هكذا قطع الإنجليز رأس ملكتهم بعد 9 أيام من تنصيبها
القبة نيوز- عقب وفاة الملك هنري الثامن، المنتمي لعائلة تيودور، عام 1547، عاشت إنجلترا على وقع حالة من التخبط أسفرت عن حمام دم بالبلاد. فأثناء فترة حكمه التي امتدت لأكثر من 37 عاما، أعلن هنري الثامن القطيعة مع الكنيسة الكاثوليكية وباشر بحركة إصلاح ديني بالبلاد عقب رفض البابا كليمنت السابع طلاقه من كاثرين أراغون، التي كانت من أقرباء امبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة شارلكان، وزواجه من آن بولين.
ومع رحيل هنري الثامن، آل حكم البلاد لإبنه، من زواجه بجين سيمور (Jane Seymour)، إدوارد السادس (Edward VI) الذي فارق بدوره الحياة بشكل مبكر سنة 1553 عن عمر يناهز 15 عاما تاركا البلاد تتخبط في صراع بين الكاثوليكيين وأتباع حركة الإصلاح الديني التي أطلقها هنري الثامن.
في الأثناء، نصّبت ليدي جين غراي (Lady Jane Grey)، ذات التوجهات الإصلاحية، ملكة خلفا لإدوارد السادس. وبادئ الأمر، توقع الجميع فترة حكم مزدهرة وواعدة للملكة الجديدة قبل أن تتبخر أحلامهم بعد 9 أيام فقط وتتحطم على صخرة الملكة الكاثوليكية ماري الأولى (Mary I) ابنة هنري الثامن من زواجه الأول بكاثرين أراغون.
إلى ذلك، مثلت ليدي جين غراي الابنة الكبرى لكل من هنري غراي، الدوق الأول لسوفولك، وزوجته، الابنة الكبرى لشقيقة الملك هنري الثامن، فرانسيس غراي (Frances Grey). وخلال طفولتها، حظيت ليدي جين غراي بتعليم جيد فتعلمت اليونانية واللاتينية والعبرية والإيطالية كما تشبّعت بثقافة الإصلاح الديني التي أطلقها هنري الثامن عقب خلافه مع الكنيسة الكاثوليكية وإصدار قرار الحرمان الكنسي في حقّه من قبل البابا كليمنت السابع.
وللوهلة الأولى، فكّر الجميع في تنظيم زواج بين إدوارد السادس، ابن هنري الثامن، وليدي جين غراي اللذين كانا في نفس العمر حيث ولد الاثنان خلال العام 1537. لكن لاحقا، تم التخلي عن هذه الفكرة. وبسبب ذلك، تزوّجت ليدي جين غراي خلال شهر أيار/مايو 1553 من اللورد غيلدفورد دادلي (Guildford Dudley)، الذي كان يكبرها بنحو عامين، ابن دوق نورثمبرلاند (Duke of Northumberland) جون دادلي (John Dudley).
ملكة لتسعة أيام
مع إصابة إدوارد السادس، البالغ من العمر 15 سنة، بمرض السل واقتراب نهايته، دعا جون دادلي الملك لتعيين ليدي جين غراي، ذات الميول البروتستانتية الإصلاحية، وريثة للعرش بدلا من أخته غير الشقيقة ماري التي تمّيزت بتعصبها للكاثوليكية.
إلى ذلك، نال جون دادلي ما رغب به. ومع وفاة إدوارد السادس يوم 6 تموز/يوليو 1553، نصبت ليدي جين غراي بعد 4 أيام ملكة على إنجلترا وسط ترحيب من المجلس الملكي. وفي المقابل، لم تحظ الملكة الجديدة بدعم الشعب حيث حبّذت الأغلبية، ذات الميول الكاثوليكية، القطع مع سياسة هنري الثامن الإصلاحية وتنصيب ماري، ابنة كاثرين أراغون، بدلا منها.
بعد يومين فقط من تنصيب ليدي جين غراي، غادر جون دادلي القصر رفقة قواته لمواجهة جيوش المعارضة التي حاولت خلع الملكة الجديدة. وفي غيابه، أعلن المجلس الملكي بشكل مفاجئ بطلان تنصيب ليدي جين غراي واتهمها بالخيانة ونصّب بدلا منها ماري ملكة على البلاد. لتنتهي يوم 19 تموز/يوليو 1553 فترة حكم ليدي جين غراي التي استمرت لتسعة أيام فقط وصنّفت كأقصر فترة حكم بتاريخ إنجلترا.
وبينما أعدم جون دادلي بتهمة الخيانة بعد نحو شهر، فضّلت ماري العفو عن ليدي جين غراي وزوجها بسب صغر سنهما واتجهت بدلا من ذلك لسجنهما ببرج لندن.
مطلع العام 1554، شارك والد ليدي جين غراي بتمرد ضد حكم ماري. وبسبب ذلك، قررت الأخيرة التخلص من جميع منافسيها السياسيين ووافقت على إعدام ليدي جين غراي.
يوم 12 شباط/فبراير 1554، تابعت ملكة التسعة أيام من نافذة البرج عملية اقتياد زوجها لمنصة الإعدام. وبعدها بنحو ساعتين، حلّ الجلادون بالقرب منها تمهيدا لإعدامها.
على منصة الإعدام، أبدت ليدي جين غراي شجاعة غير مسبوقة حيث خاطبت الجلادين وطلبت منهم تنفيذ الحكم بشكل سريع. ومن ثم، أقدمت الأخيرة على ربط وشاح أبيض حول عينيها قبل أن تطلب من الراهب مساعدتها لوضع رأسها على اللوح استعدادا لقطعه.
وبذلك، فارقت صاحبة أقصر فترة حكم بتاريخ إنجلترا الحياة عن عمر تجاوز بالكاد السابعة