النائب العتوم: الدول الفقيرة هي التي تحصل على منح لتشتري بها طائرات!
القبة نيوز- أكد النائب زيد العتوم أن الفرق بين الدول الفقيرة والغنية ليس قلّة الموارد، وإنما طريقة ادارة تلك الموارد وآلية استثمارها.
وضرب العتوم في كلمته خلال مناقشات مشروعي قانوني الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية المستقلة لسنة 2022، مثلا على سوء ادارة الموارد، "قيام بعض الدول بالحصول على منح لشراء أسلحة وطائرات"، مع أن الأولى أن يتم صرف المنح على التنمية ومعالجة المشاكل الحقيقية.
وأضاف: السبب الحقيقي في فقر الدول هو نهج ادارة الدول، والنجاح يأتي نتيجة الابتكار والقرارات الريادية والجريئة.
وتابع: "أما في الدول الفقيرة، فتبنى الثروات عن طريق المنح والامتيازات والعطايا والتنفيعات والاحتكار، وحصرها على أصحاب الواسطات، أما من يخالف الدولة ممن لا يملك واسطة، فينقطع رزقه وتذهب امتيازاته. والاحتكار لا يقتصر على الثروات، بل احتكار عملية صنع القرار".
ودعا العتوم في نهاية كلمته إلى أن يكون التصويت على مشروعي قانوني الموازنة الكترونيا، مشيرا في ذات السياق إلى أن كتلة البرنامج التي ينتمي لها قدّمت مشروع نظام معدل للنظام الداخلي لمجلس النواب.
وتاليا نصّ كلمة النائب العتوم:
جاء فى رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه … إلى أبى موسى الأشعرى عن القضاء…. فقال فيها:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد فإنَّ القضاء فَريضةٌ محكمة وسُنّة متّبعة فافهَمْ إذا أُدْلِيَ إليك فإنه لا ينفع تكلُّمٌ بحقّ لا نفاذَ له
ثم يتبع فيقول رضي الله عنه
ولا يمنعنَّك قضاءٌ قضيتَه بالأمس فراجعتَ فيه نفسَك وهُدِيت فيه لرُشْدك أن تَرجِعَ عنه إلى الحقِّ، فإنَّ الحق قديمٌ ومراجعةُ الحق خيرٌ من التَّمادِى فى الباطل،"
……..
لن أتحدث اليوم بشكل مباشر عن الموازنة وأرقامها… ولا عن العجز والمديونية…ولا عن نسبة النمو وخدمة الدين وفاتورة التقاعد…ولا عن الهدر في المال العام وعدم الدقة والشكلية الموجودة في الموازنة….
ولن أتحدث عن مطالب دائرتي الانتخابية… فقد طالبت وطالبت دون جدوى..
ولن أتحدث عن تعبيد الشوارع …أو عن المباني المدرسية… ولا عن الخدمات المقدمة لفلان وغير المقدمة لعلان… ولا عن نوعية مشاريع القوانين التي تأتينا من الحكومة.. وعن ضعف جودتها وضعف آسبابها الموجبة…
لن اتحدث عن عدم اجابة الوزير على الاتصالات.. ولا عن تسويف الحكومة.. ولا عن عدم إجابة الحكومة على المذكرات والطلبات…
لن أتحدث عن ذلك ليس لأن كل ذلك غير مهم… بل لأنه وعبر التجربة فالحكومة ماضية بما تنوي عليه غير مكترثة بالخطابات الملقاه على هامش الموازنة… وبالتالي هي كلامات حق لا تنفذ حسبما قاله الفاروق
——————————
ما سأسأل عنه هو… هل تعتبر الاردن دولة ناجحة أم عكس ذلك؟ وأين نحن في مصاف الدول؟
ولكي ُنعرّف النجاح… فالنجاح ينعكس في غنى الدول وشعوبها ومستوى الرفاه فيها… فيصبح هنالك دولا ناجحة غنية وأخرى غير ناجحة وفقيرة….
وقد يظن البعض بأن سبب ضعف الدول يعود لفقر الدولة وضعف مواردها….
ولكن لماذا نرى دولا غنية وهي بلا موارد حقيقية… ودولا أخرى بموارد ولكنها فقيرة ؟
————————
برأيي فالدول الغنية والناجحة هي دول منظمة… لديها تكنولوجيا متطورة… وتعليم قوي… وشبكة أمان إجتماعي واسعة… وخدمات حكومية كفؤة… ورعاية صحية ممتازة…. وبنية تحتية قوية….
أما الدول الفقيرة فهي عكس ذلك تماما… فهي غير منظمة بطريقة تعاملها مع مواردها… ويكثر فيها الهدر وسوء الإدارة…. وهي التي لا يتم استخدام مواردها بالشكل الأمثل… ومثال ذلك قيام بعض الدول بالحصول على منح لشراء أسلحة وطائرات مع أنه من الأولى أن يتم صرف تلك المنح على التنمية ومعالجة مشاكلها الحقيقية..
—————————
وعليه فإن السبب الحقيقي لفقر الدول هو أن طريقة إدارة وتنظيم تلك الدول تختلف اختلافا جوهريا… فطريقة التنظيم هي التي تخلق الفرص والحوافز للمواطنين… وهي التي يتم فيها الاستثمار الأمثل للموارد… ففي الدول الفقيرة يتم ادارة وتنظيم الدولة بطريقة تقتل الفرص …وتكبح جماح المبادر والريادي والمفكر… ونتيجة ذلك هو فقر يتبعه فقر.
….
أما في الدول الناجحة يأتي النجاح من الابتكار والقرارات الريادية والجريئة والتي تؤدي إلى بناء الثروات…. وبالتالي تحصد الدولة ومؤسساتها وشعبها نتيجة ذلك الابتكار والريادة... فتقل البطالة وتتحسن الخدمات …وتنعكس بالنتيجة على المواطن…
———
في الدول الفقيرة تبنى الثروات عن طريق المنح والامتيازات والعطايا والتنفيعات… وحصرها على من لديه واسطة… وهنا يزيد الغني غنى ويزيد الفقير فقرا.. أما من يخالف الدولة ممن ليس لديه واسطة فينقطع رزقه وتذهب امتيازاته… فالامتيازات هي سيدة الموقف… ونذكر هنا الفوسفات والبوتاس والكهرباء وتوليدها ونقلها وتوزيعها والرخص الحصرية والاحتكارات والتراخيص وغيرها…
….
والاحتكار لا يقتصر على الثروات… بل يشمل احتكار عملية صنع القرار… فعندما تظن الحكومة أنها دائما على حق ولا نقاش معها…. حتى من قبل مجلس النواب.. فالحكومة تستأثر هنا بالسلطة …وتستأثر بعملية صنع القرار حتى يصبح مجلس النواب يظن نفسه غير قادر على الابتكار والريادة والتحسين والمحاسبة والمسائلة… وحتى أصبح البعض يعتقد وأنا منهم بأن الحديث من خلف هذا المنبر غير مجدي… فالموازنة ستقر لا محالة.... وكذلك غيرها من القرارات…
فالابتكار والريادة هنا غير مسموعة ولا يتم تحفيزها بل يتم قتلها وكبحها…
….
وعليه… فالخلفية لنجاح الدول من عدمه هي خلفية سياسية بامتياز… فإن أردنا تحفيز الابتكار والريادة في ادارة الدولة ومواردها فلا بد أن نسأل عن سيادة القانون والمسائلة والمراقبة….
….
فوجود دولة قوية تفرض سيادة القانون هي التي تمنع المحاباة والواسطة والمحسوبية والاستئثار بموارد الدولة… وهي التي تضمن فرص عادلة للجميع… وبالنتيجة فإن تلك المعايير هي التي تميز بين الدول الناجحة وتلك غير الناجحة…
…..
ومع أنني أعتبر نفسي شخص متفائل وايجابي ..وأؤمن بان الأمور يمكن أن تصبح أفضل… إلا أنني لا أنكر بأنه ومنذ دخولي معترك السياسة كنائب بدأت أشك بتفاؤلي واقدامي… فقد تقدمت بالمبادرات التي لم يؤخذ بها… ومقترحات القوانين التي لم تدرس… وطلبنا من الحكومة موجبات تعديل القوانين بشكل أكثر تفصيلا فرفضت… واكتفت بطريقتها العقيمة… وعملت على استراتيجيات السياحة ولكن السير فيها كسير السلحفاة… وتقدمت للحكومة بدراسات مهنية وعلمية لتنشيط المشاريع العالقة .. ولإعادة تنظيم قطاع الطاقة.. فلم أجد استجابة… ليس لنقد بناء للمقترح أو لضعفه… وإنما لضعف إدراك المتلقي وسوء التنظيم والإدارة… فأصابني ما أصابني الإحباط.. كما يصيب أي شاب من شباب هذا الوطن بسبب عدم الثقة بالطريقة التي نعمل بها حاليا.. ووصلت إلى القناعة بأنه لا جدوى من المحاولة وفق طريقة الادارة السائدة… ولكن.. ومع ذلك.. أبقى أردد بيني وبين نفسي قول محمود درويش: وبي أمل يآتي ويذهب …لكن لن أودعه…
…
وأعود هنا… فألقى أملي ثانية ..غيرة على أردننا الحبيب… وأقول لكم اخوتي من خلال هذا المنبر… إن أردنا التغيير فمشروعنا هو مشروع سياسي بامتياز… لا مشروع مالي… فلا بد من أن تتركز جهودنا على بناء دولة قوية يسود فيها القانون على الجميع دون استثناء.. وبنفس الوقت فلا بد من اعادة توزيع السلطة وتوسيع المشاركة الشعبية.. وعلى مجلس النواب أن يأخذ دوره… و أن نتمكن من التصويت بشكل دقيق وشفاف وإلكتروني… وعلينا أن نعزز المراقبة والمسائلة والشفافية ونمكن مجلس النواب لكي نقترب من النجاح ولكي تكون قراراتنا أكثر جودة….
….
أما الموازنة الحالية فهي ستمر على جميع الأحوال… فالبرلمان بلا موارد ولا أدوات كافية ليكون بمكان يمكنه من مسآئلة الحكومة…. ليس لخلل باعضاءه الكرام… ولكن بسبب طريقة الادارة والتنظيم بشكل عام.. ومن ضمن ذلك الخلل… نظامنا الداخلي الذي تقدمت كتلتنا وهي كتلة البرنامج النيابية الى مجلسكم الكريم بمشروع لتعديله…وأخشى أن لا يتم دراسته ويتم قتل المبادرة كسابقاتها… وبالنتيجة فإن لم نقم بتغيير طريقة إدارتنا للامور… ومع الاحترام لجميع الجهود.. فستبقى الموازنة عاجزة … وسيزداد الفقر والجوع…. وستكون الاجابة على سؤال : أين نحن في مصاف الدول؟ واضحة للجميع…
ومن على هذا المنبر أطالب مجلسكم الكريم أن يكون التصويت على الموازنة وما يتبعها من تصويت على كافة القرارات ومشاريع القوانين بشكل إلكتروني…كما تفعل الدول الناجحة… فإن حدث ذلك.. فعندها نكون قد بدأنا بالخطوة الأولى نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي….
وحتى ذلك الحين … وعلى أمل التغيير… حمى الله الأردن وشعبه وقيادته… وأعان الله المواطن على تحمل هذه الايام العصيبة….