هل يتبدل دور الدولة بعد الأزمة؟
فهد الخيطان
القبة نيوز- ثمة اعتقاد سائد بأن أزمة كورونا أعادت الاعتبار لدور الدولة في إدارة المجتمع الأردني، وأن علينا استثمار هذه الفرصة لتأصيل هذا الدور في المستقبل.
بالطبع هذا ليس نقاشا أردنيا خاصا، بل عالمي بامتياز، ويدور في إطار فرضية يعتقد أصحابها بانكسار العولمة لصالح الروابط الوطنية والقومية.
الاستنتاجات بهذا الخصوص تبدو متسرعة بعض الشيء، وهي انعكاس لحالة الانفعال الوطني السائدة عالميا بفعل ضغوط الأزمة وما رافقها من صراعات دولية كانت عناوينها هذه المرة السيطرة على تجارة الكمامات وأجهزة التنفس الاصطناعي وأدوية مضادة للفيروسات.
لكن ما أن تبدأ الدول بالسيطرة على الجائحة، حتى تعود لسلوكها الطبيعي، وعندها لن تجد بدا عن التعاون في المجالات الاقتصادية والصحية لاحتواء الخسائر الاقتصادية التي خلفتها الأزمة الكونية.
صحيح أن سلاسل الإمداد الغذائي والطبي العالمية قد تضررت بفعل حالة الإغلاق وتقطع خطوط النقل العالمية، لكن ذلك حدث كإجراء احترازي لوقف انتشار الفيروس وليس انتقاما من العولمة، وستعود حركات التجارة الدولية وبنفس الأدوات إلى سابق عهدها بمجرد يتعافى العالم من خطر الفيروس.
وللتخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، ستلجأ أغلب الدول إلى أدوات العولمة المالية لتصحيح مسارها، وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى طلبات الاستدانة المقدمة من عشرات الدول لصندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسات وصناديق مالية عالمية وإقليمية، إضافة إلى سعي مختلف الحكومات إلى زيادة صادراتها الصناعية والزراعية لتصويب الاختلالات في ميزانها التجاري ودعم موجودتها من العملات الأجنبية. في المقابل ستسعى دول لتعزيز مخزونها من السلع الأساسية التي لا يوفرها الاقتصاد الوطني، وهكذا تعود عجلة العولمة كما شهدنا من قبل.
الأردن يعوّل في المرحلة المقبلة على القطاع الخاص لزيادة صادراته وتحريك عجلة الاقتصاد، والتخفيف من أزمة البطالة التي تفاقمت بعد أزمة كورونا، وسيعتمد بشكل متزايد على قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.
كان من الطبيعي أن يبرز دور الدولة في ظل أزمة تمثل تهديدا وطنيا عالي المستوى، لكن هذا الدور لم يتجاوز مرحلة إدارة الأزمة والتحكم بمخرجاتها للحؤول دون وقوع البلاد في منزلق خطير. وهذا بالطبع دور مؤقت سيتراجع بمجرد استباب الوضع والسيطرة الكلية على انتشار الوباء.
لم يعد بمقدور أي دولة أن تلعب الدور القديم لها، وشهدنا جميعا الفشل مدويا عندما غامرت الحكومة بتحمل مسؤولية توزيع الخبز على المواطنين، فتراجعت بسرعة، وسمحت للقطاع الخاص بتولي المسؤولية التي اعتاد عليها منذ عقود.
لن تعود الدولة في الأردن تزرع وتحصد وتبيع الإنتاج، ولا تبني المصانع وتديرها. هذا الدور انتهى كليا. الدولة ستلعب دور المنظم والقائم على تطبيق القانون بما يضمن تحقيق المصالح العليا، وتترك للقطاع الخاص ممارسة مهامه على هذا الصعيد. بخلاف ذلك ستغرق في أكبر عملية فاشلة شهدنا مثلها في دول كثيرة وانتهت إلى حطام اقتصادي.
الدور المستجد والأهم للدولة في المرحلة المقبلة، هو رعاية مصالح الفئات الاجتماعية المتضررة من الأزمة الاقتصادية، وتقديم المساعدة للقطاعات الإنتاجية لكي تستعيد دورها، وتأمين المخزون الإستراتيجي من السلع الأساسية للمواطنين، ومنع الاحتكار، ودعم التصدير، وطرح حزم تحفيزية لمعاونة القطاعات المختلفة على النهوض، وتعزيز دورها في الرعاية الصحية والتعليم، وبناء إستراتيجية متكاملة لمواجهة أزمات مماثلة في المستقبل.
ولتحقيق ذلك وسواه من المهمات لن يكون أمام الدولة الأردنية وغيرها من الدول في العالم سوى الانفتاح على الخارج واستعادة زخم التواصل الدولي، وأكثر من ذلك الحصول على قروض ومساعدات للوفاء بالتزاماتها الوطنية.
الغد
بالطبع هذا ليس نقاشا أردنيا خاصا، بل عالمي بامتياز، ويدور في إطار فرضية يعتقد أصحابها بانكسار العولمة لصالح الروابط الوطنية والقومية.
الاستنتاجات بهذا الخصوص تبدو متسرعة بعض الشيء، وهي انعكاس لحالة الانفعال الوطني السائدة عالميا بفعل ضغوط الأزمة وما رافقها من صراعات دولية كانت عناوينها هذه المرة السيطرة على تجارة الكمامات وأجهزة التنفس الاصطناعي وأدوية مضادة للفيروسات.
لكن ما أن تبدأ الدول بالسيطرة على الجائحة، حتى تعود لسلوكها الطبيعي، وعندها لن تجد بدا عن التعاون في المجالات الاقتصادية والصحية لاحتواء الخسائر الاقتصادية التي خلفتها الأزمة الكونية.
صحيح أن سلاسل الإمداد الغذائي والطبي العالمية قد تضررت بفعل حالة الإغلاق وتقطع خطوط النقل العالمية، لكن ذلك حدث كإجراء احترازي لوقف انتشار الفيروس وليس انتقاما من العولمة، وستعود حركات التجارة الدولية وبنفس الأدوات إلى سابق عهدها بمجرد يتعافى العالم من خطر الفيروس.
وللتخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، ستلجأ أغلب الدول إلى أدوات العولمة المالية لتصحيح مسارها، وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى طلبات الاستدانة المقدمة من عشرات الدول لصندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسات وصناديق مالية عالمية وإقليمية، إضافة إلى سعي مختلف الحكومات إلى زيادة صادراتها الصناعية والزراعية لتصويب الاختلالات في ميزانها التجاري ودعم موجودتها من العملات الأجنبية. في المقابل ستسعى دول لتعزيز مخزونها من السلع الأساسية التي لا يوفرها الاقتصاد الوطني، وهكذا تعود عجلة العولمة كما شهدنا من قبل.
الأردن يعوّل في المرحلة المقبلة على القطاع الخاص لزيادة صادراته وتحريك عجلة الاقتصاد، والتخفيف من أزمة البطالة التي تفاقمت بعد أزمة كورونا، وسيعتمد بشكل متزايد على قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.
كان من الطبيعي أن يبرز دور الدولة في ظل أزمة تمثل تهديدا وطنيا عالي المستوى، لكن هذا الدور لم يتجاوز مرحلة إدارة الأزمة والتحكم بمخرجاتها للحؤول دون وقوع البلاد في منزلق خطير. وهذا بالطبع دور مؤقت سيتراجع بمجرد استباب الوضع والسيطرة الكلية على انتشار الوباء.
لم يعد بمقدور أي دولة أن تلعب الدور القديم لها، وشهدنا جميعا الفشل مدويا عندما غامرت الحكومة بتحمل مسؤولية توزيع الخبز على المواطنين، فتراجعت بسرعة، وسمحت للقطاع الخاص بتولي المسؤولية التي اعتاد عليها منذ عقود.
لن تعود الدولة في الأردن تزرع وتحصد وتبيع الإنتاج، ولا تبني المصانع وتديرها. هذا الدور انتهى كليا. الدولة ستلعب دور المنظم والقائم على تطبيق القانون بما يضمن تحقيق المصالح العليا، وتترك للقطاع الخاص ممارسة مهامه على هذا الصعيد. بخلاف ذلك ستغرق في أكبر عملية فاشلة شهدنا مثلها في دول كثيرة وانتهت إلى حطام اقتصادي.
الدور المستجد والأهم للدولة في المرحلة المقبلة، هو رعاية مصالح الفئات الاجتماعية المتضررة من الأزمة الاقتصادية، وتقديم المساعدة للقطاعات الإنتاجية لكي تستعيد دورها، وتأمين المخزون الإستراتيجي من السلع الأساسية للمواطنين، ومنع الاحتكار، ودعم التصدير، وطرح حزم تحفيزية لمعاونة القطاعات المختلفة على النهوض، وتعزيز دورها في الرعاية الصحية والتعليم، وبناء إستراتيجية متكاملة لمواجهة أزمات مماثلة في المستقبل.
ولتحقيق ذلك وسواه من المهمات لن يكون أمام الدولة الأردنية وغيرها من الدول في العالم سوى الانفتاح على الخارج واستعادة زخم التواصل الدولي، وأكثر من ذلك الحصول على قروض ومساعدات للوفاء بالتزاماتها الوطنية.
الغد