facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

كيف نجحت الأسواق الناشئة في جذب المستثمرين الأجانب لديونها؟

كيف نجحت الأسواق الناشئة في جذب المستثمرين الأجانب لديونها؟

القبة نيوز - في ظل ارتفاع معدلات الفائدة العالمية، سجلت الأسواق الناشئة نجاحاً ملحوظاً في جذب المستثمرين للاستثمار في ديونها. يعزى هذا النجاح إلى العوائد الكبيرة التي تقدمها هذه الأسواق، مما يجعلها وجهة مغرية لمستثمري الأموال الساخنة الباحثين عن فرص استثمارية مربحة.


أسهمت زيادة الثقة في الاقتصادات الناشئة، المدعومة بإصلاحات اقتصادية وهيكلية، في تعزيز جاذبية هذه الأسواق، لا سيما وأن عديداً من هذه الدول اتخذت خطوات جريئة لتحسين مناخ الاستثمار وتقليل المخاطر، مما جذب رؤوس الأموال الأجنبية بشكل متزايد.

بالإضافة إلى ذلك، أسهمت معدلات النمو المرتفعة في هذه الدول في رفع العوائد على السندات، ما جعلها أكثر جاذبية مقارنةً بنظيراتها في الأسواق المتقدمة ذات العوائد المنخفضة.

وفي هذا السياق، أظهر المستثمرون استعدادهم لتحمل المخاطر المرتبطة بالأسواق الناشئة مقابل تحقيق عوائد أعلى.

وفي هذا السياق، ذكر تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن:

  • المستثمرون يتدفقون على سندات العملة المحلية في الأسواق الناشئة التي كان يبتعد عنها البعض ذات يوم، مثل كينيا وباكستان، حيث اجتذبتهم التحولات الاقتصادية في هذه البلدان وارتفاع أسعار الفائدة.
  • كانت الديون بالعملة المحلية لمصر وباكستان ونيجيريا وكينيا وغيرها من البلدان، من بين أكثر الأصول غير المفضلة في الأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة، حيث دمرت أزمات العملة اقتصاداتها.
  • لكن مثل هذه السندات بدأت الآن في العودة، مدعومة بسلسلة من ارتفاعات أسعار الفائدة والتحركات لتحرير أسواق العملات، في الوقت الذي تسعى فيه هذه البلدان إلى إصلاح اقتصاداتها المتضررة.
  • مع انخفاض أسعار الفائدة في بعض الأسواق الناشئة الأكثر نضجاً مثل البرازيل، يجد المستثمرون أن العائدات التي تتجاوز 10بالمئة المعروضة جذابة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها.

ونقل التقرير عن أحد مديري صناديق الأسواق الناشئة الذي استثمر في أذون الخزانة المصرية ونظر أيضاً في ديون النيرة النيجيرية قصيرة الأجل، قوله: "لا تزال العملات المحلية هناك تمنح عوائد ضخمة مقارنة بأسعار الفائدة الأميركية.. وإذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة مرة واحدة فقط هذا العام، فإن تلك الأسواق ستظل توفر الكثير من العائد".

ويشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى تركيا، حيث أدت سنوات من سوء الإدارة النقدية إلى إخافة المستثمرين، فإن:

  • أسعار الفائدة البالغة 50 بالمئة والمصممة لمعالجة التضخم وتحقيق استقرار الليرة قد اجتذبتهم مرة أخرى هذا العام.
  • وتضاعفت حيازات المستثمرين الأجانب من الديون الحكومية المقومة بالليرة أربع مرات تقريباً منذ بداية العام لتصل إلى حوالي 10 مليارات دولار في نهاية مايو، وفقًا لبيانات البنك المركزي.

أما فيما يتعلق بمصر، فقد كانت ديون القاهرة أيضاً تجارة رائجة هذا العام، إذ ضخ المستثمرون الأجانب 15 مليار دولار في سنداتها المحلية.

وتم تخفيض قيمة الجنيه المصري هذا العام، كما سمح له بالتعويم بحرية مقابل الدولار، كوسيلة لمحاولة تخفيف النقص في العملات الأجنبية.

ويعتقد المستثمرون بأن الإصلاحات المماثلة في نيجيريا وتركيا ونحو 20 من الأسواق الناشئة الأخرى بدأت تؤتي ثمارها في وقت حيث تنخفض فيه العائدات على أشكال أخرى من ديون الأسواق الناشئة.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس العالمي لاستراتيجية الأسواق الناشئة في سيتي، لويس كوستا، قوله: "أصبح صناع السياسات في تلك الأسواق أكثر ذكاءً".

عوامل جذب 

من جانبه، يوضح رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، أن أغلب الأسواق الناشئة تتميز حالياً بارتفاع عوائد السندات بها، سواء كانت في الشرق الأوسطوحتى على المستوى العالمي، فضلًا عن إقبال بعض الدول على تحرير سعر عملتها،  وهو ما مثل نقطة جذب هامة للمستثمرين.

ويضيف يرق: أهم ما يميز الأسواق الناشئة:

  • لديها نمو اقتصادي أعلى من الدول المتقدمة.
  • هذه الدول تمتلك حجم طلب مرتفع ويد عاملة منخفضة التكلفة.
  • تعتبر أكبر مصدر للتصنيع وتضخ منتجاتها في أسواق الدول المتقدمة.

ويوضح رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets أن هذه الاستثمارات يغلب عليها أنها تكون قصيرة ومتوسطة الأجل، لذلك فهم (المستثمرون) يجنون الربح سريعاً ويتخارجون في وقت سريع.

طمأنة المستثمرين

وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فقد نقل عن رئيس استراتيجية الدخل الثابت للأسواق الناشئة في بنك جيه بي مورغان، جوني غولدن، قوله:

  • المستثمرون يحاولون تجنب الرهان فقط على الموعد الذي سيخفض فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
  • "في الأسواق الناشئة، لدينا عدد من البلدان التي توجد فيها محركات خاصة، حيث يساعد مزيج من تخفيضات قيمة العملة، وارتفاع أسعار الفائدة، وإصلاحات السياسات، وقروض الإنقاذ على طمأنة المستثمرين".

وهم (المستثمرون) يميلون إلى الحذر من الديون المحلية للبلدان الأكثر خطورة، والتي تميل إلى أن تكون أكثر تقلباً والتي ترتبط بثروات العملة.

ويخشى عديد من المستثمرين فرض ضوابط رأس المال بشكل مفاجئ أو احتمال توقف سوق الديون خلال الأزمة مع اندفاع المستثمرين الأجانب للخروج.

ويقول المحللون إنه حتى الآن لا توجد دلائل تذكر على أن شراء الديون هو تجارة مزدحمة أو أن المستثمرين يفشلون في أخذ المخاطر في الاعتبار.

في حين سارع الأجانب إلى العودة إلى سندات الليرة التركية هذا العام استجابة للسياسات الاقتصادية الأكثر تقليدية، إلا أنهم لا يزالون يمثلون حوالي 5 بالمئة فقط من السوق، بانخفاض عن الخمس قبل أزمة العملة في عام 2018.

في مصر، يحتفظ المستثمرون الأجانب بحوالي عُشر الدين المحلي. وهذا أعلى من أدنى مستوياته في عام 2022 ولكنه أقل بكثير من الذروة في عام 2021.

ومع ذلك، فإن احتمال بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول، حيث يكافح بنك الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع التضخم بشكل عنيد، قد يكون بمثابة رياح معاكسة للديون المحلية في الأسواق الناشئة.

وتتعرض مصر ونيجيريا وباكستان، التي من المتوقع أن تنفق أكثر من ثلث إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون بحلول عام 2028، بشكل خاص لخطر ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لأن ذلك قد يجبرها على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة من أجل جذب رؤوس الأموال. بحسب محللي موديز.

وفي هذا الشهر، قال البنك المركزي الكيني إنه لا يستطيع خفض سعر الفائدة القياسي من مستواه الحالي البالغ 13 بالمئة، لأن المعدلات العالمية ربما لا تزال تغري أموال المستثمرين بعيداً عن البلاد.

ومع ذلك، يرى بعض المستثمرين أنه حتى لو ظلت أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة، فإن سندات العملة المحلية والعوائد التي تقدمها لا تزال أكثر جاذبية من ديون هذه البلدان المقومة بالدولار.

الأموال الساخنة

وإلى ذلك، يشير مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، خلال حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن السبب الرئيسي في جذب الأسواق الناشئة للمستثمرين يتمثل في العائدات المرتفعة التي تقدمها تلك الأسواق، لا سيما مع ارتفاع إلتزاماتها وضعف دخولها وبالتالي تسعى لجذب المستثمرين من خلال تلك العوائد، وبالتالي يكون الاقتراض وجذب "الأموال الساخنة" الطريقة الأنسب لتوفير التمويل اللازم.

ويستدل شعيب ببيانات معهد التمويل الدولي، التي تشير إلى أن حجم الديون في العالم خلال الربع الأول من العام 2024 بلغ 315 تريليون دولار، منها 105 تريليون دولار في الأسواق الناشئة بمفردها وهي عدد محدود من الدول.

ويضيف: الدول الناشئة تشجع حالياً الأموال الساخنة وبعائدات مرتفعة لعدة أسباب:

  • ارتفاع معدلات التضخم بها.
  • سياسة التشديد النقدي التي لجأت لها في العامين الماضيين.
  • معاناة اقتصاد هذه الدول الناشئة في ظل التحديات السابقة، لذلك لم يكن أمامها سوى رفع سقف العوائد لجذب هذه الأموال.

ويستدل الخبير الاقتصادي بدولتين؛ الأولى تركيا والتي بلغ معدل التضخم بها 75.45 بالمئة في مايوالماضي، وهو ما تطلب أن ترتفع معدلات الفائدة إلى 50 بالمئة لمجابهة هذا التضخم، مؤكدًا أن هذا المعدل المرتفع يجذب الأموال الساخنة.

والثانية "مصر" التي بلغ معدل التضخم بها 28.1 بالمئة بنهاية مايو، وفي ظل طرح البنوك شهادات بفائدة مرتفعة تصل إلى 30 بالمئة ، لا سبيل أمام وزارة المالية إلا طرح عطاءات بمعدلات فائدة أعلى من الشهادات المطروحة في البنوك المصرية، وهذا ما يمثل في نهاية المطاف ضغطاً على الموازنة العامة للدولة، فكل 1 بالمئة زيادة في الفائدة في مصر يقابله حوالي 3 مليار جنيه ضغط على الموازنة العام للدولة وهذا ما ينتج عنه أضرار كبيرة للاقتصاد المصري.

اضطرابات اقتصادية 

وإلى ذلك، يعلق عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، الدكتور وليد جاب الله، خلال حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بأن مستثمرو المال الساخن يهدفون إلى تحقيق أقصى نسبة فائدة، وفي سبيلهم لذلك يتنقلون من دولة لأخرى حسب متغيرات المدى القصير.

ويشير إلى أنه على مدار التاريخ سببت تلك الأموال اضطرابات اقتصادية لكافة الدول التي توسعت في استخدامها، كأزمة النمور الأسيوية في نهاية تسعينات القرن الماضي.

ويكمل الخبير الاقتصادي: كان لتوجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نحو رفع أسعار الفائدة تأثير في تخارج جانب كبير من الأموال الساخنة من دول العالم وتفضيلها السوق الأميركية ونتج عن ذلك صناعة صدمة اقتصادية تسببت في أضرار جسيمة للقوة الشرائية للعملات المحلية لكثير من دول العالم وعلى رأسها تركيا ومصر، علاوة على تشكيك مستثمرو السندات الحكومية من قدرة الكثير من دول العالم على الصمود في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية العالمية.

ويتابع: "مع ارتفاع سعر الفائدة في السوق الأميركية  وتوقعات استمرارها لفترة، فإن عدداً من دول العالم قد بدأت في برامج لتجاوز أزماتها، وقد ارتبطت تلك اليرامج الإصلاحية بسياسات تشديد نقدي رفعت أسعار الفائدة بها"، موضحاً أن سياسات التشديد النقدي في كل دول العالم نتج عنها تشجيع مستثمرو الديون الحكومية للعودة إلى الدول التي تحقق لهم عائد كبير، لا سيما الدول التي تمتلك احتياطياً نقدياً مطمئناً لهؤلاء المستثمرين.

أداء متميز

بدوره، يبين عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في دبي، وضاح الطه، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن أداء الأسواق الناشئة خلال النصف الثاني من العام 2023  كان متميزًا "فإذا قارنت أداء الأسواق الناشئة مع المتقدمة كانت الأولى أفضل من الثانية"، متوقعًا استمرار هذه الأسواق بنفس الأداء خلال 2024.

ويضاف الطه: هناك عوامل تشجع جذب الأسواق الناشئة للمستثمرين وتشمل:

  • مؤشر مديري المشتريات يعطي نتائج إيجابية.
  • تعتبر مؤشرات أسهم الأسواق الناشئة مقيمة بأقل من قيمتها مقارنة بالمتقدمة.
  • معدلات النمو في بعض الدول الناشئة أعلى من معدل النمو في العالم لذلك ستكون جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير