نتنياهو بذل كل ما في وسعه لإفشال الصفقة، لكن مصلحة ترامب قد تغلب

القبة نيوز- يبدو أن الساحر قد فعلها مرة أخرى. وهذه المرة، أسرع بكثير حتى مما كان متوقعًا. بعد 23 يومًا من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، نجح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في إيجاد السبيل لتفجيره. فقد انجرّ إلى اتفاق فُرِض عليه، وشكل تهديدًا على حكومته، ومسّ بشعبيته بين قاعدته الانتخابية وأربك الأبواق المتحدثة باسمه. منذ ذلك اليوم، بذل قصارى جهده لإفشال الاتفاق. في النهار، كان يبثّ رسائل مليئة بالتأثر والانفعال عن المحررين من الأسر، وفي المساء كان يتصل بواشنطن ويبحث عن طرق للتخريب. وها، يبدو أنه قد نجح. معنى التصريح الذي أدلى به أمس الثلاثاء ـ والذي أعلن من خلاله أنه لن يستمر في المفاوضات حول المرحلة الثانية وأنه يطالب حماس بالإفراج عن جميع المخطوفين ـ هو التفجير الذي يلوح في الأفق لهذا الاتفاق واجتثاث الأمل الذي يحذو بعض عائلات المخطوفين التي كادت تشمّ رائحة أحبّائها.
סגירה
ترامب وستيف فيتكوف خلال المؤتمر الصحفي في منتجع مار إي لاغو، الشهر الفائت. في الولايات المتحدة يرغبون، بشدة، في رؤية المواطنين الُمحتَجَزين في قطاع غزة وقد عادوا إلى منازلهم. צילום: Evan Vucci/AP
ترامب وستيف فيتكوف خلال المؤتمر الصحفي في منتجع مار إي لاغو، الشهر الفائت. في الولايات المتحدة يرغبون، بشدة، في رؤية المواطنين الُمحتَجَزين في قطاع غزة وقد عادوا إلى منازلهم. צילום: Evan Vucci/AP
يريد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشدة، عودة المخطوفين إلى بيوتهم. ويرى مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف فيتكوف، أن هذه المسألة هي مهمته الشخصية. أفراد عائلات المخطوفين الذين التقوا به يتحدثون عن شخص فقد ابنه الذي أصبح مدمنًا على الفينتانيل ويعتبر إعادة المخطوفين بمثابة تعويض، يتمثل في إعادتهم إلى أحضان عائلاتهم. وقد سافر أمس إلى موسكو من أجل إعادة المواطن الأمريكي مارك فوغل الذي كان رهن الاعتقال هناك منذ سنة 2021. وفي مطلع الأسبوع المقبل، إذا لزم الأمر، من المفترض أن يأتي إلى إسرائيل. في الولايات المتحدة، يشعرون بالفخر والاعتزاز بإطلاق سراح أسرى أمريكيين في مختلف أنحاء العالم، ويرغبون كثيرًا جدًا في رؤية المواطنين الأمريكيين المُحتجَزين في قطاع غزة يعودون إلى منازلهم. ويعتقد ترامب بأنه يساعد إسرائيل من خلال إطلاق تصريحاته العلنية. لكن المصيبة هي أنه يعرقل فقط.
نتنياهو، الذي يتميز بأنه أذكر من ترامب بأضعاف مضاعفة، يقدم للرئيس الأمريكي جرعة التملق والاهتمام التي يظل في حاجة إليها كل الوقت، ثم يستغلّه لإعادة الاتحاد مع الجناح اليميني في حكومته ـ الإبقاء على سموتريتش كجزء من الحكومة والائتلاف والضغط على بن غفير لكي يعود إليهما. ويعلم نتنياهو أن التصريحات الطنّانة تعيق إعادة المخطوفين ولا تعجّل عودتهم، لكنّه أكثر اهتمامًا وانشغالًا ببقاء حكومته. ومع ذلك، فإنّه هو مَن يعيش في جحيم منذ ثماني سنوات، وليس المقيَّد بالسلاسل ومربوطًا إلى الحائط. هو في وضع مثالي الآن. فإنْ طالب ترامب بإطلاق سراح جميع المخطوفين، فمَن هو ليقول له كلا؟ يمكنه أن يسوق لهم "إعادة جميع المخطوفين" بالتوازي، سوية، مع "حرب لا هوادة فيها، بكل القوة وبدون أية تقييدات"، ثم فيما بعد، بالتأكيد، "خطة ترامب لنقل سكان قطاع غزة". في هذه الحالة، إذًا، من ذا الذي يدّعي أن الوضع سيء هنا؟
يعلم نتنياهو أن التصريحات الطنّانة تعيق إعادة المخطوفين ولا تسرّع عودتهم، لكنّه أكثر اهتمامًا وانشغالًا ببقاء حكومته
رغم ذلك، ورغم أنه يبدو أن الصفقة منتهية، فلا أحد يمكنه معرفة أي شيء حتى يوم السبت. العودة إلى استئناف الحرب لا تزال، حتى الآن، خطوة تتعارض مع المصلحة الأمريكية التي تشمل، أيضًا، الضفقة السعودية للسلام في الشرق الأوسط. في قطر، يبذلون في هذه الأيام محاولات لإنقاذ الصفقة. إن أطلقت حماس سراح ثلاثة مخطوفين، وفق ما تم الاتفاق عليه منذ البداية، فستواجه تصريحات نتنياهو وترامب تحدّي الواقع ـ اتفاقية يجري تطبيقها وفق نصوصها وعودة مخطوفين إلى بيوتهم. يعتقد ترامب أنه إذا ما زاد مبلغ الرهان، فسينجح في تحرير عدد أكبر من المخطوفين. قد يحدث هذا فعلًا، وقد لا يحدث. لكن الفارق بين هذه الصفقة وصفقاته التجارية العقارية هو أنه في حال فشله في فنادق نيوجيرسي، فأقصى ما يمكن أن يحدث هو أن يعلن إفلاسه المادي؛ أما في حالتنا هنا، فإذا ما تم إفشال الصفقة ومُنِعت عودة المخطوفين إلى عائلاتهم، فسنصبح على أعتب حرب جديدة، سيدفع ثمنها الناس الذين سيُدفَنون تحت الأنقاض في قطاع غزة.