عمال الميكانيك: اوضاعنا صعبة في ظل غياب حقوقنا العمالية
القبة نيوز- تعد مهنة "ميكانيكي السيارات" واحدة من أكثر المهن شهرة وطلبا، ومن الصعب تخيل مجتمع حديث بدون ميكانيكي سيارات مختص ومتعدد المجالات، يعرف كيفية تنفيذ جميع أعمال التشخيص والإصلاح، ويكون قادرا على خدمة السيارات الكبيرة أو أسطول المركبات، وفي ورشته الخاصة.
عدد من العاملين في الميكانيك ومختصون، قالوا لوكالة الانباء الاردنية(بترا)، بمناسبة اليوم العالمي للعمال الذي يصادف غدا الاحد، ويحتفل فيه العالم في الأول من أيار من كل عام، إنه خلال ازمة جائحة كورونا، تعرض اصحاب هذه المهنة في مجتمعات العالم كافة والمجتمع الاردني خاصة، الى انتكاسة اقتصادية كبيرة. ويقول الشاب الميكانيكي رعد الزحلف، إن مستوى الدخل خلال الجائحة انخفض الى ما دون الصفر، موضحا ان دخل فنيي الميكانيك يعتمد على ما يحصلوا عليه من اجور اتعاب صيانة السيارات، اذ عانى خلال العامين الماضيين من انتكاسة مادية اضطرته لبيع سيارته وبعض مقتنيات البيت ليتمكن من تأمين حاجيات اسرته.
من جهته، اكد صاحب مركز صيانة سيارات، باسل ضمرة، ان قطاع مكانيك السيارات تأثر بشكل سلبي خلال كورونا لعدم تمكنهم من الاستفادة ببرامج الضمان الاجتماعي ودفع اجور العاملين، الامر الذي سبب لهم ضائقة مالية، مبينا انه يعمل في هذا القطاع منذ 20 عاما ولم يشترك في الضمان الاجتماعي لكثرة تعديلات قانون الضمان وخاصة فيما يتعلق برفع سن التقاعد وعدم وجود تأمين صحي.
واضاف ان كثرة توسع محلات ورش الميكانيك غير المرخصة، وخاصة ممن لا يملكون شهادات مزاولة مهنة، ادت الى تخفيض الاجور بنسبة 50 بالمئة، ما يزيد الالتزامات المادية على اصحاب الورش التي تعاني من عدم التزامها بدفع الاجور والايجارات.
بدوره، اوضح رئيس النقابة العامة للعاملين في النقل البري والميكانيك، محمود المعايطة، ان أوضاع العاملين في قطاع ميكانيك السيارات صعبة للغاية، في ظل غياب الحقوق العمالية ومعايير العمل اللائق التي كفلها قانون العمل، لافتا الى انه يعد قطاعا واسعا ويشغل أعدادا كبيرة من العمالة ولكنها غير منظمة وتفتقر إلى الحماية الاجتماعية. وبين ضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها معالجة الاختلالات الكبيرة والمخالفات الواسعة المتعلقة بظروف العمل وحقوق العمال، داعيا وزارة العمل إلى تكثيف حملات التفتيش وضبط المخالفات.
واشار الى ان غالبية العاملين في هذه المهنة غير مشمولين بمظلة الضمان الاجتماعي ولا يتمتعون بالحماية القانونية في قانون العمل من حيث الأجور وساعات العمل والعطل الرسمية وشروط السلامة والصحة المهنية، مؤكدا أن ظاهرة عمالة الأطفال تنتشر بكثرة في القطاع .
وشدد المعايطة، على ضرورة معالجة قضايا العمال في القطاع من منظور شمولي يكفل حقوقهم ويوفر بيئة عمل آمنة ولائقة لهم، لافتا الى أهمية التعاون والتنسيق بين النقابة والجهات التي تمثل أصحاب المنشآت في القطاع ووزارة العمل، لتوحيد الجهود والنهوض بواقع العمال فيه.
واكد أن جائحة كورونا أثرت سلبا على القطاع، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للعاملين فيه، لاسيما أن غالبيتهم خارج مظلة العمل المنظم، وهم من عمال المياومة أو يعملون لحسابهم الخاص، الأمر الذي كشف جوانب قصور كبيرة في منظومة الحماية الاجتماعية التي من المفترص إن تقدم لهم الدعم اللازم في الظروف الاستثنائية.
من جانبه، قال الامين العام الاسبق لوزارة العمل المهندس زياد عبيدات، إن بيئة العمل واوضاع العاملين في قطاع ميكانيك السيارات، صعبة للغاية ويجب ان الا نغفل عن حقوقهم، خاصة ان معظمهم عمال مياومة، الامر الذي يحتم علينا تحسين اوضاعهم ومنحهم حقوق العمل اللائق من ضمان اجتماعي وتأمين صحي واجازات وساعات عمل محددة حسب التشريعات.
واضاف ان هذا القطاع يخدم ما يزيد عن مليوني مركبة، ويمتاز بسرعة النمو والانتشار الجغرافي بالاضافة الى تشغيل الشباب من ذوي المهن الخاصة بصيانة وميكانيك السيارات.
واوضح عبيدات، ضرورة وضع معايير لهذه المهنة ومنح العاملين فيها الرخص المهنية الخاصة، حيث ان هذا القطاع الفرعي يعاني من التشرذم وغياب المهنية التي تنعكس اثاره على قيمة المركبات التي يتأثر بها المواطن، كما يعاني القطاع من مشكلات وتحديات كثيرة ومتنوعة تتعلق بالتراخيص والأسعار والعاملين وتفاوت الأسعار والاستغلال عند البعض وغياب المهنية في العمل.
ودعا الى تنفيذ الاطار الوطني للمؤهلات الذي صدر في عام 2019، والاسراع في تطبيقه على أرض الواقع، اذ يتضمن حقوق العاملين في مهن ميكانيك السيارات وتحديد مستوياتهم المهنية وفق اسس ومعايير محددة، على أن تكون من شروط منح التراخيص وضرورة تحسين الجودة وتقديم الخدمة بمهنية عالية ومنح الرخص.
ولفت الى ان قانون تنظيم العمل المهني جاء لتنظيم عملية اصدار التراخيص للمهن والحرف، وان التشريعات الصادرة عنه من أنظمة وتعليمات متعلقة بمعايير الترخيص لمحلات المهن الميكانيكية وتصنيفها حسب الفئة والاختصاص واصدار شهادة من الجهة المعنية قبل اصدار التراخيص بصورة نهائية من الأمانة او البلديات، بحاجة الى تفعيل وتحديث، وضبط العاملين في هذه الأماكن من خلال معايير تتعلق بمزاولة المهنة وتحديد المستوى المهني ضمن معايير وضوابط توضع لهذه الغاية وتكون جزءا من الموافقة على الترخيص.
ودعا الى تفعيل التشريعات المتعلقة بعمالة الاطفال في هذه المهن، حيث إن هذا القطاع هو المشغل الرئيسي للأطفال المتسربين من المدارس، وزيادة وتفعيل التفتيش وتطبيق القانون بحق من يقوم باستخدام وتشغيل او استغلال هذه الفئة التي يجب أن تأخذ حقها من الرعاية والتعليم .
واشار الى ان هذا القطاع يشهد منذ سنوات تراجعا في إقبال الزبائن عليه، نتيجة تراجع دخولهم خاصة خلال فترة الجائحة وما قبلها، ما أدى إلى اقتصار الاستفادة من خدمات هذه المحال على حالات الضرورة في إصلاح مركباتهم.
وبين ابو نجمة أن هذه المحال تشغل أعدادا محدودة من العاملين، ويعمل غالبيتهم لساعات طويلة، وعلى الارجح لا يتم شمولهم بالضمان الاجتماعي، وفي بعض الحالات يتم شمولهم غير فترات عملهم الصحيحة وعلى أساس أجور أقل من أجورهم الحقيقية، أو على أساس الحد الأدنى للأجور، ويتم تشغيلهم في ظروف عمل تفتقر إلى شروط العمل اللائق التي يوجبها القانون ومعايير العمل، ولا تراعي اشتراطات السلامة والصحة المهنية، ما يعرضهم بشكل دائم لأخطار وأضرار العمل والإصابات والأمراض المهنية.
وقال ابو نجمة، إن محلات الميكانيك تستخدم الأطفال على نطاق واسع في سن يقل عن 16 عاما بأجور محدودة جدا، وساعات عمل طويلة وظروف عمل خطرة وغير لائقة، مخالفة بذلك قانون العمل الذي يحظر تشغيل من يقل عمره عن هذا السن بأي صورة من الصور.
واوضح ان العاملين في هذه المهنة يتعرضون لبيئة عمل ضارة بسلامتهم وصحتهم، وبشكل خاص للمواد الكيماوية والمذيبات والزيوت، كما أن عملهم يتطلب جهدا جسديا كبيرا ورفع أحمال ثقيلة، ولساعات طويلة.
وبحسب ابو نجمة، اعتمدت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، منذ سنوات ،مهنة ميكانيكي المركبات وفني الإطارات (بنشرجي) وفني تجليس ودهان أجسام المركبات، ضمن جدول المهن الخطرة الملحق بنظام المنافع التأمينية الذي صدر بالاستناد إلى قانون الضمان الاجتماعي، حيث تشمل مهنة الميكانيك، العاملين في صيانة المركبات والحافلات أو الآليات والمعدات بأنواعها، وفنيي الإطارات الذين يقومون بإصلاح إطارات المركبات وتشغيل أجهزة ضغط الهواء، واستخدام روافع المركبات وإجراء الإصلاحات اللازمة للإطارات.
واضاف ان قانون الضمان الاجتماعي عرّف المهن الخطرة بأنها (المهن التي تؤدي إلى الإضرار بصحة أو حياة المؤمن عليه نتيجة تعرضه لعوامل أو ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية).
وأوضح ابو نجمة، أن قانون الضمان الاجتماعي ونظام المنافع التأمينية يتيح للعاملين في المهن المصنفة بانها خطرة، فرصة التقاعد المبكر، حفاظا على سلامتهم ومراعاة للجهد المبذول في أعمالهم وتعرضهم للإرهاق والأخطار والأضرار، بشرط أن يكون العامل قد عمل في المهنة لمدة لا تقل عن 60 شهراً خلال السنوات العشر السابقة على طلبه لتخصيص راتب التقاعد المبكر له، إلا أنه يجب على أصحاب العمل تأدية نسبة 1 بالمئة من أجر العامل في هذه المهنة بالاضافة الى الاشتراكات التي ينص عليها القانون، ويشمل ذلك أصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص حيث يوجب القانون أن يقوموا بتسجيل أنفسهم في الضمان.
وبين أن عدد العاملين في هذا القطاع يزيد على 230 ألف عامل، وأن عدد محلات الميكانيك تزيد على 120 ألف محل، إلا أن نسبة المشتركين منهم بالضمان لا يتجاوز 2 بالمئة، حيث أن هذا القطاع يتسم بالتهرب من الشمول على نطاق واسع، بما يزيد من حدة الظروف غير اللائقة والتي يتسم بها العمل في هذا القطاع، وغياب الحمايات القانونية عن العاملين فيه.
ويبرر بعض أصحاب العمل تهربهم من شمول العاملين لديهم بعدم معرفتهم بالالتزامات القانونية المترتبة عليهم في هذا الشأن، فيما يعتبر آخرون أن الشمول بالضمان يرتب عليهم التزامات وأعباء مالية تفوق قدراتهم في ظل انخفاض الدخل السائد منذ سنوات، علما بأن نسبة الاقتطاع تصل إلى 22 بالمئة من أجر العامل، وهي نسبة تعتبر مرتفعة ترهق كاهل معظم القطاعات وتسهم في زيادة حالات التهرب من الشمول، الأمر الذي يتسبب في انخفاض إيرادات الضمان وتأميناته، وهو ما أشار إليه الخبراء والمنظمات الدولية باعتباره يمثل عائقا أمام توسعة الشمول وإرهاقا للمنشآت والمشاريع ويضعف إمكانياتها في الصمود والاستمرار بأعمالها أو التوسع بها وزيادة إنتاجها.
--(بترا)