مخلوق ضخم من المريخ
م. أشرف غسان مقطش
القبة نيوز- منذ عدة أيام وأنا منكب على قراءة كتاب "مباهج الفلسفة" لمؤلفه ول ديورانت، ترجمة أحمد فؤاد الأهواني، تقديم إبراهيم بيومي مدكور.
والكتاب اشتريته قبل نحو أسبوع من ركن وزارة الثقافة الأردنية في معرض عمان الدولي للكتاب (2019)، وثمن الكتاب بجزئيه سبعون قرشا أردنيا فقط لا غير.
وهنا لا بد لي من تقديم الشكر الجزيل لوزارة الثقافة الأردنية على هذه المبادرة الكريمة بطبع ونشر وتوزيع كتب لا تقدر محتوياتها بثمن بأثمان زهيدة ضمن مشروع (القراءة للجميع) حتى يتمكن المواطن الأردني من إعادة هيكلة منظوره الثقافي والإجتماعي للعالم من خلال كتب خلاقة تشحذه للتفكير، وتدعوه للتأمل، وتحفزه على إطلاق العنان لخياله في تبصر أسرار التاريخ، واكتناه ألغاز الكون، والتلذذ بما طاب وما لذ من أطباق أدب وفلسفة وعلم.
والكتاب أبهجني حقا! والمؤلف ليس غريبا علي، فأنا أعرفه من قبل من خلال كتابه الرائع "قصة الفلسفة"، والكتابان اللذان أتحدث عنهما مترجمان. والذي دلني على كتاب "قصة الفلسفة" وعرفني على مؤلفه، الدكتور علي الوردي من خلال قيامه بالإقتباس لأكثر من مرة من كتاب "قصة الفلسفة" وتوظيفه للإقتباسات في عدة كتب له، منها على ما أذكر كتاب "خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة".
وكلما مررت بصفحة من صفحات كتاب "مباهج الفلسفة"، غمرتني البهجة أكثر فأكثر وأنا أغوص على درر الكتاب وجواهره، وكثيرا ما استوقفتني نقاط مثيرة وضعها هذا الفيلسوف الأميركي من أبوين كنديين في إطار من الغرابة والدهشة.
واحدة من تلك النقاط التي أثارت بي الدهشة وهوشت بي الغرابة ما يقوله المؤلف في ص(43) من الكتاب عينه:
"ولن تهرب من المشكلة حين تقيس الشيء بالمسطرة، وتسمي هذا القياس حقيقة، لأن البوصة في مسطرتك أو مقياسك كالبرتقالة نفسها، أصغر بالنسبة إليك منها بالنسبة إلى الذبابة، وأكبر في نظرك مما قد تبدو لمخلوق ضخم يزورنا من المريخ".
"مخلوق ضخم يزورنا من المريخ"؟ ومن يقول هذا القول؟ ول ديورانت؟ هل عبثا قال ذلك أم فعل ذلك عن قصد مع سبق الإصرار والترصد؟
ولنفترض الإحتمال الثاني؛ فهل رأى ديورانت مخلوقا من المريخ حتى يصفه بالضخامة؟ النص المترجم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، غير خاضع لأي تأويل ينفي عن ديورانت أنه يدعي أو يزعم أو يقول -صادقا كان أم كاذبا- بأنه رأى مخلوقا من المريخ حتى يصفه أولا بالضخامة، ويقول ثانيا بأن البوصة قد تبدو له -أي للمخلوق المريخي- أصغر مما تبدو لنا.
وما زاد من شدة دهشتي أن المؤلف كتب كتابه "مباهج الفلسفة" عام (1929)؛ أي أنه إذا كان قد رأى مخلوقا مريخيا ضخما فإنه لربما يكون قد رآه قبل عام (1929)!
هناك احتمال بأن المترجم لم يوفق في ترجمة النص الأصلي إلى حد بعيد؛ فلربما يكون المترجم قد فاته أن المؤلف لربما كان متشككا بوجود مخلوقات فضائية، وعبر عن تشكيكه هذا بلغته الأصلية بما يترجم له بالعبارة التالية: " وأكبر في نظرك مما قد تبدو لمخلوق ضخم (قد) يزورنا من المريخ"، ومن محاسن (قد) أنها تفيد التشكيك فيما لو تبعها فعل مضارع، وفي الحالة هذه يكون المخلوق الضخم ليس إلا من نسج خيال ول ديورانت.
ولا يفصل الفيصل النهائي في هذه المسألة الشائكة إلا قراءة الكتاب بلغته الأصلية، وحتى ذاك الحين، لا بد أن أسجل هنا لدى القارئ بأن الحياة على الكواكب الأخرى لربما كانت موجودة بالنسبة لأديب ومؤرخ أميركي شهير مثل ول ديورانت، ولربما لم تكن موجودة بالنسبة له، لكن على الأقل، وفي الحالتين كلتيهما، لم يمنع ذلك فيلسوفا عبقريا حاز على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة كولومبيا عام (1917) مثل صاحبنا المرحوم من أن يأتي بما يخالف ما تقول به ما يسمى بالأديان السماوية، وبما يشير إلى إعتقاده بأن هناك ثمة (حياة) خارج كوكبنا الأزرق، لعلنا أقرب إليها أكثر من أي وقت مضى، ولعلنا أبعد عنها أكثر من أي وقت لم يمض بعد، وما أدرانا؟
والكتاب اشتريته قبل نحو أسبوع من ركن وزارة الثقافة الأردنية في معرض عمان الدولي للكتاب (2019)، وثمن الكتاب بجزئيه سبعون قرشا أردنيا فقط لا غير.
وهنا لا بد لي من تقديم الشكر الجزيل لوزارة الثقافة الأردنية على هذه المبادرة الكريمة بطبع ونشر وتوزيع كتب لا تقدر محتوياتها بثمن بأثمان زهيدة ضمن مشروع (القراءة للجميع) حتى يتمكن المواطن الأردني من إعادة هيكلة منظوره الثقافي والإجتماعي للعالم من خلال كتب خلاقة تشحذه للتفكير، وتدعوه للتأمل، وتحفزه على إطلاق العنان لخياله في تبصر أسرار التاريخ، واكتناه ألغاز الكون، والتلذذ بما طاب وما لذ من أطباق أدب وفلسفة وعلم.
والكتاب أبهجني حقا! والمؤلف ليس غريبا علي، فأنا أعرفه من قبل من خلال كتابه الرائع "قصة الفلسفة"، والكتابان اللذان أتحدث عنهما مترجمان. والذي دلني على كتاب "قصة الفلسفة" وعرفني على مؤلفه، الدكتور علي الوردي من خلال قيامه بالإقتباس لأكثر من مرة من كتاب "قصة الفلسفة" وتوظيفه للإقتباسات في عدة كتب له، منها على ما أذكر كتاب "خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة".
وكلما مررت بصفحة من صفحات كتاب "مباهج الفلسفة"، غمرتني البهجة أكثر فأكثر وأنا أغوص على درر الكتاب وجواهره، وكثيرا ما استوقفتني نقاط مثيرة وضعها هذا الفيلسوف الأميركي من أبوين كنديين في إطار من الغرابة والدهشة.
واحدة من تلك النقاط التي أثارت بي الدهشة وهوشت بي الغرابة ما يقوله المؤلف في ص(43) من الكتاب عينه:
"ولن تهرب من المشكلة حين تقيس الشيء بالمسطرة، وتسمي هذا القياس حقيقة، لأن البوصة في مسطرتك أو مقياسك كالبرتقالة نفسها، أصغر بالنسبة إليك منها بالنسبة إلى الذبابة، وأكبر في نظرك مما قد تبدو لمخلوق ضخم يزورنا من المريخ".
"مخلوق ضخم يزورنا من المريخ"؟ ومن يقول هذا القول؟ ول ديورانت؟ هل عبثا قال ذلك أم فعل ذلك عن قصد مع سبق الإصرار والترصد؟
ولنفترض الإحتمال الثاني؛ فهل رأى ديورانت مخلوقا من المريخ حتى يصفه بالضخامة؟ النص المترجم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، غير خاضع لأي تأويل ينفي عن ديورانت أنه يدعي أو يزعم أو يقول -صادقا كان أم كاذبا- بأنه رأى مخلوقا من المريخ حتى يصفه أولا بالضخامة، ويقول ثانيا بأن البوصة قد تبدو له -أي للمخلوق المريخي- أصغر مما تبدو لنا.
وما زاد من شدة دهشتي أن المؤلف كتب كتابه "مباهج الفلسفة" عام (1929)؛ أي أنه إذا كان قد رأى مخلوقا مريخيا ضخما فإنه لربما يكون قد رآه قبل عام (1929)!
هناك احتمال بأن المترجم لم يوفق في ترجمة النص الأصلي إلى حد بعيد؛ فلربما يكون المترجم قد فاته أن المؤلف لربما كان متشككا بوجود مخلوقات فضائية، وعبر عن تشكيكه هذا بلغته الأصلية بما يترجم له بالعبارة التالية: " وأكبر في نظرك مما قد تبدو لمخلوق ضخم (قد) يزورنا من المريخ"، ومن محاسن (قد) أنها تفيد التشكيك فيما لو تبعها فعل مضارع، وفي الحالة هذه يكون المخلوق الضخم ليس إلا من نسج خيال ول ديورانت.
ولا يفصل الفيصل النهائي في هذه المسألة الشائكة إلا قراءة الكتاب بلغته الأصلية، وحتى ذاك الحين، لا بد أن أسجل هنا لدى القارئ بأن الحياة على الكواكب الأخرى لربما كانت موجودة بالنسبة لأديب ومؤرخ أميركي شهير مثل ول ديورانت، ولربما لم تكن موجودة بالنسبة له، لكن على الأقل، وفي الحالتين كلتيهما، لم يمنع ذلك فيلسوفا عبقريا حاز على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة كولومبيا عام (1917) مثل صاحبنا المرحوم من أن يأتي بما يخالف ما تقول به ما يسمى بالأديان السماوية، وبما يشير إلى إعتقاده بأن هناك ثمة (حياة) خارج كوكبنا الأزرق، لعلنا أقرب إليها أكثر من أي وقت مضى، ولعلنا أبعد عنها أكثر من أي وقت لم يمض بعد، وما أدرانا؟