حواس الشارع ومحاذير استغلال الحراك
د.مهند مبيضين
ظلّ الشارع الأردني وطني الطرح، ويفترض أنه كذلك، لا يتعدى حدود الوطني ولا يغادرها، والشباب في الحراك، جلهم كذلك، لكن دائما هناك استثناءات، وقد عبر الحراكيون عن وطنيتهم واحترامهم للأجهزة الأمنية والمؤسسات.
لكن ليسمح لنا الحراكيون بايراد جملة حقائق يعرفونها هم أكثر منّا، ومنها أن الوطن يمر بظروف قاسية اقليمياً، وهم لا ذنب لهم في ذلك، وفي ظل هذه الظروف يحتاج الوطن إلى تشكيل سياج وطني حول الدولة والحكم كي نتفادى الخيارات الصعبة والمرة.
كما أن الحراك ظلّ من دون التحول إلى مطالب سياسية منظمة، وظل شفهياً، وكان يمكن لمجاميع الحراك منذ خمس سنوات، أن تتحول إلى حالة مطالب سياسية وتنحو نحو التأطير الحزبي المنظم تحت سيادة القانون، فالوقوف في الشارع لن يعيد مال الفوسفات ولا يوقف الفساد ولن ينهي البطالة والتضخم ولن يحسن أداء النواب، بل بالعكس النواب يزحفون إلى الشارع أحياناً.
إلى جانب ذلك، إن الحراك العائد حالياً، جاء نتيجة لظروف اقتصادية وقرارات الحكومة، التي اعترف رئيسها ومن هم فيها بأنها قرارات غير شعبية وسوف تؤثر بشكل أو بآخر على المواطن، لكن عدم اتخاذ القرارات سيعني المزيد من الديون الدولية والارتهان للبنوك والمؤسسات العالمية، وبالتالي التوسع في الاقتراض.
اليوم الحراك مدعو إلى إنهاء التجمهر في الشارع، والتفكير ببديل سياسي وتحول حقيقي نحو المأسسة في إطار تيار مطلبي وطني، ينتهي بصيغة حزب، وهنا يتم استثمار الطاقات والوقت وتوجيه الناس حتى الانتخابات المقبلة للتفكير بممثليهم ومن يدافع عن حقوقهم.
أخيراً عند التفكير في مسار الحراك الراهن، نجد أنه تتجاذبه بضع قوى وأصوات، وكثيرون يحاولون وضع الحراك تحت إبطهم والظهور بمظهر القادرين على انهاء التجهمر بالمال، أو الدفع أو بتصعيد الحراك واستغلاله لمصالح بعض الاصوات التي تريد العودة للواجهة باعتبارها معارضة وطنية، وهذا سيكون على اكتاف الشباب المحتج لاسباب يراها الجميع جوهرية وفي مقدمها خفض البطالة ووقف الفساد واحلال العدالة ووقف التعدي على القانون.
أخيراً، ما أخشاه أن يعود بعض المعارضين الذين فشلوا في الانتخابات وفي تمثيل الناس، أو المتكسبين من مواقف الشارع وحواسه الوطنية إلى التسلق ورفع السقوف وبالتالي الإضرار بالمحتجين وسمعة الحراك الملتزم بالقانون. هنا يجب أن يتسلح الشباب بالوعي ووقف الاحتجاج والتفكير بالتحول لحركة سياسية أو مبادرة وطنية تؤول إلى حزب سياسي لاحقاً، فالوطن يستحق من الجميع التنبه بجدية لمخاطر المرحلة ودقتها.
الدستور
د.مهند مبيضين