تابعنا جميعاً بفخر واعتزاز التصريح الأخير لدولة رئيس الوزراء الأكرم، جعفر حسان، بأن "نحن أقوياء". ولا شك أن هذه القوة متجسدة بوضوح في يقظة أجهزتنا الأمنية وبسالتها، وفي نعمة الأمن والأمان التي نرفل بها جميعاً تحت ظل الراية الهاشمية المظفرة. هذه حقيقة راسخة، تمثل الأساس المتين الذي نبني عليه حاضرنا ونستشرف به مستقبلنا.

ولكن، اسمحوا لي، كمواطن أردني ومتقاعد عسكري عايش هموم هذا الوطن وأبنائه عن قرب، أن أطرح تساؤلاً جوهرياً يتعدى حدود التصريحات الرسمية. هل جربتم يوماً، يا دولة الرئيس، أن تتنكروا بشخصية مواطن عادي؟ أن تتجولوا في أزقة الأحياء الشعبية، في شمال الوطن وجنوبه، أن تقفوا في محل للخضار أو بقالة، لتستمعوا عن كثب لنبض الشارع الحقيقي وهمسات الناس؟

صدقوني، إن الحقيقة المرة التي ستلمسونها بأيديكم هي أن الفقر، والبطالة المتفشية، وتدني الرواتب، قد نهشت عظام المواطن الأردني. هذه الأوجاع خلقت نفوساً منهكة بين شبابنا، الذين يجدون أبواب الأمل موصدة أمامهم. إنهم يرون مستقبلهم يتبدد، وأحلامهم تتبخر أمام قسوة الظروف الاقتصادية التي لا ترحم.

نحن أقوياء نعم، ولكن القوة الحقيقية لأي أمة لا تكتمل إلا عندما يشعر كل مواطن بالأمان، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل ومن الناحية الاقتصادية أيضاً. القوة الحقيقية تتجلى عندما يجد الشباب فرص عمل كريمة تليق بطموحاتهم وقدراتهم، وعندما تكف شبح البطالة عن مطاردتهم، وعندما تكون الرواتب كافية لسد رمق العيش بكرامة وإنسانية.

إنكم كقائد لسفينة الوطن، تدركون تماماً أن قوة السفينة الحقيقية تكمن في قوة طاقمها ورضاهم. وشعبنا هو طاقم هذه السفينة. لذلك، ندعوكم بإخلاص للنزول إلى الميدان، والاستماع إلى هموم الناس مباشرةً، والعمل بجدية أكبر وخطوات عملية ملموسة على معالجة هذه التحديات الاقتصادية المستفحلة. فقوتنا الحقيقية تنبع من قوة مواطنينا، واطمئنانهم على حاضرهم ومستقبلهم، وقدرتهم على العيش بكرامة.

نحن على ثقة تامة بحرصكم على رفعة هذا الوطن وأبنائه، ونتطلع إلى رؤية خطوات عملية حقيقية تعزز من صمود المواطن الأردني في وجه هذه التحديات الاقتصادية الجسام. فالقوة ليست مجرد كلمة، بل هي شعور بالأمان والكرامة يلامس حياة كل فرد على أرض هذا الوطن.

حفظ الله الأردن والهاشميين