المطابخ الإنتاجية ملاذ لأسر تسعى للتخفيف من وطأة كورونا الاقتصادية
القبة نيوز - ساهمت المطابخ الإنتاجية في التخفيف من الأعباء المادية لأسر بعينها، وبخاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية، فيما استغلّت العديد من ربّات البيوت خبراتهن في صنع الأطباق المختلفة بالترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتدريب ما أمكن من المهتمين بإنشاء مشروعات إنتاجية خاصة بهم، بحسب خبراء ومتخصصين.
الشيف غادة عبد حسين خريوش، صاحبة مطبخ إنتاجي، قالت إنها بدأت بالعمل في هذا المجال منذ 15 عاما، وقد عملت على ترخيصه من قبل الجهات المعنية كأمانة عمان الكبرى ووزارة العمل، مشيرة إلى أنها تقدم أطباقها المختلفة وفق الشروط الصحية اللازمة.
ولم تكتف خريوش بما وصلت إليه من مهارات في التحضير وصناعة الغذاء، بل حرصت على تعليم ذلك للمهتمين والمهتمّات من خلال التواصل عبر الجمعيات، لتمكينهم من تأسيس مشروعات خاصة بهم، مشيرة إلى الإقبال الكبير منهن على إنشاء مطابخ إنتاجية لهن خلال أزمة كورونا، فيما قامت بالتدريب عن بُعد خلال فترة الجائحة، والاجابة عن استفساراتهن عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي وقناتها على اليوتيوب ومساعدتهن على تعلم المزيد في مجال صناعة الأغذية.
وبينت خربوش أنها لا تعمل وحدها في مطبخها الانتاجي، بل يساعدها أفراد من أسرتها في ذلك، وفقا لمهام كل واحد منهم، مشيرة إلى حرصها الدائم على التمكين والتطوير من خلال الالتحاق بالدورات التدريبية المختلفة وتعلّم فنون الطهي لدول عربية وأجنبية، كما تعلّمت فن صناعة الشوكولاتة والحلويات.
وأضافت "فخورة بمشروعي، فقد ساهم في تعليم أبنائي في الجامعات، حيث حصلت على قروض من صندوق المرأة، وقمت بالتسديد تباعا، كما ساهم المشروع في توفير ما يلزم للأسرة".
وأوضحت أنه في الفترة التي أصيب بها ابنها وهو صغير في السن بمرض السكري، عكفت على إعداد أطعمة وحلويات ومربيات ودبس رمان له بدون إضافة المواد السكرية فيها إضافة إلى صنع أغذية بلا دهون أو زيوت أو بهارات، وهي تسعى جاهدة لتحقيق حلم ابنها في افتتاح محل ومطعم خاص بأطفال مرضى السكري من النوع الأول، ولمرضى الكوليسترول وحساسية القمح، وغيرها من الأطباق والمأكولات للمرضى المصابين بضغط الدم، فهي تجيد إعداد المفتول بطحين القمح والمعمول بطحين الرز والكبة بالبرغل الأحمر، مراعية بذلك الظروف الصحيّة والاقتصادية العامة.
جميلة عمر دار عيسى، صاحبة مطبخ أكلات ست البيت، قالت، إنها أنشأت مشروعها الإنتاجي لتحسين الظروف المعيشية، وطوّرت قدراتها في هذا المجال منذ 17 عاما، وحرصت على تقديم أطباق غذائية صحيّة، إذ تقوم بتحضير الطعام بجودة واشتراطات صحيّة مناسبة، وتعد أطباقا شعبيّة طالما الناس أحبّوا تذوقها بين الحين والآخر كالمكمورة والششبرك والكرشات وغيرها.
وفي فترة كورونا، لاحظت دار عيسى إقبال ربات بيوت على تعلّم فنون الطهي، فساعدت بعضهن على افتتاح مشروعات إنتاجية في مجال الطبخ واعداد الحلويات، وقدّمت نصائح ومعلومات لهن كالمصداقية واحترام المواعيد والاهتمام بالشروط الصحيّة.
كما حرصت على مراعاة الحالة المادية لزبائنها، مع إضافة المزيد للطبق، حرصا على إشباعهم ما أمكن، ومشاركة العديد من البازارات والمشروعات الخيرية، وإشراك أخريات من ربات البيوت في مشروعها الانتاجي تحسينا لدخلهنّ المادي، في ظل تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية.
وأوضحت دار عيسى أنها توزع مهام مشروعها على أبنائها في إدارة المحتوى لصفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يدرس ابنها فن الطهي وإعداد الحلويات لتطوير وإنجاح المشروع ما أمكن.
رئيس نادي المطبخ الأردني الشيف خميس قويدر، بيّن أن العديد من "الشيفّات" قمن بإنشاء مطابخ إنتاجية لهنّ بسبب تأثرهن بجائحة كورونا والتي طالت العديد من المطاعم والفنادق.
وأضاف، وهو يعمل كأمين سر لجمعية الطهاة الأردنيين، أنّ نسبة لابأس بها من عضوات الجمعية، أنشأن مطابخ لهن ولديهنّ تطبيقات وصفحات خاصة بهن على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج وتسويق منتوجاتهن عبرها.
وأوضح أن المطبخ الإنتاجي لابد أن يتمتّع بالسلامة العامة وتوفّر المعدات والتجهيزات بشكل متكامل وتوافر الشروط الصحيّة من تخزين وحفظ للأغذية وغيرها، وهي ما تنعكس على جودة وتكاليف المنتج.
وبين قويدر أنّ جمعية الطهاة، غير ربحية، وتسعى لنشر ثقافة الغذاء والطهي الصحي، وتعقد دورات تدريبية بشكل مستمر، فيما يتم عقدها عن بعد أثناء الجائحة، والإجابة عن جميع استفسارات المهتمين في كل ما يتعلّق بإعداد المأكولات والحلويات وتقديم نصائح بخصوص إنشاء مطابخ إنتاجية وترويجها ما أمكن، والمشاركة في الفعاليات المختلفة.
بدوره، أشار الخبير والمتخصص في تكنولوجيا المعلومات المهندس مراد أبو كركي، إلى أن العديد من أصحاب المشروعات يعتمدوا على استخدام منصات التواصل الاجتماعي لترويج منتوجاتهم وتسويقها بعيدا عن الوسائل الاعلانية التقليدية، مشيرا إلى أنّها طفرة تكنولوجية ومن الأعمدة الرئيسة لتسويق أي منتج.
وبيّن أنّ تلك المنصات هي وسيلة إعلان مجّانية وفّرت العديد من المزايا منها، سرعة انتشارها وسهولة استخدامها وتفاعلها بشكل مباشر مع الآخرين، في ظل تصفحهم لها لأوقات طويلة، بما أعطى لربات البيوت تجربة غنيّة للاستفادة من تلك المميزات، وسرعة تداول إعلاناتهنّ بشكل واسع بين فئات المجتمع.
وقال المهندس ابو كركي: إن التسويق انتقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خيار الى ضرورة ، وقد تماشت العديد من الشركات الكبرى مع هذا التغيير الجذري، لإثبات وجودها عبر الفضاء الافتراضي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّ مصداقية الاعلان قد تختلف من جهة إلى أخرى نتيجة تلاعب البعض في صور منتوجاتهم وتحريرهم لها عبر برامج تقنية احترافية وهو ما اصطلح عليه بـ"الخداع الإعلاني".
وأوضح أنّ قيام البعض بوضع الإعلان عبر المنصات ليس بهدف ترويج المنتج فحسب، وإنما للاستفادة المادية نتيجة تكرار أعداد الزائرين المشاهدين والمتصفحين لفيديو الاعلان المصوّر، ما يسهم في زيادة الشهرة لصاحب المشروع، وما يتّبع ذلك الاعلان الخاص بإعداد المأكولات من تسويق لمنتجات غذائية لشركات ومصانع أخرى، وهي بالمحصّلة فائدة متحققة لجميع الأطراف.
ورأى أن المطابخ الإنتاجية، أسهمت في تشغيل العديد من المؤسسات والشركات ذات العلاقة، ومن أبرزها شركات توصيل الطلبات، وتشغيل العديد من الشباب، مبينا الأثر الاقتصادي المتحقق في هذا المجال.
الباحثة في مركز دراسات المرأة في الجامعة الاردنية الدكتورة امل الخاروف، تقول إن النظرة النمطية للمهن التي تعمل بها المرأة اختلفت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، فلم تعد أعمالها محصورة في التدريس أو التمريض، بل تشق طريقها بنفسها في مختلف المجالات والتخصصات، مبينة أن العمل من خلال المطبخ الانتاجي لها، يحقق دخلا ماديّا يمكّنها من تحسين الظروف الاقتصادية للأسرة جنبا إلى جنب مع الرجل.
وبيّنت أن المرأة من خلال المطبخ الإنتاجي، تطوّر العديد من المهارات وتحرص على تحسين المنتج مراعية شروط السلامة والنظافة وابتكار العديد من الأطباق وتعلّم الجديد، إضافة إلى سعي العديد منهن إلى تعليم ما توصّلت إليه لربّات البيوت والمهتمين في شأن صناعة الغذاء، مبينة الاقبال الكبير على التعلّم والتدريب وقيام الكثير منهن بإنشاء مشروعات تتعلّق بالمطابخ الإنتاجية في ظل تداعيات كورونا الاقتصادية.
وأوضحت الدكتورة الخاروف أن المرأة أثبتت قدرتها بشكل عام وفي الأزمات بشكل خاص، في استغلال إمكانياتها وقدراتها لمساندة الرجل وتحمّل المسؤوليات والتخفيف من أعباء البيت، وهنالك الكثير من القصص المشرقة التي سطرتها المرأة في هذا المجال.
ووفقا للخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري، فإن مشاركة المرأة في العمل يعتبر حجر الأساس للتمكين الاقتصادي ومن أهم المتطلبات التي تستند عليها عملية التنمية المستدامة، موضحا أن المشروعات الإنتاجية أدّت لإبراز دور المرأة اقتصاديا ضمن الإمكانيات المتاحة، إضافة إلى اكتسابها العديد من المهارات في مختلف المجالات والقطاعات، وجعلتها أكثر قدرة على اتخاذ القرار والثقة بنفسها، وحفز الريادة بداخلها.
وبين الدكتور الحموري "أن الواقع يفرض علينا السعي قدما إلى تطوير قدرات المرأة، كشريك أساس في المجتمعات الاقتصادية، فالسعي لتحقيق معدلات نمو اقتصادي جيد يتطلب الاستغلال الامثل للموارد الاقتصادية المتاحة لدى الدولة، فيما العنصر البشري هو من أهم تلك الموارد، ويؤدي استثماره إلى تحقيق زيادة في النمو الاقتصادي".
وتشير بيانات مسح العمالة والبطالة للربع الثالث لعام 2019 والصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، إلى المشاركة الاقتصادية للإناث الأردنيات اللاتي أعمارهن 15 عاما فأكثر في سوق العمل الأردني مقارنة بالذكور حيث بلغ معدل النشاط الاقتصادي للإناث 2ر13 بالمئة مقابل 3ر53 بالمئة للذكور.
--(بترا)