facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

مجلس النواب بين التحالفات والصفقات والمواجهات!

مجلس النواب بين التحالفات والصفقات والمواجهات!
  نضال منصور أقل من شهر ويبدأ البرلمان في الأردن عمله بعد انتخابات مختلفة نظمّت بموجب قانون جديد. كثيرة هي القراءات التي تمت للبرلمان الجديد منذ نتائج الانتخابات، لكن الأغلبية يعتبرون بأن غياب الأحزاب عن قبة البرلمان باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي يزيد من صعوبة المعرفة التفصيلية لتوجهات الأكثرية النيابية. دائماً أول الاختبارات النيابية تكون انتخاب رئيس مجلس النواب، وهذه المرة تبدو الأمور مختلفة قليلاً، لأن الرئاسة أصبحت لعامين، وهذا يدفع النواب واللاعبين الرئيسيين في الدولة للتمهل في دفع رئيس للواجهة في أول دورة برلمانية. المرشحون لرئاسة البرلمان بدأوا فور إعلان النتائج زياراتهم، ولقاءاتهم، وعزائمهم، وخاصة للنواب الجدد في محاولة لاستقطابهم، وأكثرية المرشحين لرئاسة المجلس هم من النواب السابقين الذين عرفوا دهاليز الصفقات والتحالفات والتدخلات تحت القبة. حتى تعرف من هو رئيس مجلس النواب القادم، عليك أن تعرف كيف تفكر الدولة بمؤسساتها ونقصد "الديوان الملكي، الحكومة، المخابرات" بشكل العلاقة مع البرلمان الجديد، وهل تريد صياغة إطار جديد للعلاقة تتعاظم فيه استقلالية المجلس وتتقلص التبعية؟ لا أتصور أن هذا البرلمان سينتفض ويقوّض بالكامل نمط العلاقة السائد مع مؤسسات الدولة، وربما تتشكل هوامش من الاستقلالية أفضل من البرلمان السابق. فوز رئيس مجلس النواب القادم مرتبط بالإجابة عن أسئلة متعددة منها، هل تريد الدولة أن يعود رموز المجلس السابق للهيمنة وإدارة شؤون البرلمان، وهل تقبل الدولة أن يتولى مقاليد رئاسة المجلس ممثل تحالف الإصلاح أو حزب جبهة العمل الإسلامي، أم ستدفع للواجهة بمن يقارع الإسلاميين بذات اللغة والأدبيات وإن اختلفت المواقع، أم ستعيد الاعتبار للتوازنات الديموغرافية في قيادة السلطات؟ الأمر المؤكد أن الدولة وأجهزتها لها تأثير كبير في مواقف البرلمان وصراعاته، فحين يدقق الباحث النظر بهوية وتوجهات النواب يدرك بأن غالبية الأعضاء يمكن وصفهم بأنهم الأقرب لرؤى الحكومة ولا يتعارضون معها في التصورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا يعني بشكل أوضح أن "الكتلة المضمونة" التي تقف بالقرب من الحكومة وستدعم توجهاتها وتتأثر باتصالاتها قد تصل من 80 الى 90 نائباً، في حين أن "المعارضة المنظمة" إن جاز هذا التعبير لن تتجاوز 20 الى 25 نائباً، وسيبقى هناك 20 نائباً يناورون ويتخذون مواقف ترتبط بذات القضية ومصالحهم، وعلى هذا الأساس فإن الصوت الأعلى الذي يقرر الرئيس القادم للمجلس هي الدولة وموقفها ورضاها، وهذا ليس أمراً مفاجئاً أو غريباً في آخر 20 عاماً من عمر البرلمان. واقع الحال أن الكتلة المضمونة للحكومة داخل البرلمان لا يعني أبداً أن حكومة الدكتور هاني الملقي لن تواجه عواصف المواجهات مع البرلمان الجديد، وأتوقع أن هناك ملفات ساخنة تنتظرها، منها تشكيل الحكومة دون مشاورات برلمانية، وصفقة الغاز، وبعض التعديلات على مناهج التعليم، هذا عدا عن ما تخلفه ظلال معركة رئاسة مجلس النواب ونوابه واللجان من احتقان في العلاقة مع الحكومة، بالإضافة الى رغبة العديد من النواب "باستعراض عضلاتهم" أمام الحكومة، وصوتهم في الخطابات. باعتقادي لن تحصل حكومة الملقي على ثقة عالية جداً مثلما كان يحدث في مجالس سابقة، ولا أعتقد أنها ستكون راغبة في "تدجين" البرلمان والاستعراض بعدد أصوات الثقة التي حصلت عليها، ومن المهم أن نقرأ تواجد نواب جبهة العمل الإسلامي تحت القبة، وبعض الأصوات الأخرى مثل نواب قائمة "معاً" خالد رمضان وقيس زيادين، وتأثير ذلك على الحوارات البرلمانية والقدرة على الحشد للمواقف. المعارضة البرلمانية تحت القبة عليها أن تبحث عن أرضية ونقاط للتلاقي والعمل المشترك، وربما تكون النقطة الأهم هي الدفاع عن استقلالية مجلس النواب، وأن لا يكون "تحت إبط" الحكومة، فما الذي يمنع أن يتوافق نواب "تحالف الإصلاح" مع نواب "معاً" على آليات عمل لدعم الدولة المدنية الديمقراطية وتعزيز قيم المواطنة وسيادة القانون، ما دام أبرز قيادييهم زكي بني ارشيد يعلن بأنهم مع الدولة المدنية. نتمنى أن نرى تحت القبة كتلة تعيد الاعتبار للعمل البرلماني، تدافع عن مصالح الناس، معارضتها ليست شعارات فارغة بل خطط عمل تنهض بالأردن وتقدمه، تتفق مع الحكومة حين تصيب وتعارضها وتقف بوجهها حين تخطئ وتحيّد عن مصالح المجتمع.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير