ثروات الأردن الطبيعية: فرصة للنهوض الاقتصادي والاستدامة
القبة نيوز- تُعدّ الموارد الطبيعية، مثل الخامات المعدنية والغاز الطبيعي، من أهم أركان التنمية الاقتصادية، خاصة للدول التي تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز استدامة اقتصادها. في هذا السياق، يشهد الأردن، الذي لطالما اعتمد على واردات الطاقة بشكل كبير جدا تصل الى 97 % من حاجاته الفعلية، تطوراً ملحوظاً في اكتشاف واستغلال موارده الطبيعية حيث تمثل هذه الاكتشافات فرصة اقتصادية واعدة لتقليل الدين الخارجي، وخلق فرص عمل، وتحقيق الأمن الطاقي..
ان إدارة هذه الثروات بشكل مستدام وشفاف تتطلب تكاملاً بين الكفاءات الوطنية، والسياسات الحكومية، والاستثمار الخاص. وفي هذه المقالة المختصرة سأستعرض الإمكانيات المتاحة، والتحديات الحالية، والدور المحوري للكفاءات الأردنية في هذا القطاع.
فالأردن بداية غني بالخامات المعدنية، مثل: الفوسفات الذي يُعدّ الأردن أحد أكبر المنتجين له عالميًا، بالاضافة الى البوتاس والحجر الجيري والكربونات والزيولايت والنحاس وخامات السيليكا واليورانيوم عدا عن معادن وخامات صناعية اخرى لم يتم استثمارها بشكل مباشر الى الآن، وإن استخدمت فلا تطبق معايير او مؤشرات الاستدامة عليها. ومن جهة اخرى فإن ما تم تأكيده من احتياطات لكافة انواع الخامات المعدنية الكامنة في باطن الاراضي الأردنية من قبل سلطة المصادر الطبيعية عبر عدة عقود يجب اعادة النظر فيها لمتابعة ما تم انجازه في هذا السياق والبناء عليها في المستقبل، حيث إن استخدام كافة الخامات المعدنية سوف يعزز مستقبلا التنوع الاستثماري ودعم الاقتصاد الوطني والتخفيف من الأعباء الاقتصادية كالبطالة والدين الخارجي وخلق فرص عمل من خلال توسعة قطاع التعدين ومشاريع الطاقة المستقبلية التي ستوفر وظائف تقنية وإدارية تعزز الاقتصاد الوطني، لأن الاستثمار في الصناعات القائمة على الموارد الطبيعية يزيد من الناتج المحلي الإجمالي ويخلق قيمة مضافة.
كما أن احتياطات الغاز الطبيعي سيُعوّل عليها مستقبلا حيث تتركز الجهود في الوقت الحالي على تطوير حقل الريشة الغازي الذي يقع شمال شرق البلاد. ويُعد هذا الحقل المصدر الوحيد للغاز المنتج محليًا، وتشير التقديرات إلى احتياطيات تصل إلى 14.6 تريليون قدم مكعبة، مع إمكانية استخراج 6.65 تريليون قدم مكعبة وفق دراسات شركة “شلمبرجيه”. حيث يخطط الأردن لرفع الإنتاج اليومي من 40 مليون قدم مكعبة حاليًا إلى 200 مليون قدم مكعبة بحلول عام 2030، من خلال حفر آبار إضافية وتحديث البنية التحتية
ومن هنا فإن الأردن يزخر بالخبرات المتخصصة في مجالات الجيولوجيا، هندسة التعدين والمعادن، والطاقة. حيث يمكن لهذه الكفاءات أن تساهم بشكل كبير في: إجراء الدراسات الجيولوجية والفنية لتحديد الاحتياطيات بدقة وإدارة مشاريع التنقيب والتطوير بكفاء وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات الاستكشاف المعدني والإنتاج. لذا أقترح على الحكومة وفي مجال قطاع التعدين تحديدا وبشقيه الاستخراجي والتحويلي تشكيل لجنة استشارية لمعالجة التحديات وضمان الشفافية، حيث يمكن ان تضم هذه اللجنة الخبراء المحليين من اساتذة الجامعات والمهندسين ذوي الخبرة العلمية والعملية، تعمل على مراجعة الدراسات وتقديم توصيات للحكومة،
نشر تقارير دورية تعزز ثقة المواطنين والمستثمرين، المشاركة الحقيقية في الإشراف على المشاريع لضمان الاستدامة والحوكمة، توفير بيانات دقيقة حول المشاريع بحيث يجعل القطاع أكثر جذبًا للمستثمرين المحليين والدوليين، وهذا سيعزز بالتأكيد مبدأ الشفافية والحوكمة الرشيدة من خلال إنشاء آلية رقابية مستقلة لمتابعة التنفيذ وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي ووضع خطط قصيرة وطويلة الأمد لضمان الاستدامة المالية والبيئية والاستثمارية، إلا أن هناك تحديات ومخاوف مستقبلية برغم الإمكانيات الواعدة. هذا القطاع يواجه تحديات منها: عدم دقة التقديرات النهائية لبعض الاحتياطيات وارتفاع تكاليف التنقيب والإنتاج، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية والمعدات لما يُمثل قطاع الموارد الطبيعية في الأردن من فرصة استراتيجية للنمو الاقتصادي وتحقيق الاستدامة. ولتحقيق ذلك، لا بد من تعزيز التعاون بين الحكومة والخبرات الوطنية، وتطبيق معايير الشفافية والحوكمة الرشيدة والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة.
فمن خلال إدارة فعّالة لهذه الموارد، يمكن للأردن أن يُحقق قفزة نوعية في تنميته الاقتصادية والاجتماعية، ويُرسخ مكانته كدولة رائدة في استغلال الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة والله من وراء القصد.