محافظ البنك المركزي يفتتح المؤتمر الدولي للاتحاد العربي للمتداولين في الأسواق المالية
لمشكلات الاقتصادية التي تواجه دول المنطقة منذ عام 2008، والتي بدأت بأسباب اقتصاديه عمقتها الأزمات السياسية، وهو ما استدعى اجراءات هيكلية على الصعيدين المالي والنقدي لحماية الاقتصادات العربية والتخفيف من تأثيراتها على مجمل النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.
وقال في كلمة لافتتاح اعمال المؤتمر الدولي الحادي والاربعون للاتحاد العربي للمتداولين في الأسواق المالية، في منطقة البحر الميت اليوم الجمعة، أنه بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على الأزمة المالية العالمية، لايزال الاقتصاد العالمي يعاني من ضعف معدلات النمو الاقتصادي رغم السياسات التحفيزية التي تبنتها لإنعاش الاقتصاد العالمي، خصوصا على صعيد السياسة النقدية.
وأضاف في المؤتمر الذي حضره، وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور يوسف منصور وعدد من الخبراء الماليين على مستوى الوطن العربي والعالم، أن التعافي الظاهر حتى الآن ما زال هشا؛ إذ سجل الاقتصاد العالمي نموا متباطئا في النصف الأول من العام الحالي وبحدود 9ر2 بالمئة "وهو في ادنى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية".
وقال إن الاقتصاد العالمي متوقع أن ينمو بنسبة 1ر3 و4ر3 بالمئة للعامين الحالي والمقبل، وسط تجدد المخاوف من استمرار تحرك لاقتصاد العالمي في حلقة مفرغة بسبب تراجع الاستثمارات والإنتاجية وضعف الطلب، الأمر الذي يؤثر على آفاق النمو ومستوى النشاط الاقتصادي العالمي، لاسيما في إطار التداعيات التي لم تتكشف بعد لقرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أنه فيما يخص الدول النامية واقتصادات الدول الناشئة، فإنها ما زالت تواجه تحديات كبيرة، وعلى رأسها أسعار السلع الأساسية والنفط الخام، وضعف الطلب الداخلي والخارجي ومعدلات نمو التجارة الخارجية، والتقلبات الحادة في الأسواق المالية وفي تدفقات رؤوس الأموال، وعودة المسارات التقليدية للسياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى التحديات الاقتصادية المرتبطة بالبيئة الداخلية، التي تتمثل في الحاجة للمزيد من الاصلاحات الهيكلية وتنسيق أطر السياسات الاقتصادية الكلية بشكل يدعم استقرار الاقتصاد الكلي.
وقال إن التطورات السابقة واستمرار التراجع في معدلات التضخم خلال السنوات الماضية عن مستوياتها المستهدفة، افضت إلى قيام بعض البنوك المركزية بتبني اسعار فائدة سالبة، وهو كان خيارا مستبعدا وغير وارد في أدبيات السياسة النقدية وفي التجارب العملية للبنوك المركزية، "لكنه أصبح واقعا ملموسا ويأخذ منحا متصاعدا في هذه الأيام بهدف تحفيز النشاط الائتماني والعودة بمعدلات التضخم إلى المستويات الطبيعية في الأمد الطويل".
وعلى مستوى المنطقة العربية، قال الدكتور فريز إن احتدام الصراعات وظروف عدم الاستقرار السياسي، علاوة على انخفاض أسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية في الدول المصدرة للنفط، لازالت تشكل عبئا كبيرا على النشاط الاقتصادي وزيادة حالة عدم اليقين في المنطقة.
وبين أن التوقعات بأن تراوح معدلات النمو الاقتصادي للدول المستوردة للنفط عند مستوياتها المسجلة في عام 2015 والبالغة 75ر3 بالمئة في الأمد المتوسط، ما يشكل نحو ضعف النمو المتحقق في الدول المصدرة للنفط.
وقال إن الأردن "أنهى بنجاح" أواخر العام الماضي تطبيق البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي 2012-2015، وذلك وفقا لتقييم المؤسسات الدولية، حيث تمكن خلاله من استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وإنجاز إصلاحات مهمة في قطاعات الطاقة ومالية الحكومة.
وأضاف أنه استكمالا لمسيرة الاصلاح، فقد تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على تبني برنامج وطني جديد للإصلاح الاقتصادي للسنوات 2016-2018 بهدف المضي قدما في الإصلاحات الهيكلية لتعزيز وتحسين بيئة الأعمال، ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على مواجهة التحديات التي تواجهها في سبيل الحصول على التمويل، وتحسين القدرة التنافسية للصناعات الأردنية، وتوفير فرص اقتصادية جديدة، وخلق فرص العمل.
وأشار الدكتور فريز إلى نجاح الأردن في اصدار سندات سيادية يورو دولارية بحجم مليار دولار ولأجل 10 سنوات وبمعدل عائد 8ر5 بالمئة وبنسبة تغطية بلغت حوالي 4 مرات، الأمر الذي يعكس مدى ثقة العالم بالاقتصاد الأردني والسياسات الرشيدة التي يتم اعتمادها على المستويين السياسي والاقتصادي وذلك بالرغم مما يتعرض له الأردن من ازمات تتمثل في اللجوء السوري وظروف الدول المحيطة كالعراق وسوريا والاثر السلبي على قطاع التجارة الخارجية.
واوجز التحديات التي تواجه المتعاملين في الاسواق المالية على المستوى العالمي بانخفاض عوائد الدخل الثابت (السندات) ووصول بعضها الى مستويات سالبة، وارتفاع معدلات التذبذب (Volatility) في ظل تنامي ظروف عدم اليقين خصوصا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وتوجهات الاحتياطي الفيدرالي مقارنة مع نظرائه من البنوك المركزية في الدول الصناعية، وسوق النفط الخام وآفاقه المستقبلية، وتطورات تكنولوجيا المعلومات والتهديدات المرتبطة بها.
وأكد أن المشاكل المالية التي تعرضت لها اقتصادات العالم، نتيجة للازمة المالية العالمية، أدت إلى زيادة المطالبة بضرورة وجود مجموعة من الضوابط والأعراف والمبادئ الأخلاقية والمهنية، لبناء الثقة والمصداقية بين العملاء والشركات وبين المستثمرين والمتداولين، وذلك لضمان ازدهار الاستثمار وتعزيز أركان استقرار الاقتصاد الكلي وبالتالي تحفيز النمو الاقتصادي.
وقال إن هذه المشكلات ولدت الحاجة إلى ضرورة وجود إجراءات يتم من خلالها وضع وتطوير التطبيقات القائمة للحفاظ على حقوق مختلف الأطراف المعنية من حيث المساءلة والرقابة والافصاح والشفافية والعدالة بشكل أكثر فاعلية، حيث تؤدي الحاكمية الرشيدة والالتزام بأخلاقيات المهنة للشركات والمتداولين إلى ضمان دقة التقارير المالية وفعالية إجراءات الرقابة الداخلية والخارجية، لينعكس ذلك إيجابا على جودة أداء المتداولين، وزيادة ثقة المستثمرين، ورفع مستوى حشد المدخرات، وتوجيهها نحو الاستثمارات الأكثر كفاءة، وتقليل المخاطر في عمليات التداول في الأسواق المالية.
وأكد أنه لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، بدأ البنك المركزي في تعزيز وتطوير أركان الاستقرار المالي، من خلال مراجعة شاملة لمنظومة التشريعات الناظمة للعمل المصرفي، ووضع الأسس الكفيلة لتطبيق تعليمات بازل 3، وانظمة الدفع والتسويات في المملكة بالتشارك مع البنوك العاملة في الأردن والشركاء ذوي العلاقة.
وأضاف أن المركزي عمل على وضع الأطر القانونية الشاملة وبما يكفل حماية المستهلك المالي، ونشر الثقافة المالية والمصرفية، بهدف تعزيز الاشتمال المالي، وتشجيع القبول المتزايد لأدوات الدفع الحديثة، وتقليل المخاطر النظامية ومخاطر الائتمان، وتسهيل دورة النقود في الاقتصاد.