خبراء: توقيت تعديل المناهج في الأردن "غير موفق" وجيل المدارس "مختطف"
القبة نيوز - المجالي: التعليم في الأردن تراجع خلال السنوات الأخيرة
المجالي: إصلاح التعليم يتطلب إصلاحًا شاملًا في المناهج
أبو الراغب: إدراج الموسيقى والفن في المناهج يمثل "تطورًا وتقدمًا" للفئة العمرية المستهدفة
قال أستاذ الشريعة في جامعة مؤتة، الدكتور عبد الحميد المجالي، إن التعليم في الأردن تراجع خلال السنوات الأخيرة، وذلك باعتراف الجهات الرسمية.
وأضاف المجالي، خلال حديثه لبرنامج "نبض البلد" الذي يعرض على قناة رؤيا، أن تراجع التعليم في الأردن دفع المواطنين إلى التعبير عن قلقهم حول تراجع مستوى جيل المدارس.
وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية أسهمت في "اختطاف" هذا الجيل، مؤكدًا أن إصلاح التعليم يتطلب إصلاحًا شاملًا في المناهج.
وأشار المجالي إلى أن وزارة التربية والتعليم، من خلال مؤسساتها الخاصة، قامت بخطوات لإصلاح المناهج عبر تشكيل لجنة مستقلة بعيدة عن الوزارة، تهدف إلى تحسين المناهج بما يحقق تطلعات المجتمع.
واعتبر أن الدور المحوري للمعلم، بالإضافة إلى توفير المستلزمات المدرسية مثل المختبرات والمرافق المناسبة، يسهم بشكل كبير في تحقيق بيئة تعليمية ملائمة للطلاب، مشددًا على أهمية تعاون أولياء الأمور مع المدارس لتوحيد الجهود في العملية التربوية.
ولفت المجالي إلى أنه مع بداية العام الدراسي، تم الكشف عن مناهج جديدة أثارت جدلًا واسعًا، حيث اعتبرها المجتمع "غريبة" عن عاداته وتقاليده.
وبين أن المناهج الجديدة تضمنت محتوى أثار جدلًا حول حذف آيات قرآنية وأحاديث نبوية وقيم عربية، والتي كانت تربط الطلاب بعقيدتهم وتراثهم. في المقابل، تم إضافة مواضيع تتعلق بالموسيقى والفنانين، مما أثار ردود فعل قوية من الشارع الأردني، خاصة في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة.
ومع بداية العام الدراسي الجديد، ظهرت مناهج دراسية أثارت جدلًا واسعًا بسبب ما وصفه المجتمع بـ"غرابتها عن العادات والتقاليد الأردنية"، وفقًا للمجالي.
وأشار المجالي إلى أن المناقشات حول هذه المناهج بدأت منذ فترة، خاصة فيما يتعلق بحذف بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ترتبط بالعقيدة الإسلامية والتراث الحضاري.
وقال: "رأى المواطنون أن المناهج الجديدة قد استبدلت تلك القيم بإضافة مواد فنية وموسيقية، وهو ما أثار ردود فعل قوية في الشارع الأردني".
وأكد المجالي أن التغييرات جاءت في وقت غير مناسب، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية الحالية، مما ساهم في زيادة حدة الانتقادات.
من جانبه، أشار القانوني طارق أبو الراغب إلى وجود "الكثير من المغالطات" التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن بعض التعديلات التي تم تداولها مأخوذة من مناهج دول أخرى.
وأضاف أبو الراغب أن توقيت التعديلات كان غير موفق، مع وجود بعض الملاحظات على المحتوى، إلا أنه أكد أن إدراج الموسيقى والفن في المناهج يمثل "تطورًا وتقدمًا" للفئة العمرية المستهدفة، بهدف الابتعاد عن لغة الخطاب الحادة والنظرة السلبية.
وأشار إلى وجود مشكلة جوهرية في التعامل مع التعديلات داخل وزارة التربية والتعليم، حيث يعتقد البعض أن الوزارة هي الجهة الوحيدة المخولة بالحلول، وأي مقترح يأتي من خارج إطارها يعد خطأ.
ورحب أبو الراغب بفكرة إدخال الفنون والموسيقى في التعليم، معتبرًا إياها خطوة إيجابية تحتاج إلى التأكيد على ثوابت المجتمع وتقاليده.
حالة من الجدل والصدام
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في الأردن خلال الأيام الماضية حالة من الجدل والصدام؛ على إثر تداول صور من مناهج دراسية لطلبة الصف الرابع والثامن.
واحتوت المناهج على صور ومعلومات عن فنانين أردنيين وعرب مثل "سميرة توفيق وموسى عبد الرحمن وجولييت عواد"، عدا عن السيرة الذاتية للفنانة المصرية أم كلثوم.
واعتبر أردنيون أن إضافة هذه المواضيع إلى مناهج الفن والموسيقى يهدف إلى الإخلال بالقيم المجتمعية.
وهاجم نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي هذه المضامين، داعين المركز الوطني لتطوير المناهج إلى سحبها فورا من المدارس.
توضيح رسمي
وفي ذات السياق أصدر المركز الوطني لتطوير المناهج السبت بيانا رد خلاله حول ما أشيع في قضية المناهج الجديدة.
وقال المركز في بيانه:"يقدر المركز الوطني لتطوير المناهج عاليًا تفاعل المواطن الأردني مع المنتجات الصادرة عنه، ويتقبله بصدر رحب، ويعده رقابة مجتمعية تسهم في تجويد منتجاته، ولذا يستقبل المركز باستمرار التغذية الراجعة من المجتمع والميدان التربوي عبر موقعه الإلكتروني وصفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونة عناوينها على أغلفة جميع إصداراته.
نسخة تجريبية
وينوه المركز إلى أن النسخة الأولى من إصداراته عادة ما تكون نسخة تجريبية، قابلة للتطوير والتعديل وفق ملاحظات المجتمع والميدان التربوي من طلبة ومعلمين وخبراء وأولياء أمور، حيث لا يُكتفى بطبعة واحدة، بل تتوالى الطبعات على مدار الأعوام الدراسية لغايات التحسين والتجويد والتعديل والإفادة من الملاحظات.
من المعلوم أن عملية إنتاج الكتب المدرسية تمر بمراحل متعددة من التدقيق والمراجعة والاعتماد، تبدأ بتأليف مخطوطة الكتاب على أيدي مؤلفين من أبناء الوطن يعملون وفق معايير علمية وتربوية وقيم وثوابت وطنية ودينية ومجتمعية راسخة، ولا يخضعون لأي نوعٍ من الضغوطات أو الإملاءات. وعند الانتهاء من تأليف المخطوطة تُعرض على أكاديميين وتربويين من الجامعات الأردنية المختلفة لتحكيمها علميًا وتربويًا. تعقد بعد ذلك ورش عمل لمناقشة هذه الكتب ومراجعتها يحضرها معلمون ومشرفون تربويون من كافة محافظات المملكة. كما تمر المخطوطة بمجالس متخصصة في المركز الوطني للتطوير المناهج تضم في عضويتها عددًا من القادة التربويين والخبراء وممثلين عن السلطات التعليمية المتعددة في المملكة الأردنية الهاشمية وصولًا إلى إقرارها بشكل رسمي من قبل وزراة التربية والتعليم عبر لجانها المتعددة ومجلس التربية والتعليم الذي يضم في عضويته قامات وطنية ودينية وعلمية وتربوية وفكرية.
نظرة شمولية
وفي القراءة الناقدة لأي منهاج، فإنه ينبغي أن يُقرأ ويُنظر إليه نظرة شمولية في سياقاته، فأحيانًا تعطي النظرة الجزئية للصورة أوالنص أوالعبارة أوالعنوان دلالة مناقضة ومغايرة للمعنى المراد، وهذا يشبه تمامًا اجتزاء قوله تعالى:"ويلٌ للمصلين" والوقوف عندها، في حين أن المعنى الحقيقي لا يكتمل إلا بقوله تعالى: "الذين هم عن صلاتهم ساهون".
التربية الفنية
وفيما يخص الجدل الدائر حول مبحث التربية الفنية، فنود أن نبين أنه ليس مبحثًا مستجدًا، إنما هو مبحث قديم يُدرس للطلبة منذ عشرات السنوات، ولكن دون وجود كتاب مستقل بذاته لهذا المبحث. ومؤخرًا، أنتج المركز الوطني طبعة تجريبية من كتب مبحث التربية الفنية لبعض الصفوف تغطي المجالات الأساسية له، وهي: الرسم، والموسيقى، والمسرح. والمتصفح لهذه الكتب بشكل شمولي يجد أنها تغطي موضوعات كثيرة ومتعددة: كالأناشيد الدينية، والأغنية التراثية، والأهازيج الشعبية، والمسرح الهادف، والفنون البصرية والجمالية، بما يتفق مع طبيعة هذا المبحث، وينسجم مع تراث المجتمع الأردني.
وفيما يتعلق بالصورة التي تم تداولها مؤخرًا في وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها لا تمثل درسًا قائمًا بذاته، بل هي جزء من درسٍ عنوانه (الأغنية التراثية)، وجاءت للتدليل على دور الفن في نشر التراث الوطني.
الرموز الوطنية الأردنية
وأما ما يُشاع حول تجاهل الكتب الصادرة عن المركز للرموز الوطنية الأردنية، فنؤكد أن هذا الأمر غير دقيق؛ حيث أن هذه الكتب مليئة بحشدٍ كبير من رموز الأردن وأبنائه وسيرهم العطرة؛ ودليل ذلك وجود وحدات كاملة في مبحث اللغة العربية تعنى بالهوية الوطنية الأردنية إحداها بعنوان: (شهداء بلادي: مجدٌ لا يُنسى) تجمع ثلةً من شهداء الأردن عبر تاريخه العَطِر، مثل: كايد مفلح عبيدات، وفراس العجلوني، وموفق السلطي، وراشد الزيود، وسائد المعايطة، ومعاذ الكساسبة، وغيرهم.
أما الشخصيات العلمية والأدبية والفكرية والسياسية التي أسهمت في بناء الأردن مثل: ناصر الدين الأسد، وعبد المنعم الرفاعي، وحبيب الزيود، ومصطفى وهبي التل، وعالم الرياضيات الأردني شاهر المومني، وغيرهم، فقد تم تناولها في كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية بتوسع وبشكل يُبرز جانب الاقتداء والتأسي بهذه الشخصيات. في حين وردت بعض الشخصيات الفنية والرياضية في بعض الكتب المدرسية في سياق إعطاء الأمثلة على بعض الأفكار الواردة في المحتوى التعليمي بشكل عابر دون التعمق في ذكر تفاصيل خاصة بتلك الشخصيات، وإنما اقتُصر على موضع الاستشهاد الذي يربط بين المحتوى والشخصية.
مبحث التربية الإسلامية
أما ما يُشاع حول مبحث التربية الإسلامية من تغييب للقرآن الكريم، ودروس التلاوة والتجويد، وحذف آيات الجهاد، فنؤكد أن كتب التربية الإسلامية تتضمن مهام التلاوة والحفظ والتفسير لسور ومقاطع عديدة من القرآن الكريم وذلك من الصف الأول الأساسي ولغاية الثاني عشر، كما توجد حصص مخصصة لتعليم الطلبة أحكام التلاوة والتجويد كافة من الصف الرابع ولغاية العاشر. كما تناولت كتب التربية الإسلامية كل المفاهيم المتعلقة بالجهاد، وفرضيته، وأهميته، ودوره في الحفاظ على المقدسات والأوطان، وبينت مكانة الشهادة والشهداء وفضلهم، وأفردت دروسًا عديدة للحديث عن القضية الفلسطينية، والقدس، والمسجد الأقصى المبارك، وبينت المعارك الخالدة التي خاضها الجيش العربي الأردني دفاعًا عن عروبة فلسطين منذ عام 1948 كمعارك: باب الواد، والشيخ جراح، ومعركة الكرامة.
وفي الوقت الذي يشكر فيه المركز كل من يقدم ملاحظة أو يدلي برأيٍ ونقد بناء فإنه يؤكد على ضرورة البعد عن الاقتباسات المجتزأة والتثبت من المعلومات قبل نشرها، فمثلًا: ما يشاع حول استقالة أحد أعضاء المجلس الأعلى للمركز الوطني، فإن المركز يؤكد أن هذه الاستقالة تمت قبل ما يُقارب الخمس سنوات ولا علاقة لها بما يتم تداوله حاليًا حول إصدارات المركز. ومثل ذلك أيضًا ما يُنقل من كتب دول أخرى ويُسقط على الكتب الأردنية المطورة كما جاء في نص حول زواج سيدنا محمد ? بالسيدة خديجة -رضي الله عنها- تحت مسمى (الشاب محمد ?)، فهذا لم يرد في الكتب الأردنية الصادر عن المركز الوطني، وإنما في كتب دول عربية أخرى.
مرتكزات وطنية ودينية ومجتمعية راسخة
وأكدالمركز الوطني أنه مؤسسة حكومية تستند في عملها إلى مرتكزات وطنية ودينية ومجتمعية راسخة؛ ويملك المسؤولية والرغبة الحقيقية في التطوير، ويفتح أبوابه أمام كافة أشكال التواصل الإلكتروني والوجاهي بشكل مباشر مع كوادره الإدارية والفنية من: منسقي لجان التأليف، ومشرفيها، ومؤلفيها، ورؤساء فرقها؛ لاستقبال الملاحظات والتساؤلات والتغذية الراجعة التي تنم عن الحرص المشترك على مصلحة الطلبة، بعيدًا عن محاولات الإثارة وتضليل الرأي العام".