سعف النخيل يمازج التراث بالحداثة على هيئة تحف فنية
القبة نيوز- من سعف النخيل تبتكر نهاية القاسم التحف الفنية بفضل مشروع" سعف" الذي وفرت من خلاله فرص عمل لمئات السيدات في المناطق الأقل حظا، محولة تلك المادة إلى علب تذكارية وسلال ومفارش وقطع أثاث، كالطاولات والمقاعد والحقائب والقبعات، بالاستعانة بالكتّان والخشب والخرز الخشبي.
وتنفرد القاسم التي تحمل الدكتوراه في علوم البيئة بنهج إنتاجي يوائم بين التراث والحداثة، ابتدأ منذ 14 عاما ووصل إلى أسواق عالمية،مضيفة النقوش العربية كالثمودي والنبطي، والرسوم التي تحمل رمزية شجرة الحياة وزخارف الخزنة في مدينة البترا، فضلا عن اتقانها لثمانية أنواع من جدلة النخيل، فلكل منها جماليتها واستخداماتها.
وتضيف لوكالة الانباء الاردنية(بترا)، في عام 2014 التحقت ببرنامج إرادة التابع لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، فتعلمت اصول تدوير المخلفات الصلبة مثل الورق والقماش وبذور الفاكهة والصنوبر، لأصبح لاحقا مدربة معتمدة ضمن البرنامج ذاته في مجال الحرف اليدوية.
وعن تجربتها في توفير فرص العمل لسيدات من خلال مشروعها، تقول انها قصدت قرى الريشة ورحمة وقطر والصفاوي والأزرق ووادي عربة ووادي رم ودبة حانوت والحميمة والأغوار، ودرّبت نحو 884 سيدة من اللواتي ابدعن في هذا المجال، مشيرة إلى آليات التعامل مع سعف النخيل ومنها التعقيم والتجفيف بواسطة أشعة الشمس لمنع نمو وتشكّل العفن أثناء تخزينه، مع تحويل بقاياه لسماد عضوي، فضلا عن دمج السعف مع (الجريد) وهو عبارة عن قضبان نَخْل مُجرَّدة من أوراقها، ما اضاف التميز على المنتجات.
وتبين القاسم أنّ ليف النخيل يصنع على شكل أحبال لإضافتها كاكسسوارات على التحف الفنية، وأن شجرة النخيل صديقة للبيئة ومكافحة للتصحر، وبالإمكان الاستفادة من بذور التمور في إعداد زيوت مقطّرة، في ظل استدامة المشروع نظرا لتوفر سعف النخيل على مدار العام.
يقول الخبير السياحي الدكتور ابراهيم بظاظو، إن الحرف اليدوية تعد العمود الفقري لدعم الصناعة السياحية، كما تعبر عن الهوية الوطنية، كإحدى وسائل الحفاظ على التراث، فالسائح، كما يتابع، يرغب باقتناء تذكار أصيل يمثّل البيئة الأردنية والمواقع السياحية فيها.
ويلفت وهو الاستاذ في كلية السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية، إلى أن السياح يشكّلون النسبة الأكبر من المقبلين على شراء المشغولات اليدوية، مستدركا، إنّ اغلب ما يُعرض أو يباع في المحلات التجارية هو من البضائع المستوردة، بالرغم من أن الفقرة (ب) من المادة التاسعة لنظام الحرف والصناعات التقليدية والشعبية والمتاجرة لسنة 2002 وتعديلاته، تلزم مالك المتجر، بعرض المنتجات والصناعات التقليدية والشعبية الأردنية وبيعها بالشكل اللائق والجودة الملائمة، على ألا تقل نسبة المعروض منها عن 70 بالمئة، ووضع المستوردة منها في مكان محدد في المتجر مع تثبيت كلمة (مستورد) في مكان بارز.
ويرى المتخصص في مجال الحرف اليدوية صهيب الشيخ الذي يعمل في المركز الأردني للفنون والحرف اليدوية (أرتيزانا) أن الحاجة تستدعي تعزيز دعم صناعة الحرف اليدوية وأن مشروع "سعف" يمتاز بفن حرفي إبداعي يمزج معالم البيئة الأردنية بروح التراث، كما استطاع المشروع أن يلبي أذواق واحتياجات المستهلكين سواء من خلال منتجات منزلية أو حقائب واكسسوارات خاصة بالمرأة، وبالرغم من أن تكلفة المواد الخام لمنتجات السعف لا تذكر، إلا أن تسعيرتها تخضع لقيمة الوقت المستغرق والجهد المبذول في تصميمها وتنفيذها، موضحا أن السائح يحرص دائما على شراء القطع اليدوية محلية الصنع.
أمينة صندوق جمعية صناع الحرف التقليدية المتخصصة في الحرف اليدوية سناء غيث تشير إلى أهمية الحرف اليدوية في وقتنا الحالي، وخاصة من المشغولات اليدوية المصنوعة من مواد اولية متوفرة بالبيئة المحلية، مبينة أن بالإمكان ممارسة الحرفة في أي زمان ومكان، خاصة أنها لا تحتاج إلى مؤهلات دراسية وتعد فرصة جيدة لاستغلال الخامات المحلية.
من جهته، يرى مستشار ومدرب تطوير الاعمال ونظم إدارة الجودة الدكتور معاذ الذنيبات، أن التميز في الأداء يعد العامل الرئيس الحاسم في تحقيق البقاء لأي كيان اقتصادي يمارس نشاطه في السوق في ظل العولمة الاقتصادية.
ويضيف أن الحرف والصناعات اليدوية تعد بيئة خصبة للأفكار الريادية الناجحة التي تغني البحث عن وظيفة محدودة الدخل، داعيا الجهات المعنية لدعمها، بما يسهم في التقليل من معدل البطالة، وفتح أسواق جديدة توسّع الآفاق لمشروعات تنموية منتجة.
--(بترا)