أبسوس لأبحاث السوق تكشف عن تفاؤل الأردنيين في تحسن الاقتصاد الوطني بـ
القبة نيوز- يعيش الأردن مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية، حيث تشير المعطيات إلى أن معدلات النمو الاقتصادي ستبقى في حالة تحسن مستمر خلال العام المقبل.
جاء ذلك في ظل توجهات الحكومة الجادة نحو معالجة القضايا الاقتصادية وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، مما يمهد الطريق لتحقيق استقرار ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين.
وتشير توقعات الخبراء الاقتصاديين إلى أن الاستقرار الإقليمي خاصة بعد توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سيوفر بيئة ملائمة للنهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية، كالسياحة والصناعة وزيادة الصادرات في المملكة .
وكان تقرير صدر قبل أيام عن مؤسسة أبسوس لأبحاث السوق أظهر وجود تفاؤل بين الأردنيين بتحسن أوضاع الاقتصاد الوطني خلال العام المقبل، وتحسن أوضاعهم المالية، فضلاً عن تحسن المشهد الاستثماري في المملكة.
وبيّن التقرير أن 51 بالمئة من المواطنين المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن نمو الاقتصاد الوطني خلال العام المقبل 2025 سيكون أفضل مما كان عليه في العام الحالي، بينما رأى 59 بالمئة منهم أن الحكومة ستحدث تغييرات اقتصادية ومعيشية إيجابية.
وأكد خبراء بالاقتصاد اليوم أن انجلاء الأوضاع غير المستقرة بالمنطقة، وبمقدمتها توقف العدوان الإسرائيلي على أهالي قطاع غزة، سيوفر أرضية صلبة لعودة النشاط للعديد من القطاعات الاقتصادية، وخاصة السياحة التي تراجعت بفعل تداعيات العدوان، علاوة على ارتفاع الصادرات وزيادة رقعتها الجغرافية.
وقال مدير عام جمعية البنوك بالأردن الدكتور ماهر المحروق إنه بناءً على أحدث التقارير الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية، تُؤكد توقعات إيجابية لنمو الاقتصاد الوطني خلال عام 2025، مع استمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
وأضاف أن الاقتصاد الوطني سيشهد تحسناً ملحوظاً في عام 2025، مع توقعات بارتفاع النمو الاقتصادي إلى 2.9 بالمئة مقارنة مع 2.4 بالمئة للعام الحالي.
ولفت إلى أن معدلات التضخم ستبقى ضمن حدود منخفضة، وعند نحو 2.4 بالمئة العام المقبل، وهو مستوى يُعتبر من بين الأدنى في المنطقة، مشيداً بالسياسات النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي الأردني، والتي تهدف إلى تحقيق توازن بين تحفيز النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
وأكد المحروق أن تحسن آفاق الاقتصاد الوطني يأتي مدفوعاً بمجموعة من العوامل، وأهمها السياسات النقدية الداعمة، واتجاهات أسعار الفائدة عالمياً ومحلياً، إضافة إلى الاستقرار النسبي في بعض القطاعات الاقتصادية، مثل السياحة والصناعة، والإصلاحات الهيكلية المستمرة التي تعزز مناعة الاقتصاد الوطني.
وبين أن هذه السياسات ستسهم في تحسين الاستثمار الثابت وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، مما سيؤدي إلى خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية ومشجعة لتنفيذ مشاريع رأسمالية.
وأوضح المحروق أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة لا تزال تشكل تحدياً أمام الاقتصاد الوطني، خصوصاً التوترات المستمرة في المنطقة، والتي قد تؤثر على تدفقات السياحة والاستثمارات إلى الأردن، وهو ما يحتاج إلى سياسات وطنية مرنة وفعالة للتخفيف من تأثيرها.
وحول تنافسية الاقتصاد الوطني، أشار الدكتور المحروق إلى التحسن في ترتيب الأردن ضمن تقرير التنافسية العالمي لعام 2024، حيث تقدم الأردن 6 مراتب ليصل إلى المرتبة 48 عالمياً، مضيفاً أننا بحاجة إلى البناء على هذا التحسن من خلال تعزيز كفاءة الأعمال وتطوير البنية التحتية الاقتصادية.
وبيّن أن الحكومة تواصل تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي الهادفة إلى إطلاق الإمكانيات الكامنة في المملكة في مختلف القطاعات، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الاستثمار الخاص، وتنفيذ إصلاحات هيكلية في قطاعات المياه والطاقة، متوقّعاً أن تكون نتائج البرنامج التنفيذي للرؤية داعمة بشكلٍ كبير للاقتصاد الوطني في مختلف المجالات.
وأكد أستاذ المالية في جامعة آل البيت الدكتور عمر الغرايبة أن هناك بوادر انفراج للاقتصاد الوطني في ظل التحديات الحالية، خاصة بعد عودة سوريا إلى المشهد الاقتصادي العام.
وأوضح أن فتح آفاق التصدير والاستثمار بين الأردن وسوريا سيشكل فرصة كبيرة لتوسيع السوق الأردني، خاصة في تصدير السلع الرئيسية والاستراتيجية إلى السوق السوري، ومن ثم إلى السوق الأوروبي، الذي تعتبر سوريا بوابته الكبرى.
وأشار الغرايبة إلى أن سياسة البنك المركزي الأردني في خفض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى برنامج التمويل السكني الذي طرحته البنوك مؤخراً، سيكون له تأثير إيجابي على نمو قطاع العقارات والإسكان في العام المقبل.
وأكد أن هذا القطاع يعد محركاً رئيسياً للنشاطات الاقتصادية، حيث يرتبط بـ40 قطاعاً مرتبطاً بالعمل العقاري، وبالتالي فإن تحركه سيؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد بشكل عام.
وأشار الغرايبة إلى أن قطاع التعدين شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 6 بالمئة، بقيادة شركتي الفوسفات والبوتاس، مؤكداً أن هذا القطاع يعد واعداً، خاصة إذا تم توجيه الجهود نحو التصنيع المحلي، مما سيعزز من القيمة المضافة لهذه الصناعات في الاقتصاد الأردني.
وتوقع أن يشهد قطاع الطاقة نمواً في العام المقبل، لا سيما في ظل التفاهمات الأردنية وتوجه الحكومة نحو تصدير الكهرباء، مبيناً أن الربط الكهربائي بين دول المنطقة سيحقق إيرادات وفيرة للمملكة.
وفيما يتعلق بأسعار النفط، توقع الغرايبة أن يشهد الأردن وفراً كبيراً في العملة الأجنبية نتيجة لانخفاض أسعار برميل النفط، ما سيخفض من تكلفة الاستيراد، مما سيسهم في تخصيص أموال إضافية للمشاريع الرأسمالية، التي سيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني في المستقبل القريب.
وأوضح أنه بناءً على هذه التطورات، يبدو أن الاقتصاد الوطني في طريقه للتحسن في العام المقبل، إذا استمرت هذه الفرص في التوسع وتم استغلالها بشكل استراتيجي.
ورأى الخبير بالشأن الاقتصادي منير ديه أن الحكومة إذا استمرت باتخاذ قرارات اقتصادية من شأنها التخفيف عن المواطنين ودعم القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال جملة من الحوافز والإجراءات، وتمديد العمل ببعض القرارات التي تم اتخاذها سابقاً وتنتهي مع نهاية العام الحالي.
وقال: "من المتوقع أن يتحسن أداء الاقتصاد الوطني، مما سينعكس إيجاباً على حياة المواطن المعيشية، وكذلك على معظم القطاعات الاقتصادية. وفي ضوء استمرار انخفاض الفائدة وعكسها على قروض المواطنين، فهذا بدوره سيقلل من كلف الاقتراض، ويدعم القوة الشرائية للمواطنين، ويضخ مزيداً من السيولة في الأسواق".
وأضاف: "بعد زيادة الحد الأدنى للأجور، والذي سيبدأ العمل به مطلع العام المقبل، فمن المتوقع أيضاً أن يحسن من مستوى الدخل لعشرات الآلاف من المواطنين، مما سيزيد دخلهم، وبالتالي يرفع من الاستهلاك المحلي".
وتابع: "نأمل من الحكومة المزيد من القرارات الجديدة التي تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخاصة في القطاعات الرئيسية، وتقديم كل التسهيلات اللازمة للمستثمرين المحليين والأجانب، مما سيسهم بزيادة النمو الاقتصادي وخفض معدلات البطالة".
وقال ديه: "في حال حدوث انفراجة سياسية مع توقف العدوان على قطاع غزة واستقرار المنطقة، فمن المتوقع أن تشهد قطاعات اقتصادية عديدة تحسناً في الأداء، وخاصة قطاع السياحة والنقل والخدمات، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الكلي".