اقتصاديون: حديث ولي العهد يعكس الإدراك العميق لأهمية التنمية المستدامة كأولوية وطنية
القبة نيوز - أكد اقتصاديون، أن حديث سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، حول أهمية التركيز على الاقتصاد كحلٍ جذري لمختلف المشاكل التي تواجه المملكة؛ يعكس الإدراك العميق لأهمية الاقتصاد في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة كأولوية وطنية.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الأردن يواجه تحديات اقتصادية متعددة تشمل البطالة المرتفعة، والمديونية، وضغوطات المالية العامة، وكلها تتطلب حلولا جذرية وإصلاحات هيكلية لتعزيز الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام.
وأكد سمو ولي العهد، خلال مقابلته مع قناة العربية، بمناسبة "اليوبيل الفضي" لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، أن الأولوية والحل الجذري لكل المشاكل، هو الاقتصاد، مشيرا إلى ضرورة تطوير التعليم والصناعة وزيادة الاستثمار وفتح أسواق جديدة.
وقال سموه بالمقابلة: "أنا لست راضيا عن الوضع الاقتصادي 100 بالمئة، وأرى أن هناك فرصا أكبر يجب أن نستثمرها، لكن في الوقت نفسه دائما ما أقول إنه بالرغم من أن موقعنا يشكل صعوبة علينا ويجعل حجم سوقنا المحلي أصغر، لكن أنا متفائل أنه في المستقبل إن شاء الله، لا بد أن يستقر الوضع ويصبح موقعنا استراتيجيا سياسيا واقتصاديا لصالحنا هذه المرة".
وقال رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، إن سمو ولي العهد وضع يده على الهم الرئيسي الذي يواجه المملكة وهو الاقتصاد، وبعث لنا رسالة أمل في أن قيادتنا على علم بما يعانيه الجميع جراء الظروف الاقتصادية.
وأضاف أن حديث سموه عن الاقتصاد الوطني يرتب مسؤولية كبيرة على القطاع الخاص، كون معالجة الصعوبات الاقتصادية هو المخرج الوحيد والحل الأمثل لتجاوز البطالة وتوفير فرص العمل من خلال استقطاب استثمارات والمحافظة على الاستثمارات القائمة لا سيما المحلية للمحافظة على الوظائف القائمة.
ولفت إلى أن القطاعات الاقتصادية لا سيما التجارية والخدمية تواجه الكثير من التحديات بفعل ركود النشاط التجاري، متأثرة بتداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة.
وشدد الحاج توفيق على ضرورة الاهتمام بالتعليم المهني والتقني، مشيرا إلى دور القطاع الخاص بذلك، لا سيما أنه يرأس مجالس المهارات القطاعية التي يجب تفعيلها للمساهمة في تأهيل الشباب وتدريبهم بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل، مؤكدا أن هذا الملف يحظى باهتمام كبير من سمو ولي العهد.
وأكد ضرورة أن يكون هناك شراكة حقيقية ومختلفة بين القطاعين العام والخاص، ومنح كل قطاع الأولوية التي يستحقها تبعا لمساهمته بالاقتصاد الوطني، مبينا أن قطاع التجارة والخدمات يسهم بنحو 65 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، ما يتطلب تغيير آلية التعامل مع قضاياه من خلال لقاءات دورية ووضع مؤشرات أداء وسقف زمني لتجاوز التحديات التي تواجهه.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالقطاع السياحي الذي يعاني حاليا من تراجع في حركة نشاطه، وتحقيق العدالة والمساواة بين التجارة التقليدية والإلكترونية، مطالبا بتأسيس مجلس وطني اقتصادي يكون الشباب الريادي ممثلا فيه إلى جانب هيئات القطاع الخاص.
واقترح الحاج توفيق إنشاء غرف تجارة للشباب تكون رديفا لغرف التجارة الأم، بالتعاون مع مؤسسة ولي العهد وتمثيل الشباب من كل المحافظات، وافساح المجال أمامهم لمشاركة القطاع الخاص في جولاته الخارجية للاطلاع على التجارب العالمية ووضع تصوراتهم لما هو مطلوب لتعزيز حضورهم بالمشهد الاقتصادي الوطني.
بدوره، أكد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الحغبير، أن الاقتصادات تلعب دورا حيويا في دعم وتطوير مختلف أركان الدولة، "فالاقتصاد القوي والمتنوع هو الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار والتقدم سواء على المستوى السياسي والاجتماعي وحتى الصحي والأمن القومي، ما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز مكانة الدولة على المستوى العالمي".
وقال إن إشارة سمو ولي العهد إلى ضرورة الاعتماد على الذات وتنمية الصناعة واستقطاب الاستثمار وتوسيع الأسواق، تؤكد دور القطاع الصناعي الذي أخذ أهمية كبيرة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، في أهمية تطوير الصناعة الأردنية كونها محور التشغيل للشباب الأردني وركيزة تحقيق الأمن الاستراتيجي، للسير نحو بناء صناعة وطنية واقتصاد وطني منافس للاقتصادات الإقليمية والعالمية، وقادر على التكيف مع الظروف الاستثنائية وتداعياتها، والإندماج بالعالم الجديد ومتغيراته.
ولفت المهندس الجغبير إلى ضرورة تبني القطاعات ذات الأولوية وعالية القيمة، وعلى رأسها القطاع الصناعي، وهو ما بدأت المملكة تجني ثماره بنحو مميز على أرض الواقع، عبر القدرات التصديرية والوصول إلى أكثر من 148 سوقا حول العالم، إضافة إلى كونه الجاذب الرئيس للاستثمارات الأجنبية باستحواذه على أكثر من 80 بالمئة من الاستثمارات المتدفقة للأردن العقد الماضي.
من جانبه، قال رئيس المنتدى الاقتصادي الأردني النائب الدكتور خير أبو صعيليك، إن الملف الاقتصادي تصدر أولويات المتابعة من لدن سمو ولي العهد، حيث تجلي ذلك في المتابعة الحثيثة للبيئة الاستثمارية في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وأضاف أن سموه أدراك الميزة النسبية للأردن والمتمثلة بالموارد البشرية وجلهم من الشباب ، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الإدارة الأردنية.
وبين أن رؤية ولي العهد للملفات الاقتصادية تتمثل بتعظيم ورعاية الاستثمارات ذات القيمة المضافة وفي مقدمة ذلك تكنولوجيا المعلومات والصناعات الإبداعية، وهو تماما ما توافقت عليه رؤية التحديث الاقتصادي.
وأكد ابو صعيليك، أن سمو ولي العهد، رسم الملامح العامة للملف الاستثماري في الأردن للسنوات القادمة، متفقة مع رؤية التحديث الاقتصادي، مانحا زخما للتطبيق ودافعا سياسيا واضحا.
من جانبها أكدت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني نسرين بركات، أن الأردن استطاع الحفاظ على استقراره الاقتصادي والنقدي خلال السنوات الماضية، رغم التحديات الجمة التي واجهته أخيرا، مشيرةً إلى أن تلك الصدمات قد أثرت بنحو واضح على الاقتصاد؛ من حيث تراجع معدلات الاستثمار، وانخفاض الإنتاجية، وارتفاع معدلات البطالة والدين العام.
وأشارت بركات إلى أن الأردن نفذ العديد من الجهود لمجابهة هذه التحديات، من خلال اعتماد الرؤى والاستراتيجيات والبرامج اللازمة لتحقيق هذا الهدف، التي يتم مراجعتها وتحديثها باستمرار ، مبينة أن هذه الجهود أثمرت من خلال إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي لعام 2033.
ولفتت إلى أن القطاع الخاص قادر على المساهمة في معالجة الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الاردن، وبما يمتلك من إمكانات وقدرات وفرص واعدة، في حال تمكينه، وتوفير الدعم اللازم له، باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والتشغيل، والمصدر الأول للصادرات والاستثمارات.
وبالنظر إلى المستقبل، قالت بركات، إنه على الرغم من الصدمات الخارجية التي لا مفر منها، والمتمثلة في التوترات الجيوسياسية والإقليمية، إلا أن أحد أهم المنافذ أمام الأردن هي زيادة مستوى التكامل الاقتصادي المشترك مع بلدان الجوار والإقليم، من أجل زيادة مستويات التجارة والاستثمار، علاوة على تعزيز مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على تجنب الانخفاض في الإنفاق العام، للابتعاد عن الدخول في حالة "التقشف المالي"، مشددةً على أهمية إعادة توجيه النفقات لرفع العائدات الاقتصادية والاجتماعية، وتجنب فرض المزيد من الضرائب على الإنتاج.
(بترا)