العلماء يؤكدون: البشر غير مؤهلين للتسارع التكنولوجي
القبة نيوز - قالت دراسة حديثة نشرتها جامعة نيوكاسل إن المجتمعات تتطور بطريقة متسارعة والتطور البشري غير قادر على اللحاق بها، وتقول الدراسة إن ظواهر مثل الاكتئاب والوحدة والإقدام على المخاطرة بالاستثمار جميعها مرتبطة بعدم قدرتنا بتركيبتنا النفسية والجسدية على مجاراة التطور التكنولوجي.
الدراسة تقول إن تطور إمكانياتنا الجسدية والنفسية كبشر غير قادرة على استيعاب سرعة التطور التكنولوجي والحداثة.
لنفهم أكثر، أعطتنا الدراسة مثالا: "الذباب الليلي لم يكن مستعدا للتطور التكنولوجي فنظرا لأنه يتعين عليه التنقل في الظلام، فقد طور آلية عبر الزمن لتحديد الاتجاه تعتمد على الاستعانة بالقمر، ولكن بسبب اختراع الإضاءة الاصطناعية، ينجذب العديد اليوم من الذباب إلى مصابيح الشوارع".
وتضيف الدراسة أننا نحن البشر نعيش حالة مشابهة لما يعيشه الذباب الليلي، ولكن بأشكال أخرى، فمثلما الإضاءة الاصطناعية ضللت الذباب الليلي فإن الحلويات المصنعة تسببت بتسوس الأسنان والسمنة والسكري.
فبينما ابتكر أسلافنا البشر الحلويات بسبب حاجة أجسادهم لسعرات حرارية عالية تعينهم على الأعمال الجسدية في الزراعة والصيد، فإن الرغبة في تناول الحلويات بكميات كبيرة لا يتوافق مع متطلبات العالم الحديث وما يتيحه من وسائل الراحة.
من ناحية أخرى، فإن نمط الحياة المعاصر فرض علينا التنافسية، لكن بعض الناس يعملون في وظائف لا تساعدهم على الوصول للمكانة الاجتماعية التي يطمحون لها وتحقيق الثروة.
وهنا يلجأ البعض لأساليب استثمارية عالية المخاطر.. هذا ما يؤكده تقرير صدر عام 2023 يشير إلى أن العديد من أفراد الجيل Z يتجهون إلى استثمارات محفوفة بالمخاطر مثل العملات المشفرة في محاولة للتأقلم. وقس على ذلك الخضوع لعمليات تجميل خطيرة واتباع أنظمة فقدان الوزن المتطرفة.
لكن ماذا لو فشلنا في السباق نحو المكانة الرفيعة؟
وفق الدراسة قد يشعر الناس بالقلق أو الاكتئاب، وتنتشر هذه الاتجاهات بشكل خاص في البلدان ذات ثقافة العار القوية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
ولكي نستوعب التخمة التكنولوجية التي نعيش فيها دعونا نعود للوراء.
نحو 2.5 مليون سنة تم ابتكار الحصى النهرية، وهي أقدم الأدوات المصنوعة على الأرض، تطلب الأمر مئات آلاف سنين أخرى لصناعة الفأس اليدوية، وذلك قبل ما يقرب من 1.8 مليون سنة.
ويقول استشاري الطب النفسي، الدكتور سامر مخول، خلال لقائه مع برنامج "الصباح" على سكاي نيوز عربية:
- يتميز التطور التكنولوجي الحالي عن نظيره السابق بكونه تحولاً ذهنيًا ومنطقيًا، في حين أن التطورات السابقة كانت تركز بشكل أساسي على الجوانب العملية والجسدية.
- أسفر التدفق الكبير للمعلومات وسرعة الوصول إليها عن ضغوط على العقل الإنساني، وتأثيرات على مدى تطوره، وعلى نفسية الفرد وإدراكه وتفاعله مع المجتمع وأولوياته.
- نظرًا للتسارع المستمر في وتيرة التطور التكنولوجي الذي نشهده في العصر الحالي، يتضح أن التكنولوجيا تترك تأثيرا عميقًا على حياة الأفراد والمجتمعات بأسرها، وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها، قد يجد بعض الأشخاص صعوبة في التكيف مع هذا التحول السريع والدائم.
- للتطور التكنولوجي جوانب إيجابية من الناحية العلمية، إلا أن له تأثيرات سلبية على الجانب النفسي، حيث يُعزِّز الشعور بالعزلة والوحدة، ويساهم في تزايد المقارنات الاجتماعية عبر وسائل التواصل، مما يفضي إلى شعور الأفراد بالضغط الاجتماعي والمقارنة المستمرة مع الآخرين.
- تحفيز الأنشطة العقلية وتعزيز الاستخدام الكامل للدماغ يعد أمراً بالغ الأهمية لصحة الدماغ والفعالية البشرية بشكل عام.. تُوجَد العديد من الأنشطة التي يمكن أن تسهم في تنشيط جميع وظائف الدماغ، وليس فقط الجانب التقييمي منه.
- أدى التطور التكنولوجي إلى زيادة ملحوظة في حالات الاكتئاب والضغوط النفسية، بالإضافة إلى المشكلات الصحية الجسدية الناتجة عن الجلوس لفترات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية وانخفاض مستوى النشاط البدني مما ساهم في زيادة معدلات السمنة.
- أحدث تشات جي بي تي تحولاً كبيرًا في كيفية تعاملنا مع المعرفة، وذلك من خلال تزويده بالمعلومات بشكل متاح ومستمر مما يساهم بفعالية في تسهيل الأبحاث العلمية.
- أسهم التطور التكنولوجي بشكل كبير في إحداث تغييرات جوهرية على المستوى العقلي والاجتماعي للفرد.
- على الرغم من أن الذكاء الاجتماعي يسهم بشكل فعال في تحسين التفاعل الاجتماعي وتعزيز بناء العلاقات، فإنه لا يمكن أن يكون بديلاً للتواصل الاجتماعي الحقيقي والمباشر.
- ضرورة تحقيق توازن مدروس عند التعامل مع التطورات التكنولوجية، بحيث نتمكن من مواكبة سرعة تقدمه دون المساس بالهوية البشرية.