ظل التقدّم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أشار التقرير إلى عدد من التحديات البارزة المرتبطة باستخدام هذه التقنيات، من أبرزها: تزايد خطر التطفّل على الخصوصية في مجالات متعددة، مثل التشخيص الطبي، والمراقبة، وتطبيقات القطاع العام.

علاوة على أن استخدام المحتوى المُولّد بوساطة الذكاء الاصطناعي قد يُسهم في نشر معلومات مضللة، خاصة إذا كان هذا المحتوى غير موثوق المصدر، مما يؤدي إلى الإضرار بـ "تراكمية المعرفة" البشرية. كما أن تفوّق الذكاء الاصطناعي المحتمل على القدرات البشرية قد يُفضي إلى ما يُعرف بـ "انفلات التكنولوجيا"، أي أن تصبح العمليات التقنية خارجة عن نطاق السيطرة البشرية.

واستعرض التقرير عددًا من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وفق تقرير البنك الدولي "الاتجاهات العالمية في حوكمة الذكاء الاصطناعي، مستجدات الدول عام 2024"، والمتمثلة في: التحيز والتمييز، واضطراب سوق العمل، وإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي وتراجع الثقة، والتفاوت في الشمول وإمكانية الوصول، والآثار البيئية، وثغرات الأمن السيبراني، والتأثير النفسي، وغيرها من المخاطر.

وفي سياق حوكمة الذكاء الاصطناعي، أظهر تقرير المنتدى بالتفصيل عددًا من التحديات بهذا الخصوص، أهمها، مواكبة التقدم التكنولوجي، والخبرة الفنية المحدودة والفجوات المعرفية، وتنوع القطاعات وخصوصية احتياجاتها التنظيمية، والتنسيق القضائي عبر الدول، وتعقيد سلاسل توريد الذكاء الاصطناعي، والموازنة بين الابتكار والحد من المخاطر.

وأشار التقرير الى أن هيئة الأمم المتحدة قد اعتمدت مشروع قرار بشأن الذكاء الاصطناعي في 21 آذار 2024 بعنوان "اغتنام فرص أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والجديرة بالثقة من أجل التنمية المستدامة"، الذي أقرته 120 دولة حول العالم. والذي يهدف إلى تشجيع البلدان على حماية حقوق الإنسان، والبيانات الشخصية، ومراقبة الذكاء الاصطناعي، دون إلزامهم بذلك قانونيًّا.

وقدّم التقرير عددًا من النماذج للتشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عدد من دول العالم والمنطقة، من بينها: الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، واليابان، والولايات المتحدة، والصين، والسعودية، والإمارات، بالإضافة إلى الأردن.

كما نوّه التقرير إلى أن الهدف الرابع من الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي، والذي ينص على "ضمان البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة للتوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي"، يؤكد على أهمية تشجيع المؤسسات والشركات المطوّرة والمشغّلة لأنظمة الذكاء الاصطناعي على اعتماد "الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، والالتزام بمبادئه وإرشاداته التي تعزز سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والقيم الديمقراطية، والتنوّع، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية لاستخدام هذه التقنيات.

وأكد منتدى الاستراتيجيات الأردني ضرورة أن تراعي التشريعات العالمية الخاصة بالذكاء الاصطناعي احتياجات الدول ذات الإمكانات المحدودة، كما لفت المنتدى إلى التباين الواضح في مستويات حوكمة الذكاء الاصطناعي بين الدول المتقدمة والدول النامية، مما يستدعي جهودًا مشتركة لسد هذه الفجوة.

وفي هذا السياق، نوه المنتدى الى أن تحقيق إطار موحد يعد أمرًا صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا، حيث يتجه العالم نحو "سباق تسلح تنظيمي"، تتنافس فيه الدول وشركات التكنولوجيا الكبرى على فرض هيمنتها، بوضع مبادئ ومعايير متضاربة، تؤدي إلى تفاقم التفاوتات، وترك الذكاء الاصطناعي عالي المخاطر دون رقابة.

وفي الختام، دعا المنتدى الدول العربية إلى إطلاق إطار تنظيمي عربي مشترك، يوفر الإرشادات والضمانات اللازمة لتعزيز التقدم التكنولوجي في تطوير واستخدامات الذكاء الاصطناعي.

ويمكن أن يستند هذا الإطار إلى نهج 'الحوكمة التكيفية Adaptive Governance'، بما يتيح مواءمة الأطر التنظيمية مع القدرات المؤسسية والتقنية للدول العربية، وتطوير مبادئ مرنة تراعي خصوصية السياقات الوطنية.

واقترح المنتدى أن تبدأ تلك الجهود بإنشاء "منصة عربية موحدة" لمراقبة استخدامات الذكاء الاصطناعي، كخطوة أولى نحو تعزيز التعاون الإقليمي في هذا المجال.

كما أوصى المنتدى بضرورة تضمين مؤشرات أداء مثل "معدل الامتثال"، و"عدد الانتهاكات المسجلة" لتعزيز فعالية الأطر التنظيمية، وقياس مدى فاعليتها. بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة تحد من التجاوزات والانتهاكات المتعلقة بالخصوصية والاستخدام غير المشروع لأدوات الذكاء الاصطناعي.

المملكة

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير