facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

جرائم تعذيب وتنكيل وتجويع وجرائم طبية بحق معتقلي غزة

جرائم تعذيب وتنكيل وتجويع وجرائم طبية بحق معتقلي غزة

القبة نيوز- “في بداية اعتقالي كنا نعيش في جحيم، ولا نعرف ما مصيرنا، ولا وضعنا القانوني، مورس بحقنا كافة أشكال الجرائم والتنكيل والحرمان، واليوم نواجه الجوع، فكميات الطعام قليلة جداً وغير صالحة للاستخدام الآدمي”، بهذه الكلمات نقل أسير من قطاع غزة شهادته لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير اللذين تمكنا من تسجيل 23 شهادة لمعتقلين من القطاع يقبعون في سجن النقب الصحراوي، ومعسكري نفتالي، في تفاصيل صادمة عن عمليات التعذيب الممنهج التي يتعرض لها الأسرى في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية منذ عام ونصف.

وتوضح الشهادات أن عمليات التّعذيب الممنهجة التي تعرض لها المعتقلون جرت في الفترة الأولى على اعتقالهم، وفي فترة التحقيق. واليوم وبعد مرور 464 يوما على حرب الإبادة، ومرور 15 شهراً على اعتقال الغالبية ممن تمت زيارتهم، فإن جرائم التعذيب والتنكيل والتجويع والجرائم الطبيّة، والضرب المبرح وعمليات القمع، تخيم على روايات وشهادات المعتقلين، إلى جانب ظروف الاحتجاز القاسيّة، واستمرار تفشي مرض (السكايبوس – الجرب) بين صفوفهم.

ويكشف التقرير الجديد الذي يضاف إلى مجموعة من التقارير السابقة، عن الجرائم الممنهجة التي مارستها منظومة الاحتلال بحقّ معتقلي غزة، والتي تؤكّد مجدداً أنّ معسكر “سديه تيمان”، الذي شكل العنوان الأبرز لعمليات التعذيب، لم يعد المعسكر الوحيد الذي مورس فيه عمليات تعذيب وفظائع، ومنها اعتداءات جنسية، بل إن شهادات المعتقلين في غالبية السجون المركزية والمعسكرات عكست المستوى ذاته من التوحش الممنهج، كما في سجني النقب، وعوفر.

وكان الوزير اليمني المتطرف إيتمار بن غفير قد خرج مؤخرا بفيديو من سجن “ركفيت” وهو سجن موجود تحت زنازين سجن “نيتسان الرملة”، أعيد فتحه مجدداً بعد حرب الإبادة لاحتجاز معتقلين من غزة، وهو واحد من بين عدة معسكرات استحدثها سلطات الاحتلال بعد الحرب لاحتجاز معتقلي غزة.

ومن أبرز المعتقلات التي يحتجز فيها معتقلي غزة: معسكر عوفر، ومعسكر نفتالي، ومعسكر عناتوت، ومعسكر سديه تيمان، وهي المعسكرات المعلومة فقط لدى المؤسسات المختصة، علماً أن معتقلي غزة جرى توزيعهم على كافة السّجون المركزية، واحتجزوا في العديد من المعسكرات التي أنشأها الجيش ميدانيا في غلاف غزة.

“حرقوني بالماء الساخن” 

ويقول المعتقل (ك، ن) البالغ من العمر (45 عاما)، والمعتقل منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، ” منذ اعتقالي تعرضت للضرب المبرح، حتى أُصبت بكسور في جسدي، في محاولة لانتزاع اعترافات مني، وبقيت في معسكر في غلاف غزة لمدة 58 يوما، وكانت مثل عذاب الآخرة-تكبيل وضرب طوال الوقت، وإذلال وإهانات- عند نقلي إلى سجن (النقب)، حرقوني بالماء الساخن من خلال رشقي بالماء الساخن بإبريق كهربائي، وما تزال آثار الحروق واضحة على جسدي، اليوم أعيش بالخيام، والخيام ممزقة، نعاني من البرد القارس، واليوم نموت من البرد ومن الجوع”.

“أنام بالجوع وأستيقظ بالجوع”

أما المعتقل (ع.ه) البالغ من العمر (21 عاما) فيقول: “اعتقلت في شباط/ فبراير 2024، خلال عملية نزوح نقلت إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة، وبقيت هناك لمدة 12 يوما، ثم جرى نقلي إلى معسكر في القدس، ثم إلى “عوفر”، ثم إلى “النقب”.

ويضيف أنه كل انتقال من سجن إلى آخر كانت بمثابة رحلة عذاب وموت، “واليوم الدمامل والجروح والثقوب تغطي جسمي، بعد إصابتي بمرض السكايبوس – الجرب، وأنام حاليا بالجوع وأستيقظ بالجوع، وإلى جانب كل ما أعانيه فإنني أعاني من مشكلة ضغط العين، وبحاجة إلى متابعة، فمنذ طفولتي لم أعد أرى في عيني اليمنى، واليوم عيني اليسرى في خطر شديد”.

“تبول الجنود علينا”

 في حين يصف المعتقل (م.ح) البالغ من العمر (21 عاما)، والمعتقل منذ كانون الأول 2024، الأيام الأولى على اعتقاله بأنها “فظيعة”، تعرض خلالها للتّعذيب والتّنكيل، حيث نقل إلى ساحة البراوي، وتعرض ليوم كامل للضرب المبرح، “ذبحونا من الضرب على مدار يوم كامل”.

بعد ذلك نقل والمعتقلين الذين برفقته إلى مكان آخر، ورشقوا بالمياه العادمة، “وتبول الجنود علينا، ثم نقلنا إلى معسكر لمدة 27 يوماً، هناك بقينا (راكعين) على  الركب، ومعصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي والأقدام، ولاحقا جرى نقلنا إلى سجن النقب”.

ويضيف: “اليوم نعيش العذاب والموت البطيء على مدار الساعة”. أشار المحامي إلى أنه خرج المعتقل (م.ح) وهو يرتدي (فانيلا) صيفية وممزقة، وكان يرتجف من البرد، ومرض الجرب يغطي جسده”.

“نعيش في جحيم”

وقال المعتقل (خ.ج): “في بداية اعتقالي كنا نعيش في جحيم، ولا نعرف ما مصيرنا، ولا وضعنا القانوني، مورس بحقنا كافة أشكال الجرائم والتنكيل والحرمان، واليوم نواجه الجوع، فكميات الطعام قليلة جداً وغير صالحة للاستخدام الآدمي وغالبية الأسرى يقومون بجمع لقيمات الطعام حتى يأكلوا وجبة واحدة ليلاً، ومنذ اعتقالنا محرمون من السكر والملح، واليوم نعاني من ظروف اعتقال صعبة محرمون من كافة مقومات الحياة الأساسية”.

“نرتعش من البرد”  

في حين يروي المعتقل (م.أ) البالغ (25 عام) بأن جيش الاحتلال اعتقلته من إحدى المدارس، حيث تعرض للضرب، والتعرية، وللتحقيق الميداني، ونقل لاحقا إلى أحد المعسكرات في مستوطنات غلاف غزة، ثم إلى معسكر في القدس.

ويوضح أنه كان مقيد ومعصوب الأعين على مدار الوقت، ثم جرى نقله إلى سجن عوفر ثم إلى سجن النقب، “اليوم يعاني أغلب الأسرى من التعب الهزال ويتفاقم ذلك مع مرور الزمن، كما ويتعرض العديد منهم لحالات إغماء، فالأوضاع صعبة جدا، وهي على حالها، الأسرى جوعى ومرضى وطوال الليل يرتعشون من البرد”.

“سقطت عيني البلاستيكية”

أما المعتقل (م.د) فيشير إلى أنه اعتقل من أحد مواقع الإيواء، حيث كان برفقة عائلته، بعد اعتقاله نقل إلى مستوطنات غلاف غزة واحتجز هناك لمدة 60 يوما ثم جرى نقله إلى سجن النقب، مبينا أنه فقد عينه البلاستيكية جراء الضرب المبرح الذي تعرضت له، :واليوم جراء ذلك أعاني من تجويف في العين، ولم يكتف الجنود بذلك بل أقدموا على أخذ نظارتي”.

لا رعاية طبية ولا علاج

وفي معسكر نفتالي عكست إفادات المعتقلين نفس مستوى التوحش الذي مارسته منظومة السّجون في السجون الأخرى مع فوراق محدودة جدا، حيث ركز المعتقلون بشكل أساس على المرحلة الأولى من الاعتقال والتحقيق، التي أخذت الجزء الأكبر من الحديث عن عمليات التنكيل والتعذيب.

وعلى الرغم من وجود بعض الفوارق في الظروف الاعتقالية مقارنة مع المعسكرات الأخرى، إلا أن المعتقلين يعانون بشكل أساس من الجرائم الطبيّة والحرمان من العلاج،  فمن بين المعتقلين الذين تمت زيارتهم أحدهم يعاني من مرض السرطان.

ويبين أحد المعتقلين الذي فقد عائلته في الحرب إنه كان قد خضع لعدة عمليات جراحية قبل اعتقاله، واليوم يعاني من وضع صحي صعب، وهو بحاجة إلى رعاية صحية”.

حقائق عن معتقلين غزة

ويشدد تقرير الحقوقي على أن المعتقلين في المعسكر يواجهون جرائم طبية، إلى جانب ظروف الاعتقال القاسية والصعبة، كما أن جزءا كبيرا منهم فقدوا أحباء لهم وأقارب في حرب الإبادة المستمرة، وكان من بينهم، أسير استشهد أفرادا من عائلته، وتوفي لاحقا والده، الأمر الذي كان وقعه قاسيا خلال الزيارة.

ويلفت إلى أن معسكر “سديه تيمان” شكل عنواناً بارزاً لجرائم التّعذيب، والجرائم الطبيّة المروعة بحقّ معتقلي غزة، إضافة إلى ما حملته روايات وشهادات معتقلين آخرين مفرج عنهم عن عمليات اغتصابات واعتداءات جنسية فيه، مبينا أنّ هذا المعسكر ليس المكان الوحيد الذي يحتجز فيه معتقلو غزة، حيث وزّعهم الاحتلال على عدة سجون مركزية ومعسكرات، ونفّذ بحقّهم عمليات تعذيب ممنهجة، توازي عمليات التعذيب في “سديه تيمان”.

ويبين أن روايات وشهادات معتقلي غزة، شكلت تحولا بارزا في مستوى توحش منظومة الاحتلال، والتي عكست مستوى -غير مسبوق- عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، والتّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسية، واستخدامهم دروعا بشرية.

ووثقت تقارير حقوقية عديدة استشهاد العشرات من المعتقلين، هذا عدا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين، حيث أعلنت المؤسسات المختصة فقط عن (35) شهيدا من معتقلي غزة، وهم من بين (54) معتقلاً وأسيراً اُستشهدوا منذ بدء حرب الإبادة، فيما يواصل الاحتلال إخفاء بقية أسماء معتقلين استشهدوا في المعسكرات والسّجون.

وحتّى اليوم ومنذ بدء حرب الإبادة، لا يوجد تقدير واضح لعدد المعتقلين من غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال، والمعطى الوحيد المتوفر هو ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال في بداية شهر كانون الثاني/ يناير، (1882) ممن صنفتهم (بالمقاتلين غير شرعيين)، من بينهم أربع معتقلات محتجزات في سجن (الدامون)، وعشرات من الأطفال تحديدا في سجن (مجدو)، ومعسكر (عوفر).

لم تتمكن المؤسسات من رصد عدد حالات الاعتقال من غزة، في ضوء جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على معتقلي غزة منذ بدء الحرب، ويقدر عددهم بالآلاف.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير