وزير الصناعة: الأردن حرص على تطوير العلاقات الاقتصادية مع سوريا
القبة نيوز - أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين، المهندس يعرب القضاة، أن الأردن يتميز بارتفاع تجارته مع الدول العربية من حيث نسبة التجارة البينية إلى إجمالي التجارة الخارجية للأردن.
وأشار إلى التقدم الملحوظ في تنويع الأسواق التصديرية أمام المنتجات الأردنية وفتح أسواق جديدة غير تقليدية، فضلا عن الجهود المبذولة لتنويع المنتجات المصدرة إلى تلك الأسواق، بما يعزز تنافسية الصناعة الوطنية.
وقال خلال جلسة حوارية استضافها منتدى الاستراتيجيات الأردني بعنوان "آفاق التعاون التجاري والاقتصادي بين الأردن وسوريا: انطلاقة نحو التكامل العربي المشترك"، إن هناك جهودا متواصلة ومكثفة لتطوير التعاون مع سوريا وتقديم ما أمكن للأشقاء السوريين بعيدا عن حسابات المصالح الاقتصادية.
وبين القضاة أن زيارته الأخيرة الميدانية لمعبر جابر الحدودي تهدف إلى متابعة حركة الشحن البري والتجارة بين البلدين، مع التركيز على تشجيع التبادل التجاري بين مجتمع أصحاب الأعمال في البلدين من أجل إقامة شراكات اقتصادية مباشرة ومثمرة.
وشدد على أهمية الأردن كمركز إقليمي يتمتع ببنية تحتية مؤهلة لتسهيل شحن السلع والبضائع، وهو ما يعزز دوره كممر بري حيوي في المنطقة، مشيرا إلى العمل من أجل تهيئة المنطقة التنموية في المفرق، واستغلال موقعها الاستراتيجي لتكون مركزا رئيسيا لدعم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع سوريا، وتوفير خدمات البنية التحتية المطلوبة للمساهمة في دعم جهود إعادة إعمار سوريا.
وتطرق القضاة إلى أهمية إزالة العقبات أمام حركة التجارة عبر معبر باب الهوى السوري-التركي، الذي يعتبر منفذا حيويا للصادرات العربية نحو الأسواق الأوروبية والعكس، مؤكدا ضرورة الاستفادة من اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي، ومشيرا إلى أن الأردن يسعى لتمديد هذه الاتفاقية لما بعد عام 2030، خاصة في ظل التحديات التي واجهت المنافذ البرية خلال السنوات الماضية.
وأكد التزام الأردن بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سوريا والدول المجاورة، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز التعاون الإقليمي، وأوضح أنه قد تم تشكيل فرق عمل فنية لتسريع العمل في هذا الإطار.
من جانبه، قال رئيس الهيئة الإدارية للمنتدى، فارس شرف، إن اللقاء مع وزير الصناعة والتجارة يأتي ضمن نهج منتدى الاستراتيجيات الأردني الرامي إلى تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص لدعم تنفيذ السياسات والأولويات الوطنية، مشيرا إلى أن المنتدى قد وضع خطة واضحة تتضمن سلسلة من الجلسات الحوارية مع الحكومة للعام 2025، بهدف مناقشة القضايا المحورية في القطاعات المختلفة، وتقديم توصيات عملية قابلة للتطبيق تسهم في بناء شراكات حقيقية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني وترسيخ أسس التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، أوضح شرف، أن تعزيز الشراكة بين الأردن وسوريا لا يقتصر على كونه خيارا استراتيجيا فحسب، بل يعد ضرورة ملحة للوصول إلى مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا للمنطقة.
وأكد أهمية تسليط الضوء على الفرص والإمكانات القائمة وتحويلها إلى خطوات عملية تخدم مصالح البلدين الشقيقين، بما يتيح التغلب على التحديات الاقتصادية المشتركة ويسهم في تعزيز التكامل العربي المشترك.
وبينت المديرة التنفيذية للمنتدى، نسرين بركات، خلال العرض التقديمي حول الفرص والإمكانات في العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا، أن الاقتصاد العربي يشكل نحو 3 بالمئة من الناتج العالمي و6 بالمئة من التجارة
الدولية، كما أن التجارة البينية العربية لا تتجاوز 15 بالمئة مقارنة بـ58 بالمئة لدى الاتحاد الأوروبي، علاوة على أن معدل المشاركة الاقتصادية عربيا يبلغ 48 بالمئة، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 66 بالمئة، وتنخفض هذه المشاركة إلى 11 بالمئة عند الإناث، ويقترن ذلك بارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة، حيث تقع 8 دول عربية ضمن أعلى 20 دولة عالميا، مشيرة في هذا السياق إلى الحاجة الكبيرة إلى مشروع تكامل عربي يبدأ بشراكات ثنائية تعزز من مستويات النمو والتجارة البينية المنشودة.
واستكملت بركات أن التبادل التجاري بين الأردن وسوريا خلال الفترة (2004-2011) شهد مستويات مرتفعة تجاوزت حاجز النصف مليار دولار، قبل أن يتراجع تدريجيا إلى نحو 182 مليون دولار عام 2023، متأثرا بالاضطرابات السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وأوضحت أن ذلك رافقه انخفاض ملحوظ في تنوع السلع المتبادلة؛ حيث انخفضت الصادرات الأردنية إلى السوق السوري من 49 مجموعة سلعية إلى 41 مجموعة بين عامي 2011 و2023، فيما تراجعت الصادرات السورية إلى الأردن من 75 مجموعة سلعية إلى 52 مجموعة في الفترة نفسها.
وأضافت أن حصة معبر جابر الحدودي تراجعت من 25 بالمئة من إجمالي حركة التجارة البرية للأردن عام 2011 إلى حوالي 8 بالمئة في 2023، في حين انخفض متوسط عدد الشاحنات القادمة والمغادرة عبر المعبر من نحو ألف شاحنة يوميا قبل 2011 إلى ما يقرب من 200 شاحنة فقط عام 2023، كما تراجعت حركة المسافرين عبر المعبر بشكل كبير، من نحو 4,838 مسافرا يوميا إلى مستويات أقل بكثير خلال السنوات الماضية، قبل أن تعاود الارتفاع إلى 3,318 مسافرا يوميا عام 2023.
وأكدت بركات أن الأردن يمتلك ميزات نسبية في قرابة 600 سلعة يمكن تصديرها للسوق السوري، أهمها الصناعات الكيماوية (الأسمدة والمركبات)، ومواد البناء (الأسمنت والحديد)، وبعض الصناعات الغذائية، والتعبئة والتغليف. بالمقابل، تتمتع سوريا بميزة نسبية في قطاع الصناعات الغذائية والجلدية والمحيكات.
وأشارت إلى أن تكاليف إعادة إعمار سوريا، بحسب التحليلات، قد تتجاوز 300 مليار دولار، وأن الأردن قادر على الاضطلاع بدوره المحوري في هذه العملية، إلا أن قانون "قيصر" يشكل تحديا رئيسا أمام تفعيل الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين، الأمر الذي يستدعي السعي لتذليل هذه العقبات وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين الشقيقين.
وحول توصيات منتدى الاستراتيجيات، أوضحت بركات أن التعاون الاقتصادي المشترك يتطلب الدخول في اتفاقيات شراكة لتعزيز دور الأردن في إعادة إعمار سوريا، لا سيما في القطاعات الواعدة.
كما دعت إلى ضرورة إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على سوريا، مع تسهيل عمليات التجارة وتعزيز النقل والشحن، بما يشمل دعم سوريا في استعادة نظامها الجمركي، وتحديث خدمات النقل لديها، والمساعدة في فتح معبر باب الهوى وضمان الحركة الآمنة للشاحنات من خلالها.
وأكدت بركات، أهمية إعادة تفعيل اتفاقية النقل البري لعام 1999 لتوحيد الرسوم، وإعادة النظر في القرارات المتخذة مسبقا بشأن الشؤون الاقتصادية والتجارية، بدءا بتخفيض الرسوم الجمركية ورسوم الترانزيت بين البلدين، مشددة على ضرورة مراجعة القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير، بما يضمن تكاملا اقتصاديا وتجاريا يصب في مصلحة الجانبين