مقالات || القوى التقليدية والحياة السياسية
خـلـود الـخطـاطـبـة
القبة نيوز - رغم الدعوات الملكية المتواصلة منذ عقد وأكثر لمحاولة تطوير الحياة السياسية من خلال الاحزاب والبرلمان، وتضمينها للأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني، الا أننا ما زلنا في مكاننا، ولم نستطع أن نخطو خطوة حقيقية تدفع نحو تشكيل حكومات برلمانية قائمة على أسس حزبية متينة تقدم برامج للحكم وليس للمعارضة فقط .
لعل الارتياح الذي يجده جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه مع الشباب، وكان أخره حواره مع طلبة من كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية، يتجسد في سبب رئيسي وهو إيمان هذه الفئة بالأفكار التي قدمها ويقدمها جلالته لتطوير الحياة السياسية في الاردن، على عكس الحكومات التي لم تقتنع شخوصها يوما بمبدأ تداول السلطة وتطوير الحياة التشريعية في الاردن.
اذن السبب الأول في عدم تطور الحياة السياسة في الاردن خلال العقد الماضي بالشكل الذي يريد رأس السلطات الثلاث، هو عدم ايمان القوى التقليدية المسيطرة على مفاصل الحكم بالدولة بالعمل للوصول الى مرحلة تداول السلطة، بل العكس تماما، فانها تعمل على وأد أي تشريع متعلق بالحياة السياسية وتشويهه بشكل يضمن الحفاظ على الشكل القائم في اختيار الحكومات ورحيلها.
والسبب الثاني، أن ذات القوى التقليدية، لا تؤمن أيضا بان وجود برلمان قوي يعني وجود حكومات قوية برامجية قادرة على ادارة دفة الحكم، لذلك كان قانون الانتخاب اداة الحكومات المتعاقبة لفرز مجلس نيابي ضعيف قوامه نواب انتخبوا على أساس فردي، ومشتتين حزبيا وبرامجيا بشكل يحول دون قدرتهم على الالتقاء ضمن كتل فاعلة تحت قبة البرلمان، ويضمن بشكل رئيس وأد فكرة تداول السلطة، حتى تتمكن الحكومات من توفير قناة مرور أمنة لقراراتها.
السبب الثالث، عدم ايمان القوى التقليدية بأهمية وجود أحزاب وطنية فاعلة على الأرض، ومحاولة تجميعها وليس تفريقها، كما فعلت الحكومات عندما اقرت قانونا للأحزاب يشجع على تفريخ أحزاب أخرى بحيث يمكن لجمعية عائلية ان تسجل نفسها حزبا ان ارادت، وحتى تضمن خصوبة عملية التفريخ أقرت دعما ماليا لهذه الأحزاب من أموال دافعي الضرائب، يذهب هدرا دون ان ينعكس على الوطن، ويجب ان يعاد النظر فيه في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
نريد حكومة تحمل أفكار شابة وليس بالضرورة شبابا، لان القوة التقليدية غير مرتبطة بالعمر، وانما بالافكار وطبيعتها، لذلك كان يحرص بعض رؤساء الحكومات السابقين على اختيار امتدادهم من الشباب المؤمنين بافكارهم التقليدية، بل حتى المتمترسين خلفها، بزعم ايمانهم بضرورة دمج الشباب في الحياة السياسية.
في الحقيقة ما كان يحصل من اشراك الشباب في الحكومات، هو تنشئة جيل جديد يحمل ويؤمن بنفس الافكار التقليدية لاسلافه، لذلك نحتت الحياة السياسية مصطلح "مسؤولون ديجتال" لمحاربة أي مسؤول يطرح أفكارا جديدة بعيدة عما يرغبون، وان فعلوا خيرا في محاربة بعضهم.
الكاتبه: خـلود الـخطـاطـبة