نضال انور المجالي يكتب …حمودي الفارس يقتحم الحياة: احتفالات أسطورية بتخرج من الروضة
تلقيت دعوة لحضور مناسبة جللتها الفخامة وأحاطتها الهالة، همست في أذني صديقي: "زواج ملكي جديد؟ ترقية لأحد الوزراء؟". هز كتفيه بابتسامة غامضة وقال: "أعظم من ذلك بكثير... تخرج حمودي من الروضة!".
تخرج من الروضة؟ للحظة ظننت أنني أسأت السمع، أو ربما أن حمودي هذا هو حفيد أحد العظامة وقد بلغ سن الرشد للتو. لكن لا، حمودي ببراءة الطفولة، ذو الخمس سنوات أو نحوها، قد أنهى للتو مرحلة تلوين التفاح والأرانب بنجاح باهر استحق عليه، فيما يبدو، احتفالًا ينافس حفلات استقبال رؤساء الدول.
وصلت إلى مكان الاحتفال الذي غصّ بالمدعوين، وكأننا في عرس مهيب أو مؤتمر قمة. الزينات الباذخة تتدلى من كل حدب وصوب، بالونات تحمل اسم "حمودي النجم" تلوح في الأفق، وقائمة الطعام... يا إلهي! بوفيه مفتوح يحتوي على ما لذ وطاب من أصناف لم أرها مجتمعة إلا في الفنادق الفخمة.
الأجواء كانت مشحونة بالفخر، وكأن حمودي قد اخترع للتو لقاحًا لأصعب الأمراض المستعصية. الأب، السيد الفاضل، ألقى كلمة مؤثرة بدأها بعبارة "ما كانت سهلة بس حمودي قدها"، وكأنه يتحدث عن اجتياز ابنه لأصعب الاختبارات الأكاديمية في جامعة عريقة. تصفيق حار علا بعد كل جملة، وبعض الحضور ذرفوا دموع الفرح الغالية.
جلست أراقب المشهد وأنا أحاول استيعاب هذه الفخامة المفرطة لمناسبة بسيطة كهذه. تذكرت مقولة "أمة ضحكت من جهلها الأمم"، وتساءلت بصدق: هل وصل بنا الحماس لمناسبات أبنائنا إلى هذا الحد من المبالغة؟ هل سيقيمون تمثالًا لحمودي في ميدان عام قريبًا تخليدًا لهذا الإنجاز التاريخي؟
بينما كان حمودي الصغير مشغولًا بمحاولة الإمساك بقطعة حلوى أفلتت من يده، كان والده يتلقى التهاني والتبريكات وكأنه فتح الأندلس من جديد. الأحاديث الجانبية كانت تدور حول "المستقبل الباهر" الذي ينتظر حمودي بعد هذا "التفوق" في الروضة.
تخيلت السيناريوهات: حمودي البروفيسور، حمودي العالم، ربما حمودي رائد الفضاء!
في الختام، لا يسعني إلا أن أقول: ألف مبروك يا حمودي! لقد رفعت رأس أمتك بتخرجك المشرف من الروضة. وبصراحة، أنا الآن أترقب بشغف حفل تخرجك من المرحلة الابتدائية... لا أستبعد أن يتم افتتاح مطار دولي باسمك في تلك المناسبة!
تابعوا القبة نيوز على 
