الذهب من المتوقع أن يرتفع أكثر مع تحطيم الأرقام القياسية في 2025
القبة نيوز- منذ بداية عام 2024 حقق الذهب قفزات قياسية لمرات عديدة سجل خلالها أعلى مستوياته على الاطلاق، ليحقق مكاسب منذ بداية العام حتي الآن تتجاوز 35% متفوقًا على جميع الأسواق المالية الأخري، ومن المتوقع أن يرتفع الذهب أكثر من المتوقع في ظل استمرار المحركات الرئيسية لهذا السوق.
عادة يتداول الذهب بما يتماشي بشكل وثيق مع تغيرات أسعار الفائدة، وباعتباره أصلًا لا يقدم أى عائد، فإن جاذبيته تكون أقل للمستثمرين إذا كانت أسعار الفائدة مرتفعة، ويكون أكثر جاذبية عند خفض سعر الفائدة، وفي حين لا تزال هذه العلاقة قائمة، كانت مشتريات البنوك المركزية قوية بشكل كبير مما عزز ارتفاع الأسعار.
المحركات الرئيسية وديناميكيات السوق
1 - التركيز على مرونة الذهب وسط التوترات الجيوسياسية
قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية اقتربت أسعار تداول الذهب من عتبة 2800 دولار الحرجة مع ارتفاع الطلب ووسط عاصفة مثالية من عدم الاستقرار العالمي وحذر المستثمرين والعوامل الاقتصادية، حيث يلعب الذهب كملاذ آمن أقوى من أي وقت مضى ويُظهر مرونة عالية على الرغم من التراجعات المؤقتة، ويبقي الذهب الفوري مدعومًا بزيادة مشتريات البنوك المركزية واهتمام مستثمري التجزئة مما يشير إلى زخم صعودي قد يدفعه إلى الارتفاع.
2 - الطلب القياسي من البنوك المركزية والمشترين المؤسسيين
كان الشراء العدواني من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين في جميع أنحاء العالم أحد أبرز المحفزات لأسعار الذهب هذا العام، تواصل الصين والهند وتركيا التحول بعيدًا عن الاعتماد على الدولار الأمريكي وتراكم احتياطيات ضخمة من الذهب للحماية من تقلبات العملة، لا يقتصر الطلب على الكيانات الحكومية فقط، بل قدمت شركة التجزئة الأمريكية العملاقة كوستكو مؤخرًا سبائك الذهب مما أدى إلى سهولة الوصول إلى المستثمرين العاديين وزيادة الطلب على التجزئة، يعكس هذا الطلب المرتفع من الحكومات والجمهور ثقة متزايدة في استقرار الذهب وسط المخاوف الاقتصادية العالمية.
3 - المخاطر الجيوسياسية تدعم جاذبية الذهب كملاذ آمن
يظل الصراع المستمر في الشرق الأوسط عاملاً رئيسيًا في دفع الطلب على الذهب حيث يسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن ضد التقلبات الجيوسياسية، وقد أكدت التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران، إلى جانب التهديدات بالانتقام، على دور المعدن كتحوط ضد المخاطر غير المتوقعة، إن الإجراءات العسكرية الأخيرة (على الرغم من أنها أقل حدة) تبقي الأسواق على حافة الهاوية، مما يجعل الذهب الخيار الأول للمستثمرين الحذرين من المخاطر المتصاعدة، لقد تتعزز جاذبية المعدن أيضًا بسبب المخاوف الوشيكة بشأن الاستقرار الاقتصادي الأمريكي والديناميكيات السياسية العالمية.
4 - قوة الدولار وعوائد سندات الخزانة تضيف تعقيدًا إلى ارتفاع الذهب
في حين تُظهِر أسعار الذهب زخمًا صعوديًا قويًا، فإن ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية والدولار القوي يمثلان عقبات محتملة، وصل الدولار مؤخرًا إلى أعلى مستوى له منذ منتصف العام مما يجعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين الدوليين ويحد قليلاً من الطلب، ومع ذلك، فإن استمرار المخاطر العالمية وخاصة في أوروبا وآسيا، لا يزال يوازن بين هذه الرياح المعاكسة، مما يوفر دعمًا قويًا للذهب كأصل استثماري استراتيجي.
5 - دور الصين في سوق الذهب
لا يزال تأثير الصين على سوق الذهب كبيرًا، على الرغم من انخفاض الطلب على المجوهرات الذهبية، ومع ذلك، ارتفعت استثمارات الأسر في سبائك الذهب والعملات المعدنية بنسبة 27% هذا العام حيث سعى المستثمرون الصينيون إلى شراء أصول موثوقة وسط مخاوف اقتصادية محلية، ارتفعت أحجام التداول في بورصة شنغهاي للذهب بأكثر من 47%، مما يشير إلى أن مستثمري البلاد يشاركون بنشاط في ارتفاع الذهب المستمر، مما يعزز الطلب العالمي.
6 - مشاعر المستثمرين: المؤشرات الصعودية والتراكم الاستراتيجي
مشاعر المستثمرين حول الذهب صعودية بقوة، حيث يتبنى المتداولون نهج "الشراء عند الانخفاضات" حيث يستفيدون من التراجعات الدورية، ويضع العديد منهم أنفسهم تحسبًا لارتفاع الأسعار مدفوعًا بمخاوف اقتصادية وجيوسياسية أوسع نطاقًا.
ما هو توقع أسعار الذهب لعام 2025؟
من المتوقع أن يرتفع المعدن الثمين إلى 3000 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025 مسجلًا مستويات قياسية متعددة لهذا العام كما حدث في 2024، حيث لا تزال العلاقة بين تغيرات سعر الذهب وتغيرات أسعار الفائدة قائمة، ومن المرجح أيضًا أن تزيد البنوك المركزية من مشترياتها ويقدر بنك جولدمان ساكس أن 100 طن من الطلب المادى على المعدن سيرفع أسعاره بنحو 2.4% على الأقل.
لقد كان القلق بشأن المخاطر للعقوبات المالية أحد أهم الأسباب التى دفعت البنوك المركزية إلي زيادة حجم مشترياتها من الذهب، ووفقًا لجولدمان ساكس، ارتفعت مشتريات البنوك المركزية فى الأسواق الناشئة من الذهب بشكل ملحوظ منذ تجميد أصول البنك المركزي الروسي في عام 2022 في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا.
ومن جهة أخري، تميل البنوك المركزية لدي الأسواق المتقدمة إلي امتلاك حيازات كبيرة نسبيًا من الذهب كجزء من الاحتياطيات، على سبيل المثال: تمتلك الولايات المتحدة وايطاليا وألمانيا وفرنسا حيازات من الذهب تقدر بنحو 70% من احتياطياتها، وعلى النقيض من ذلك، تمتلك نظيراتها فى الأسواق الناشئة حصصًا أقل، علي سبيل المثال: تمتلك الصين نحو 5% من احتياطي الذهب.
ويبدو أن صناع السياسات قلقون أيضا تجاه استدامة ديون الولايات المتحدة التى تقدر بنحو 35 تريليون دولار وهو ما يعادل 124% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتفظ الكثير من البنوك المركزية بالجزء الأكبر من احتياطياتها في سندات الخزانة الأمريكية، وقد يشعر صناع السياسات بقلق متزايد إزاء التعرض للمخاطر المالية فى الولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير جولدمان ساكس، فإن المعدن الأصفر يقدم فوائد التحوط من الصدمات الجيوسياسية المتوقعة والتي تضم الارتفاع المحتمل في التوترات التجارية عقب فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، ومخاطر تبعية البنك الاحتياطى الفيدرالى ومخاوف الديون.
الذهب قد يتفوق على الأسهم مع ارتفاع المخاطر الاقتصادية
تزامن ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية جديدة مع صعود لا يتوقف على ما يبدو في سوق الأسهم، ولكن هذا قد يتغير قريبًا وفقًا لأحد المحللين، الذي قال إن تزايد التوترات الجيوسياسية والمخاطر الاقتصادية قد تدفع الكثير من المستثمرين إلي التخلي عن الأصول الخطرة والانتقال إلى أقدم ملاذ آمن في العالم.
قال "مايك ماكجلون" كبير استراتيجيي السلع الأساسية في بلومبرج إنتليجنس: أن اجمالي عائد المعدن الأصفر يتواكب مع اجمالي عائد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 المدفوع بالذكاء الاصطناعي لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة تشكل رياحًا خلفية قوية مواتية للذهب، وهو ما يشير إلي ارتفاعه بنحو 50% مقابل 40% لمؤشر العائد الإجمالي لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، ولكن هناك عدد من الرياح المعاكسة التي قد تؤدي إلى تراجع المعدن الأصفر، رغم أنه لا يزال يتوقع ارتفاع سعره على المدى الطويل.
وقال ماكجلون: لقد أثار انتقال السلطة الحاسم في الولايات المتحدة بعض جني الأرباح في الذهب، لكن ولاية ثانية للرئيس المنتخب "دونالد ترامب" قد تعزز أسس المعدن، وقد تأتي الرياح المعاكسة المحتملة للذهب من مزيج من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تتمثل في ابتعاد الصين عن روسيا ونحو أفضل عملائها للتصدير ( أوروبا والولايات المتحدة ) وأسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة نسبيًا وعجز الميزانية المتناقص والدولار القوي.
بالنظر عن كثب إلى أداء الذهب مقارنة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500، لاحظ ماكجلون أن الاثنين أظهرا ارتباطًا قويًا، لكنه حذر من أن هذا قد ينتهي قريبًا، وأضاف: أن الذهب يُظهر على نفس مقياس مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مسارًا تصاعديًا قريبًا منذ عام 2015 تقريبًا وقد يكون ناضجًا للانفصال، إذا كان منحنى العائد دليلاً، عند وصول سعر الذهب لحوالي 2700 دولار في 7 نوفمبر قد تكون أونصات الذهب منخفضة عند أقل من نصف مؤشر الأسهم.
وقد حذر ماكجلون من أن ادارة البنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية والأموال الفيدرالية ستؤدي إلى خلق الأزمة التالية وتجبر البنك المركزي الأمريكي علي تبنى أسعار فائدة صفرية أو حتي سلبية، وأشار إلى أن قرار البنك الاحتياطى الفيدرالى بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه الأخير الذي عقد في نوفمبر بعد خفض بنحو 50 نقطة أساس في سبتمبر ما هو إلا مجرد بداية لدورة خفض أسعار أطول يتم دفعها بالتكلفة غير المستدامة لخدمة الدين الوطنى.
إن خفض أسعار الفائدة المتتالية أمر حتمي بسبب الارتفاع الكبير في خدمة الدين الفيدرالى عند مستويات أسعار الفائدة هذه، وسنرى العديد من عمليات اعادة ضبط الديون فى الأشهر المقبلة، كما قال أن الشركات واجهت صعوبة في السداد وخدمة تلك الديون فى ظل بيئة أسعار الفائدة الصفرية، وسوف نجد أنه من المستحيل خدمة تلك الديون في ظل سعر الفائدة الحالي، لهذا يتعين على البنك الاحتياطي الفيدرالي حقًا خفض الأسعار، وكلما طال الانتظار، كلما كان عليه القيام بذلك بشكل أكثر إلحاحًا في مرحلة ما.
قد يحتاج الاقتصاد الأمريكي حتى إلي سعر فائدة سلبي للتعامل مع الأزمة التالية، وأشار إلى أنه يعتقد أننا على المدى الأطول يجب أن يكون لدينا أسعار فائدة حقيقية سلبية في ظل أعباء الديون العالية، ومن الضروري أن تصبح تكلفة خدمة الدين منخفضة من معدل تراجع قيمة العملة، وإن لم يحدث ذلك فإن الاقتصاد الأمريكي قد يدخل في مرحلة الانهيار.
ويتوقع أن يصل الذهب إلي نطاق 6000 دولار إلى 8000 دولار في دورة السوق الصاعدة الحالية، مستندًا في حساباته إلى أنماط التداول التاريخية السابقة.
هل يخترق الذهب مستوى 2800 دولار للأونصة قريبًا؟
مع وجود مجموعة من قوى السوق التي تدفع الطلب، يبدو الذهب على استعداد لتحدي مستوى 2800 دولار للأونصة، يساهم الاهتمام المستمر من قبل البنوك المركزية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة وعدم اليقين الاقتصادي في الأسواق الرئيسية في خلق بيئة مواتية بشكل متزايد لمسار الذهب الصاعد، ومع استمرار الضغوط التضخمية تظل توقعات الذهب صعودية، مما يمهد الطريق لمسار تاريخي يتجاوز أعلى مستوياته على الإطلاق.
باختصار، مع صراع الاقتصاد العالمي مع تقارب المخاطر، فإن مكانة الذهب كملاذ آمن لا جدال فيها، مما يُظهر إمكانية اختراق مستويات المقاومة والوصول إلى ارتفاعات جديدة، يظل المعدن أصلًا أساسيًا وأفضل ملاذ آمن، يجذب اهتمام المستثمرين عبر جبهات متعددة، من التراكم المؤسسي إلى إمكانية الوصول إلى التجزئة، وكل ذلك يشير إلى الطلب المستدام في الأشهر المقبلة.