facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

رحيل إلى السماء ..

رحيل إلى السماء ..

د.اسمهان ماجد الطاهر

القبة نيوز- حلقت الأرواح الطاهرة إلى السماء مودعة أهل الأرض وكأن تلك القلوب النقية البريئة تقول للحياة أنتِ لا تستحقين أكثر من مرور عابر. رحلت بلقيس بني هاني بعد مرض عضال، وقبلها قمر الجعبة إثر حادث الباص المؤسف، ورحل يزن حميدان بحادث سير. وغيرهم من الشباب والشابات الذين سمعنا عن فقدهم بحوادث سير ودهس وغرق. سامحوني لأني ذكرت أسماء حزن القلب فنادت ابتسامتهم أحرفي.


شباب بعمر الورد رحلوا بعيداً عن الأرض فأمطرت السماء وبكى الياسمين حزناً عليهم. تعثرت الكلمات وسقطت الأحرف. وقف القلم عاجزاً عن سرد تلك اللحظة. تلك الأوقات التي تصبح بها كل كلمات العزاء والمواساة خالية من محتواها.

في الوداع همست الأم المؤمنة بقضاء الله وقدرة بنُي أنت قطعة من فؤادي لن أضع قلبي بين أضلاعك لكي لا تعرف مدى ألمي، لكن حبك سيمشي في عروق جسدى كدمي وستبقى ذكريات طفولتك وشبابك معي لآخر انفاسي في هذه الحياة.

في يوم الرحيل إلى السماء قالت الأم لفلذة كبدها وهو يحلق عالياً نحو رحمة الله الواسعة لن يفارق طيفك خيالي ثانية، لكني راضية مطمئنة بقضاء الله، فأنا أعرف أنك عند من هو أحن عليك مني فأنت بين يدي الهي عز وجل وروحك في السماء ترفرف كطير أبيض جميل يفترش السماء ويرسل برسائل تخبر أهل الأرض لا تعظموا الحياة أكثر ما تستحق.

الشباب في مقتبل العمر اختارتهم يد القدر فغادروا الأرض بطمأنينة كحمامة بيضاء تشعر بالسلام الإلهي، وبقيت الأمهات مؤمنات صابرات بقضاء الله وقدره. سيرفعن الإيدي إلى السماء بالدعاء كلما مروا في شريط الذاكرة.

دموع الأم قد تسقط مع كل نسمه تهب ولكن الإيمان الذي يعمر قلبها سيرى من رحل كبدر في كبد السماء. ما أعظم تلك الأم الصابرة ما أطهر دموعها وما أصفى قلبها الحنون الذي رضي بقضاء الله فسلم واستسلم واستودع مهجة القلب لله العلي القدير. هو الصبر والرضا بالقدر خيرة وشره الذي تسبله نعمة الإيمان.

وداعاً إيها الراحلون إلى السماء تركتم خلفكم قلوبا تدعو لكم كلما مررتم كنسيم عذب في خيال الذاكرة وستبقون كشجرة من الجنة زرعت في القلبِ لحظة فرح هاربة.

بين الصوت والعين ينسج القدر الصدفة كنجمة تمر في الصحراء مسرعة يحدث ما لا نتوقع تنهار الشمس على ركبتيها أمام القمر وتحرقنا اللحظة وكل ما علينا توخي الحذر من قسوة الحياة.

الإيمان بالقدر حق علينا وهو حقيقية أزلية باقية. لقد اعتدنا كأردنيين أن نتشارك الحزن كما الفرح فلنرفع أكفنا للسماء بالدعاء لمن فقدنا من أموات المسلمين والمؤمنين.

هذه الدنيا صغيرة كسجن ومرورنا فيها هو الشيء الوحيد الذي يصعب التنبؤ بنهايته، فلتكن حروفنا شمعة تضيء العتم الساكن في زوايا الحياة.

الرأي

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير