تقرير: حظر السفر إلى الصين لن يحد من انتشار كورونا
القبة نيوز-في الوقت الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أن وباء فيروس كورونا ”حالة طارئة"، فرضت أكثر من 70 دولة قيودا على السفر ضد الصين.
لكن خبراء صحة عالميين أدانوا بشدة القيود المفروضة على السفر والتجارة باعتبارها ”سياسة سيئة وانتهاكات غير مسؤولة للقانون الدولي".
ورغم أن الأدلة العلمية والمصالح الاقتصادية تنصح بخلاف فرض القيود، إلا أن حكومات تلك الدول استمرت في تنفيذ تلك القيود التي تتخذ أشكالا مختلفة، وفقا لمجلة ”فورين بوليسي".
ومع انتشار فيروس كورونا، تحذر الحكومات مواطنيها من السفر إلى الصين، وتوجه الموجودين فيها إلى المغادرة؛ وتغلق الحدود وتحظر الرحلات الجوية؛ وتحظر الزوار الذين زاروا الصين مؤخرا من دخول أراضيها، وتطبق الحجر الصحي الإلزامي على السكان العائدين.
تكلفة اقتصادية
وفي الأوبئة الماضية، فرضت الحكومات أيضا قيودا تجارية، مثل حظر استيراد لحم الخنزير أثناء وباء أنفلونزا الخنازير لعام 2009، إلا أن تلك القيود غير فعالة ومكلفة اقتصاديا لجميع الأطراف.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن قيود السفر الأمريكية ضد الصين ستكلف الاقتصاد الأمريكي 10.3 مليار دولار، كما لها جوانب سلبية أكثر غرابة، حيث تحفز البلدان على إخفاء حالات التفشي، مما يعيق جهود الاستجابة، والتعدي على حقوق الإنسان، وتأجيج انتشار كره الأجانب.
تجاهل نصائح الصحة العالمية
وفي الأوقات الأكثر هدوءا، تدرك الحكومات أن قيود التجارة والسفر تمثل مشكلة كبيرة، ففي عام 2005، بعد وباء السارس، اعتمدت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية لوائح صحية دولية منقحة.
ويتمثل الغرض الأساسي للإطار الجديد في ”تجنب التداخل غير الضروري في حركة المرور والتجارة الدولية" من خلال تمكين منظمة الصحة العالمية من تقديم توصيات حول ما إذا كانت القيود ضرورية، بحيث تكون البلدان المشاركة ملتزمة بعدم فرض تدابير ”أكثر تقييدا" مما توصي به منظمة الصحة العالمية دون تقديم تبرير علمي.
ومنذ ذلك الحين، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن 6 حالات طوارئ، وفي كل مرة كانت تنصح بأن قيود التجارة والسفر غير مبررة، ولكن في نصف تلك الحالات بما في ذلك أنفلونزا الخنازير في عام 2009، والإيبولا في عام 2014، وتفشي فيروس كورونا المستجد حاليا، تجاهلت البلدان توصيات منظمة الصحة العالمية وفرضت قيودا واسعة النطاق على السفر والتجارة.
ولسوء الحظ، يوضح سلوك الحكومات أن إعلانات حالات الطوارئ من المرجح أن تثير قيود السفر أكثر من منعها، إذ يعد ضبط نفس إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما أثناء وباء الإيبولا لعام 2014 بمثابة استثناء نادر.
فوات الأوان
ويؤكد الخبراء ضرورة فهم سبب استمرار صناع السياسة في اختيار قيود السفر، ولماذا يصعب التغلب على منطقهم.
ويعتبر أحد الأسباب، هو أن مزيج المنطق والخوف يولدان دعما شعبيا قويا لقيود السفر، فعلى سبيل المثال ينتقل فيروس كورونا إلى البشر، ولذلك من الناحية النظرية يبدو أن أي شيء يقلل من حركة البشر سيساعد في تقليل انتشار الفيروس، ولكن في الممارسة العملية، ثبت أن قيود السفر غير فعالة لأنها تُفرض بعد فوات الأوان أو لأن الناس يتحايلون عليها.
وبشكل عام، قد تدفع مشكلة التوقيت صناع السياسة إلى فرض القيود بسرعة أكبر، وعلى الرغم أنه من المعروف أن الناس يتهربون من قيود الهجرة العامة، إلا أن هذا لا يقنع الحكومات بالاستغناء عن التأشيرات أو عمليات التفتيش على الحدود، ومع ذلك تُظهر دراسات النمذجة أن قيود السفر قد تبطئ انتشار الوباء، ولكنها لا تستطيع منعه.
ومع ذلك، قد يرى صناع السياسة أن إبطاء الانتشار أفضل من تركه ينتشر بسرعة، وهناك سبب آخر لانجذاب صناع السياسة لفرض القيود على السفر، وهو عدم وجود بدائل مستدامة من الناحية السياسية، ففي مواجهة خطر الوباء، تتعرض الحكومات لضغوط كبيرة، ولهذا يجب أن يظهروا أنهم يتخذون خطوات استباقية وقوية لحماية مواطنيهم وإلا يدفعون الثمن.
فمن ناحية الصحة العامة، يعد تشجيع الناس على غسل أيديهم سياسة جيدة، ولكن من الناحية السياسية، لا يكفي ذلك لتعزيز ثقة الجمهور في السلطات الصحية؛ فهناك حاجة إلى مزيد من العمل.
الصين تغلق على نفسها
وللحد من انتشار فيروس كورونا، حظرت الحكومة الصينية السفر داخليا، وفرضت الصين الحجر الصحي على أكثر من 50 مليون شخص، وعلقت حركة الحافلات بين المقاطعات، وأغلقت الوجهات السياحية، وأمرت وكالات السفر بوقف الرحلات إلى الخارج، وأغلقت كازينوهات ماكاو أبوابها، وأغلقت هونغ كونغ معظم المعابر الحدودية وفرضت الحجر الصحي على الزوار من البر الرئيس.
وحقيقة أن الصين تفرض قيود السفر على مواطنيها، وهو ليس تحديا للوائح الصحة العالمية، يصعب إقناع صناع السياسة في البلدان الأخرى بعدم اتباع نفس النهج.
فاستجابة الصين الداخلية تعقد الدفاع عن حرية السفر، إذ أجلت العديد من الدول مواطنيها من مدينة ووهان بؤرة الفيروس، بدلا من تركهم عالقين في الحظر الصحي لأجل غير مسمى.
وبالنظر إلى إمكانية إقامة المزيد من مناطق الحجر الصحي، فمن المعقول أن تحذر الحكومات من السفر إلى الصين، خشية أن تصبح عمليات الإجلاء الإضافية ضرورية، كما تعتبر الخطوات التي تتخذها الحكومات لضمان سلامة المواطنين في الخارج خارج نطاق اللوائح الصحية الدولية.
خسائر اقتصادية كبيرة
وتسبب قيود السفر خسائر اقتصادية كبيرة على البلدان المتضررة، وخاصة البلدان ذات الدخل المنخفض، والتي تعاني من صعوبة أكبر في التعافي اقتصاديا.
وقد يتمثل أحد أساليب إقناع هذه الدول بالتخلي عن قيود السفر، في تبني مبدأ التأمين الخاص بتعويض الخسائر، باستخدام آليات التمويل مثل مرفق تمويل حالات الطوارئ الوبائية التابع للبنك الدولي وصندوق الطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية لمساعدة البلدان بالفعل على الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة.
ووفق المجلة الأمريكية، ينبغي على واضعي السياسات استكشاف ما إذا كان من الممكن توسيع هذه الصناديق، أو إنشاء صناديق أخرى، لتعويض البلدان بشكل مباشر عن الخسائر التي تكبدتها نتيجة لقيود السفر المفروضة على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية.
صندوق الطوارئ
الخوف من إثارة قيود التجارة والسفر يمكن أن يثني الحكومات عن الإبلاغ عن حالات الطوارئ الصحية المحتملة، وهناك طريقتان للتخفيف من هذا الخطر.
لدى منظمة الصحة العالمية نطاق واسع، ولكنه نادرا ما يستخدم للتصرف بناء على معلومات من مصادر غير الحكومات، ومن شأن استخدام هذه السلطة أكثر أن يساعد في تقليل حالات عدم الإبلاغ، وذلك من خلال إضعاف قدرة الحكومات على إخفاء تفشي الأمراض.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لواضعي السياسات منح البلدان حافزا اقتصاديا للإبلاغ عن حالات الطوارئ بتوسيع صندوق الطوارئ وتمويله بالكامل.
وعندما يتم إخطار منظمة الصحة العالمية بشأن حالة طوارئ محتملة، يمكن لذلك أن يؤدي إلى تخصيص الأموال على الفور لمساعدة الحكومات المتأثرة في تقييم الموقف والاستجابة له.
ومع ذلك منذ إنشائه في عام 2015، ظل صندوق الطوارئ يعاني من نقص دائم في التمويل، مما يضعف من إمكاناته كحافز موثوق به للإبلاغ.(وكالات)
لكن خبراء صحة عالميين أدانوا بشدة القيود المفروضة على السفر والتجارة باعتبارها ”سياسة سيئة وانتهاكات غير مسؤولة للقانون الدولي".
ورغم أن الأدلة العلمية والمصالح الاقتصادية تنصح بخلاف فرض القيود، إلا أن حكومات تلك الدول استمرت في تنفيذ تلك القيود التي تتخذ أشكالا مختلفة، وفقا لمجلة ”فورين بوليسي".
ومع انتشار فيروس كورونا، تحذر الحكومات مواطنيها من السفر إلى الصين، وتوجه الموجودين فيها إلى المغادرة؛ وتغلق الحدود وتحظر الرحلات الجوية؛ وتحظر الزوار الذين زاروا الصين مؤخرا من دخول أراضيها، وتطبق الحجر الصحي الإلزامي على السكان العائدين.
تكلفة اقتصادية
وفي الأوبئة الماضية، فرضت الحكومات أيضا قيودا تجارية، مثل حظر استيراد لحم الخنزير أثناء وباء أنفلونزا الخنازير لعام 2009، إلا أن تلك القيود غير فعالة ومكلفة اقتصاديا لجميع الأطراف.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن قيود السفر الأمريكية ضد الصين ستكلف الاقتصاد الأمريكي 10.3 مليار دولار، كما لها جوانب سلبية أكثر غرابة، حيث تحفز البلدان على إخفاء حالات التفشي، مما يعيق جهود الاستجابة، والتعدي على حقوق الإنسان، وتأجيج انتشار كره الأجانب.
تجاهل نصائح الصحة العالمية
وفي الأوقات الأكثر هدوءا، تدرك الحكومات أن قيود التجارة والسفر تمثل مشكلة كبيرة، ففي عام 2005، بعد وباء السارس، اعتمدت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية لوائح صحية دولية منقحة.
ويتمثل الغرض الأساسي للإطار الجديد في ”تجنب التداخل غير الضروري في حركة المرور والتجارة الدولية" من خلال تمكين منظمة الصحة العالمية من تقديم توصيات حول ما إذا كانت القيود ضرورية، بحيث تكون البلدان المشاركة ملتزمة بعدم فرض تدابير ”أكثر تقييدا" مما توصي به منظمة الصحة العالمية دون تقديم تبرير علمي.
ومنذ ذلك الحين، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن 6 حالات طوارئ، وفي كل مرة كانت تنصح بأن قيود التجارة والسفر غير مبررة، ولكن في نصف تلك الحالات بما في ذلك أنفلونزا الخنازير في عام 2009، والإيبولا في عام 2014، وتفشي فيروس كورونا المستجد حاليا، تجاهلت البلدان توصيات منظمة الصحة العالمية وفرضت قيودا واسعة النطاق على السفر والتجارة.
ولسوء الحظ، يوضح سلوك الحكومات أن إعلانات حالات الطوارئ من المرجح أن تثير قيود السفر أكثر من منعها، إذ يعد ضبط نفس إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما أثناء وباء الإيبولا لعام 2014 بمثابة استثناء نادر.
فوات الأوان
ويؤكد الخبراء ضرورة فهم سبب استمرار صناع السياسة في اختيار قيود السفر، ولماذا يصعب التغلب على منطقهم.
ويعتبر أحد الأسباب، هو أن مزيج المنطق والخوف يولدان دعما شعبيا قويا لقيود السفر، فعلى سبيل المثال ينتقل فيروس كورونا إلى البشر، ولذلك من الناحية النظرية يبدو أن أي شيء يقلل من حركة البشر سيساعد في تقليل انتشار الفيروس، ولكن في الممارسة العملية، ثبت أن قيود السفر غير فعالة لأنها تُفرض بعد فوات الأوان أو لأن الناس يتحايلون عليها.
وبشكل عام، قد تدفع مشكلة التوقيت صناع السياسة إلى فرض القيود بسرعة أكبر، وعلى الرغم أنه من المعروف أن الناس يتهربون من قيود الهجرة العامة، إلا أن هذا لا يقنع الحكومات بالاستغناء عن التأشيرات أو عمليات التفتيش على الحدود، ومع ذلك تُظهر دراسات النمذجة أن قيود السفر قد تبطئ انتشار الوباء، ولكنها لا تستطيع منعه.
ومع ذلك، قد يرى صناع السياسة أن إبطاء الانتشار أفضل من تركه ينتشر بسرعة، وهناك سبب آخر لانجذاب صناع السياسة لفرض القيود على السفر، وهو عدم وجود بدائل مستدامة من الناحية السياسية، ففي مواجهة خطر الوباء، تتعرض الحكومات لضغوط كبيرة، ولهذا يجب أن يظهروا أنهم يتخذون خطوات استباقية وقوية لحماية مواطنيهم وإلا يدفعون الثمن.
فمن ناحية الصحة العامة، يعد تشجيع الناس على غسل أيديهم سياسة جيدة، ولكن من الناحية السياسية، لا يكفي ذلك لتعزيز ثقة الجمهور في السلطات الصحية؛ فهناك حاجة إلى مزيد من العمل.
الصين تغلق على نفسها
وللحد من انتشار فيروس كورونا، حظرت الحكومة الصينية السفر داخليا، وفرضت الصين الحجر الصحي على أكثر من 50 مليون شخص، وعلقت حركة الحافلات بين المقاطعات، وأغلقت الوجهات السياحية، وأمرت وكالات السفر بوقف الرحلات إلى الخارج، وأغلقت كازينوهات ماكاو أبوابها، وأغلقت هونغ كونغ معظم المعابر الحدودية وفرضت الحجر الصحي على الزوار من البر الرئيس.
وحقيقة أن الصين تفرض قيود السفر على مواطنيها، وهو ليس تحديا للوائح الصحة العالمية، يصعب إقناع صناع السياسة في البلدان الأخرى بعدم اتباع نفس النهج.
فاستجابة الصين الداخلية تعقد الدفاع عن حرية السفر، إذ أجلت العديد من الدول مواطنيها من مدينة ووهان بؤرة الفيروس، بدلا من تركهم عالقين في الحظر الصحي لأجل غير مسمى.
وبالنظر إلى إمكانية إقامة المزيد من مناطق الحجر الصحي، فمن المعقول أن تحذر الحكومات من السفر إلى الصين، خشية أن تصبح عمليات الإجلاء الإضافية ضرورية، كما تعتبر الخطوات التي تتخذها الحكومات لضمان سلامة المواطنين في الخارج خارج نطاق اللوائح الصحية الدولية.
خسائر اقتصادية كبيرة
وتسبب قيود السفر خسائر اقتصادية كبيرة على البلدان المتضررة، وخاصة البلدان ذات الدخل المنخفض، والتي تعاني من صعوبة أكبر في التعافي اقتصاديا.
وقد يتمثل أحد أساليب إقناع هذه الدول بالتخلي عن قيود السفر، في تبني مبدأ التأمين الخاص بتعويض الخسائر، باستخدام آليات التمويل مثل مرفق تمويل حالات الطوارئ الوبائية التابع للبنك الدولي وصندوق الطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية لمساعدة البلدان بالفعل على الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة.
ووفق المجلة الأمريكية، ينبغي على واضعي السياسات استكشاف ما إذا كان من الممكن توسيع هذه الصناديق، أو إنشاء صناديق أخرى، لتعويض البلدان بشكل مباشر عن الخسائر التي تكبدتها نتيجة لقيود السفر المفروضة على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية.
صندوق الطوارئ
الخوف من إثارة قيود التجارة والسفر يمكن أن يثني الحكومات عن الإبلاغ عن حالات الطوارئ الصحية المحتملة، وهناك طريقتان للتخفيف من هذا الخطر.
لدى منظمة الصحة العالمية نطاق واسع، ولكنه نادرا ما يستخدم للتصرف بناء على معلومات من مصادر غير الحكومات، ومن شأن استخدام هذه السلطة أكثر أن يساعد في تقليل حالات عدم الإبلاغ، وذلك من خلال إضعاف قدرة الحكومات على إخفاء تفشي الأمراض.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لواضعي السياسات منح البلدان حافزا اقتصاديا للإبلاغ عن حالات الطوارئ بتوسيع صندوق الطوارئ وتمويله بالكامل.
وعندما يتم إخطار منظمة الصحة العالمية بشأن حالة طوارئ محتملة، يمكن لذلك أن يؤدي إلى تخصيص الأموال على الفور لمساعدة الحكومات المتأثرة في تقييم الموقف والاستجابة له.
ومع ذلك منذ إنشائه في عام 2015، ظل صندوق الطوارئ يعاني من نقص دائم في التمويل، مما يضعف من إمكاناته كحافز موثوق به للإبلاغ.(وكالات)