الاستثمار في الصناعات الغذائية يتحدى ظروف كورونا
القبة نيوز – أثبتت الصناعات الغذائية الأردنية قدرتها على الاستمرار والانتاجية على الرغم من تداعيات كورونا، ما جعلها محط أنظار العديد من المستثمرين في الخارج، في ظل زيادة عدد خطوط الإنتاج وفقا لمواصفات عالمية وجودة عالية، انطلاقا من رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يؤكد أن "الأردن يمتلك فرصاً تؤهله ليكون مركزاً إقليمياً في صناعات مختلفة".
وقال رئيس مجلس ادارة شركة المدن الصناعية رئيس اللجنة الفنية للتصنيع الغذائي الدكتور لؤي سحويل لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ان قطاع الصناعات الغذائية في المملكة، يعتبر من أهم القطاعات المنتجة، ويسهم في تحقيق الامن الغذائي وتوفير فرص العمل، إذ تشكل منشآت قطاع الصناعات الغذائية 15 بالمئة من اجمالي عدد المنشآت الصناعية العاملة في المملكة، وبعدد 2645 منشأة، وبرأس مال مسجل يبلغ 641 مليون دينار، وبحجم موجودات ثابتة يقارب ملياري دينار، يعمل بها اكثر من ستين الف عامل وعاملة.
وأضاف، إن الانتاج السنوي لهذا القطاع في العام الماضي بلغ 5ر4 مليار دينار، كما تم تصدير بضائع بقيمة اكثر من نصف مليار دينار إلى سبعين سوقا حول العالم، وبنسبة نمو بالصادرات قُدرت بحوالي تسعة بالمئة، وتغطي المنتجات الغذائية التصنيعية المحلية ما نسبته 62 بالمئة من حاجة السوق المحلي .
وانطلاقا من رؤية المملكة للتغلب على تداعيات كورونا، تم تشكيل عدة لجان متخصصة للتركيز على الأمن الغذائي والدوائي والمستلزمات الطبية، لضمان استمرارية واستدامة سلاسل التزويد، إذ شُكلت لهذه الغاية لجنة التصنيع الغذائي، وفقا لسحويل.
وأشار الى أهمية استمرار العمل من أجل تعزيز الصناعات الغذائية وضرورة وضع استراتيجية مستدامة في هذا السياق، فضلا عن أهمية زيادة الاستثمارات والصادرات، وإيجاد شراكات في هذا القطاع، مشددا على أهمية ترجمة رؤية جلالة الملك، بتحويل الاردن لمركز اقليمي غذائي، من خلال المزج بين الأسلوبين العلمي والعملي، لضمان استدامة نمو الإنتاج وزيادة الصادرات والاستثمارات بالشكل الأمثل.
وأضاف سحويل، ان هناك توجها للاستعانة بخبراء للعمل مع شركات غذائية قائمة حاليا بحاجة للتوسع في الانتاج والتشغيل لتحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية من الاكتفاء الذاتي وزيادة نمو الصادرات والتشغيل وتعزيز القيمة المضافة، منوها الى تمتع الاردن باكتفاء ذاتي في عدد من المنتجات الغذائية ونمو في خطوط الانتاج الجديدة، ووجود استثمارات جديدة في مختلف المدن الصناعية من شمال المملكة الى جنوبها.
وأوضح سحويل أن قاعدة البيانات المركزية للصناعات، دخلت حيز التنفيد، حيث قامت غرف الصناعة والتجارة خلال الجائحة بإعداد إحصاءات، أظهرت مدى الاكتفاء الذاتي للعديد من المنتجات الغذائية، وبينت كذلك أهمية زراعة الحمص والفول والبندورة، مشيرا الى الإقبال الكبير من الخارج على الاستثمار الغذائي، ليس بسبب الاستقرار السياسي والأمني للمملكة فحسب، وإنما لحسن إدارة الجانب الصحي لأزمة كورونا باقتدار وكفاءة. من جانبه، قال رئيس غرفة صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، إنه وخلال الأزمة أثبتت الصناعة الأردنية قدرتها على تلبية حاجة الأسواق من كل السلع الأساسية المحلية.
وأضاف، إنه تم خلال الجائحة تطوير العديد من الصناعات الأردنية، واستحداث نحو 112 خط إنتاج، مشيرا في الوقت ذاته إلى الكثير من الفرص التي أوجدتها ظروف كورونا في الصناعات الغذائية، كمشروع البطاطا المجمدة، والعصائر، ومصانع الأعلاف.
وأشار الجغبير إلى أهمية الاستفادة من الزراعة والصناعة بشكل أكبر مما مضى، إذ تشير التوقعات والدراسات وفقا له الى ان العالم سيحتاج إلى الغذاء أكثر من السابق خلال الفترات القادمة وخاصة في العام 2021.
وعلى الرغم من الآثار السلبية التي أعقبها انتشار فيروس كورونا على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وعلى رأسها القطاع الصناعي، إلا أنه حمل معه فرصا وتوجيهات ايجابية بدأت تلوح بالأفق وظهر الاهتمام بها، وعلى رأسها ضرورة التوجه نحو الاعتماد على الذات ودعم الانتاج المحلي، وزيادة الترابطات بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبما يحقق الاكتفاء الذاتي في الاردن وخاصة من السلع الأساسية بأشكالها المختلفة.
وأوضح الجغبير أن انعكاسات الجائحة جاءت ايجابية لتوجيه المعنيين بضرورة بناء الروابط التكاملية بين الصناعات الغذائية من جهة، والزراعة بأشكالها من جهة أخرى، وبما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي في الأردن، ويحقق المنفعة المطلوبة لكل من القطاعين الزراعي والصناعي.
وأشار إلى أن الأردن يتمتع بوجود العديد من الصناعات التنافسية، ولديه القدرة على سد احتياجات السوق المحلية واستغلال الفرص التصديرية وعلى رأسها قطاع الصناعات الغذائية، والتي تستحوذ على حصة عالية داخل السوق المحلي، وبأكثر من 60 بالمئة من إجمالي السوق الأردني من المنتجات الغذائية، مشيرا الى أن انتاج بعض السلع الغذائية وصل حد الاكتفاء الذاتي كالألبان ومنتجاتها وبيض المائدة والدجاج ومنتجاته، ما يظهر تنافسية المنتجات المحلية وجودتها مقارنة بالمنتجات المستوردة.
وبين أن الظروف القاسية التي مرّت على الصناعة الأردنية، عزّزت مهارة الصانع بشكل أكبر بتحديه للصعاب والكلف الإنتاجية الباهظة عليه، واستمرّ بآلية العمل المعهودة بتميزها، إذ برزت العديد من الصناعات الغذائية كالحلويات العربية على مستوى المنطقة، إضافة إلى التعبئة والتغليف.
وأضاف الجغبير، ان هنالك آفاقا واعدة للتشبيك مع القطاع الزراعي لمستقبل التصنيع الغذائي، وبما يسهم في تخفيض كلف الانتاج لهذه الصناعات، وزيادة تنافسيتها في السوق المحلي، من خلال توفير الحوافز الملائمة لكل من القطاعين وتوجيه المزارعين لإنتاج محاصيل متخصصة للصناعات وفقا لمفهوم الزراعات التعاقدية "الزراعة التصنيعية".
ودعا الجغبير إلى تكاتف الجهود لدعم الصناعة المحلية، مشيدا بدور الإعلام الرسمي والخاص، بما فيها دور وكالة الأنباء الأردنية، وتسليط الضوء على الصناعة المحلية ودورها الهام في هذه المرحلة.
ووفقا لإحصاءات الغرف الصناعية الثلاث (عمان، الزرقاء، اربد)، تقدر نسبة العمالة المحلية في منشآت قطاع الصناعات الغذائية والتموينية والزراعية والثروة الحيوانية بـ 85 بالمئة.
رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية محمد رضوان السعودي، أوضح أن الصناعات الغذائية هي أم الصناعات، وبقيت المصانع الغذائية ترفد السوق بالغذاء بالرغم من تحديات الأزمة، وأثبت القطاع الغذائي قدرته على حماية السوق المحلي، والذي أسهم في تحقيق الأمن الغذائي، في ظل اقبال كبير من قبل المواطنين على شراء المنتجات المحلية خلال الجائحة.
وأشار إلى أن صناعاتنا الغذائية آمنة، في ظل رقابة صارمة من الجهات المعنية، والتي كان لها الدور الكبير في تعزيز أداء الصناعات الاردنية، إضافة إلى القوانين الموجودة، والتي جعلت العديد من الدول الأجنبية والعربية تستورد المنتج الغذائي الأردني لمأمونيته.
وبين السعودي أن منتجي الصناعات الغذائية في الاردن يحرصون على جودة منتجاتهم، في ظل المنافسات العالمية الحادة، والتي تتطلب دوما الارتقاء بالمنتج الأردني إلى أعلى درجة ممكنة، مشيدا بالجهود الملكية في التركيز على تطوير الصناعات الغذائية لما لها من اهمية في رفد الاقتصاد الوطني.
ودعا إلى التحوّل للصناعة الزراعية المحلية، وتوطين التكنولوجيا.
عضو غرفة صناعة عمان زكريا الفقيه، أوضح أن الصناعات الغذائية، هي من أهم الصناعات الرائدة، والتي أثبتت مكانتها خلال الأزمة، نتيجة لعوامل عديدة منها دعم القيادة الهاشمية والدعم الحكومي وإرادة الصناعيين القوية بالرغم من الظروف التي أحاطت بالصناعة خلال الجائحة.
وأوضح عضو جمعية مستثمري شرق عمان حازم مصطفى، ان المنتج المحلي أثبت جدارته، داعيا إلى تعزيز الشراكة بين التجار والصناعيين المحليين، الذين استطاعوا أن يصلوا بمنتجاتهم إلى 140 دولة حول العالم. وبين أستاذ التصنيع الغذائي في الجامعة الأردنية الدكتور عايد عمرو، أن من عوامل القوة في صناعاتنا الغذائية تعود إلى الخبرات والكفاءات العالية لإدارة المصانع، إضافة إلى وجود سوق استهلاكي مرتبط بزيادة نمو السكان، وأسعار المنتجات المقبولة، مبينا أن الأردن يمتلك الفرص التي تؤهله ليكون مركزا إقليميا في الصناعات المختلفة.
وأضاف، لدينا تقاليد عريقة في الانتاج الغذائي وهي محط اهتمام لدى الأسواق الخارجية، لتميز المنتج الغذائي الأردني ونكهته وجودته.
ودعا إلى الاعتماد على المواد الأولية المحلية في الصناعة بدلا من استيراده، وتطوير المواصفات القياسية وتوحيد الرقابة بين الجهات المعنية كوزارة الصحة والصناعة والتجارة والبلديات، وإيجاد الدعم اللازم للصناعة الغذائية.
--(بترا)