facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

شخصيات جدليّة تحتل مواقع قياديّة

شخصيات جدليّة تحتل مواقع قياديّة

الدكتور عديل الشرمان

القبة نيوز- يبسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه، وإذا به بالغه، والله سبحانه وتعالى يقول" وما هو ببالغه"، تلك هي جدليّة المواقع القيادية، والأيادي الخفية والتي باتت معضلة تهدد الدولة الأردنية، وتشعل مواقع التواصل الاجتماعية.

جدلية لم تعد خفية ولم يعد يغشاها شيء بل باتت جليّة، وتشكل تحد للرأي العام الأردني، ولمسيرة الوطن التنموية، إنها إشكالية العلاقة بين الشكل والمضمون، وبين القول والفعل، وبين ما في القلب وما تنطق به الشفاه.

عندما يطغى حب الذات على مصالح الأوطان، ويصبح القادة تجّار، ويصبح جمع المال، والمناصب المحرك الخفي الذي يقود السفينة تثور رياح الجدليّة، ويصبح بر الأمان صعب المنال، عندها يصاب ميكافيلي بالنشوة ويصبح الأمير حاضرا في الفكر السياسي المعاصر.

الرحمة واللين من سمات القيادة، لكن الشدّة والقسوة أكثر رحمة من نشر الفوضى، وهنا تثور جدلية وإشكالية أخرى فيما بين القسوة واللين، والخطأ والصواب، وبين المهيب والحبيب، لكن الحكماء من بوسعهم الجمع بين الأضداد لينجوا الأحفاد.

إن الحكمة الباغة تكمن في قبول النصيحة من الناصحين، بدلا من الغرور والتعالي والاستماع إلى أصوات المتنفعين، لأن السير في الاتجاه المعاكس لما تريده الشعوب يعني تهيئة الفرصة لحوادث الاصطدام، وخراب الأوطان.

أن نصمّ آذاننا ونغمض أعيننا عن الرأي السائد خوفا من أن يفسد على البعض نسقهم السلطوي فذلك نوع من الاستهتار والاستخفاف بالعقول، لكن عندما نتخذ قرارات تعاكس وتعاند الرأي العام عن سابق إصرار فذلك نوع من الجنون والإنتحار، فالجرأة في مخالفة الرأي السائد ليست شجاعة، ووصف الرأي الآخر بالعمالة والخيانة ليست شطارة، وآراء المواطنين ليست نشازا، وأصواتهم ليست تغريدات خارج السرب.

بنظرة متفحصة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وإلى آراء الكتاب والمفكرين وحديث المجالس نجد كم هي القرارات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة والتي كانت فيها تعاند وتخالف وتتمرد على الرأي العام السائد بخصوص قضايا وأشخاص موضع خلاف، وغير مقبولين مجتمعيا، لكن القضايا سادت وسارت بوتيرة متسارعة، والأشخاص احتلوا مواقع قيادية، وتناوبوا على أخرى، وكأن تلك الحكومات غير الحكيمات تدير ظهرها، وتصفع المواطن بين فترة وأخرى، وتخذل الآراء مُظهرة إرادة المخالفة والتصادم، في حين يقف المواطن مصدوما مستغربا مستهجنا في حيرة من أمره مما يحدث، ويذهب به الظن بعيدا، وبعضه ليس آثما وفي محله، وتحضر في ذهنه قضية المؤامرة.

ليست وحدها جدلية المواقف والأشخاص التي تهيمن على المشهد الأردني، فهناك أياد خفية وإن كانت غير مرئية، لكنها جليّة في الأذهان، يدس أصحابها رؤوسهم في الرمال وأجسادهم مكشوفة، ويتقلبون في البلاد، ويوحون إلى بعضهم زخرف القول، ويستخّفون بغيرهم من المواطنين، فيعبثون بمصير الوطن، وبمستقبل أجياله.

يبدو واضحا أكثر من أي وقت مضى أن أية اصلاحات منشودة في المدى القريب، ومطلوبة على وجه السرعة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الأشخاص في المواقع القيادية من حيث سجلاتهم وتاريخهم ومواقفهم، وانجازاتهم الوطنية، ومدى قبولهم، وانتماءاتهم وولاءاتهم، بعيدا عن أية اعتبارات أخرى، لأن هذا مثار جدل وخلاف بين الكثيرين من أبناء الوطن، وهم من وجهة نظر الكثيرين من يعيقون تقدمه ومسيرته، وينهبون خيراته ويبدّدون ثرواته، كما يجب قطع تلك الأيادي الخفيّة العابثة المستهترة بمصالح الوطن، على أن يكون دراسة وتحليل الرأي العام والحوار السبيل والمدخل الأساسي لأزمات البلد التي نعيشها، وحتى لا يأخذنا تجاهلها إلى مصير مجهول، وإلى خيبات أمل جديدة.

عاش الأردن حرا، وقلعة آمنة حصينة.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير