كيف يعد حظر تيك توك اختباراً لسلطة ترامب
القبة نيوز - طلبت تيك توك مؤخراً من محكمة استئناف أميركية إيقاف قانون مؤقت يمكن أن يحظر التطبيق في الولايات المتحدة، ومن بين مبررات الشركة للتأخير كانت فكرة أن المحكمة يجب أن تمنح إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب الوقت لتقرر ما تفكر فيه بشأن القانون قبل أن يدخل حيز التنفيذ.
يصف تقرير لـ "فوريس" هذا المبرر بالـ "سيء"؛ ذلك أن المحاكم لا تمنع القوانين من الدخول حيز التنفيذ لمجرد أن الرئيس المستقبلي قد لا يؤيدها، كما أن الرؤساء ليس لديهم سلطة إلغاء القوانين، فهذه السلطة من اختصاص الكونغرس.
فيما بدأ محامو الأمن القومي في مناقشة خاصة لالتزامات ترامب بإنفاذ القانون بموجب بند "الاعتناء" في الدستور، والذي يتطلب من الرؤساء "الحرص على تنفيذ القوانين بأمانة".
تختلف تفسيرات البند على نطاق واسع، لكن معظم علماء القانون يتفقون على أن الرؤساء لديهم بعض الواجب بموجبه لتنفيذ إرادة الكونغرس، الذي أقر قانون تيك توك بأغلبية ساحقة في أبريل الماضي.
وهذا يعني أن المعركة حول مشروع قانون الحظر والطريقة التي يتعامل بها ترامب معه قد تشكل سابقة تتجاوز بكثير تيك توك ووسائل التواصل الاجتماعي - فقد تشكل مقدار السلطة التي يتمتع بها ترامب لفرض أو عدم فرض قوانين أخرى أيضاً، وفق التقرير.
ويضيف التقرير: عندما يتعلق الأمر بـ "تيك توك"، فقد تقرر إدارة ترامب أنها لا تريد فرض القانون - سيبقى القانون سارياً، لكن الإدارة قد تختار عدم ملاحقة الشركات لعدم الامتثال به.
وزعم ترامب أنه "سينقذ تيك توك"، وقد يكون رفض الدفاع عن القانون إحدى الطرق التي يحاول بها القيام بذلك.
ويشير التقرير إلى تاريخ طويل من الرؤساء الذين رفضوا فرض القوانين التي يعارضونها؛ على سبيل المثال اختار
رونالد ريغان عدم فرض قوانين مكافحة الاحتكار، وكذلك موقف بيل كلينتون من تطبيق قوانين معينة تتعلق بمراقبة الأسلحة، واختار كل من جورج دبليو بوش وترامب ــ في ولايته الأولى ــ عدم مقاضاة مخالفات بيئية معينة. وكثيرا ما اختارت المحاكم عدم التكهن بمثل هذه القرارات.
بينما ليس من الواضح إلى أي مدى قد يصل ترامب في حالة عدم التنفيذ في هذه الظروف. وما لم يتم منح إيقاف مؤقت أو تمديد، فإن القانون سيفرض غرامات بمليارات الدولارات على أبل وغوغل، اللتين تديران متجري
التطبيقات في البلاد، بالإضافة إلى مزودي الخدمات السحابية مثل أوراكل وأمازون إذا ساعدوا في جعل تيك توك متاحاً في الولايات المتحدة بعد 19 يناير.
وحتى إذا قالت إدارة ترامب إنها لن تجمع الغرامات، فمن المحتمل ألا يكون ذلك ضماناً كافياً للشركات الأميركية؛ لأن ترامب يمكنه دائماً عكس موقفه في المستقبل، أو قد تقاضي إدارة مستقبلية لفرض الغرامات في تاريخ مستقبلي. لهذا السبب، قد تحتفظ الشركات الأميركية بتيك توك على الإنترنت فقط إذا أخبرها القاضي أنه من القانوني القيام بذلك، وفق تقرير فوربس.
ويضيف التقرير: زعمت شركة تيك توك أن إعطاء "الإدارة القادمة الوقت لتحديد موقفها قد يبطل الحاجة إلى مراجعة المحكمة العليا". ولكن حتى لو افترضنا أن وزارة العدل التابعة لترامب ترفض الدفاع عن القانون، فلن تكون القضية بالضرورة غير ذات جدوى، سواء من الناحية القانونية أو العملية.
قانون تيك توك يمنح الرئيس بعض السلطات المحدودة: فهو يمكّنه من إصدار تمديد واحد لمدة 90 يوماً لمنع سريان الحظر، إذا قامت الشركة الأم لتيك توك، بايت دانس، بتحرك حقيقي نحو بيعه لشركة أميركية، ويسمح له بتحديد (في نطاق ضيق) ما إذا كان البيع كافياً لتجنب الحظر.
لكن أياً من هذه الأحكام لن يجيب على السؤال الذي سيُطرح قريباً أمام المحكمة: ما إذا كان القانون دستوريًا في المقام الأول. ولن يمكّن أي منهما ترامب من منع دخول القانون حيز التنفيذ.
اختبار للسلطات
يقول خبير أسواق المال، العضو المنتدب لشركة آي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، إن:
معركة حظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة ليست مجرد مسألة سلطوية (يتحكم فيها صناع القرار السياسي).
هناك إجماع من السلطات المعنية المختلفة على ضرورة الحظر، وقد أقر الكونغرس كسلطة تشريعية، قانوناً للحظر، وأيدته أخيراً محكمة الاستئناف، مما يعكس دعم السلطة القضائية أيضاً لهذا التوجه.
القضية تتعلق بالأمن القومي، وليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل يمكن أن تحذو دول أخرى حذوها كما حدث مع حظر شركة "هواوي".
تهديدات الأمن القومي المتعلقة بتسريب بيانات المستخدمين جعلت "تيك توك" في مرمى الاتهام، لكن القضية ليست سهلة، نظرًا للشعبية الكبيرة للتطبيق داخل المجتمع الأميركي، حيث يحقق عديد من المستخدمين مكاسب مادية من خلاله.
وفيما يتعلق بالرئيس جو بايدن، والرئيس المنتخب دونالد ترامب، يوضح سعيد أن بايدن يتخذ موقفاً صارماً تجاه تيك توك، لكنه قد يواجه اعتراضات داخلية تؤثر على شعبيته. أما ترامب، فهو معروف بتوجهه التفاوضي مع خصومه، ومن المتوقع أن يلجأ إلى حلول تفاوضية مع الشركة المالكة لـ "تيك توك"، مثل إيجاد شركاء أميركيين يخففون من المخاوف الأمنية.
ويشير سعيد إلى أن تصعيد "تيك توك" إلى المحكمة العليا سيضع السلطات أمام قرارات معقدة، لكنه يرجح أن ترامب، مع عودته إلى السلطة، سيعمل على إيجاد حلول مبتكرة لتجنب أي تصعيد حاد، معتمداً على مقاربات تفاوضية تعكس أسلوبه في التعامل مع الأزمات الدولية.
في النهاية، يرى أن الأزمة قد تجد حلاً خارج الصندوق بتعاون "تيك توك" مع شركاء أميركيين، مما يهدئ المخاوف الأمنية ويجنب أي تصعيد محتمل بين الأطراف المختلفة.
خطوات الحظر
المستشار الأكاديمي بجامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، الدكتور أحمد بانافع، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن قرار حظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة يمثل تحدياً قانونياً وسياسياً يعكس التوتر المتصاعد مع الصين، موضحاً أنه بعد الحكم الأخير بات من الضروري فهم السيناريوهات التي قد تتبعها الإدارة الأميركية لتنفيذ الحظر، والآليات التي قد تُستخدم لتفعيله.
وفيما يتعلق بخطوات الحظر -حال عدم التوصل لاتفاق- فتتمثل فيما يلي:
إزالة التطبيق من متاجر التطبيقات: سيتم إصدار أوامر للشركات الأميركية مثل Apple وGoogle لإزالة "تيك توك" من متاجر تطبيقاتها في الولايات المتحدة.. وهذا الإجراء يمنع المستخدمين الجدد من تحميل التطبيق، لكنه لا يؤثر على المستخدمين الحاليين الذين يمتلكون التطبيق بالفعل.
حظر التحديثات: قد تمنع الحكومة الأميركية "تيك توك" من إصدار تحديثات جديدة للتطبيق على الأجهزة الموجودة بالفعل.. وهذا يؤدي إلى توقف الدعم الفني والتطويري، مما يجعل التطبيق أقل أمانًا وأكثر عرضة للثغرات.
قطع البنية التحتية: يمكن أن تأمر الحكومة مزودي خدمات الإنترنت بحظر الوصول إلى خوادم "تيك توك"، مما يجعل التطبيق غير قابل للاستخدام حتى بالنسبة للمستخدمين الحاليين. قد يُستخدم ما يُعرف بـ DNS blocking (حجب نظام أسماء النطاقات) لمنع التطبيق من الاتصال بشبكة الإنترنت.
قيود اقتصادية: قد تفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على "ByteDance" (الشركة الأم لـ "تيك توك")، بما في ذلك حظر المعاملات المالية المتعلقة بالتطبيق.. وهذا يمنع الشركات الأميركية من التعامل مع "تيك توك" للإعلانات أو الخدمات الأخرى.
ويوضح أنه إذا تم الحظر بنجاح، سيؤدي ذلك إلى توجيه ضربة كبيرة لوجود "تيك توك" في السوق الأميركية، لكن المستخدمين قد يبحثون عن حلول بديلة مثل الشبكات الافتراضية (VPN) لتجاوز الحظر، بينما فشل الحظر قد يثير تساؤلات حول مدى قدرة الرئيس على اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الأمن القومي في مواجهة قيود النظام القانوني. ويعتبر أن الحظر سيشكل سابقة قانونية يمكن استخدامها في المستقبل مع تطبيقات أو شركات أجنبية أخرى.
معركة "تيك توك" ليست مجرد قضية تطبيق، بل اختبار حقيقي للتوازن بين الأمن القومي وحرية السوق. إذا نجحت الإدارة في فرض الحظر، فقد تكون هذه خطوة أولى نحو نهج أكثر صرامة تجاه التكنولوجيا الصينية، مما قد يغير ملامح العلاقات الاقتصادية والتقنية بين البلدين.
(المصدر : سكاي نيوز عربية)