القبة نيوز- يصادف الجمعة عيد ميلاد جلالة الملكة نور الحسين، التي حرصت جلالتها منذ اقترانها بجلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عام 1978، على ممارسة دورها في الخدمة العامة في الأردن.
وبادرت بفتح قنوات حوار حول التنمية المستدامة، مما أتاح لها الاطلاع بشكل فعال على حاجات القطاعات المختلفة، وتقديم مفاهيم تنمويّة جديدة.
فأصبح هذا القوّة الدافعة للمبادرات الهادفة إلى الاستجابة للحاجات الناشئة في الأردن مثل تطوير نماذج للتنمية المستدامة، وتأسيس مؤسسة نور الحسين عام 1985 ومؤسسة الملك الحسين عام 1999 اللتين ترأسهما جلالتها.
وبهدف الاستجابة لحاجات الأردن في التعليم العالي والثقافة والفنون، أطلقت جلالتها "الهيئة الملكيّة للثقافة والتعليم" (RECE) عام 1979. وقد أعدت الهيئة أول دراسة من نوعها عن حاجة الأردن من القوى العاملة وقدمت منحا للدراسات العليا في مجالات حيويّة مع تركيز خاصّ على دعم النساء المتفوّقات، كذلك أطلقت الهيئة برنامجا للطلبة الموهوبين في مدينة السلط، واستمرت ولسنوات عديدة في دعم برامج مؤسّسة نور الحسين في مجالي التعليم والثقافة.
وفي عام 1980، بعد اجتماع القمّة العربيّة في عمّان، دعت جلالة الملكة نور إلى عقد لقاء سنوي للشباب، والذي بات يُعرف بمؤتمر الشباب العربي الدولي (IAYC)، بهدف تشجيع التفاهم، والتسامح، والتكافل، وتقديم توصياتهم بخصوص التحدّيات الإقليميّة والعالميّة إلى صناع القرار والوكالات الدوليّة.
وفي العام 1981، جمعت جلالتها مجموعة من أصحاب الرؤى في القطاعين العام والخاص في الأردن لإطلاق "مهرجان جرش للثقافة والفنون" السنوي، الذي عمل على مدى ثلاثة عقود كمحفز ديناميكي لترويج الثقافة والفنون الأردنيّة والعربيّة والتبادل بين الثقافات.
وفي العام 1984 أخذت على عاتقها مسؤولية تنفيذ مشروع وطني تعليمي احتفالاً باليوبيل الفضّي لتولي جلالة الملك الحسين سلطاته الدستورية، تجسّد بإطلاق مدرسة اليوبيل، وهي مؤسسة تعليمية ثانوية مختلطة تمّ افتتاحها في العام 1993 بهدف تطوير القدرات الأكاديمية والقياديّة للطلبة المتميّزين من الأردن والمنطقة وتوفير المنح الدراسيّة لهم، مع التركيز على الطلبة من المناطق الأقل حظاً.
وتم تطوير المدرسة بإنشاء مركز تدريب للنهوض بالمعايير التعليميّة الوطنيّة والإقليميّة من خلال تطوير مناهج وبرامج تدريب مبتكرة لأساتذة وتلاميذ المدارس الحكومية والخاصة. وساهمت مبادرات جلالة الملكة نور الحسين في تطوير التفكير التنموي ليتخطّى ممارسات الرعاية الاجتماعيّة التقليديّة القائمة على البر والاحسان التي تكون فيها المرأة بشكل خاص متلقية وسلبية، الى التركيز على تطوير القدرة الاقتصاديّة الوطنيّة للنساء والفقراء.
وفي عام 1985، أطلقت مؤسّسة نور الحسين "المشروع الوطني لتطوير الحرف اليدويّة" بهدف إحياء التراث الوطني الأردني والحفاظ عليه، وفي الوقت ذاته خلق فرص عمل مدرّة للدخل للنساء؛ وبالتالي أُسّس "مركز التصميم والتسويق الأردني" بهدف تحفيز ورفع معايير إنتاج الحرف اليدويّة الوطنيّة، وزيادة إنتاجيّة النساء وتفعيل دورهنّ الاقتصادي، وخلق وظائف جديدة واستراتيجيّات تسويق كي يصبح هذا القطاع مصدر دخل وطني جديد ومُستدام.
وبهدف تعزيز المبادرات الثقافيّة للشباب من خلفيّات اجتماعيّة واقتصاديّة مختلفة في الأردن، أسّست جلالة الملكة نور "المعهد الوطني للموسيقى" عام 1985.
وتساهم هذه المؤسّسة الفريدة في تطوير موسيقيّين بارعين في الموسيقى الكلاسيكيّة العربيّة والغربيّة، وتحسين مناهج الموسيقى في المدارس الحكومية.
كذلك، يدرس المعهد الموسيقى للمستويين الجامعي والثانوي، ما يُؤدّي إلى إمكانيّة الحصول على شهادات عليا في تخصّصات متعدّدة. إضافة إلى التدريب على العلاج بالموسيقى، وإعادة التأهيل لضحايا العنف من العائلات والأطفال.
وفي عام 1986، افتتحت مؤسّسة نور الحسين "معهد العناية بصحّة الطفل وتطوره " بهدف تقديم نموذج للرعاية الصحيّة الأوليّة للأم والطفل يشمل تنظيم الأسرة، متابعة تطور الأطفال، وإعادة التأهيل. وتطوّر المعهد ليصبح نموذجا أكثر شموليّة وتقدميّة للرعاية الصحيّة التي تستهدف السلامة الجسديّة، النفسيّة، والاجتماعيّة للأردنيّين واللاجئين في أنحاء المملكة كافة. اليوم، بات يُعرف بـ"معهد العناية بصحّة الأسرة" ويخدم كنموذج على الصعيدين الوطني والإقليمي. من خلال 33 فرعاً في الأردن.
وفي العام ذاته، بدأ "مركز نور الحسين لتنمية المجتمع المحلّي" في العقبة، بتقديم مجموعة من الخدمات الثقافيّة، التعليمية، والاجتماعيّة للشابات والأطفال. ويُوفّر المركز حاليا خدمات حضانة وتطوير الأعمال، إلى جانب بناء القدرات للمنظّمات المجتمعيّة والأسر المحرومة في جنوب الأردن.
إلى ذلك، تمّيز العام 1987 باعتماد مؤسّسة نور الحسين برنامج "المسرح في التعليم" الذي أدخل استخدام الفنون الأدائية كوسيلة لتعزيز الوعي بقضايا مهمة منها حقوق النساء، حقوق الإنسان، المشاركة المدنيّة للشباب، التماسك الاجتماعي، والتفاهم الثقافي المتبادل. وتطوّر البرنامج ليصبح "المركز الوطني للثقافة والفنون الأدائية"، الذي يواصل استخدام فنون الأداء كمنصّة للتغيير الاجتماعي.
وترعى جلالة الملكة نور "الجمعيّة الوطنيّة للمحافظة على البترا" منذ العام 1989، كما حثّت جلالتها مركز التراث العالمي التابع لليونسكو على إرسال فريق خبراء متعدّد التخصّصات إلى البترا بهدف تطوير خطّة لحماية الموقع الأثري.
وفي عام 1989 قامت مؤسّسة نور الحسين بتطوير نموذج إقليمي للتنمية الشاملة المتكاملة وبناء القدرات.
وأدّى "مشروع تحسين نوعيّة الحياة" إلى تطوير مجالات الرعاية الصحيّة، والتعليم، والإنتاجيّة الاقتصاديّة من خلال التدريب، وتوفير القروض الدوّارة التي تُديرها المجتمعات بنفسها.
وأدخلت المؤسّسة المشروع إلى 15 دولة عربيّة وآسيويّة من خلال برامجها التدريبيّة لبناء القدرات. ولا تزال منهجية البرنامج تحظى باهتمام متزايد في الأردن من خلال "برنامج تنمية المجتمعات المحلية".
واليوم، يُساهم " برنامج تنمية المجتمعات المحلية " في تحسين ظروف المعيشة والتكيّف من خلال خلق فرص عمل، وبناء روح الريادة والقدرات المؤسّسيّة لأفراد المؤسّسات المجتمعيّة، وتحسين البنية التحتيّة المجتمعيّة للأردنيّين واللاجئين في أنحاء المملكة. وخلال سنوات عمل البرنامج أطلق العديد من البرامج الوطنيّة مثل "قدرات" (2004-2009) و"برنامج جيوب الفقر" (2005-2013).
كما أطلقت جلالة الملكة نور في العام 1991 "مشروع الإغاثة والتأهيل" لدعم العائدين جرّاء حرب الخليج ومساعدتهم على تخطّي المصاعب الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي يُعانون منها من خلال توفير الغذاء والملابس، وبقروض ميسّرة لمساعدة الأفراد والأسر على إطلاق مبادرات مدرّة للدخل. اليوم، لا تزال برامج مؤسّسة الملك الحسين تُقدّم فرص الوصول إلى التعليم والتمويل وريادة الأعمال، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحيّة للعائلات والتأهيل النفسي والاجتماعي.
وفي عام 1993، من خلال مشروع المؤسّسة الريادي "تنمية قرى وادي السير"، تمّ ترميم بيوت ريفيّة تقليديّة في منطقة عراق الأمير الأثري الخلاّب. وأدّى ذلك إلى تحوّله إلى أوّل قرية للحرف اليدويّة في الأردن تحوي مشاغل حرفيّة للنساء.
وشهد العام 1995 إطلاق جلالة الملكة نور الحسين "الرابطة الوطنية للطفولة" بهدف مراقبة وتقييم وضع الأطفال في الأردن وقامت الرابطة بالتنسيق مع المهتمين وتأسيس "الائتلاف الوطني للأطفال".
كما يُدير المركز موقع haqqi.info، وهو أوّل قاعدة بيانات على الإنترنت في الأردن تُقدّم معلومات تشريعيّة، بحثيّة، وإعلاميّة حول قضايا محوريّة مثل حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعيّة، تمكين المجتمع المدني، وحقوق النساء والفتيات.
وإثر وفاة جلالة المغفور له، الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، عام 1999، أسّست جلالة الملكة نور "مؤسّسة الملك الحسين" لإدامة رؤى جلالة الملك الحسين وإرثه الإنساني المتمثّل في تعزيز الأمن الإنساني وتحقيق السلام.
وتترأّس جلالتها المؤسّسة التي تدعم الوصول العادل إلى الفرص الاجتماعيّة والاقتصاديّة، التعليميّة، الصحيّة، والثقافيّة. كذلك، تُطلق المؤسّسة مبادرات تدريب وبناء القدرات للنساء، الشباب.
وفي نفس العام، أطلقت جلالتها "مؤسّسة الملك الحسين الدوليّة" غير الربحيّة لدعم "مؤسّسة الملك الحسين" ومنح "جائزة الملك الحسين للقيادة" والتي تمنح لأفراد، أو لجماعات، أو مؤسّسات تعكس انجازاتهم رؤى المغفور له الملك الحسين وقيادته الشجاعة في تعزيز التنمية المستدامة، حقوق الإنسان، التسامح، العدالة الاجتماعية، والسلام. وفي أيّار 2007، أطلقت "مؤسّسة الملك الحسين الدوليّة" برنامج "الإعلام والإنسانيّة" خلال مهرجان "تريبيكا" السينمائي في نيويورك لدعم المشاريع الإعلاميّة التي تُجسّر الانقسامات الثقافيّة والسياسيّة، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
وفي العام 1999 أيضاً، أطلقت "مؤسّسة نور الحسين" الشركة الأردنية لتمويل المشاريع الصغيرة - تمويلكم"، بناءً على تجربتها في مشاريع الموارد المتجدّدة في التنمية المجتمعيّة في بداية الثمانينات.
وتُقدّم الشركة قروضا تمويليّة حسب الطلب، وأغلبهم من النساء اللواتي تمكنّ من بدء أعمال خاصة بهن. منذ ذلك الحين، تطوّرت مهمّة "تمويلكم" وباتت تُلبّي الحاجات الخاصّة بالمواطنين غير المتعاملين مع البنوك، مع تركيز خاص على دعم الشباب وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسّطة.
وأطلقت مؤسّسة الملك الحسين في العام 2015 "إثمار للتمويل الأصغر الإسلامي"، وهي أوّل مؤسّسة تمويل أصغر تُقدّم حلولا ماليّة متوافقة مع الشريعة الإسلاميّة لتلبية الفجوة بين العرض والطلب لخدمات القروض المقبولة في الأردن. وتقدم "إثمار" نموذج تمويل أصغر فعّال من خلال شبكة متنوّعة من الوكلاء واستخدام التكنولوجيا.
وتعتبر جلالة الملكة نور الحسين البيئة عنصرا أساسيا في عملها لتعزيز الأمن الإنساني وتسوية الصراعات. ففي العام 1978، رعت جلالتها إلى جانب جلالة الملك الحسين "الجمعية الأردنية للحفاظ على البيئة"، وهي أول جمعية بيئية غير حكومية على مستوى الشرق الأوسط.
وترأّست جلالتها في العام 1990 اللجنة الوطنية الأردنية التي طوّرت أوّل قانون واستراتيجيّة وطنيّين للبيئة في الأردن والمنطقة، مما حدّد معايير الجودة للمياه واستخداماتها، ومواصفات قياس ومراقبة تلوث الهواء، وإنشاء المحميات الطبيعية البرية والمائية.
ونتيجة التزام جلالتها طويل الأمد بتحقيق التنمية المستدامة، أطلقت مؤسّسة الملك الحسين في العام 2017 محطة توليد كهرباء من الطاقة الشمسيّة. وتُغذّي المحطّة بالطاقة الخضراء أكثر من 30 مركزا وفرعا تُديرهم المؤسّسة.
وتهتمّ جلالة الملكة نور بالتنمية المستدامة، وقضايا المياه والمحيطات. وفي خلال العام الماضي، كانت جلالتها المتحدّث الرئيس في مؤتمري "المخاطر على المحيط" و "القمّة العالميّة للمحيطات"، حيث أكدت العلاقة الحرجة بين صحة المحيطات والإنسان، والتحدّيات الأمنية البشرية والوطنية والدولية. كما دعت الى تشكيل ائتلافات إقليميّة لمواجهة هذه التحدّيات. وترعى جلالتها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ومدافعة مؤيدة لتسليط الضوء على العلاقة بين التدهور البيئي وانعدام الأمن والنزاع خاصة في الشرق الأوسط، وهي الرئيس المؤسس والفخري لمنظمة حياة الطيور الدولية، وعضو مجلس أمناء فخري في الحفاظ على البيئة الدولية، وعضو في شيوخ المحيط OceanElders.
وانصب تركيز جلالة الملكة نور الحسين أيضاً على منطقة البلقان، خاصة بعد تنفيذ أول مهمة إنسانية هناك عام 1996. وبصفة جلالتها أقدم مفوض في اللجنة الدولية المعنية بالأشخاص المفقودين، فقد دعمت الجهود التي تكللت بتطوير اللجنة، لتصبح منظمة حكومية دولية في لاهاي تعمل مع أكثر من 40 بلداً.
كما تترأس جلالتها منذ العام 1995 كليات العالم المتحدة، وهي شبكة مكونة من 18 كلية مناصرة لتساوي الفرص، تقدم منحا دراسية دولية في جميع أنحاء العالم لتعزيز التفاهم بين مختلف الثقافات والسلام العالمي.
وجلالتها عضو مجلس أمناء "معهد آسبن"، ومستشارة أيضاً لمؤتمر "ترست وومان" السنوي الذي تنظمه مؤسسة "ثومسون رويترز" لمنح حقوق النساء دعماً قانونياً. وهي عضو المؤسسة الأميركية لإغاثة اللاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا). كما عملت جلالة الملكة نور الحسين مع عدد من المنظمات الدولية الأخرى لتعزيز جهود تحقيق السلام على المستوى العالمي، والتعافي من النزاعات منها، مؤسسة السلام في العصر النووي، وبذور السلام ومجلس القيادات النسائية في العالم والنساء المناضلات من أجل السلام،. وجلالتها عضو أيضاً في المجلس الاستشاري لـ"مركز بيو للدراسات".
وقد نشرت جلالتها كتابين، "الحسين ملك الأردن" و"قفزة الإيمان: مذكرات حياة غير متوقعة" الذي حقق افضل مبيعات في نيويورك تايمز وتم نشره في 17 لغة. ولجلالة الملكة نور الحسين أربعة أبناء، أصحاب السمو الملكي الأمراء حمزة وهاشم والأميرات إيمان وراية وعشرة أحفاد. (بترا)