منتدون يناقشون كتاب جوانب منسية من الحضارة الأندلسية
القبة نيوز- ناقش منتدون عرب وإسبان أبعاد التجربة الحضارية الأندلسية وأصداءها في المعرفة الإنسانية، تناولها كتاب "جوانب منسية من الحضارة الأندلسية"، الصادر حديثا لمؤلفه أستاذ الأدب العربي بالجامعة الأردنية وزير الثقافة الأسبق الدكتور صلاح جرار.
وشارك في الندوة التي نظمها أخيرا منتدى الفكر العربي عبر الاتصال المرئي، عدد من المثقفين والأكاديميين والدبلوماسيين من الجانبين العربي والإسباني، وأدارها الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد أبوحمور.
وقال الدكتور جرّار، إنه وقف في كتابه الجديد على جوانب لافتة للنظر ومنسية في الحضارة الأندلسية، غابت عن أنظار الدارسين والمؤرّخين، وربما كان التفاتُهم إليها عابراً، وذلك لقلّة ما ورد عنها من معلومات في المصادر الأندلسيّة.
وأضاف، أن هذه الجوانب المنسية تمثّل في مجموعها إنجازاً حضاريّاً أندلسياً يتكامل مع المنجز الحضاري المشهور، موضحا أنه اعتمد في كتابه على ما ورد متفرقاً في المصادر التاريخية، وصدى تلك الجوانب وظلالها في النصوص الأدبيّة من شعر ونثر وموشحات، وهي مصادر مهمة تساعد على تجلية صور الحضارة الأندلسية، وتعزز وظيفة مهمة من وظائف الأدب، هي تصوير حياة المجتمعات والشعوب عن قصد أحياناً، وعن غير قصد في أحيان كثيرة.
وأشار جرار في كتابه إلى صور مدهشة من مجتمع المعرفة، ونموذج من أنظمة وممارسات سياسية اقتصادية متقدّمة، واستعمال الأندلسيين للعربات، ومصارعة الثيران في الأندلس، وقوانين المحافظة على البيئة كشفت عنها كتب الحسبة، وأسبقية الأندلسيين في استخدام خيال الظل.
ويتناول الكتاب كذلك، قبة عباس بن فرناس الفلكية، وتدريب الطيور على الكلام، والرقص على الحبال، واستخدام البارود والمدافع، والحركة العلمية في قرطبة بعصر الخلافة ودورها في حوار الثقافات، كما وقف البحث عند قضايا المرأة من خلال مبحثين: الأول عن شخصية المرأة الأندلسيّة من خلال شعرها، والثاني عن كريمة المروزية شيخة علماء الأندلس في القرن الخامس الهجري.
من جهته، قال أبو حمور، إن التجربة الحضارية الأندلسية تشكّل أحد المحاور المهمة لأنشطة منتدى الفكر العربي، من منطلق الرؤية بأن هذه التجربة تعد من أهم تجارب التاريخ العربي والإسلامي والعالمي؛ وبوصفها نموذجاً حضارياً وفكرياً متقدِّماً تجلّى في إعلاء شأن العلم والعلماء، وتشييد الصروح الثقافية والعلمية والحضارية، كما أنها تشتمل على نماذج المشاركة الحضارية والتعدد الثقافي بين العرب والأمازيغ والإسبان.
وقال الأمين العام لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي في المغرب وعضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي محمد بن عيسى، في مداخلة له، إن التجربة الحضارية الأندلسية اتسعت وتعمقت لتصبح ذات محتوى إنساني عظيم.
ودعا بن عيسى إلى التفكير في سلسلة من الأنشطة حول الأوجه المضيئة في الحضارة الأندلسية، ومنها على سبيل المثال، الاجتهادات الفلسفية المتقدمة لفلاسفة الأندلس؛ مثل ابن رشد وابن طفيل وغيرهما، والموسيقى التي يُقال ان عباس بن فرناس هو أول من كتب الموسيقى السولفيجية المتعارف عليها، إضافة إلى المقامات الأندلسية التي قامت على أساسها مقامات الموسيقى الغربية الكلاسيكية، والزراعة التي كانت مزدهرة، وغيرها من الجوانب.
وقال نائب السفير الإسباني في الأردن خوسيه ماريا دابو كابرا إن هذا التراث المشترك يستحق أن نستعيده جميعاً"، معتبراً جهود الدكتور جرّار البحثية تصب في هذا المجال، ضمن سلسلة من الجهود ساهم ويساهم فيها أجيال من المستعربين والمستشرقين الإسبان، ما يؤكد تطور الاهتمام بالتراث الأندلسي لدى هؤلاء ولدى المثقفين والأدباء في الثقافة الإسبانية الحديثة والمعاصرة التي شهدت خطوات متسارعة في زيادة الاهتمام بالدراسات الأندلسية على المستوى الجامعي والبحثي الأكاديمي منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وشارك في مداخلات الندوة، باحثون وأكاديميون من المغرب، والعراق، ومصر، وقطر والأردن.
--(بترا)