ارتفاع أسعار الطاقة يعمق الأزمات الاقتصادية في أوروبا
القبة نيوز- تشهد أسعار الكهرباء بالجملة في الاقتصادات الرئيسية في أوروبا ارتفاعًا غير مسبوق، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام. هذا الارتفاع يضيف عبئًا جديدًا على الشركات التي تعاني بالفعل من ضعف الطلب وتراجع ثقة المستهلكين، مما يعمق الأزمات الاقتصادية التي تواجه المنطقة.
ووفقًا لبيانات الأسواق، سجلت أسعار الكهرباء بالجملة في ألمانيا، فرنسا، هولندا، إسبانيا، وبولندا أعلى مستوياتها منذ 20 شهرًا على الأقل خلال نوفمبر الجاري. وفي إيطاليا، رغم أن الارتفاع أقل نسبيًا، إلا أن الأسعار هناك هي الأعلى بين الاقتصادات الأوروبية الكبرى.
ومع دخول فصل الشتاء وارتفاع الطلب على التدفئة، يُتوقع أن تستمر أسعار الكهرباء في الارتفاع، مما يفرض تحديات جديدة على الاقتصادات الإقليمية التي عانت من تباطؤ النمو منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.
وأظهرت البيانات أن متوسط أسعار الكهرباء بالجملة في ألمانيا منذ مارس 2022 بلغ 138 يورو لكل ميغاواط/ساعة، بزيادة 280% مقارنة بفترة 2016-2019. هذا الارتفاع دفع المستهلكين والشركات لتحمل تكاليف طاقة أعلى بأربع مرات.
وفي دول أخرى مثل فرنسا، إيطاليا، وهولندا، تجاوزت زيادات الأسعار 200%، بينما ارتفعت بنسبة 180% في بولندا و103% في إسبانيا.
وتأثر قطاع الصناعات الثقيلة بشكل خاص، حيث شهدت صناعات مثل الصلب والكيماويات والأسمدة انخفاضًا قياسيًا في الإنتاج بعد الغزو الروسي، ولم تستعد نشاطها بالكامل حتى الآن. كما تعرضت الصناعات التحويلية مثل إنتاج التوربينات والمحركات لانخفاض بنسبة 30% عن ذروة الإنتاج السابقة، بينما خفض قطاع السيارات الألماني إنتاجه بأكثر من 30% مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا.
وهذا التباطؤ الصناعي انعكس على الأداء الاقتصادي العام. سجل الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا نموًا سنويًا بنسبة 0.4% فقط منذ عام 2022، مقارنة بمتوسط نمو سنوي قدره 2% خلال العقد السابق. وتشهد دول مثل بولندا، هولندا، وفرنسا تباطؤًا مشابهًا في معدلات النمو.
دور الطاقة المتجددة
وفي محاولة لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي وتخفيف الضغط الناتج عن ارتفاع الأسعار، استثمرت الدول الأوروبية بشكل كبير في مصادر الطاقة المتجددة. ارتفع إنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة بنسبة 11.5% في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024 مقارنة بعام 2022، ليصل إلى 2450 تيراواط/ساعة.
في المقابل، انخفض إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري بنسبة 16%، بما في ذلك انخفاض بنسبة 21% في إنتاج الفحم و14% في إنتاج الغاز. ومع ذلك، لا يزال إجمالي إنتاج الكهرباء أقل من مستويات عام 2022، حيث واجهت بعض الدول صعوبات في تعويض انخفاض إنتاج الوقود الأحفوري.
ومع استمرار الحكومات الأوروبية في الضغط على الصناعات لزيادة الإنتاج وتجنب فقدان الوظائف، يبقى التحدي الأكبر هو القدرة على تحمل تكاليف الطاقة المتزايدة. الشركات التي تستطيع التعامل مع ارتفاع التكاليف قد تواصل عملها، لكن القطاعات الحساسة للتكاليف، والتي تواجه منافسة دولية وضعفًا في الطلب المحلي، قد تضطر إلى تقليص إنتاجها أكثر، مما يهدد بتباطؤ إضافي في الزخم الاقتصادي.
وفي ظل هذه الظروف، يبقى الحل الأساسي أمام أوروبا هو تحقيق توازن بين توفير الطاقة بأسعار معقولة وزيادة استثماراتها في البنية التحتية للطاقة النظيفة لضمان استدامة اقتصاداتها في مواجهة التحديات المتزايدة. وكالات