المجالي : وقف التعيينات خرق لنظام الخدمه المدنيه
القبة نيوز-كتب المحامي رايق المجالي - التعينات الأخيرة حتى لا يكون كلام الحق يفضي إلى باطل : إن مجرد الإعلان عن التراجع عن أية تعيينات يثار عليها جدل هو فساد يتجاوز كل أنواع الفساد الذي عرف على مر التاريخ , والرضا بهذه الخطوة وطي الصفحة حتى من قبل الشعب وممثلي الشعب ومن أي مرجعية هو أيضا فساد أبشع , والحري بكل المعنيين بمكافحة الفساد وأولهم مجلس النواب بدوره الرقابي أن يطالبوا الحكومة بتوضيح كامل ملابسات القصة وإعطاء الأسباب الموجبة لتعيين كل شخص على حدة لا بالمجمل , ولا أن يكون التراجع أيضا بزعم التصحيح بالمجمل حتى لا يظلم أحد (والصالح يروح بعروى الطالح ) .
..وأنا هنا لا أدافع عن الحكومة أو المعينين , ولكن المبدأ المعروف من مباديء العدالة يقول :" أن يفلت ألف مذنب خير من أن يدان بريء واحد " , وعليه فأن أية تعينات من هذا النوع وخصوصا عندما تتعدد قد يكون بينها من هو مستحق للوظيفة وقد يكون من بين تلك الوظائف ما هو ضروري فعلا وتحتاجه المؤسسة , فلا يعقل أن يتم تعطيل التشريعات والصلاحيات بالمطلق والتي وضعت لغايات إدارة الجهاز الحكومي ومنها صلاحية التعيين بعقود للموظفين وعلى حساب المشاريع وفقا لنظام الخدمة المدنية .
فقرار رئيس الحكومة بالرجوع عن تلك التعينات بالمجمل وإخضاعها لسلم رواتب الخدمة المدنية فيه مخالفة لنظام الخدمة المدنية ,مما يعني مخالفة قرار لتشريع وهو النظام , والقرار لا يرقى إلى قوة التشريع ويستوجب الإلغاء في حالة تعارضه مع تشريع أعلى , فقد أعطى نظام الخدمة المدنية في المادة 60 /أ الصلاحية لرئيس الوزراء الحق أو الصلاحية في تعيين موظفين بعقود شاملة العلاوات في حالات خاصة لإستقطاب الخبرات حيث ورد النص كما يلي : مادة 60/أ : في حالات خاصة ومبررة تتطلبها طبيعة العمل في الدائرة ولإستقطاب الخبرات العلمية وخبرات عملية مميزة يجوز تعيين الموظف بموجب عقد شامل لجميع العلاوات وبراتب يزيد على الرواتب المحددة على أن تراعى الأسس والإجراءات التالية ....."
كما تم النص في الفقرة (ه ) من نفس المادة على ما يلي : بالرغم مما ورد في هذه المادة لرئيس الوزراء تعيين الموظف بموجب بعقد شامل جميع العلاوات .
وعليه فإن مبدأ التعيين على هذه العقود مقرر في نظام الخدمة المدنية مشروطا بتحقق الصالح العام وتطبيق أسس العدالة وتكافؤ الفرص , لذا فإن القول بأن التعيين بهذه الطريقة في الأصل يدخل في باب الفساد والتنفيع ليس صحيحا , وتعطيل هذه المواد في النظام بموجب قرار رئيس الحكومة مخالفة قانونية ومخالفة لمبدأ سيادة القانون , وقد تنطوي هذه الإجراءات والقرارات التي تهدف لكسب رضا الشارع أو لتلافي المسائلة بأي شكل على ظلم لبعض المعينين وبالضرورة إضرارا بالمصلحة العامة وإدارة الجهاز الحكومي التي هي غاية التشريع .
..لذا فإن العدالة وسيادة القانون تقتضي مراجعة وتدقيق أسباب التعيين وطبيعة الوظائف وحاجة كل دائرة ومؤهلات وخبرات كل شخص معين بعقد على حدة تجنبا لظلم المستحق وتجنبا للإنحراف في تطبيق مبدأ سيدة القانون .
الكاتب مستشار قانوني