facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

شراكة استراتيجية: العلاقات الاقتصادية المتنامية بين اليابان وإمارة أبوظبي

شراكة استراتيجية: العلاقات الاقتصادية المتنامية بين اليابان وإمارة أبوظبي
القبة نيوز - تسير العلاقات الاقتصادية بين اليابان وإمارة أبوظبي على خطى ثابتة منذ عقود، مدفوعةً برؤية استراتيجية تجمع بين الابتكار والاستدامة، فمنذ اللحظات الأولى لتأسيس دولة الإمارات، لعبت اليابان دوراً ريادياً في دعم تطورها الاقتصادي والبنية التحتية، ليبقى هذا التعاون شاهداً على علاقة عميقة ومتعددة الأبعاد.

فقد بدأت هذه العلاقة بزخم دبلوماسي واقتصادي مبكر، وامتدت إلى قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم والتخطيط الحضري وحتى الفضاء، لتجسد نموذجًا نادرًا من التعاون الدولي الشامل.

بدايات دبلوماسية مبكرة
في الثالث من ديسمبر عام 1971، كانت اليابان من بين أول خمس دول تعترف باتحاد دولة الإمارات بعد يومٍ واحد فقط من قيامه.

ومع تبادل الرسائل الدبلوماسية في مايو 1972 بين السفير الياباني، تاكاسي ناوتومو، والوزير أحمد خليفة السويدي، وُضعت أسس علاقة رسمية تركزت منذ بدايتها على الطاقة والاقتصاد.

النفط.. أساس العلاقة الاقتصادية
تم تصدير أول شحنة نفط إماراتي إلى اليابان عام 1962 من حقل "أم الشيف" البحري، بعد اكتشاف النفط عام 1958، ومنح اليابان امتيازات في حقل "مبارز" عام 1967.

ومنذ ذلك الوقت، أصبحت اليابان تستورد نحو 30 بالمئة من احتياجاتها النفطية من دولة الإمارات، وهو ما يجعل قطاع الطاقة محورًا استراتيجيًا لهذه العلاقة.

وتمتد عقود الامتياز اليابانية حتى عام 2055 للحقول البرية و2058 للحقول البحرية، ما يعكس عمق الالتزام المتبادل.


حضور مبكر في الحياة اليومية
في عام 1955، بدأت شركة تويوتا العمل في المنطقة عبر شراكة مع مجموعة الفطيم، لتصبح سياراتها رمزًا للتنقل في المنطقة.

كما أدخلت اليابان أجهزة الراديو المنزلية والأجهزة الكهربائية، مما ساهم في تحديث الحياة اليومية لسكان أبوظبي في سنوات ما قبل الاتحاد.

التخطيط الحضري.. رؤية يابانية وأفق إماراتي
كان للمهندس الياباني الدكتور تاكاهاشي كاتسوهيرو دور محوري في رسم المخطط العمراني لمدينة أبوظبي في الستينات، بالتنسيق اليومي مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

اعتمد التصميم على شبكات منظمة شبيهة بتخطيط مدينة كيوتو، ما ساعد في بناء مدينة حديثة تحتفظ بهويتها الثقافية.

مذكرة طوكيو - أبوظبي: مدن ذكية واستدامة
تجسد مذكرة التفاهم بين حكومة طوكيو وأبوظبي تحولاً نوعياً في العلاقة، حيث تشمل التعاون في مجالات التحول الرقمي، وتخطيط المدن، والاستدامة، والخدمات العامة.

ويهدف هذا التعاون إلى تطوير البنية التحتية ورفع جودة الحياة، مستفيدًا من الخبرة اليابانية والنهج التطويري الطموح لأبوظبي.


طموحات فضائية مشتركة
بدأ التعاون الفضائي مع إطلاق القمر الاصطناعي "خليفة سات" في أكتوبر 2018 على متن الصاروخ الياباني H-IIA، تلاه مسبار "الأمل" إلى المريخ عام 2020، والذي دخل المدار في فبراير 2021.

وتعاون الطرفان كذلك في برامج تعليمية عبر مختبر "كيبو" في محطة الفضاء الدولية.

وفي يناير 2025، وُقعت مذكرة جديدة لاستكشاف القمر والمريخ بين وزير الدولة الياباني موتو يوجي والدكتور سلطان الجابر، ما يمهّد لمستقبل علمي مشترك.

الاستدامة والبيئة.. من البحر إلى الزراعة
تجلّى التزام اليابان بالبيئة في مبادرات مثل استزراع أشجار المانغروف بقيادة السيد شيغياسو تاماي، والذي ساهم في حماية السواحل وتأسيس مركز الإمارات لتنمية الموارد البحرية.

كما تعاونت اليابان مع أبوظبي في مشاريع زراعية بالتعاون مع المركز الدولي للعلوم الزراعية (JIRCAS) لزراعة الفراولة والطماطم في بيئة صحراوية.

الطاقة الجديدة والحياد الكربوني
منذ التسعينات، تدعم اليابان تعليم وتدريب المهندسين الإماراتيين في مجالات الطاقة، من خلال مؤسسات مثل جامعة خليفة وهيئة JOGMEC.

ومن ثمار هذه الشراكة مشروع الأمونيا منخفضة الكربون بين "ميتسوي" و"أدنوك" بقيمة 312 مليون دولار لإنتاج مليون طن سنويًا بدءًا من 2027، ومشروع كابلات الطاقة البحرية الذي يهدف إلى تقليص الانبعاثات بأكثر من 30 بالمئة.

التبادل التعليمي والمنح الدراسية
في عام 2022، أطلقت مؤسسة INPEX اليابانية برنامج منح دراسية لطلبة الإمارات في مجالات العلوم الطبيعية والثقافية والاجتماعية. وقد بدأت المبادرة بأول طالبة إماراتية في "معهد طوكيو للتكنولوجيا"، مع ترشيح طالب ثانٍ من "جامعة أكيتا".

وتعمل السفارة اليابانية على الترويج للبرنامج من خلال فرص التدريب، ما يعزز التفاهم الثقافي بين الشعبين.

جسر ثقافي في معرض أوساكا 1970
شهد معرض "إكسبو أوساكا 1970" أول ظهور ثقافي لأبوظبي على المسرح الدولي، عبر جناح خاص مثلّه ولي العهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

في خضم الطفرة الاقتصادية اليابانية، كان هذا الحدث بمثابة جسر حضاري يعكس الانفتاح المبكر بين البلدين.

شراكة عابرة للزمن
من النفط إلى الفضاء، ومن تخطيط المدن إلى الزراعة، نسجت اليابان وأبوظبي علاقة اقتصادية تتسم بالتنوع والعمق، قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.

ومع مضي المفاوضات بين دولة الإمارات واليابان حول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة والتي ستُستكمل قبل نهاية العام الجاري 2025، ستدخل العلاقة بينهما في عهد اقتصادي جديد يجسّد تطلعاتهم المشتركة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير