بدأت التحركات الدبلوماسية الغربية تجاه دمشق استعدادا للتعامل مع الحكومة السورية الجديدة
القبة نيوز - رأى الاتحاد الأوروبي أن من مصلحته أن تنجح سوريا في مرحلة الانتقال، مشيرا إلى أن تخفيف العقوبات على دمشق سيرافقه إجراءات ملموسة من الحكومة الانتقالية مع الحفاظ على آليات الضغط.
وفي وقت سابق، التقى دبلوماسيون بريطانيون قائد هيئة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع، بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وظهرت صور مسؤولين كبار، بينهم الممثلة الخاصة البريطانية في سوريا، آن سنو، وهم يلتقون زعيم هيئة تحرير الشام، المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني، قبل أن يبدأ باستخدام اسمه الأصلي أحمد الشرع، في دمشق يوم الاثنين، بحسب وكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا".
ويأتي الاجتماع بعد أن أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إرسال وفد لإجراء محادثات مع السلطات السورية المؤقتة ومجموعات المجتمع المدني بعد سقوط نظام الأسد في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال لامي في مؤتمر صحفي في لندن يوم الاثنين إن الوفد "يؤكد التزامنا تجاه سوريا"، مضيفًا أن المملكة المتحدة ستدعم "عملية سياسية انتقالية شاملة بقيادة سورية ومملوكة لسوريين".
عملية انتقال سوريا
يأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه وزارة الخارجية الألمانية إن الدبلوماسيين الألمان سيعقدون محادثات أولية مع ممثلي هيئة تحرير الشام في دمشق اليوم الثلاثاء، مع التركيز على عملية انتقال سوريا وحماية الأقليات.
وقال متحدث باسم الوزارة في بيان: "يتم استكشاف إمكانيات الوجود الدبلوماسي في دمشق أيضًا"، مؤكدًا أن برلين تراقب عن كثب هيئة تحرير الشام نظرًا لجذورها في أيديولوجية القاعدة.
وفيما يتعلق بالجسم الذي قاد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد سنوات من الحرب، قال المتحدث: "يمكننا القول، في ضوء ما هو متاح، إنهم تصرفوا بحكمة حتى الآن".
من جانبه، قال المبعوث الخاص إلى سوريا جان فرانسوا غيوم للصحافيين، بما في ذلك وكالة فرانس برس، الثلاثاء بعد وصوله إلى دمشق، إن "فرنسا تستعد للوقوف إلى جانب السوريين" خلال الفترة الانتقالية.
وقال الوفد الفرنسي إنه جاء "لإقامة اتصالات مع السلطات الفعلية" في دمشق، حيث تم رفع العلم الفرنسي صباح الثلاثاء فوق السفارة الفرنسية في دمشق، التي أغلقت منذ عام 2012، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
منظمة إرهابية
من الجدير بالذكر أن هيئة تحرير الشام محظورة حاليا في المملكة المتحدة كمنظمة إرهابية.
لكن أحمد الشرع سعى إلى إبعاد الجماعة عن القاعدة وتقديم صورة أكثر اعتدالا للعالم، مما دفع البعض إلى الدعوة إلى رفع الحظر.
وقال لامي خلال عطلة نهاية الأسبوع إن الحظر لا يشكل عائقا أمام الاتصالات الدبلوماسية، بعد أن أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن مسؤولين أميركيين أجروا محادثات مع الجماعة على الرغم من تصنيفها من قبل وزارة الخارجية كمنظمة إرهابية أجنبية.
وتعهد الشرع بـ"حل الفصائل المسلحة" في البلاد، داعياً إلى "عقد اجتماعي" بين الدولة وكل الطوائف، ومطالباً برفع العقوبات المفروضة على دمشق.
وفي بيان باسم ائتلاف الفصائل المسلحة بقيادة هيئة العمليات العسكرية، قال الشرع: "يجب أن نتحلى بعقلية الدولة، وليس بعقلية المعارضة (...) سيتم حل الفصائل"، وسيكون المقاتلون جاهزين للانضمام إلى وزارة الدفاع، وسيخضع الجميع للقانون.
وأضاف: "يجب أن تبقى سوريا موحدة ويجب أن يكون هناك عقد اجتماعي بين الدولة وكل الطوائف لضمان العدالة الاجتماعية".
ووفقاً للبيان، أدلى الشرع بهذا التصريح خلال لقاء مع عدد من أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.
ونقل البيان عن الجولاني قوله: "ما يهمنا هو ألا تكون هناك محاصصة"، مؤكداً أنه "لا توجد خصوصية تؤدي إلى الانفصال".
وأكد الجولاني خلال لقائه دبلوماسيين بريطانيين في دمشق، ضرورة رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده لتسهيل عودة اللاجئين الذين فروا من الحرب.
وقال الشرع إن "دور بريطانيا مهم دوليا وضرورة إعادة العلاقات
"، مشددا أيضا على "أهمية إنهاء كل العقوبات المفروضة على سوريا حتى يتمكن السوريون النازحون في دول العالم من العودة إلى بلادهم".
وبعد هذا الوفد الدبلوماسي البريطاني، من المتوقع أن يصل إلى دمشق الثلاثاء بعثة دبلوماسية فرنسية، في خطوة غير مسبوقة منذ 12 عاما.
بعد هجوم خاطف استمر 11 يوما، تمكنت فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من نصف قرن وعرف بقمعه الوحشي. وفر الأسد إلى روسيا.
احتفل السوريون بسقوط بشار الأسد في أنحاء سوريا، بعد نحو 14 عاما من سقوطه.
وتشهد سوريا منذ بداية الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2011 بسبب قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، صراعا أدى إلى مقتل نصف مليون شخص وإجبار ستة ملايين سوري على الفرار من البلاد.
وتحاول السلطات السورية الجديدة طمأنة المجتمع الدولي الذي يعيد تدريجيا الاتصال بقادته، وخاصة الشرع.
من جانبه، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسن، الأحد، خلال لقائه الشرع على "الحاجة إلى انتقال سياسي شامل وموثوق".
كما أعادت تركيا المجاورة، وهي لاعب رئيسي في الصراع في سوريا وداعمة للسلطات الجديدة، فتح سفارتها في دمشق السبت، قائلة إنها "مستعدة" لتقديم المساعدة العسكرية إذا طلبت الحكومة السورية الجديدة ذلك.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير أن حقوق جميع الطوائف والمجموعات مضمونة، في حين تعود الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في سوريا.