القبة نيوز - رغم انتشار تكنولوجيا السيارات الكهربائية في كافة أنحاء العالم، إلا أنها قد تمثل خطرا ستواجهه شركات صناعة السيارات الأوروبية.

انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية (BEV) في أوروبا بنسبة 11.3 بالمئة على أساس سنوي في مارس، وهو الانخفاض الثاني خلال أربعة أشهر، وفقًا للأرقام الصادرة هذا الشهر.

ولعب توقيت عيد الفصح دورًا، لكن نمو المبيعات العالمية تباطأ أيضًا، كما أعلنت شركة تسلا عن تخفيض 10 بالمئة من قوتها العاملة حول العالم، وتراجعت مرسيدس-بنز عن هدفها الخاص بالكهرباء.

هذه المؤشرات سلط الضوء عليها تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أفاد بأنه:

• بالنسبة لشركات صناعة السيارات في أوروبا، إن لم يكن الكوكب بأكمله، فإن تباطؤ نمو السيارات الكهربائية ليس كل الأخبار السيئة.
• لقد اتبعوا نهجًا فاترًا فيما يتعلق بالكهرباء مقارنة بالمنافسين الصينيين.
• رغم صمود أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية بشكل جيد منذ بداية العام حتى الآن، إلا أن سهم شركة تسلا المتخصصة في السيارات الكهربائية قد انخفض بنسبة 40 بالمئة.

وتنقسم الصناعة حول دلالات تلك البيانات الحديثة، على النحو التالي:

• إحدى وجهات النظر تشير إلى أن نمو مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا، حتى الآن، كان من الأثرياء الذين تبنوا السيارات الكهربائية في وقت مبكر، بجانب المشترين من الشركات. وبمجرد الاعتماد على السوق الشامل، فإن المبيعات سوف تتباطأ حتماً.
• يجادل الجانب الآخر في هذا النقاش بأن توقعات السيارات الكهربائية كانت دائمًا مفرطة في التفاؤل، نظرًا للمخاوف المستمرة بشأن السعر والمدى ومدى توفر الشاحن.

وفي السياق، خفضت شركة جيفريز توقعاتها لانتشار السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في أوروبا هذا العام بنسبة 1.6 نقطة مئوية إلى 21 بالمئة.

وثمة عوامل داعمة للقطاع يشير إليها التقرير، من بينها:

• اعتبارًا من العام المقبل 2025، يتعين على شركات صناعة السيارات الأوروبية الالتزام بالمعايير الجديدة لمتوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الأسطول.
• ويقدم البعض خصومات على السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية لتجنب الغرامات في العام المقبل.

ومن المفترض أن تترجم هذه العوامل إلى عمليات التسليم في النصف الثاني من العام 2024. ويشير التقرير إلى إعلان فولكس فاجن عن زيادة بنسبة 154 بالمئة على أساس سنوي في دفتر طلبات السيارات الكهربائية بالبطارية في أوروبا في الربع الأول.

ووفق تقرير الصحيفة البريطانية، فإنه طالما حافظت الحكومات على أهداف عام 2035 لحظر مبيعات المركبات ذات محركات الاحتراق الجديدة، فلابد أن تأتي نقطة التحول.

بينما يظل القلق الأكبر هو ما إذا كانت شركات صناعة السيارات الأوروبية قادرة على التنافس مع المنافسين الصينيين.

يقول فابيان براندت من شركة أوليفر وايمان، إن:

• تكاليف منتجات شركات صناعة السيارات الصينية أقل بنحو 3500 إلى 5000 يورو لكل وحدة من نظيراتها الأوروبية.
• بدون القيود التجارية - التي تضر بالعلامات التجارية الأوروبية التي لا تزال تعتمد على المبيعات في الصين - من الصعب أن نرى كيف يمكن سد هذه الفجوة.

ويتعين على شركات صناعة السيارات في أوروبا أن تستغل هذا التباطؤ في السوق للحاق بالركب.

المنافسة مع الصين

يقول الخبير الاقتصادي، مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

• في مارس الماضي، شهدت أوروبا انخفاضًا في مبيعات السيارات بنسبة 5.2 بالمئة مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، مع تراجع خاص في مبيعات السيارات الكهربائية، حيث انخفضت حصتها السوقية من 13.9 بالمئة إلى 13بالمئة فقط.
• هذا التراجع يرتبط بعدة عوامل؛ منها ارتفاع تكلفة السيارات الكهربائية، التي يبلغ متوسط سعر بيعها حوالي 65,000 يورو، وهو ما يقرب من ضعف سعر النماذج التقليدية، إضافة إلى البنية التحتية غير الكافية للشحن.
• من ناحية أخرى، تواجه أوروبا منافسة قوية من الصين، التي تعد السوق الأكبر للسيارات الكهربائية عالمياً في 2023.
• الصين استحوذت على حصة تقارب 55.5 بالمئة من سوق السيارات الكهربائية العالمية.
• الشركات الصينية تتقدم بسرعة في تطوير التقنيات والبنية التحتية للسيارات الكهربائية، مما يوفر لها ميزة تنافسية ملحوظة.

ويوضح أن:

• على المستوى الاقتصادي، تعد السيارات الكهربائية جزءاً مهماً من استراتيجيات الدول الأوروبية لتقليل الانبعاثات وتحقيق الاستدامة.
• الاستثمارات في هذا القطاع لا تقتصر على تحسين جودة البيئة، ولكنها تمثل أيضاً جزءاً من الجهود لتحفيز الابتكار التكنولوجي وخلق فرص العمل.
• تشير التوقعات إلى أن السوق الأوروبية للسيارات الخفيفة ستشهد نمواً محدودًا بنسبة 2 بالمئة إلى 3 بالمئة في 2024، مع توقعات بأن تمثل السيارات الكهربائية حوالي 24.2 بالمئة من السوق.
• بالنظر إلى هذه التطورات، يبدو أن أوروبا تواجه تحديات متعددة في الحفاظ على تنافسيتها في مجال السيارات الكهربائية، مما يتطلب استراتيجيات فعّالة لتحسين البنية التحتية وخفض تكاليف السيارات الكهربائية.
• تشمل هذه الاستراتيجيات توسيع الحوافز الحكومية، وتعزيز البحث والتطوير في تقنيات البطاريات الأكثر فعالية من حيث التكلفة، وتحسين شبكات الشحن لجعل الانتقال إلى السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للمستهلكين.
• المنافسة مع الصين في هذا المجال ليست مجرد تحدٍ تقني بل هي أيضاً تحدٍ استراتيجي.
• الشركات الصينية، مثل BYD وSAIC، تتطلع إلى التوسع في الأسواق الأوروبية من خلال استراتيجيات التسعير التنافسي وإنشاء مرافق إنتاج محلية في القارة، مما يعزز تنافسيتها ويضغط على الشركات الأوروبية لتحسين منتجاتها وخدماتها.

عوامل أسهمت في تراجع المبيعات

ومن جانبه، يقول رئيس رابطة تجار السيارات ونائب رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، أسامة أبو المجد، إن تراجع الأسعار في أوروبا لا يتوقف على السيارات الكهربائية فحسب، بل شمل الانخفاض كافة أنواع السيارات، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها:

• انخفاض كبير في الإنتاج مما أثر على انخفاض المبيعات بصورة قوية.
• التحديات التي تواجه مكونات الإنتاج.
• الحرب في أوكرانيا، وما تسببت به من أزمة طاقة في أوروبا، الأمر الذي أثر على مصانع السيارات.
• تبحث شركات مثل فولكس فاجن عن مصانع خارج الاتحاد الأوروبي لسد العجز الكبير الذي تعانيه من نقص مصادر الطاقة.
• تأثيرات معدلات الفائدة المرتفعة بشكل غير مسبوق.

ويؤكد أبو المجد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن هذه الأسباب أثرت على المناخ العام للصناعة، موضحاً أن الصين تتميز في إنتاج السيارات الكهربائية، لأنها تضع هذه الصناعة على أولوية أجندة الدولة، علاوة على أن ما تتمتع به بكين من نقاط شحن مختلفة.

ويشير أيضاً إلى أن تطور السيارات الكهربائية في الصين تجاوز الخطوط كافة، خاصة في تطوير البطاريات، كونها تعد من أولى الدول التي تفوقت في صناعة وتطوير البطاريات، مما جعل الريادة للصين في صناعة السيارات بشكل عام والبطاريات بشكل خاص، خاصة بعد تفوقها على "شركة تسلا"، بالإضافة لتحقيق "شركة BYD" مبيعات عالية.

ويتابع: تطور الصين في صناعة السيارات الكهربائية أذهل العالم، خاصة وأنها تنتج ثلث إنتاج العالم من السيارات، كما أنها انتزعت الريادة من كبرى شركات تصنيع السيارات وهي "شركة تسلا".

تنافس الصين والدول الأوروبية

وفي سياق متصل، يقول عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، علاء السبع، إن الصين سبقت كافة الدول الأوروبية، بل والعالم في صناعة السيارات الكهربائية، موضحاً أن التنافس بين الصين والدول الأخرى كالولايات المتحدة الأميركية واليابان وألمانيا سيظل قائماً.

ويضيف في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": أثرت شركة BYD على شركات صناعة السيارات كافة بما فيهم على سبيل المثال شركة "تسلا" التي شهدت خسائر مالية كبيرة، الأمر الذي جعلها تخوض حملة ضخمة من التخفيضات.

ويؤكد أن:

• القضايا السياسية تنعكس بطبيعة الأمر على العلاقات التجارية بين الصين والدول الأوروبية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية
• تظل دول شرق آسيا وأبرزها الصين تنافس الولايات المتحدة في التجارة، ما يجعلنا نؤكد أن صناعة السيارات الكهربائية هي حرب تجارية جديدة بين الدولتين.
• يظل الاتحاد الأوروبي بخبرته الواسعة هو الأعلى، ولكن الفارق الذي كان متواجد بينهما في التطوير كاد أن ينعدم.
• تظل الخبرات المتراكمة لدى الدول الأوروبية والولايات المتحدة تتفوق على الصين، في الوقت نفسه الصين ليست بعيدة عن هذا الأمر، كونها تسعى بوتيرة عالية في التطوير .

الانبعاثات الكربونية حلم دول العالم

وإلى ذلك يؤكد خبير قطاع السيارات، جمال عسكر، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية حلم من أحلام العالم للوصول إلى انبعاثات كربونية صفرية بحلول العام 2030.

ويشير إلى أن الكثير من الدول المتقدمة تنفق مليارات الدولارات على هذه المشروعات وما يقابلها من طاقة متجددة تتمثل في طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهربائية، وتشغيلها في إنتاج السيارات الكهربائية بصفر انبعاثات كربونية.

ويضيف أن:

• بدأ يتسرب إلى بعض صانعي ومالكي وقائدي السيارات الكهربائية بعض القلق نتيجة لما ظهر في العام الجاري 2024 بدول كبيرة في صناعة السيارات فيما يخص هبوط مبيعات السيارات الكهربائية.
• أدى ذلك إلى خفض توقعات الأرباح الخاصة بالشركات.

وعن الصين، أفاد رئيس لجنة الصناعة بالنقابة العامة للمهندسين، بأن:

• الصين تجري دراسات على مستوى العالم لتحديد احتياجات الأسواق العالمية مثل السوق الإفريقية والآسيوية وخلافه.
• تنتج الصين ثلاث شرائح من السيارات "سيارات بسيطة، وسيارات متوسطة ، وسيارات عالية الجودة والكفاءة".
• تقوم الصين بإنتاج السيارات الملائمة للدول المختلفة من حيث الحرارة والبرودة وخلافه، وبعد دراسة السعر جيدًا، لذا لم تتأثر الصين بشكل يخيف أصحاب المصانع ومالكي السيارات.
• قامت الشركة الأولى لإنتاج السيارات الكهربائية في الصين BYD، منذ ما يقرب من شهر ونصف بافتتاح وكالات في المملكة العربية السعودية لبيع السيارات الكهربائية.