العجارمة يكتب : تعديل وزاري للهروب من الإضراب...خروج حسان ودخول حسين هزاع المجالي نائباً للرئيس
- تاريخ النشر : 2018-05-29 19:52:39 -
القبة نيوز- لا زالت الأدوات السياسية ذاتها في الدولة الأردنية لم تتغير منذ عشرات العقود، فعندما تتوتر العلاقة العامودية بين الحكومة والشعب أو تقدم أية حكومة على مشروع قانون صعب ومرفوض نخبوياً وشعبياً وتتأزم قنوات الحوار بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني التي تجد دعماً من الشارع الأردني إما أن يتم تغيير الحكومة أو تتدارك الحكومة نفسها فتلجأ عندها لإجراء تعديل وزاري إنقاذاً لنفسها من أن يطيح بها الشارع الأردني بقيادة منظمات المجتمع المدني – كالنقابات المهنية – فمن المعروف أن رأس الدولة ديموقراطي التفكير بشكل يفوق ديموقراطية الحكومات بعدة سنوات ضوئية ، لذا نجد رأس الدولة يستجيب مع نبض الشارع الأردني بشقيه النخبوي والشعبي في الوقت الذي نجد فيه الحكومات الأردنية تضرب بعرض الحائط التغذية الراجعة من الشارع الأردني بما تحمله من مؤشرات خطيرة على الأمن المجتمعي واستقرار الجبهة الداخلية، وردود الفعل الشعبية على مشروع قانون ضريبة الدخل نموذجاً لهذه التغذية الراجعة التي تهملها الحكومة، ولكن جلالة الملك لا يهمل لا صغيرة ولا كبيرة من نبض الشعب الأردني لذا ستكون هناك توجيهات ملكية لا شك بذلك.
في خطوة ستأتي سريعة ومفاجأة سيتخلص رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي من أهم رموز حملة الملف الاقتصادي في حكومته وهو الدكتور جعفر حسان الذي سيتم تكليفه رئيساً لمفوضية العقبة ( المنطقة الاقتصادية الخاصة ) لإبعاده عن الحكومة مع إرضائه بالعقبة، فالدكتور حسان عندما دخل الحكومة صُدم من صعوبة الملف الاقتصادي وتعقيداته، وكانت إحدى أفكاره الحصول على قرض بشروط ميسرة من البنك الدولي ليتم سداد قروض سابقة لم تكن شروطها ميسرة (!)، بمعنى مكانك سر مع تضخم المديونية.
وجدت الحكومة نفسها في نفق ضيق يصعب الحركة فيه بعد الموقف الصارم لمجلس النقباء ( النقابات المهنية ) وإعلان الإضراب يوم غد الأربعاء 30 / 5 / 2018 وترافق هذا الإعلان مع توافق شعبي واسع رغم الغياب الحزبي المحير عن الدعوة للإضراب، وأرى أن الإضراب العام بدأ يأتي أُكله قبل أن يبدأ؛ فأعضاء مجلس النواب بدأوا ينسحبون بشكل تكتيكي من تفاهماتهم غير المعلنة مع الحكومة حول مشروع قانون ضريبة الدخل، وذلك بعد أن فاجأتهم الردود الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة لهذا المشروع جملة وتفصيلا.
فالمواطن الأردني لن يستطيع أن يهضم أن لا يكون راتبه معفىً من الضريبة إلا إذا كان لا يتجاوز 666 دينار شهرياً ! فمشروع هذا القانون المجحف في حقيقة الحال هو قرار بخصم وحسم من الرواتب المتدنية أصلاً، فخط الفقر الذي أعلنته الحكومة هو راتب600 دينار شهرياً فهل جاء مشروع القانون ليحرم الأغلبية من الأردنيين أن يجتازوا خط الفقر ؟! فأي مبلغ يزيد عن خط الفقر ستتقاسمه الحكومة مع المواطن ! وكذلك سيدمر هذا القانون القطاع المصرفي حيث سيضطر المودعون بحسابات توفير لدى البنوك إلى سحبها وايداعها في بنوك خارج الأردن ليتهربوا من الضريبة التي يفرضها مشروع القانون على حساباتهم التوفيرية، بعد كل هذا ماذا كانت تتوقع الحكومة ومجلس النواب من الشعب الأردني ؟!
لذلك لم يعد هناك مهرب للحكومة من الوضع الحرج الذي وضعت نفسها به إلا خطوتين الأولى التعديل الوزاري للخلاص من الوزراء الذين دخلوا الحكومة وهم يعتقدون أن بيدهم عصا سحرية تقنع الشعب بتخبطات الحكومة، وبعد التعديل إما أن تسحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب لإعادة صياغته بشكل أقل حدة أو التنسيق مع مجلس النواب ليعدل مشروع القانون للحفاظ على ماء وجه الحكومة بعد أن أعلنت إعلاناً متناقضاً بأنها ستفتح باب الحوار حول القانون وبذات الوقت أرسلته لمجلس النواب !
التعديل الوزاري حتى يكون مقنعاً للشعب فلا بد من دخول شخصية وطنية لها خبرة في إدارة الأزمات، ولاتنطبق هذه الصفة حالياً إلا على معالي حسين هزاع المجالي الذي كان مديراً للأمن العام في أخطر مرحلة من انطلاق ما سمي وقتها بالربيع العربي،واجتاز الأردن تلك المرحلة وخرج منها البلد أقوى وأقوى وذلك باتباعه سياسة الأمن الناعم.
الآن النخب والشعبويين يرفضون سياسات الحكومة الاقتصادية القاسية وآخرها مشروع ضريبة الدخل، وباب تشذيب مشروع القانون أو التراجع عن هذا المشروع مفتوحٌ للحكومة، ولكن حتى تبقى هيبة الحكومة والدولة في الحفظ والصون فلا بد من وجود شخصية في الحكومة لها كاريزما خاصة مؤثرة ومعالي حسين هزاع المجالي يمتلك تلك الكاريزما؛ لذلك سيأتي نائباً لرئيس الوزراء بعد إقصاء معالي الدكتور جعفر حسان إلى العقبة رئيساً لمفوضيتها، وسيكون المجالي رئيساً للوزراء خلفاً للملقي بعد أن تنتهي ولاية الملقي.
وستجري تعديلات لها طابع سياسي وليس اقتصادياً فقط، فحتى حقيبة وزارة الخارجية قد تنتقل لوزير شؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني الذي أثبت قدرته على أن يكون رجل دولة من طراز رفيع فيستحق أن يكون وزيراً للخارجية، وسيشغل مكان المومني كوزير إعلام إعلامي أردني مخضرم.
والسؤال هنا، من سيدخل كاقتصادي للحكومة خلفاً لحسان ويمتلك قلباً يفكر بالشعب لا عقلاً يفكر بالأرقام المطلقة فقط ؟! ومن سيدخل من وزراء يؤمنون أن الحكومات لا يجب أن تتعامل مع الشعب بالربح والخسارة ؟! ومن سيدخل من وزراء جدد يؤمنون أن الحكومة توفر أمناً وخدمات للمواطنين لا تبيع أمناً وخدمات لزبائن ؟!
قد يسأل سائل، لماذا لا يتم تغيير الحكومة أي إقالة الدكتور هاني الملقي ؟ السبب أن الهاشميين أهل دولة وقيادة وإنسانية، فبعد مرض الملقي – شافاه الله – جلالة الملك لا يقيله فأخلاق الهاشميين مدرسة للجميع.
تابعوا القبة نيوز على