العسعس يلقي خطاب مشروع قانون الموازنة العامة بمجلس النواب
القبة نيوز - ألقى وزير المالية الدكتور محمد العسعس خطاب مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023 خلال الجلسة التي عقدها المجلس اليوم الإثنين برئاسة رئيس المجلس أحمد الصفدي وحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وهيئة الوزارة.
وقال العسعس إن موازنة هذا العام تقدر بـ 11.431مليار دينار، موزعة بين الايرادات العامة بواقع 9.569 مليار دينار، منها ايرادات محلية بواقع 8.767 مليار دينار، ومنح خارجية 802 مليون دينار، وتقدر النفقات العامة بـ 9.839 مليار دينار نفقات جارية، و 1.591مليار دينار نفقات رأسمالية، فيما يقدر العجز المالي للموازنة بـ 1.862مليار دينار.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة الذي ألقاه الوزير العسعس:
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
في ظل هذه المعطيات، وانطلاقا من المرتكزات الأساسية التي اعتمدت لتحديد أبعاد الموازنة العامة للسنة المالية 2023، أرجو أن أعرض لحضراتكم ملامحها الرئيسية وعلى النحو التالي:
أولا: لقد عانى الاقتصاد من العديد من الفرص الضائعة واختلال الأولويات التي ورثتها هذه الحكومة والتي كان أشدها طيلة عقود من الزمن التشوه في النظام الضريبي الذي يعتمد على الإيرادات المتحققة من الضرائب على السلع الاستهلاكية، إضافة إلى معضلتي التهرب والتجنب الضريبي، وقد تم التعامل مع هذا التشوه الضريبي خلال العقد السابق من خلال رفع معدلات الضرائب الاستهلاكية ومنها الضرائب على المحروقات، الأمر الذي أدى إلى رفع العبء الضريبي على الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل، حيث ارتفعت إيرادات الضرائب على المحروقات من نحو 463 مليون دينار في عام 2015 إلى نحو 1070 مليون دينار في عام 2019.
وإيمانا من الحكومة بضرورة معالجة هذا الاختلال في الضرائب على السلع الاستهلاكية بشكل جذري والذي يلقي بأعبائه على الطبقة الوسطى، فقد طورت الحكومة الحالية من توجهات السياسة المالية لتشمل معالجة التشوهات والاختلالات والثغرات في التشريعات الضريبية لمحاربة التهرب ومعالجة التجنب الضريبي. وقد أنجزت الحكومة بالتعاون مع مجلسكم الكريم تعديلات تشريعية ساهمت في زيادة الالتزام الضريبي وتوسيع قاعدة المكلفين ورفع كفاءة التدقيق والتحصيل الضريبي. ويضاف إلى ذلك إعادة هيكلة التعرفة الجمركية لمقاربة كلفة التهرب بكلفة الالتزام الجمركي. كما قامت الحكومة بتوحيد ودمج الجهات الرقابية المعنية في المنافذ الحدودية تحت مظلة دائرة الجمارك بهدف التسهيل على القطاع الخاص. وفي ضوء ما تقدم، سترتفع إيرادات ضريبة الدخل في عام 2023 بنحو 14.4 بالمئة، وإيرادات ضريبة المبيعات بنحو 9.2 بالمئة.
ثانيا: إن أولويات الإنفاق في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2023 تعبر عن طابعنا كمجتمع متكاتف، وتكشف عن جانب من هويتنا الوطنية التي تشكلت عبر مائة عام من البناء والتطوير والتعزيز. وعليه، فقد تضمن مشروع القانون المخصصات المالية لتعزيز الحماية الاجتماعية بجميع مكوناتها وأبرزها مخصصات دعم التعليم الجامعي لأبنائنا غير المقتدرين (صندوق الطالب المحتاج) ودعم الجامعات ومخصصات التغذية المدرسية ومكرمة جلالة الملك المفدى لأبناء العسكريين والمعلمين ومخصصات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن جانب آخر، فإن هذه الموازنة تهدف إلى تطوير التعليم والارتقاء به في شتى مستوياته. وعليه، فقد تم زيادة مخصصات التعليم في عام 2023 بنحو 8.1 بالمئة لتبلغ نحو 1363 مليون دينار بارتفاع مقداره نحو 111 مليون دينار عن عام 2022.
كما تضمنت موازنة عام 2023 نحو 1157 مليون دينار لمخصصات الصحة بشقيها وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية بارتفاع مقداره 95 مليون دينار أو ما نسبته 9 بالمئة عن عام 2022 . كما تضمنت موازنة عام 2023 المحافظة على سياسة زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية/ الدعم النقدي الموحد التي ارتفعت في عام 2023 لتصل إلى نحو 244 مليون دينار. وقد بلغت مخصصات الحماية الاجتماعية في عام 2023 نحو 2276مليون دينار بزيادة قدرها 215 مليون دينار عن عام 2022.
ثالثا: ستواصل الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى تحقيق الاستقرار النسبي في أسعار السلع الهامة من خلال تعزيز منظومة الأمن الغذائي والحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع والمواد الأساسية وخاصة مادة القمح. فرغم تداعيات ارتفاع أسعار القمح عالميا، تؤكد الحكومة التزامها بتثبيت أسعار الخبز وعدم المساس بسعر رغيف المواطن. وعليه، فقد تم رصد مبلغ 277 مليون دينار لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية في موازنة 2023 بارتفاع مقداره 217 مليون دينار أو ما نسبته 361 بالمئة عن عام 2022 .
رابعا: رصد المخصصات المالية لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام بنحو 355 مليون دينار.
خامسا: ستواصل الحكومة تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز تنافسيته لزيادة الصادرات الوطنية، حيث قامت الحكومة بتوفير المخصصات المالية لصندوق دعم الصناعات من خلال تخصيص 40 مليون دينار في الموازنة العامة لعام 2023. ونظرا لأهمية قطاع السياحة في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم ميزان المدفوعات، قامت الحكومة برصد مبلغ 71 مليون دينار ضمن موازنة وزارة السياحة لتحفيز وتنشيط السياحة.
سادسا: ولأن الأردن يعتبر من الدول التي تأثرت بشكل كبير بتداعيات التغير المناخي الذي شهده العالم عبر السنوات الأخيرة، وخاصة شح المياه، فقد قامت الحكومة بتخصيص مبلغ 250 مليون دينار لتعزيز أمن التزود بالمياه وذلك لمشروع تحلية ونقل المياه (الناقل الوطني) خلال السنوات الخمس القادمة بواقع 50 مليون دينار سنويا.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
في ضوء المعطيات سالفة الذكر، قدرت النفقات الجارية لعام 2023 بمبلغ 9839 مليون دينار لترتفع بنحو 766 مليون دينار أو ما نسبته 8.4 بالمائة مقارنة بعام 2022. ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة على مخصصات الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة العامة بنحو 153 مليون دينار، وزيادة رواتب الجهاز المدني بنحو 135 مليون دينار، وزيادة رواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بنحو 24 مليون دينار. كما جاء الارتفاع في النفقات الجارية إلى زيادة مخصصات فوائد الدين العام في عام 2023 بنحو 149 مليون دينار مقارنة بعام 2022 لتصل إلى نحو 1577 مليون دينار في ضوء الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية جراء السياسات الهادفة إلى احتواء التضخم عالميا.
وفي ضوء ما تقدم، شكلت مخصصات رواتب الجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والسلامة ومخصصات التقاعد المدني والعسكري ما نسبته 64 بالمائة من إجمالي النفقات الجارية. وفي حال إضافة مخصصات فوائد الدين العام تصبح النسبة 82 بالمئة من إجمالي النفقات الجارية.
وفي سياق الحديث عن النفقات الجارية، أود الإشارة إلى أن النفقات التشغيلية للجهاز المدني لعام 2023 بلغت 498 مليون دينار أي ما نسبته 5 بالمئة فقط من إجمالي النفقات الجارية، بحيث استحوذ القطاع الصحي على نحو 44 بالمئة من النفقات التشغيلية والتي تشكل المستلزمات الطبية والأدوية الحيز الأكبر منها. وهذا مؤشر على نجاح الحكومة في رفع فعالية إدارة المال العام، بحيث إذا ما تم استثناء النفقات التشغيلية للقطاع الصحي فإن النفقات التشغيلية لباقي الجهاز المدني تصل إلى نحو 279 مليون دينار فقط .
وأما على صعيد النفقات الرأسمالية فقد قدرت بمبلغ 1592 مليون دينار في عام 2023 بزيادة مقدارها 104 ملايين دينار أو ما نسبته 7 بالمئة عن مستواها لعام 2022. حيث شكلت مخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام ما نسبته 22 بالمئة من هذه النفقات، في حين شكلت مشاريع الجهاز العسكري وجهار الأمن والسلامة 17 بالمئة، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 17 بالمئة، فيما شكلت مخصصات المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ نحو 44 بالمئة من إجمالي النفقات الرأسمالية. وفي ضوء ذلك قدرت النفقات العامة بنحو 11432 مليون دينار بارتفاع مقداره 871 مليون دينار أو ما نسبته 8.2 بالمئة عن مستواها لعام 2022.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
وأما على صعيد الإيرادات، فقد قدرت الإيرادات المحلية لعام 2023 بمبلغ 8767 مليون دينار بزيادة مقدارها 829 مليون دينار أو ما نسبته 10.4 بالمئة عن مستواها لعام 2022. حيث سترتفع الإيرادات الضريبية بنحو 696 مليون دينار أو ما نسبته 11.7 بالمئة. كما سترتفع الإيرادات غير الضريبية بنحو 133 مليون دينار أو ما نسبته 6.6 بالمئة، وهذا النمو في الإيرادات غير الضريبية يساوي تماما نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الإسمية لعام 2023.
كما قدرت المنح الخارجية بنحو 802 مليون دينار في عام 2023 مقابل 796 مليون دينار لعام 2022. وترتيبا على ما تقدم، قدرت الإيرادات العامة في موازنة عام 2023 بمبلغ 9569 مليون دينار لتسجل ارتفاعا بنحو 835 مليون دينار أو ما نسبته 9.6 بالمئة عن مستواها لعام 2022.
وأود في هذا السياق أن أعرب عن شكري وتقديري للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية التي واصلت تقديم دعمها للأردن تقديرا منها للدور الاستراتيجي الذي يقوم به جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه في الحفاظ على استقرار المنطقة، والذي كان له أيضا الدور الأكبر في زيادة حجم المساعدات الأمريكية للأردن وزيادة مدة الاتفاقية الجديدة إلى نسب غير مسبوقة لتغطي الفترة (2023- 2029).
وترتيبا على كل ما تقدم، يتوقع أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح في عام 2023 حوالي 1862 مليون دينار. أما العجز الأولي للموازنة الذي يعتبر أحد أبرز مؤشرات الاستدامة المالية والذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنيا منها خدمة الدين العام فسوف يتراجع وللسنة الثالثة على التوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وليواصل التراجع التدريجي إلى نحو 0.9 بالمئة في عام 2025.
وفي ضوء التطورات على جانبي النفقات والإيرادات، ومواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها للإصلاح المالي والاقتصادي، فسينخفض الدين العام للسنة الثالثة على التوالي بنحو 1.5 بالمئة في عام 2023 ليصل إلى 88.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ولتواصل النسبة الهبوط التدريجي إن شاء الله في السنوات اللاحقة لتصل إلى 84.2 بالمئة في عام 2025.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
أما فيما يتعلق بالوحدات الحكومية فقد جاءت تقديرات الإيرادات والنفقات على النحو التالي:
أولا: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2023 بنحو 671 مليون دينار مقابل 954 مليون دينار في عام 2022 . ويعزى التراجع الواضح في الإيرادات إلى ارتفاع خسارة شركة الكهرباء الوطنية، واستثناء إيرادات البنك المركزي جراء خروج موازنة البنك المركزي من قانون الموازنة العامة تعزيزا لاستقلاليته التي كانت على مر العقود الركن الأساسي للاستقرار النقدي.
ثانيا: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عام 2023 بنحو 1467مليون دينار موزعا بواقع 942 مليون دينار للنفقات الجارية و 524 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 1337مليون دينار لعام 2022 .
ثالثا: وترتيبا على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2023 بحوالي 795 مليون دينار مقابل 383 مليون دينار في عام 2022 . وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 838 مليون دينار، فإن صافي العجز يتحول إلى وفر بنحو 42 مليون دينار .
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
وإذ تقدم الحكومة لمجلسكم الكريم مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023، لتسعى إلى الحوار البناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهي على يقين بأن دراسة مجلسكم الموقر لهذا المشروع وتوجيهاتكم ستكون خير رافد للحكومة في تنفيذ الخطط والبرامج الحكومية ليواصل الاقتصاد الوطني السير بخطى راسخة لرفعة وكرامة ورفاه المواطن الأردني.
ويبقى المواطن الأردني هو المنطلق الأساسي والغاية النهائية لجميع توجهاتنا وسياساتنا، وحق له أن يشعر بالضيق في هذه المرحلة، بعد انتظار طال لثمار الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الحكومة تعمل بحرص بل وبحذر من أجل أن يمضي الإصلاح في الطريق المنشود. فنحن نتطلع إلى إصلاح تجوب آثاره كل جغرافية الوطن، ولا تستأثر بثماره نخبة على حساب الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل، ولكنه الإصلاح الذي يتلمس الجميع آثاره ويستفيدون من نتائجه الإيجابية على مستوى معيشتهم.
ولا يداخلنا شك بأن تحقيق أهدافنا يعتمد بعد توفيق الله عز وجل على إيماننا بما نسعى لتحقيقه، والتعاون على تنفيذ ما وجهنا إليه صاحب الجلالة الهاشمية الملك المفدى، ووضع الأمور في نصابها، وبث الأمل وخلق الحافز لبناء مستقبل أفضل لجميع الأردنيين الذين ضحوا كثيرا في سبيل رفعة الوطن.
وأؤكد لحضراتكم أن الحكومة تنظر بعين الاحترام والتقدير لسداد رأي مجلسكم الموقر، وستولي توصياتكم وملاحظاتكم الاهتمام البالغ ليصار إلى تنفيذ ما أمكن منها هذا العام والأعوام القادمة، إن شاء الله تعالى.
وأخيرا، نسأل الله أن يوفقنا جميعا لنعمل في خدمة هذا البلد الأشم الأبي في ظل الراية الهاشمية بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه.
وقال العسعس إن موازنة هذا العام تقدر بـ 11.431مليار دينار، موزعة بين الايرادات العامة بواقع 9.569 مليار دينار، منها ايرادات محلية بواقع 8.767 مليار دينار، ومنح خارجية 802 مليون دينار، وتقدر النفقات العامة بـ 9.839 مليار دينار نفقات جارية، و 1.591مليار دينار نفقات رأسمالية، فيما يقدر العجز المالي للموازنة بـ 1.862مليار دينار.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة الذي ألقاه الوزير العسعس:
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
في ظل هذه المعطيات، وانطلاقا من المرتكزات الأساسية التي اعتمدت لتحديد أبعاد الموازنة العامة للسنة المالية 2023، أرجو أن أعرض لحضراتكم ملامحها الرئيسية وعلى النحو التالي:
أولا: لقد عانى الاقتصاد من العديد من الفرص الضائعة واختلال الأولويات التي ورثتها هذه الحكومة والتي كان أشدها طيلة عقود من الزمن التشوه في النظام الضريبي الذي يعتمد على الإيرادات المتحققة من الضرائب على السلع الاستهلاكية، إضافة إلى معضلتي التهرب والتجنب الضريبي، وقد تم التعامل مع هذا التشوه الضريبي خلال العقد السابق من خلال رفع معدلات الضرائب الاستهلاكية ومنها الضرائب على المحروقات، الأمر الذي أدى إلى رفع العبء الضريبي على الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل، حيث ارتفعت إيرادات الضرائب على المحروقات من نحو 463 مليون دينار في عام 2015 إلى نحو 1070 مليون دينار في عام 2019.
وإيمانا من الحكومة بضرورة معالجة هذا الاختلال في الضرائب على السلع الاستهلاكية بشكل جذري والذي يلقي بأعبائه على الطبقة الوسطى، فقد طورت الحكومة الحالية من توجهات السياسة المالية لتشمل معالجة التشوهات والاختلالات والثغرات في التشريعات الضريبية لمحاربة التهرب ومعالجة التجنب الضريبي. وقد أنجزت الحكومة بالتعاون مع مجلسكم الكريم تعديلات تشريعية ساهمت في زيادة الالتزام الضريبي وتوسيع قاعدة المكلفين ورفع كفاءة التدقيق والتحصيل الضريبي. ويضاف إلى ذلك إعادة هيكلة التعرفة الجمركية لمقاربة كلفة التهرب بكلفة الالتزام الجمركي. كما قامت الحكومة بتوحيد ودمج الجهات الرقابية المعنية في المنافذ الحدودية تحت مظلة دائرة الجمارك بهدف التسهيل على القطاع الخاص. وفي ضوء ما تقدم، سترتفع إيرادات ضريبة الدخل في عام 2023 بنحو 14.4 بالمئة، وإيرادات ضريبة المبيعات بنحو 9.2 بالمئة.
ثانيا: إن أولويات الإنفاق في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2023 تعبر عن طابعنا كمجتمع متكاتف، وتكشف عن جانب من هويتنا الوطنية التي تشكلت عبر مائة عام من البناء والتطوير والتعزيز. وعليه، فقد تضمن مشروع القانون المخصصات المالية لتعزيز الحماية الاجتماعية بجميع مكوناتها وأبرزها مخصصات دعم التعليم الجامعي لأبنائنا غير المقتدرين (صندوق الطالب المحتاج) ودعم الجامعات ومخصصات التغذية المدرسية ومكرمة جلالة الملك المفدى لأبناء العسكريين والمعلمين ومخصصات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن جانب آخر، فإن هذه الموازنة تهدف إلى تطوير التعليم والارتقاء به في شتى مستوياته. وعليه، فقد تم زيادة مخصصات التعليم في عام 2023 بنحو 8.1 بالمئة لتبلغ نحو 1363 مليون دينار بارتفاع مقداره نحو 111 مليون دينار عن عام 2022.
كما تضمنت موازنة عام 2023 نحو 1157 مليون دينار لمخصصات الصحة بشقيها وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية بارتفاع مقداره 95 مليون دينار أو ما نسبته 9 بالمئة عن عام 2022 . كما تضمنت موازنة عام 2023 المحافظة على سياسة زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية/ الدعم النقدي الموحد التي ارتفعت في عام 2023 لتصل إلى نحو 244 مليون دينار. وقد بلغت مخصصات الحماية الاجتماعية في عام 2023 نحو 2276مليون دينار بزيادة قدرها 215 مليون دينار عن عام 2022.
ثالثا: ستواصل الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى تحقيق الاستقرار النسبي في أسعار السلع الهامة من خلال تعزيز منظومة الأمن الغذائي والحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع والمواد الأساسية وخاصة مادة القمح. فرغم تداعيات ارتفاع أسعار القمح عالميا، تؤكد الحكومة التزامها بتثبيت أسعار الخبز وعدم المساس بسعر رغيف المواطن. وعليه، فقد تم رصد مبلغ 277 مليون دينار لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية في موازنة 2023 بارتفاع مقداره 217 مليون دينار أو ما نسبته 361 بالمئة عن عام 2022 .
رابعا: رصد المخصصات المالية لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام بنحو 355 مليون دينار.
خامسا: ستواصل الحكومة تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز تنافسيته لزيادة الصادرات الوطنية، حيث قامت الحكومة بتوفير المخصصات المالية لصندوق دعم الصناعات من خلال تخصيص 40 مليون دينار في الموازنة العامة لعام 2023. ونظرا لأهمية قطاع السياحة في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم ميزان المدفوعات، قامت الحكومة برصد مبلغ 71 مليون دينار ضمن موازنة وزارة السياحة لتحفيز وتنشيط السياحة.
سادسا: ولأن الأردن يعتبر من الدول التي تأثرت بشكل كبير بتداعيات التغير المناخي الذي شهده العالم عبر السنوات الأخيرة، وخاصة شح المياه، فقد قامت الحكومة بتخصيص مبلغ 250 مليون دينار لتعزيز أمن التزود بالمياه وذلك لمشروع تحلية ونقل المياه (الناقل الوطني) خلال السنوات الخمس القادمة بواقع 50 مليون دينار سنويا.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
في ضوء المعطيات سالفة الذكر، قدرت النفقات الجارية لعام 2023 بمبلغ 9839 مليون دينار لترتفع بنحو 766 مليون دينار أو ما نسبته 8.4 بالمائة مقارنة بعام 2022. ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة على مخصصات الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة العامة بنحو 153 مليون دينار، وزيادة رواتب الجهاز المدني بنحو 135 مليون دينار، وزيادة رواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بنحو 24 مليون دينار. كما جاء الارتفاع في النفقات الجارية إلى زيادة مخصصات فوائد الدين العام في عام 2023 بنحو 149 مليون دينار مقارنة بعام 2022 لتصل إلى نحو 1577 مليون دينار في ضوء الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية جراء السياسات الهادفة إلى احتواء التضخم عالميا.
وفي ضوء ما تقدم، شكلت مخصصات رواتب الجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والسلامة ومخصصات التقاعد المدني والعسكري ما نسبته 64 بالمائة من إجمالي النفقات الجارية. وفي حال إضافة مخصصات فوائد الدين العام تصبح النسبة 82 بالمئة من إجمالي النفقات الجارية.
وفي سياق الحديث عن النفقات الجارية، أود الإشارة إلى أن النفقات التشغيلية للجهاز المدني لعام 2023 بلغت 498 مليون دينار أي ما نسبته 5 بالمئة فقط من إجمالي النفقات الجارية، بحيث استحوذ القطاع الصحي على نحو 44 بالمئة من النفقات التشغيلية والتي تشكل المستلزمات الطبية والأدوية الحيز الأكبر منها. وهذا مؤشر على نجاح الحكومة في رفع فعالية إدارة المال العام، بحيث إذا ما تم استثناء النفقات التشغيلية للقطاع الصحي فإن النفقات التشغيلية لباقي الجهاز المدني تصل إلى نحو 279 مليون دينار فقط .
وأما على صعيد النفقات الرأسمالية فقد قدرت بمبلغ 1592 مليون دينار في عام 2023 بزيادة مقدارها 104 ملايين دينار أو ما نسبته 7 بالمئة عن مستواها لعام 2022. حيث شكلت مخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام ما نسبته 22 بالمئة من هذه النفقات، في حين شكلت مشاريع الجهاز العسكري وجهار الأمن والسلامة 17 بالمئة، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 17 بالمئة، فيما شكلت مخصصات المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ نحو 44 بالمئة من إجمالي النفقات الرأسمالية. وفي ضوء ذلك قدرت النفقات العامة بنحو 11432 مليون دينار بارتفاع مقداره 871 مليون دينار أو ما نسبته 8.2 بالمئة عن مستواها لعام 2022.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
وأما على صعيد الإيرادات، فقد قدرت الإيرادات المحلية لعام 2023 بمبلغ 8767 مليون دينار بزيادة مقدارها 829 مليون دينار أو ما نسبته 10.4 بالمئة عن مستواها لعام 2022. حيث سترتفع الإيرادات الضريبية بنحو 696 مليون دينار أو ما نسبته 11.7 بالمئة. كما سترتفع الإيرادات غير الضريبية بنحو 133 مليون دينار أو ما نسبته 6.6 بالمئة، وهذا النمو في الإيرادات غير الضريبية يساوي تماما نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الإسمية لعام 2023.
كما قدرت المنح الخارجية بنحو 802 مليون دينار في عام 2023 مقابل 796 مليون دينار لعام 2022. وترتيبا على ما تقدم، قدرت الإيرادات العامة في موازنة عام 2023 بمبلغ 9569 مليون دينار لتسجل ارتفاعا بنحو 835 مليون دينار أو ما نسبته 9.6 بالمئة عن مستواها لعام 2022.
وأود في هذا السياق أن أعرب عن شكري وتقديري للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية التي واصلت تقديم دعمها للأردن تقديرا منها للدور الاستراتيجي الذي يقوم به جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه في الحفاظ على استقرار المنطقة، والذي كان له أيضا الدور الأكبر في زيادة حجم المساعدات الأمريكية للأردن وزيادة مدة الاتفاقية الجديدة إلى نسب غير مسبوقة لتغطي الفترة (2023- 2029).
وترتيبا على كل ما تقدم، يتوقع أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح في عام 2023 حوالي 1862 مليون دينار. أما العجز الأولي للموازنة الذي يعتبر أحد أبرز مؤشرات الاستدامة المالية والذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنيا منها خدمة الدين العام فسوف يتراجع وللسنة الثالثة على التوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وليواصل التراجع التدريجي إلى نحو 0.9 بالمئة في عام 2025.
وفي ضوء التطورات على جانبي النفقات والإيرادات، ومواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها للإصلاح المالي والاقتصادي، فسينخفض الدين العام للسنة الثالثة على التوالي بنحو 1.5 بالمئة في عام 2023 ليصل إلى 88.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ولتواصل النسبة الهبوط التدريجي إن شاء الله في السنوات اللاحقة لتصل إلى 84.2 بالمئة في عام 2025.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
أما فيما يتعلق بالوحدات الحكومية فقد جاءت تقديرات الإيرادات والنفقات على النحو التالي:
أولا: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2023 بنحو 671 مليون دينار مقابل 954 مليون دينار في عام 2022 . ويعزى التراجع الواضح في الإيرادات إلى ارتفاع خسارة شركة الكهرباء الوطنية، واستثناء إيرادات البنك المركزي جراء خروج موازنة البنك المركزي من قانون الموازنة العامة تعزيزا لاستقلاليته التي كانت على مر العقود الركن الأساسي للاستقرار النقدي.
ثانيا: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عام 2023 بنحو 1467مليون دينار موزعا بواقع 942 مليون دينار للنفقات الجارية و 524 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 1337مليون دينار لعام 2022 .
ثالثا: وترتيبا على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2023 بحوالي 795 مليون دينار مقابل 383 مليون دينار في عام 2022 . وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 838 مليون دينار، فإن صافي العجز يتحول إلى وفر بنحو 42 مليون دينار .
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
وإذ تقدم الحكومة لمجلسكم الكريم مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023، لتسعى إلى الحوار البناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهي على يقين بأن دراسة مجلسكم الموقر لهذا المشروع وتوجيهاتكم ستكون خير رافد للحكومة في تنفيذ الخطط والبرامج الحكومية ليواصل الاقتصاد الوطني السير بخطى راسخة لرفعة وكرامة ورفاه المواطن الأردني.
ويبقى المواطن الأردني هو المنطلق الأساسي والغاية النهائية لجميع توجهاتنا وسياساتنا، وحق له أن يشعر بالضيق في هذه المرحلة، بعد انتظار طال لثمار الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الحكومة تعمل بحرص بل وبحذر من أجل أن يمضي الإصلاح في الطريق المنشود. فنحن نتطلع إلى إصلاح تجوب آثاره كل جغرافية الوطن، ولا تستأثر بثماره نخبة على حساب الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل، ولكنه الإصلاح الذي يتلمس الجميع آثاره ويستفيدون من نتائجه الإيجابية على مستوى معيشتهم.
ولا يداخلنا شك بأن تحقيق أهدافنا يعتمد بعد توفيق الله عز وجل على إيماننا بما نسعى لتحقيقه، والتعاون على تنفيذ ما وجهنا إليه صاحب الجلالة الهاشمية الملك المفدى، ووضع الأمور في نصابها، وبث الأمل وخلق الحافز لبناء مستقبل أفضل لجميع الأردنيين الذين ضحوا كثيرا في سبيل رفعة الوطن.
وأؤكد لحضراتكم أن الحكومة تنظر بعين الاحترام والتقدير لسداد رأي مجلسكم الموقر، وستولي توصياتكم وملاحظاتكم الاهتمام البالغ ليصار إلى تنفيذ ما أمكن منها هذا العام والأعوام القادمة، إن شاء الله تعالى.
وأخيرا، نسأل الله أن يوفقنا جميعا لنعمل في خدمة هذا البلد الأشم الأبي في ظل الراية الهاشمية بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه.