لافروف: الجيش السوفيتي هو من كسر الرايخ الثالث وليس "إنزال النورماندي"
القبة نيوز- في يوم 22 يونيو المقبل، ذكرى نشوب الحرب الوطنية العظمى، سوف يتذكر الشعب الروسي أبطاله، ممن وقع في أرض المعركة أو في الأسر ومعسكرات التعذيب، أو مات من الجوع والمرض جراء الحرب.
لقد مضت احتفالاتنا السنوية بالتاسع من مايو، واحتفل بهذا العيد مئات الآلاف من مواطنينا الروس وسائر الشعوب الأخرى التي شاركتنا النصر في الحرب الوطنية العظمى، بينما نستعد في العام المقبل لاستقبال الذكرى الـ 75 للنصر في الحرب، وسوف يكون الاحتفال بهذه الذكرى، حتما، على مستوى يليق بهيبة وجلال الحدث وعظمة الروح الروسية وأبطالها في هذه الحرب.
لكن هذا الاحتفال لا يروق للبعض، لماذا؟
لقد وقعت شعوب الاتحاد السوفيتي ودول أخرى فريسة للإيديولوجية النازية المعادية للبشرية، ثم أصبحت روسيا ضحية عدوان أكبر وأقوى آلة عسكرية عدوانية منظمة في ذلك الوقت. وكان للعدد المرعب من ضحايا الاتحاد السوفيتي دور حاسم في النصر فيما بعد على ألمانيا الهتلرية، وتمكن السوفييت، بمساعدة الحلفاء، من تحرير أوروبا من طاعون الفاشية. وكان هذا النصر بمثابة حجر الأساس للنظام العالمي الجديد المبني على الأمن الجماعي والتعاون بين الدول، وهو ما فتح الطريق أمام إنشاء منظمة الأمم المتحدة.
وبينما تمضي الأيام، وتزداد أرقام سنوات الذكرى، يرتفع بالتزامن مع ذلك عدد الراغبين في محو هذه الذكرى التي لا تبدو مقدسة للجميع، وتبث عدم الثقة في الطريق الذي سلكه أجدادنا. نسمع اليوم أصواتا من خارج روسيا ومن داخلها تتحدث عن "عسكرة الوعي المجتمعي" في روسيا، وأن العرض العسكري السنوي، وفوج الخلود ظاهرتان تزرعان "مزاجا عسكريا" على مستوى الدولة الروسية. وترفض روسيا بذلك الإنسانية وقيم العالم "المتحضر"، في الوقت الذي نسيت فيه أوروبا "هفوات الماضي"، وتصالحت مع ماضيها، لتبني "علاقات تصبو إلى المستقبل بسماحة".
يسعى من لا نروق لهم إلى الحط من قدر دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، ويصورونه معتديا يكاد يشبه ذنبه في الحرب إثم ألمانيا الفاشية، ويبالغون في أطروحاتهم حول "المسؤولية المتساوية"، واضعين بسخرية الجيش الأحمر الذي حرر أوروبا من نير الفاشية جنبا إلى جنب مع المحتل النازي، وسائر المتعاونين معه، ممن تسببوا في سقوط عشرات الملايين من الضحايا، وفي الكثير من الجرائم. اليوم، أصبحنا نرى النصب والتماثيل التذكارية التي تقام لمن عاون الفاشيين، في الوقت الذي تتعرض فيه تماثيل ورفات المحاربين والأبطال السوفييت، الذين حرروا الأراضي من الفاشية إلى الإهانة والتدمير في عدد من البلدان. وددت أن أؤكد هنا أن محاكمات نورنبيرغ، التي تعد أحكامها جزءا لا يتجزأ من القانون الدولي، قد حددت بكل دقة من كان في صفوف الخير، ومن تورط مع قوى الشر. وكان في صدارة المجموعة الأولى الاتحاد السوفيتي بما قدمه من عشرات الملايين من أبنائه وبناته قرابين على مذبح النصر، إلى جانب دول التحالف ضد هتلر. وفي المجموعة الثانية كان نظام الرايخ الثالث، ودول المحور، وكل من تعاون معها، بمن في ذلك المتعاونين على الأراضي التي احتلوها.
وعلى الرغم من ذلك، لا زال كثيرون في نظام التعليم الغربي يدسّون روايات كاذبة و"نظريات" تاريخية، من بينها روايات ونظريات تبخس حقوق أجدادنا، بينما يقنعون الأجيال الشابة بأن من صنع النصر على الفاشية وحرر أوروبا لم يكن الجيش السوفيتي، وإنما كان الغرب في إنزال نورماندي عام 1944، قبل عام واحد من هزيمة الفاشية.
إننا نقدّر إسهام جميع الحلفاء في نصرنا المشترك في هذه الحرب، ونعتبر محاولات دب الفرقة بيننا أمرا مخزيا، ومهما حاول هؤلاء تزييف حقائق التاريخ، لن يتمكنوا من إطفاء شعلة الحقيقة، وهي أن شعوب الاتحاد السوفيتي هي من كسرت ظهر الرايخ الثالث. وتلك حقيقة مؤكدة.
بالطبع يحاولون في أوروبا التخلص من "الأحرف التاريخية الحادة"، واستبدال التكريم العسكري بفعاليات متصالحة "محايدة". لا غبار على ذلك، لكن علينا أن نتعلم من دروس الماضي.
إن التعدي على دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية لم يحدث حتى في أوج الحرب الباردة، حينما كانت أجواء الحرب تحفز على أفكار من هذا النوع. وقتها لم يجرؤ أحد على التقليل من الدور الرئيسي للاتحاد السوفيتي في النصر، ولا في الدور الذي لعبته بلادنا في فترة ما بعد الحرب، وهو الدور الذي اعترف به حلفاؤنا في الغرب آنذاك بلا نقاش. وكانوا هم، بالمناسبة، أصحاب مبادرة تقسيم أوروبا إلى "مناطق توزيع المسؤولية" عام 1944، حينما وضع رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، هذه القضية أمام زعيم الاتحاد السوفيتي، جوزيف ستالين، أثناء المحادثات السوفيتية البريطانية.
اليوم، يسعى السياسيون والدعائيون الغربيون إلى تزييف التاريخ، وزرع الشك في وعي الجماهير بشأن عدالة النظام العالمي الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة كنتيجة للحرب العالمية الثانية، وتبنّي سياسة تقويض المعايير والقوانين الدولية القائمة، وتبديلها بـ "نظام مبني على قواعد" تفرضها "القوة، لا الحق"، لنعود جميعا إلى "شريعة الغاب".
يحتفل الدبلوماسيون والسياسيون الروس بالتاسع من مايو، عيد النصر على الفاشية، ويتذكرون أن الدول الحلفاء في النصر على هتلر سموا أنفسهم عام 1945 بـ "الأمم المتحدة"، تلك الأمم التي وقفت كتفا بكتف، فقاد البريطانيون حاملات الإمدادات عبر منطقة القطب الشمالي، وتآخوا عند نهر الإلب، حيث التقى الحلفاء، وقصف الطيارون الفرنسيون من فوج مقاتلات "نورماندي – نيمان" الجوي طائرات العدو على الجبهة السوفيتية الألمانية. وساهمت تهديدات العدو المشترك، وأيديولوجية الاشتراكية القومية المعادية للبشرية، في توحيد الحكومات المختلفة في رؤاها وإيديولوجياتها، وجعلتها تنحي اختلافاتها السياسية جانبا، أمام إيمانها بضرورة هزيمة ألمانيا الفاشية، ونصر العدل على الظلم، والنور على الظلام.
بعد انتهاء الحرب، أنشأ الحلفاء نظاما عالميا جديدا يستند إلى نموذج مثالي للتعاون المبني على التساوي في الحقوق للدول ذات السيادة. وكان من المفترض أن يصبح تأسيس منظمة الأمم المتحدة ضمانا لعدم تكرار المصير المأساوي الذي أصاب البشرية جراء الحرب العالمية الثانية، وعدم تكرار مصير المنظمة السابقة للأمم المتحدة، "عصبة الأمم".
وكان آباؤنا المؤسسون للمنظمة قد تعلموا جيدا من دروس الماضي: من دون إجماع "القوى العظمى" – والموافقة بأغلبية دول العالم الرائدة، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، لا يمكن أن يصبح العالم مستقرا. كم يتعين علينا اليوم أن نلتزم بوصاياهم ونتخذها قانونا حاكما لنا.
سيرغي لافروف
لقد مضت احتفالاتنا السنوية بالتاسع من مايو، واحتفل بهذا العيد مئات الآلاف من مواطنينا الروس وسائر الشعوب الأخرى التي شاركتنا النصر في الحرب الوطنية العظمى، بينما نستعد في العام المقبل لاستقبال الذكرى الـ 75 للنصر في الحرب، وسوف يكون الاحتفال بهذه الذكرى، حتما، على مستوى يليق بهيبة وجلال الحدث وعظمة الروح الروسية وأبطالها في هذه الحرب.
لكن هذا الاحتفال لا يروق للبعض، لماذا؟
لقد وقعت شعوب الاتحاد السوفيتي ودول أخرى فريسة للإيديولوجية النازية المعادية للبشرية، ثم أصبحت روسيا ضحية عدوان أكبر وأقوى آلة عسكرية عدوانية منظمة في ذلك الوقت. وكان للعدد المرعب من ضحايا الاتحاد السوفيتي دور حاسم في النصر فيما بعد على ألمانيا الهتلرية، وتمكن السوفييت، بمساعدة الحلفاء، من تحرير أوروبا من طاعون الفاشية. وكان هذا النصر بمثابة حجر الأساس للنظام العالمي الجديد المبني على الأمن الجماعي والتعاون بين الدول، وهو ما فتح الطريق أمام إنشاء منظمة الأمم المتحدة.
وبينما تمضي الأيام، وتزداد أرقام سنوات الذكرى، يرتفع بالتزامن مع ذلك عدد الراغبين في محو هذه الذكرى التي لا تبدو مقدسة للجميع، وتبث عدم الثقة في الطريق الذي سلكه أجدادنا. نسمع اليوم أصواتا من خارج روسيا ومن داخلها تتحدث عن "عسكرة الوعي المجتمعي" في روسيا، وأن العرض العسكري السنوي، وفوج الخلود ظاهرتان تزرعان "مزاجا عسكريا" على مستوى الدولة الروسية. وترفض روسيا بذلك الإنسانية وقيم العالم "المتحضر"، في الوقت الذي نسيت فيه أوروبا "هفوات الماضي"، وتصالحت مع ماضيها، لتبني "علاقات تصبو إلى المستقبل بسماحة".
يسعى من لا نروق لهم إلى الحط من قدر دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، ويصورونه معتديا يكاد يشبه ذنبه في الحرب إثم ألمانيا الفاشية، ويبالغون في أطروحاتهم حول "المسؤولية المتساوية"، واضعين بسخرية الجيش الأحمر الذي حرر أوروبا من نير الفاشية جنبا إلى جنب مع المحتل النازي، وسائر المتعاونين معه، ممن تسببوا في سقوط عشرات الملايين من الضحايا، وفي الكثير من الجرائم. اليوم، أصبحنا نرى النصب والتماثيل التذكارية التي تقام لمن عاون الفاشيين، في الوقت الذي تتعرض فيه تماثيل ورفات المحاربين والأبطال السوفييت، الذين حرروا الأراضي من الفاشية إلى الإهانة والتدمير في عدد من البلدان. وددت أن أؤكد هنا أن محاكمات نورنبيرغ، التي تعد أحكامها جزءا لا يتجزأ من القانون الدولي، قد حددت بكل دقة من كان في صفوف الخير، ومن تورط مع قوى الشر. وكان في صدارة المجموعة الأولى الاتحاد السوفيتي بما قدمه من عشرات الملايين من أبنائه وبناته قرابين على مذبح النصر، إلى جانب دول التحالف ضد هتلر. وفي المجموعة الثانية كان نظام الرايخ الثالث، ودول المحور، وكل من تعاون معها، بمن في ذلك المتعاونين على الأراضي التي احتلوها.
وعلى الرغم من ذلك، لا زال كثيرون في نظام التعليم الغربي يدسّون روايات كاذبة و"نظريات" تاريخية، من بينها روايات ونظريات تبخس حقوق أجدادنا، بينما يقنعون الأجيال الشابة بأن من صنع النصر على الفاشية وحرر أوروبا لم يكن الجيش السوفيتي، وإنما كان الغرب في إنزال نورماندي عام 1944، قبل عام واحد من هزيمة الفاشية.
إننا نقدّر إسهام جميع الحلفاء في نصرنا المشترك في هذه الحرب، ونعتبر محاولات دب الفرقة بيننا أمرا مخزيا، ومهما حاول هؤلاء تزييف حقائق التاريخ، لن يتمكنوا من إطفاء شعلة الحقيقة، وهي أن شعوب الاتحاد السوفيتي هي من كسرت ظهر الرايخ الثالث. وتلك حقيقة مؤكدة.
بالطبع يحاولون في أوروبا التخلص من "الأحرف التاريخية الحادة"، واستبدال التكريم العسكري بفعاليات متصالحة "محايدة". لا غبار على ذلك، لكن علينا أن نتعلم من دروس الماضي.
إن التعدي على دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية لم يحدث حتى في أوج الحرب الباردة، حينما كانت أجواء الحرب تحفز على أفكار من هذا النوع. وقتها لم يجرؤ أحد على التقليل من الدور الرئيسي للاتحاد السوفيتي في النصر، ولا في الدور الذي لعبته بلادنا في فترة ما بعد الحرب، وهو الدور الذي اعترف به حلفاؤنا في الغرب آنذاك بلا نقاش. وكانوا هم، بالمناسبة، أصحاب مبادرة تقسيم أوروبا إلى "مناطق توزيع المسؤولية" عام 1944، حينما وضع رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، هذه القضية أمام زعيم الاتحاد السوفيتي، جوزيف ستالين، أثناء المحادثات السوفيتية البريطانية.
اليوم، يسعى السياسيون والدعائيون الغربيون إلى تزييف التاريخ، وزرع الشك في وعي الجماهير بشأن عدالة النظام العالمي الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة كنتيجة للحرب العالمية الثانية، وتبنّي سياسة تقويض المعايير والقوانين الدولية القائمة، وتبديلها بـ "نظام مبني على قواعد" تفرضها "القوة، لا الحق"، لنعود جميعا إلى "شريعة الغاب".
يحتفل الدبلوماسيون والسياسيون الروس بالتاسع من مايو، عيد النصر على الفاشية، ويتذكرون أن الدول الحلفاء في النصر على هتلر سموا أنفسهم عام 1945 بـ "الأمم المتحدة"، تلك الأمم التي وقفت كتفا بكتف، فقاد البريطانيون حاملات الإمدادات عبر منطقة القطب الشمالي، وتآخوا عند نهر الإلب، حيث التقى الحلفاء، وقصف الطيارون الفرنسيون من فوج مقاتلات "نورماندي – نيمان" الجوي طائرات العدو على الجبهة السوفيتية الألمانية. وساهمت تهديدات العدو المشترك، وأيديولوجية الاشتراكية القومية المعادية للبشرية، في توحيد الحكومات المختلفة في رؤاها وإيديولوجياتها، وجعلتها تنحي اختلافاتها السياسية جانبا، أمام إيمانها بضرورة هزيمة ألمانيا الفاشية، ونصر العدل على الظلم، والنور على الظلام.
بعد انتهاء الحرب، أنشأ الحلفاء نظاما عالميا جديدا يستند إلى نموذج مثالي للتعاون المبني على التساوي في الحقوق للدول ذات السيادة. وكان من المفترض أن يصبح تأسيس منظمة الأمم المتحدة ضمانا لعدم تكرار المصير المأساوي الذي أصاب البشرية جراء الحرب العالمية الثانية، وعدم تكرار مصير المنظمة السابقة للأمم المتحدة، "عصبة الأمم".
وكان آباؤنا المؤسسون للمنظمة قد تعلموا جيدا من دروس الماضي: من دون إجماع "القوى العظمى" – والموافقة بأغلبية دول العالم الرائدة، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، لا يمكن أن يصبح العالم مستقرا. كم يتعين علينا اليوم أن نلتزم بوصاياهم ونتخذها قانونا حاكما لنا.
سيرغي لافروف