أوروبا تخشى من الصحة العقلية لترامب..
- تاريخ النشر : 2018-01-08 07:09:33 -
تتعامل بجدية مع تشكيك "نار وغضب" بكفاءته في الحكم وهذا ما قالته أبرز صحفها
القبة نيوز -استقبلت القارة الأوروبية المفاجآت التي فجَّرها كتاب "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض" باهتمام بالغ، وبالأساس نادراً ما كانت الآراء في القارة إيجابية عن الرئيس الأميركي، إلا أنه مع ظهور الكتاب لمؤلفه الصحفي مايكل وولف، يبدو أن الأمر سيزيد من الشكوك حول ترامب.
ماذا تقول أوروبا عن رئيس أميركا؟
"هل لا يزال ترامب عاقلاً؟"، هكذا جاء العنوان الرئيسي يوم الجمعة الماضي، 5 يناير/كانون الثاني 2018، على موقع أكبر الصحف المحافظة بألمانيا "فرانكفورتر ألغيمين تسايتونغ". ونُشر المقال تحت موضوع "الصحة النفسية"، بحسب ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست"، أمس السبت.
وفي تلك الأثناء، استيقظ القراء البريطانيون ليجدوا العنوان الرئيسي بالصفحة الأولى من جريدة "تايمز أوف لندن" يتساءل كذلك عن رزانة الرئيس، ويقول: "واحدٌ من مستشاري ترامب المقربين يشكك في صحته العقلية".
وجاء في الجريدة التي يملكها رجل الأعمال روبرت مردوخ: "يد دونالد ترامب اليمنى، شككَّ علناً في قدرته على تأدية واجبه، وتوقع أنَّه سيستقيل ليتجنب إطاحة مجلس الوزراء به، وذلك وفقاً للكتاب الذي حاول الرئيس الأميركي حظره بالأمس".
وكتبت الصحيفة على حسابها على تويتر: "غداً في الصفحة الأولى: أكبر مساعدي ترامب يشكك في صحته النفسية"
تويتر: "غداً في الصفحة الأولى: أكبر مساعدي ترامب يشكك في صحته النفسية".
الزلزال الذي أحدثه الكتاب وصل أيضاً إلى الصحف الفرنسية، حيث وصفت صحيفة "لو موند" الكتاب فقط بأنه "مُرعب".
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن شعبية ترامب لم تكن كبيرة في غرب أوروبا، وقالت إن معدلات شعبيته تتأرجح في عدة بلدان بين رقمٍ واحد أو رقمين صغيرين.
وتعد صحيفتا "تايمز أوف لندن" و"فرانكفورتر ألغيمين تسايتونغ" من أكثر الصحف الإخبارية شهرةً في أوروبا، وكلتاهما تفخر بوجود قراء مؤثرين بشكلٍ خاص في قطاع الأعمال والحكومة في بلدانهم التي تحكمها الأحزاب المحافظة.
وكثيراً ما تخلط الصحف الأوروبية بين التقارير التقليدية والافتتاحيات على الصفحات الأولى، أكثر حتى مما يحدث في الولايات المتحدة، مما يساعد في كثيرٍ من الأحيان في التأثير على الرأي العام، وبالتالي الاستراتيجية الحكومية أيضاً.
كما تساءلت صحيفة "ذي أوبزيرفر" البريطانية عن الصحة العقلية لترامب، ومدى ملاءمة استمراره في كرسي الحكم، واعتبرت أنه يشكل الآن خطراً يستدعي أن تكون صحته العقلية محل اهتمام عام.
ونشرت الصحيفة مقالاً للأستاذة بكلية الطب في جامعة ييل بولاية كونكتيكت الأميركية، قالت فيه إنها أحد أعضاء فريق مكون من الأطباء والخبراء المهتمين، يتألف من 27 طبيباً نفسياً، وعدد من خبراء الصحة النفسية، وضعوا قبل ثمانية أشهر تقييماً لمخاوفهم المتعلقة بالصحة العقلية لترامب في كتاب.
وأضافت الخبيرة الطبية النفسية، أن هذا الكتاب سرعان ما أصبح الأكثر مبيعاً لدرجة أنه نفد من المكتبات في غضون أيام، وأضافت: "رغم أننا نحافظ على قاعدة غولدووتر من ميثاق أخلاقيات المهنة الطبية، التي تحظر على الأطباء النفسيين تشخيص شخصيات عامة دون فحص شخصي ودون موافقة مسبقة، فإنه لا يزال هناك الكثير مما يمكن للأطباء النفسيين المهنيين الإخبار به، قبل أن يدركه العامة".
وأوضحت أن هذا التقييم يعتبر ممكناً عن طريق مراقبة أنماط استجابات الشخص المعني، ومن تعامله مع وسائل الإعلام مع مرور الوقت، ومن تقارير تتعلق بمقربين منه.
وقالت -بحسب ما نقل موقع الجزيرة عن الصحيفة البريطانية- "إننا نعرف عن ترامب في هذا السياق أكثر مما نعرف عن غالبية مرضانا". وأضافت أن الصحة الشخصية للرموز العامة تبقى شأناً خاصاً بأصحابها، إلى أن تشكل تهديداً للصحة العامة.
ترامب يهاجم
صحيفة "واشنطن بوست" أشارت بدورها إلى الأثر الكبير الذي تركه كتاب "نار وغضب" على درجة التشكك في المخاوف المتعلقة بصحة ترامب النفسية في أوروبا، وذلك على الرغم من أن صحفيين غربيين أشاروا إلى العديد من العيوب المحتملة في كتاب وولف، واتهامات سابقة ضد المؤلف بشأن مزاعم تتعلق بانعدام الدقة في تقاريره.
وهاجم ترامب نفسه الكتاب بشدة، ووصفه بأنَّه "مليء بالكذب، والتضليل، والمصادر التي لا وجود لها"، بحسب تغريدات نشرها على حسابه في موقع تويتر.
كما هدّد فريقه القانوني برفع دعوى تشهير ضد وولف، وشركة النشر، وكبير مستشاري ترامب السابق ستيفن بانون، الذي أُبرزت ملاحظاته غير المقيدة في الكتاب.
ولجأ ترامب، صباح أمس السبت، إلى تويتر، ليردّ على الأسئلة المُثارة حول صحته العقلية، وتفاخر بكونه "ذكياً جداً" و"عبقرياً عاقلاً جداً".
وكتب على حسابه: "بعد إثبات أن فكرة التآمر الروسي، بعد عامٍ من الدراسة المكثفة، كانت كذبة كاملة على الشعب الأميركي، يسعى الديمقراطيون وكلابهم المدللة، إعلام الأخبار المزيفة، لتكرار ما حدث قديماً مع رونالد ريغان، ويصرخون بشأن الصحة النفسية والذكاء…
وأضاف: "في الواقع، خلال حياتي كلها، كانت أكبر مميزاتي هي الرزانة العقلية وكوني ذكياً جداً. لعبت كذلك هيلاري كلينتون الملتوية تلك الأوراق بجدية، وكما يعلم الجميع، احترقت كل أوراقها. لقد انتقلت من كوني رجل أعمال ناجح جداً، لنجم تلفزيوني شهير…
وتابع: "... لرئيس الولايات المتحدة (من أول محاولة). أعتقد أنَّ هذا لا يجعلني ذكياً، بل عبقرياً... وعبقرياً عاقلاً جداً بالمناسبة!"
ولم تلق تغريدات ترامب الطمأنينة في قلوب المشككين به، وبحسب "واشنطن بوست" يناقش الآن بعضٌ من أقرب الحلفاء الدوليين للولايات المتحدة الأميركية -بما في ذلك بريطانيا وألمانيا وفرنسا- صراحةً ما إذا كان أقوى رجل في العالم وقائد حلف الناتو ما زال يمكن الوثوق به.
ستيفان بيرلينغ أستاذ العلاقات عبر الأطلسية بألمانيا، لخّص الاعتقاد السائد في أوروبا حول ترامب بقوله: "الشعور السائد في العديد من العواصم الأوروبية هو العجز والإحباط، لأنَّ ترامب لن ينخرط في حوارٍ عقلاني".
وذَكَرَ بيرلينغ أنَّه كان معجباً منذ فترةٍ طويلة بالولايات المتحدة، لكن معتقداته الآن "أصبحت متزعزعة كلياً".
وأضاف: "بمجرد أن تهتز علاقة، يصعب الرجوع لما قبل ذلك. ترامب نجح في تدمير ثقة الأوروبيين فيه وفي الولايات المتحدة بشكلٍ أوسع".
وقال إن المخاوف بشأن الصحة العقلية التي أُثيرت في كتاب وولف، والتي تُناقش الآن على نطاقٍ واسع عبر أوروبا تُعزز شكوك سياسيي أوروبا بشأن ترامب.
ترامب والعلاقات مع أوروبا
ومنذ تولي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، فإن العلاقات بين بلاده وبرلين تأرجحت بين التهدئة حيناً والتصعيد حيناً آخر، وفي العام الماضي قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن أميركا لم تعد شريكاً يُعتمد عليه.
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن فورات غضب ترامب غير المتوقعة بدأت تمنع مزايا لساسة ألمان، لطالما طالبوا بتطبيع العلاقات مع روسيا، رغم ضمها القرم، وتدخلها في الانتخابات في الخارج. وجوقة الأصوات التي تطالب بإنهاء العقوبات ضد روسيا آخذة في النمو.
وتضيف الصحيفة أن لدى موسكو لوبي قوي في برلين، ويمكن أن تصبح الشكوك حول إمكانية الاعتماد على ترامب الآن واحدةً من أقوى حججهم.
فالمطالبات التي لا تستند إلى أدلة وحدها قد لا تجبر الحكومة الألمانية على التوجه بعيداً عن الولايات المتحدة، ولكنَّ الادعاءات الواردة في كتاب "نارٌ وغضب" تؤكد ما شك فيه الجميع منذ فترةٍ طويلة، فمنذ عامٍ بالفعل، وصف سيغمار غابرييل نائب المستشارة الألمانية وقتئذٍ ووزير الخارجية الحالي الرئيس الأميركي ترامب بأنَّه "تهديدٌ". في ذلك الوقت، لم تجد ملاحظاته صدىً يُذكر في الولايات المتحدة، على الرغم من أنَّها أدت لخوفٍ متزايد بين ممثلي الحكومة الأوروبية.
كذلك أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -الذي طوّر علاقة عمل مع ترامب أوسع مما تمكن منه الألمان- تحذيراً صارماً على نحوٍ غير عادي هذا الأسبوع، بحجة أنَّ سياسات ترامب يمكن أن تؤدي إلى حرب.
وفي إشارةٍ إلى نهج ترامب في التعامل مع إيران، قال إنَّ "الخط الرسمي الذي تنتهجه الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية وحلفاؤنا بطرقٍ عديدة تقريباً من شأنه أن يقودنا إلى الحرب". وجاءت تصريحاته قبل ظهور مقتطفات من كتاب "نارٌ وغضب".
وفي بريطانيا، البلد الذي عادةً ما يفخر بعلاقته الخاصة مع الولايات المتحدة، انخفض الحماس تجاه هذا الترابط العميق بشكلٍ ملحوظ خلال العام الماضي أيضاً. وأُجِّلَت زيارة ترامب المقررة لبريطانيا، وقد لا تحدث أبداً.
ووبخت رئيسة الوزراء تيريزا ماي ترامب علناً، بعد أن أعاد نشر مقاطع فيديو على تويتر شاركتها مجموعة يمينية متطرفة في البلاد.
وقال بيرلينغ، الأستاذ الألماني في العلاقات عبر الأطلسية: "هذه ليست أزمة سيتجاهلها الأوروبيون ببساطة"، وأضاف: "وحتى إذا رحل ترامب، فلا رجعة الآن في الأضرار التي لحقت بحلف الناتو. ليست هناك طريقة سهلة للعودة".
تابعوا القبة نيوز على